بازگشت

تأريخية التنافس بين العباسيين


هذه هي حيثيات التأسيس للمنظمة السرية العباسية التي جاءت علي أنقاض جهود التأسيس العلوي الذي بدأه أبوهاشم أول الأمر. من هنا نقرأ فلسفة التنافس الذي أحاط بتحركات العباسيين، و كيف أن هؤلاء الساسة المحترفين يمثلون طموحات السياسي المحترف الذي من شأنه أن يسحق قيمه و مبادئه من أجل تحقيق الفوز السياسي الذي يؤهله لتبوء مناصب الدولة، متنكرا بذلك لجميع حلفائه، و اذا كان الأمر كذلك فلا نستعبد ممارسات العباسيين القمعية مع حلفائهم التقليديين ليحيلوهم الي أعداء تقليديين، و بذلك كانت حركة الدعوة العباسية



[ صفحه 27]



مزدوجة، و هو العمل علي اسقاط الامويين كدولة قائمة، و كذلك اقصاء المعارضة العلوية المنافسة للعباسيين في طموحاتهم.

اذن لم يكن الصراع العباسي العلوي صراعا طارئا وليد أحداث ما بعد تأسيس الدولة، بل هو صراع أيديولوجي تنظيمي أطلق شرارته العباسيون في بادئ الأمر، و أذكي روحه العباسيون أصحاب الدولة، متجاهلين بذلك دور آل علي في اسقاط أنظمة الحكم الاموي، و تنظير الحركة الثورية التي أطاحت بآل أبي سفيان، و مصادرة جهود العلويين و احالتهم الي أعداء و معارضين مطاردين ينكل بهم في كل موقع من ساحات الصراع السياسي و الاجتماعي و الديني، و هو أهمها، بل أشدها.

من هنا ستكون القراءة التأسيسية للدعوة العباسية و لدولتها تمهيدا لفهم مجريات الأحداث التي أحاطت بحياة الامام الجواد عليه السلام، و الذي عاني بشكل لا يمكن تصوره من المنافسة العباسية التقليدية التي تسحق معها كل المبادئ و القيم، و التي من شأنها أن تتخذ معاناة الامام الجواد عليه السلام مع رجال الدولة العباسية، بل مع الآخرون من معارضيه الدينيين منحي جديدا تستحق معه الدراسة و التمعن و التحقيق.

«و الله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق و أهله، و يمحق الباطل و أهله». [1] .

هكذا كان علي بن موسي الرضا عليهماالسلام يقرأ غيب السماء في ولده القادم «محمد» انه الوريث الوحيد لامامة حافلة بالتحديات التي تحيق بامامة علي الرضا، و قد خرج توا من معترك الشبهات التي أثارتها «الواقفة» علي امامة أبيه. انهم كلاب



[ صفحه 28]



«ممطورة» [2] كما وصفهم الرضا من قبل؛ ليخرج من جولات تحدياتهم منتصرا، مثبتا لهم و لغيرهم امامته الالهية...


پاورقي

[1] الكافي، 1 / 321، ح 7 قطعة.

[2] انظر هامش اكمال الدين، ص 93.