بازگشت

الكميت بن زيد مقدمة شعراء التحدي


لم ننس ما قدمه الكميت بن زيد الأسدي و هو ينافح عن مبدأ العقيدة و الدفاع عن حقوق أهل البيت عليهم السلام، و تتأتي أهمية جهوده الأدبية في كونها تحت رعاية الامام الباقر عليه السلام ابان احتدام المواجهة الفكرية بين آل البيت و بين الامويين، الذين حاولوا الاطاحة بمبتنيات الخلافة الحقه، اذ نجد أن الكميت كان يحظي بعناية الامام الباقر عليه السلام فيوجهه و يسدده حتي في فنيات شعره. فقد روي صاعد مولي الكميت، قال: دخلنا علي أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام فأنشده الكميت:



من لقلب متيم مستهام

غير ما صبوة و لا أحلام؟



بل هواي الذي أجن و أبدي

لبني هاشم أجل الأنام



فأنصت له عليه السلام، فلما وصل الي قوله:



أخلص الله هواي فما أغرق

نزعا و لا تطيش سهامي



قال له الباقر عليه السلام: قل: «فقد أغرق نزعا و لا تطيش سهامي».

فقال: يا مولاي، أنت أشعر مني بهذا المعني [1] ، و عرض عليه مالا فلم يقبل، و قال: و الله ما قلت فيكم شيئا اريد به عرض الدنيا، و لا أقبل عليه عوضا اذا كان لله و رسوله.

قال عليه السلام: «فلك ما قال رسول الله صلي الله عليه و آله لحسان: لا زلت مؤيدا بروح القدس ما ذببت عنا أهل البيت».

قال: جعلني الله فداك. ثم لم يبق من أهل البيت الا من حمل اليه شيئا فلم يقبل



[ صفحه 139]



منهم [2] و في رواية أنه قال: و لكن تكرمني بقميص من قمصك، فأعطاه [3] و دخل يوما علي الامام فأنشده:



ذهب الذين يعاش في أكنافهم

لم يبق الا شامت أو حاسد



و بقي علي ظهر البسيطة واحد

فهو المراد و أنت ذاك الواحد



هذه هي علاقة الكميت بالامام الباقر عليه السلام، و معني ذلك: أن الكميت لا يتصرف في أدبياته الشعرية الا بتوجيه من الامام يومذاك، يوم كان الصراع الفكري مع أهل البيت عليهم السلام علي أوجه مع الامويين؛ و ذلك علي خلفية واقعة كربلاء و شهادة الامام الحسين عليه السلام.

و كانت هاشمياته التي كلفته الكثير من التشرد و الترقب من الامويين تستثير حفيظة الامويين، حتي دفعت بهشام بن عبدالملك أن يهدر دم الكميت و يلاحقه في كل مكان، و كانت الهاشميات تحديا جديا للاطروحة الاموية، و التي يقول فيها:



ألا حييت عنا يا مدينا

و هل ناس تقول مسلمينا



الي أن يقول:



لنا قمر السماء و كل نجم

تشير اليه أيدي المهتدينا



وجدت الله اذ أسمي نزارا

و أسكنهم بمكة قاطنينا



لنا جعل المكارم خالصات

و للناس القفا و لنا الجبينا



[ صفحه 140]




پاورقي

[1] مناقب آل ابي طالب: 4 / 244، عنه البحار: 46 / 338، ح 27.

[2] مختصر أخبار شعراء الشيعة للمرزباني الخراساني: ص 73.

[3] مناقب آل أبي طالب: 4 / 214، عنه البحار: 46 / 333، ح 16.