بازگشت

في مناظراته مع العلماء و شهادته




أنت الامام الذي لولا ولايته

ما صح في العدل و التوحيد معتقدي



و أنت أنت مكان النور من بصري

يا سيدي و محل الروح من جسدي



أعيذ قلبك من واش يغلظه

بقل هو الله لم يولد و لم يلد



كان سيدنا و مولانا أبوجعفر محمد بن علي الجواد (ع) له من الفضائل و الكمالات و العلوم ما يعجز البيان عن بيانه كان عمره الشريف تسع سنين فأجاب في يوم واحد عن ثلاثين الف مسألة من الغوامض عن كتاب (الاختصاص) عن علي بن ابراهيم قال لما مات أبوالحسن الرضا (ع) حججنا فدخلنا علي أبي جعفر (ع) و قد حضر خلق من الشيعة من كل بلد لينظروا الي أبي جعفر (ع) فدخل عمه عبدالله بن موسي ابن جعفر و كان شيخا كبيرا نبيلا عليه ثياب خشنة و بين عينيه سجادة فجلس و خرج أبوجعفر (ع) من الحجرة و عليه قميص قصب و رداء قصب و نعل حذو بيضاء فقام عبدالله و استقبله و قبل بين عينيه و قامت الشيعة و قعد أبوجعفر (ع) علي كرسي و نظر الناس بعضهم الي بعض



[ صفحه 270]



تحيرا لصغر سنه فانتدب رجل من القوم فقال لعمه عبدالله بن موسي ابن جعفر (ع) أصلحك الله ما تقول في رجل اتي بهيمة فقال تقطع يمينه و يضرب الحد فنضب أبوجعفر (ع) ثم نظر اليه فقال يا عم اتق الله اتق الله انه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عزوجل فيقول لك لم أفتيت الناس بما لا تعلم فقال له عمه يا سيدي أليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه فقال أبوجعفر (ع) انما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأته فنكحها فقال أبي تقطع يمينه للنبش و يضرب حد الزنا فان حرمة الميتة كحرمة الحية فقال صدقت يا سيدي و أنا استغفر الله فتعجب الناس و قالوا يا سيدنا أتأذن لنا أن نسألك فقال نعم فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين الف مسألة فأجابهم فيها و له تسع سنين و ليس بعجب ممن علمه علم آبائه و قد ورث منهم و هم قد ورثوا عن رسول الله (ص) و علم رسول الله (ص) من علم الله تبارك و تعالي عن عمر بن فرج الرخجي قال قلت لأبي جعفر (ع) ان شيعتك تدعي انك تعلم كل ماء في دجلة و وزنه قال و كنا علي شاطي ء دجلة فقال لي يقدر الله تعالي أن يفوض علم ذلك الي بعوضة من خلقه أم لا قلت نعم يقدر فقال أنا اكرم علي الله تعالي من بعوضة و من أكرم خلقه و له (ع) مناظرات و مباحثات مع القضاة و العلماء في صغر سنه و يتركهم حياري سكاري خجلين متذللين خاضعين خاشعين يقبلون أقدامه و يأخذون التراب من نعاله و يتبركون به و لله در القائل:



سيجر من جمع المكارم كلها

و العلم أجمع للامام محمد



بهر الخلائق فضله و جلاله

و هو ابن سيدنا النبي محمد



[ صفحه 271]



و من القضاة بحيي بن اكثم و هو قاضي القضاة و قد حررنا قصته مع ابي جعفر (ع) و له مجلس آخر مع أبي جعفر ينبغي أن نذكره في البحار ان المأمون بعد ما زوج ابنته أم الفضل أباجعفر (ع) كان في مجلس و عنده أبوجعفر (ع) و يحيي بن أكثم و جماعة كثيرة فقال له يحيي بن أكثم ما تقول يابن رسول الله في الخبر الذي روي انه نزل جبرئيل علي رسول الله (ص) و قال يا محمد ان الله عزوجل يقرؤك السلام و يقول لك سل أبابكر هل هو عني راض فاني عنه راض فقال أبوجعفر لست بمنكر فضل أبي بكر ولكن نجيب علي صاحب هذا الخبر أن يأخذ مثال الخبر الذي قاله رسول الله (ص) في حجة الوداع قد كثرت علي الكذابة و ستكثر فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فاذا أتاكم الحديث فاعرضوه علي كتاب الله و سنتي فما وافق كتاب الله و سنتي فخذوا به و ما خالف كتاب الله و سنتي فلا تأخذوا به و ليس يوافق هذا الخبر كتاب الله تعالي قال الله تعالي (و لقد خلقنا الانسان و نعلم ما توسوس به نفسه و نحن أقرب اليه من حبل الوريد) فالله عزوجل خفي عليه رضا أبي بكر من سخطه حتي سئل من مكنون سره هذا مستحيل في العقول ثم قال يحيي بن أكثم و قد روي ان مثل أبي بكر و عمر في الارض كمثل جبرئيل و ميكائيل في السماء فقال (ع) و هذا ايضا يجب أن ينظر فيه لأن جبرئيل و ميكائيل ملكان لله مقربان لم يعصيا الله قط و لم يفار قاطاعته لحظة واحدة و هما قد أشركا بالله عزوجل و ان اسلما بعد الشرك و كان اكثر أيامهما في الشرك بالله فيحال أن يشبههما بهما قال يحيي و قد روي ايضا انهما سيدا كهول الجنة فما تقول فيه فقال (ع) و هذا الخبر محال



[ صفحه 272]



ايضا لأن أهل الجنة كلهم يكونون شبابا و لا يكون فيهم كهل و هذا الخبر وضعه بنو أمية لمضادة الخبر الذي قاله رسول الله (ص) في الحسن و الحسين (ع) بانهما سيدا شباب أهل الجنة فقال يحيي بن أكثم و روي ان عمر بن الخطاب سارج أهل الجنة فقال (ع) و هذا ايضا محال لأن في الجنة الملائكة المقربين و آدم و محمد و جميع الانبياء و المرسلين لا تضي ء بانوارهم حتي تضيي ء بنور عمر فقال يحيي و قد روي ان السكينة تنطق بلسان عمر فقال (ع) لست بمنكر فضايل عمر ولكن أبابكر انه أفضل من عمر فقال علي رأس المنبر ان لي شيطانا يعتريني فاذا ملت فسد دوني فقال يحيي قد روي ان النبي (ص) قال لو لم أبعث لبعث عمر فقال (ع) كتاب الله أصدق من هذا الحديث يقول الله في كتابه (و اذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح) فقد أخذ الله ميثاق النبيين فكيف يمكن أن يبدل ميثاقه و كان الأنبياء عليهم السلام لم يشركوا طرفة عين فكيف يبعث بالنبوة من أشرك و كان أكثر أيامه مع الشرك بالله و قال رسول الله (ص) كنت نبيا و آدم بين الماء و الطين نبئت و آدم بين الروح و الجسد فقال يحيي بن أكثم و قد روي ان النبي (ص) قال ما احتبس الوحي عني قط الا ظننته قد نزل علي آل الخطاب فقال (ع) و هذا محال ايضا لأنه لا يجوز أن يشك النبي (ص) في نبوته قال الله تبارك و تعالي الله (يصطفي من الملائكة رسلا من الناس) فكيف يمكن أن ثنتقل النبوة ممن اصطفاه الله تعالي الي من أشرك به قال يحيي بن اكثم روي ان النبي (ص) قال لو نزل العذاب لما نجا منه الا عمر فقال (ع) و هذا محال ان الله تعالي يقول (و ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم) و ما كان



[ صفحه 273]



الله معذبهم و هم يستغفرون فاخبر سبحانه أن لا يعذب احدا ما دام فيهم رسول الله (ص) و ما داموا يستغفرون الله تعالي و له مجلس مع أكابر العلماء و القضاة في محضر المعتصم كما في (تفسير العياشي) عن زرقان صاحب ابن أبي داود أو ابي داود كما هو الاصح و صديقه بشدة قال رجع ابن أبي داود ذلت يوم من عند المعتصم و هو مغتم فقلت له في ذلك فقال وددت اليوم اني قدمت منذ عشرين سنة قبل هذا اليوم قال قلت له و لم ذلك قال لما كان من هذا الأسود أبي جعفر محمد بن علي بن موسي اليوم بين يدي أميرالمؤمنين المعتصم قال قلت له و كيف كان ذلك قال ان سارقا أقر علي نفسه بالسرقة و سئل الخليفة تطهيره باقامة الحد عليه فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه و قد أحضر محمد بن علي (ع) فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع قال فقلت من الكرسوع قال و ما الحجة في ذلك قال قلت لأن اليد هي الاصابع و الكف الي الكرسوع لقول الله تعالي في التيمم (فامسحوا بوجوهكم و أيديكم) و اتفق معي علي ذلك قوم و قال آخرون بل يجب القطع من المرفق قال و ما الدليل علي ذلك قالوا لأن الله لما قال و أيديكم الي المرافق في الغسل دل ذلك علي ان حد اليد هو المرفق قال فالتفت الي محمد بن علي (ع) قال ما تقول في هذا يا أباجعفر فقال قد تكلم القوم فيه يا أميرالمؤمنين قال دعني مما تكلموا به أي شي ء عندك قال اعفني عن هذا يا أميرالمؤمنين قال أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه فقال أما اذا أقسمت علي بالله اني اقول انهم اخطؤا في المسألة فان القطع يجب أن يكون من مفصل اصول الأصابع فيترك الكف قال و ما الحجة في ذلك قال قول رسول الله (ص) السجود علي



[ صفحه 274]



سبعة أعضاء الوجه و اليدين و الركبتين و الرجلين فاذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها و قال الله تبارك و تعالي و ان المساجد لله يعني به هذه الاعضاء السبعة التي يسجد عليها فلا تدع مع الله احدا و ما كان لله لم يقطع قال فاعجب المعتصم ذلك و أمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون الكف قال ابن أبي داود قامت قيامتي و تمنيت لم أك حيا قال زرقان قال ابن أبي داود صرت الي المعتصم بعد ثلاثة فقلت ان نصيحة أميرالمؤمنين علي واجبة و أنا أكلمه بما أعلم اني أدخل به النار قال و ما هو قلت اذا جمع اميرالمؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته و علمائهم لأمر واقع من أمور الدين فسألهم عن الحكم فيه فاخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك و قد حضر عليه أهل بيته و قواده و وزرائه و كتابه و قد تسامح الناس بذلك من وراء بابه ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يتول شطر هذه الأمة بأمامته و يذعون انه أولي منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء قال فتغير لونه و انتبه لما نبهئه له و قال جزاك الله عن نصيحتك خيرا قال فأمر اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بأن يدعو الامام الي منزله فدعاه فابي أن يجيبه و قال قد علمت بأني لا أحضر مجالسكم فقال اني انما أدعوك الي الطعام و أحب ان تطأ ثيابي و تدخل منزلي فأتبرك بذلك فقد أحب فلان بن فلان من وزراء الخليفة لقاءك فصار اليه فلما وضعوا المائدة جاؤا بطعام مسموم و وضعوه بين يديه فلما أكل و طعم منها أحس بالسم فدعا بدابته فسأله صاحب المنزل أن يقيم قال خروجي من دارك خير لك فلم يزل يومه و ليله في حلقه حتي قبض (ع) و علي خبر أن المعتصم أشار علي أم الفضل ابنة المأمون بأن



[ صفحه 275]



تسمه فسمته في طعام مسموم أو عنب رازقي و قال ابن شهرآشوب سمته في منديل مسموم عند المواقعة فلما أخذه اليه و ضمه الي نفسه و استعمله تورم جسده الشريف و كان يتقلب علي الأرض يمينا و شمالا من شدة الوجع و يجود بنفسه و في (جنات الخلود) تورم جسده و كان يقطر جلده شبه الدم فلما قضي نحبه أمر المعتصم بان يرموا جسده الشريف من أعلي السطح الي الأرض و منع الناس أن يحملوه و يشيعوه و يدفنونه و بدنوا منه و بقي جسده ملقي علي الأرض أياما بلا غسل و لا كفن و لا دفن و كان يسطع منه رائحة المسك و العنبر فلما علم المعتصم ذلك خاف الفتنة و خشي الفضيحة أمر بدفنه و قال في (الكبريت الأحمر) اجتمعت الشيعة و حلفوا علي أن يقتلوا دونه أو يدفنوه فقال المعتصم دعوهم و ما يريدون فعملوا له شأنا عظيما حتي دفنوه أسفي علي غريب كربلا أبي عبدالله (ع) حيث ما غسلوه و لا لفوه في كفن و لا حملوا جنازته نعم حملوا رأسه الشريف من بلد الي بلد من كربلا الي الكوفة و من الكوفة الي الشام:



الجسم منه بكربلاء مضرج

و الرأس منه علي القناة يدار



كان مولانا أبوالحسن الهادي (ع) جالسا بالمدينة مع مؤدب له يقال له (أبوزكريا) و هو يقرء اللوح علي مؤدبه و هو طفل صغير اذ بكي بكاءا شديدا فسأله المؤدب ما بكاؤك؟ فلم يجبه و قال ائذن لي بالدخول الي البيت فاذن له فلما دخل ارتفع الأصوات بالبكاء و النياح ثم خرج أبوالحسن و دموعه تجري علي خديه و هو يقول انا لله و انا اليه راجعون فسألناه عن ذلك فقال ان أبي توفي الساعة في بغداد فقلنا بما علمت قال دخلني من اجلال الله تعالي ما لم أكن أعرفه قبل ذلك فعلمت انه قد



[ صفحه 276]



مضي و روي الكليني في (الكافي) ان أباالحسن الهادي (ع) كان عمره ست سنين و خمسة أشهر يوم وفاة أبيه و كان بالمدينة بكي و اخبر عن وفاة أبيه و يظهر من الاخبار و أشار المجلسي (ره) في جلاء العيون ان عليا الهادي (ع) أقبل بطي الأرض الي بغداد و غسل أباه و حنطه و كفنه و دفنه ثم رجع الي المدينة في يومه فلما رجع الي المدينة ارتفعت الاصوات من الهاشميات في دورهن كما انه ارتفعت أصوات الهاشميات يوم ورود الناعي بقتل الحسين (ع) و خرجت أم لقمان بنت عقيل و جعلت تبكي و تقول:



ماذا تقولون اذ قال النبي لكم

ماذا فعلتم و أنتم آخر الامم



بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي

منهم اساري و منهم ضرجوا بدم



ألا لعنة الله علي القوم الظالمين (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.)