بازگشت

زهده وتقواه


- ينقل بعض الرواة أنه حججت أيام أبي جعفر (ع) وجئت إليه في المدينة فدخلت الدار فإذا أبو جعفر (ع) قائم علي دكان لم يكن فُرِش له ما يقعد عليه، فجاء غلام بمصلي فألقاه له فجلس فلما نظرت إليه تهيبته ودهشت فذهبت لأصعد الدكان من غير درجه فأشار إلي موضع الدرجة فصعدت وسلمت فردّ السلام ومد إلي يده فأخذتها وقبّلتها ووضعتها علي وجهي وأقعدني بيده فأمسكت بيده مما دخلني من الدهشة فتركها في يدي فلما سكنت خليتها.

- واستقبل الناس في حفلة أقيمت تكريماً له أيام الحج، وقد حضرها من فقهاء العراق ومصر والحجاز جمع غفير استقبلهم بقميصين وعمامة بذؤابتين ونعلين.

- وينقل عن ابي هاشم قوله: أن أبا جعفر أعطاني ثلاثمائة دينار في مرة وأمرني أن أحملها إلي بعض بني عمه، وقال: أما أنه سيقول لك دلني علي من أشتري بها منه متاعاً، فدلّه، قال: فأتيته بالدنانير، فقال لي يا أبا هاشم، دلني علي عريف يشتري بها متاعاً ففعلت [1] .

- وعن أحد أصحابه الذي كان يدعي (ابن حديد) قال: خرجت مع جماعة حجاجاً، فقطع علينا الطريق، فلما دخلت المدينة لقيت أبا جعفر (ع) في بعض الطريق، فأتيته إلي المنزل فأخبرته بالذي أصابنا، فأمر لي بكسوة وأعطاني دنانير وقال: فرّقها علي أصحابك علي قدر ما ذهب، فقسمتها بينهم فإذا هي علي قدر ما ذهب منهم لا أقل ولا أكثر.

- وقال بعضهم: جئت إلي أبي جعفر (ع) يوم عيد فشكوت إليه ضيق المعاش، فرفع المصلي وأخذ من التراب سبيكة من ذهب فأعطانيها فخرجت بها إلي السوق فكانت ستة عشر مثقالاً [2] .

- وقال عمر بن الريّان: احتال المأمون علي أبي جعفر (ع) - لكي يهوي به مزالق الفساد فينقص من كرامته وهيبته لدي الناس جميعاً - فأحتال بكل حيلة فلم يمكنه في شيء، فلما أراد أن يثني عليه ابنته جاء بمائة وصيفة من أجمل ما يكون، ودفع إلي كل واحدة منهن جاماً فيه جوهر يستقبلن ابا جعفر (ع) إذا قعد في موضع الأختان، فلم يلتفت الإمام (ع) إليهن، وكان رجل يقال له مخارق صاحب صوت وعود وضرب، طويل اللحية فدعاه المأمون فقال: إن كان في شيء من أمر الدنيا فأنا أكفيك أمره، فقعد بين يدي أبي جعفر فشهق شهقة اجتمع إليه أهل الدار، وجعل يضرب بعوده ويغني، فلما فعل ساعة وإذا أبو جعفر لا يلتفت لا يميناً ولا شمالاً، ثم رفع رأسه إليه وقال: إتق الله يا ذا العثنون (أي اللحية) فسقط المضراب من يده والعود، فلم ينتفع بيده إلي أن مات [3] .

- وجاء بعض أصحاب أبيه، وقد كان حديثاً في السن، وحمل معه شيئاً مما يلعب به الأطفال، فيقول لما جئته ووقفت أمامه مسَلّماً لم يأذن لي بالجلوس، فرميت بما كان معي بين يديه فغضب علي وقال: ما لهذا خلقنا.


پاورقي

[1] بحار الانوار: (ج 50، ص 41، ط 2).

[2] بحار الأنوار: (ج 50، ص 49).

[3] مناقب آل أبي طالب: (ج 4، ص 396).