بازگشت

الامام الرضا في مواجهة العاصفة


و تنبعث زوبعة التشكيك في امكانية ولادة الامام الرضا عليه السلام لولده «محمد»، فالرضا عليه السلام يتجاوز الأربعين من عمره و لم ينجب ولدا يرثه بعد، و كلما تقدم العمر بالامام تقدمت أمامه تحديات الخصوم، و مواجهات المشككين، اولئك الواقفة أو الذين تأخذهم مدعيات الواقفة لاثبات دعاواهم في الوقوف علي موسي بن جعفر، و تتصاعد و تيرة الاعتراض في أن عليا لم يلد ولدا، فكيف يكون اماما يدعو الي ولده الأربعة من سلالته ليكونوا أئمة؟!

كان الامام الرضا يبشر لولده القادم محمد، و بكل اطمئنان كان يتلقي اعتراض هؤلاء و تشكيك اولئك، انها مرحلة الاختبار للثبات علي امامته، فتأخير ولادة «محمد» كانت لها مصالحها المسوغة، فالمحنة هي محنة الاختبار، و علي اولئك المدعين أن يثبتوا أمام هذه العاصفة التي تهب من أطراف عدة، و لا داعي للحيرة في من يرث الامام، اذا كان الأمر يخضع للتسليم و الرضا للرضا من آل محمد فما معني الحيرة و التردد اذن؟ و اذا كانت مرحلة الحسم تعني مرحلة التصفية للاذعان و التسليم فان موجبات تأخير ولادة «محمد» الموعودة معقولة اذن، بل ضرورية جدا لقطع دابر النفاق و التردد، و ستكون مسألة الثبات علي امامة الرضا هي ثبات الخاصة علي ولايته بعد ذلك، بل موت الرضا بعد ولادة محمد بخمس أو ست سنوات مرحلة للامتحان كذلك، فالتسليم للامامة المبكرة جولة أخري من ذلك



[ صفحه 66]



الاختبار العسير.

كان (ابن قياما) تحديا جديا للرضا، فهو يشكك في امامته عن طريق التساؤل عن الوريث الذي لم يولد بعد، فكيف يكون اماما و لم يولد له ولد؟ هذا منطق التحدي، و تلك هي تداعيات العاصفة من التشكيك.

كتب (ابن قياما) الي أبي الحسن الرضا عليه السلام كتابا يقول فيه:

كيف تكون اماما و ليس لك ولد؟

فأجابه أبوالحسن عليه السلام: «و ما علمك أن لا يكون لي ولد؟ و الله لا تنقضي الأيام و الليالي حتي يرزقني الله ولدا يفرق بين الحق و الباطل». [1] .

قال أحمد بن محمد بي أبي نصر: قال ابن النجاشي: من الامام بعد صاحبكم؟

فدخلت علي أبي الحسن الرضا عليه السلام فأخبرته، فقال: «الامام بعدي ابني». ثم قال: هل يجرأ أحد أن يقول: ابني و ليس له ولد؟! [2] .

و لم يكتف ابن قياما بكتاب التحدي المبعوث للرضا في نكران امامته؛ لعدم ولادة من يرثه حتي يسأله بعد ما لقيه: هكذا تخلو الأرض من أن يكون فيها امام؟

فقال الرضا: «لا».

قال: فيكون فيها اثنان؟

قال: «لا، الا و أحدهما صامت لا يتكلم».

قال: قد علمت أنك لست بامام.

قال: «و من أين علمت؟»



[ صفحه 67]



قال: انه ليس لك ولد، و انما هي في العقب.

فقال له: «فوالله لا تمضي الأيام و الليالي حتي يولد لي ذكر من صلبي يقوم مثل مقامي، يحق الحق و يمحق الباطل» [3] .

و يسأله آخر: أتكون الامامة في عم أو خال؟

فقال الرضا: «لا».

فقال: في أخ؟

قال: «لا».

قال (أي السائل): ففي من؟

قال: «في ولدي» و هو يومئذ لا ولد له. [4] .

و هكذا يواجه الرضا تحديات اولئك المشككين، و تساؤلات المتحيرين، و هو يجيبهم بكل اطمئنان: أنه سيولد لي ولد يكون حجة الله علي خلقه، و قد ولد محمد، و صدقت نبوءة الرضا و آبائه من قبل.


پاورقي

[1] كشف الغمة للأربلي: 2 / 865.

[2] الغيبة للشيخ الطوسي: 48.

[3] البحار: 50 / 34، ح 19. عن رجال الكشي: ص 596 / 1044.

[4] البحار: 50 / 35، ح 21.