بازگشت

ابو سلمة الخلال العباسي الكوفي المتمرد


و تنتقل الدعوة العباسية منعطفا جديدا بعد مقتل ابراهيم الامام، الذي أوصي الي أخيه أبي العباس السفاح، و الانتقال من الحميمة قرب المدينة - التي اتخذها



[ صفحه 25]



العباسيون منطلقا لدعوتهم باستقبال الحجيج القادمين من كل البلدان ليطرحوا عليهم دعوتهم بعيدا عن عيون الامويين و رجالهم - الي الكوفة ذات الولاء العلوي، و قد انضم في هذه الأثناء رجل كوفي يسمي بأبي سلمة الخلال، و عمل مع العباسيين و ساعدهم و هم في الكوفة، الا أن أباسلمة الخلال هذا عدل عن الدعوة العباسية و انحاز الي العلويين. و لم يقف المؤرخون علي أسباب هذا العدول المفاجي ء، الا أننا نحتمل أن أباسلمة الخلال حينما دخل الي الدعوة العباسية السرية دفعه ولاؤه لآل البيت ظنا منه أن العباسيين يمثلون تطلعات العلويين و آمالهم، الا أنه اكتشف بعد ذلك عداء العباسيين لآل علي و التخطيط لمحاولة تصفيتهم، و حقدهم غير المبرر لآل البيت عليهم السلام، و هم مع ذلك يسعون في جملة أهدافهم الي القضاء علي المجموعة العلوية المنتسبة لآل البيت، و التي تتحرك الدعوة العباسية علي أساس النصرة لها، و هو نفاق سياسي ديني لم يعجب أباسلمة الخلال، مما دعاه الي الانقلاب عليهم و ايجاد بديل علوي يخلف العباسيين في تنظيمهم ضد الامويين. هذا أغلب الظن الذي نحتمله هنا في تحول الخلال من التنظيم العباسي الي محاولة اقناع العلويين بتولي زعامة المعارضة الاموية.

الا أن أباسلمة الخلال أخطأ في حساباته، فقد ظن أن هناك ثلاثة بدائل، و سيتفق أحدها معه و يقبل بعرضه، و هم: الامام جعفر الصادق عليه السلام، و عبدالله بن الحسن المحض، و عمر الأشرف.

أما الامام الصادق عليه السلام فقد رفض دعوة الخلال، و أحرق كتابه بالمصباح الذي كان أمامه، نافيا بذلك قبول أي حركة تنظيمية بهذه الصيغ المنطلقة من نقاشات



[ صفحه 26]



سياسية غير شرعية، و مصالح دنيوية شخصية، و لم يكن الخلال يمثل تطلعات الأئمة عليهم السلام في اقامة دولتهم، و لا طموحاتهم في الوصول الي هدفهم و هو اقامة دولة الحق، مما دعا الخلال أن يعرض الأمر علي عبدالله بن الحسن المحض، الذي أخذ بوعود الخلال و اغتراره بالاندفاع في صنع القيادة البديلة عن بني العباس، و يبدو أن العباسيين كانوا قد وقفوا علي حركة الخلال و قبول عبدالله بن الحسن، مما دعاهم الي قتل الخلال، و التوجس من عبدالله بن الحسن، الذي آل أمره بحبسه في عهد المنصور و قتل أبنائه بعد خروجهم علي المنصور، و مواصلة العداء التقليدي بين العباسيين و بين بني عبدالله الحسنيين، بل قل بين العباسيين و آل علي عموما؛ مما عرضهم الي التنكيل و التصفية و القتل علي يد العباسيين، الذين لا يزالون ينظرون الي آل علي بأنهم المنافسون التقليديون الأقوي من بين كل فصائل المعارضة الاخري.