بازگشت

الامام ابوجعفر محمد بن علي الجواد


ولد الامام محمد بن علي الجواد بالمدينة في شهر رمضان من سنة خمس و تسعين بعد المائة كما جاء ذلك في رواية المفيد والنوبختي و تذكرة الخواص لابن الجوزي و غيرها. و كانت وفاته في ذي القعدة من سنة خمس و عشرين و مائتين للهجرة، و قيل من سنة ست و عشرين و مائتين، و أكثر المصادر تؤكد أنه كان في السادسة من عمره حينما خرج والده الرضا (ع) من المدينة الي خراسان سنة مائتين للهجرة و لا أستبعد ان يكون فوق هذا السن.

و تشير بعض المرويات الي انه أحس بالخطر علي أبيه من خلال طوافه حول الكعبة و وداعه لها في السنة التي خرج فيها الي خراسان، فلقد جاء في اعيان الشيعة من الدلائل ان امية بن علي قال: كنت مع ابي الحسن (ع) بمكة في السنة التي حج فيها مودعا عندما اراد السفر الي خراسان و معه ولده ابوجعفر الجواد فودع ابوالحسن الرضا البيت و عدل الي المقام فصلي عنده، و كان ابوجعفر علي عنق احد غلمانه يطوف به فنزل عن عنقه و جلس في حجر ابراهيم و أطال، فقال له موفق قم جعلت فداك، فامتنع عليه و قال: لا ابرح من مكاني هذا الا ان يشاء الله، واستبان في وجهه الغم، فجاء موفق الخادم الي الامام الرضا و أخبره بما كان من أمر أبي جعفر، فقام اليه



[ صفحه 428]



بنفسه و قال له: قم يا بني، فامتنع عليه و قال: لا ابرح من مكاني هذا و كيف اقوم و قد وعدت البيت وداعا لا رجوج بعده، و أخيرا قام مع ابيه و مضي معه حيث اراد.

و يبدو من هذه الرواية انه قد ادرك من خلال زيارة ابيه للبيت و وداعه له ما يجول في نفسه من المخاطر التي تنتظره، و ادراك هذا الامر لا يكون ممن هو في مثل هذا السن، و اذا اضفنا الي ذلك ما جاء في بعض المرويات من أن المأمون قد زوجه من ابنته ام الفضل بعد وفاة ابيه بمدة يسيرة بعد حوار جري بين المأمون و بين العباس من جهة و بين الامام الجواد و قاضي القضاة يحيي بن أكثم من جهة ثانية، اذا اخذنا ذلك كله بعين الاعتبار يصبح من الممكن ان يكون عند وفاة ابيه فوق العاشرة و ربما في حدود الرابعة عشرة من عمره، في حين انه ليس لدينا من الروايات ما يؤيد هذا.

و مهما كان الحال فلقد نص اكثر الرواة انه بقي بعد ابيه سبع عشرة سنة و قبض في عهد المعتصم العباسي، و ترك من الأولاد عليا خليفته من بعده، و موسي و فاطمة و امامة. و قيل انه ترك ذكرين و ثلاث بنات، و قد نص علي امامته الرضا (ع)، و ممن روي النص عليه بالامامة علي بن جعفر بن محمد الصادق (ع) و صفوان بن يحيي و معمر بن خلاد والحسين بن بشار و البزنطي، و الواسطي والحسن بن الجهم و غير هؤلاء ممن لا يسعنا احصاؤهم.

و جاء في رواية زكريا بن يحيي بن النعمان البصري انه قال: سمعت علي بن جعفر يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين و يقول: في حديثه لقد نصرالله اباالحسن الرضا لما بغي عليه اخوته و عمومته و مضي يقول في حديث طويل: فقمت و قبضت علي يد ابي جعفر بن علي الرضا و قلت له: اشهد انك امامي عندالله عزوجل، فبكي الرضا (ع) ثم قال: يا عم ألم تسمع ابي و هو يقول: قال رسول الله (ص) بأبي ابن خيرة الاماء.



[ صفحه 429]



النوبية الطيبة [1] ، يكون من ولده الطريد الشريد الموتور بأبيه وجده صاحب الغيبة فيقال مات او هلك او بأي واد سلك، فقلت له: صدقت جعلت فداك.

و روي المفيد في ارشاده بسنده الي صفوان بن يحيي انه قال: قلت للرضا (ع) لقد كنا نسألك قبل ان يهب الله لك اباجعفر فكنت تقول: يهب الله لي غلاما و قد وهبه الله لك و أقر عيوننا به فلا ارانا الله يومك فان كان فالي من؟ فأشار بيده الي ابي جعفر الجواد و هو قائم بين يديه فقلت له: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين، فقال: و ما يضره من ذلك و قد قام عيسي بالحجة و هو ابن اقل من ثلاث سنين.

و جاء في رواية احمد بن محمد بن عيسي عن معمر بن خلاد انه قال: سمعت الرضا (ع) و هو يحدث يقول: ما حاجتكم الي ذلك هذا ابوجعفر قد اجلسته مجلسي و صيرته مكاني. و مضي يقول: انا اهل بيت يتوارث اصاغرنا عن اكابرنا القذة بالقذة الي غير ذلك من الروايات الكثيرة التي رواها ثقات المحدثين عنه حول هذا الموضوع بالاضافة الي ما جاء عن النبي (ص) والأئمة الكرام في النص علي الأئمة بأسمائهم واحدا بعد واحد.

و يظهر من اكثر الروايات ان الامام الرضا (ع) حينما ذهب لخراسان بناء لطلب المأمون ترك ولده اباجعفر في المدينة و ان المأمون بعد رجوعه لبغداد. سنة 204 استدعي الامام الجواد ليزوجه من ابنته ام الفضل و كان في مطلع العاشرة من عمره كما جاء ذلك في رواية المفيد و غيره، و مع اني لم اجد فيما هو لدي من المرويات ما يشير الي ان الامام الرضا قد حمل معه عياله و ولده فاني استبعد ان يترك عياله في الحجاز و يخرج وحيدا و قد كان متشائما من سفره و ودع قبر جده في المدينة و الكعبة في مكة وداع من لا يرجو العودة اليهما.



[ صفحه 430]



و قد ذكرنا ان ولده الجواد مع صغر سنه قد احس بما يخالج نفس ابيه من الخوف و القلق و هو يطوف حول البيت، فجلس في حجر اسماعيل باكيا متأثرا بما شاهده من أبيه خلال طوافه و وداعه، كما استبعد ان يكون زواجه من ابنة المأمون و هو بهذا السن بعد ذلك الحوار و قاضي الدولة بهذه المناسبة، و أرجح أنه كان مع ابيه في خراسان و لم يفرق بينهما سوي الموت، و بعد وفاته رجع مع عائلة ابيه الي المدينة و بعد رجوع المأمون لبغداد و استتباب الامور بها استدعاه الي بغداد و تقرب اليه و أظهر له الولاء و الاخلاص و زوجه من ابنته ليتخلص من تهمة اغتياله لأبيه و لابد و أن يكون في سن تؤهله للزواج يوم ذاك.



[ صفحه 431]




پاورقي

[1] و كانت ام الجواد نوبية و تدعي سبيكة.