بازگشت

امامته في صباوته


(و عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري) في كتابه، قال:

و لما بلغ عمر أبي جعفر عليه السلام ست سنين و شهور، قتل المأمون أباه، و بقيت الطائفة و اختلفت الكلمة بين الناس و استصغر سن أبي جعفر عليه السلام و تحير الشيعة في سائر الأمصار؛ ثم قال أبوجعفر الطبري:

و حدثني أبوالمفضل محمد بن عبدالله بأسناده، قال: روي محمد بن المحمودي، عن أبيه قال:

كنت واقفا علي رأس الرضا عليه السلام بطوس، فقال له بعض أصحابه: ان حدث حدث فالي من؟ قال عليه السلام: الي ابني أبي جعفر عليه السلام.

فقال: فان استصغر سنه؟.

فقال أبوالحسن عليه السلام: ان الله بعث عيسي بن مريم قائما بشريعة في دون السن التي يقوم فيها أبوجعفر علي شريعته.



[ صفحه 91]



فلما مضي الرضا عليه السلام و ذلك في سنة اثنتين و ثمانين و مائة. و سن أبي جعفر عليه السلام ست سنين و شهور.

و اختلف الناس في جميع الأمصار، اجتمع «الريان بن الصلت» و «صفوان بن يحيي» و «محمد بن حكيم» و «عبدالرحمن بن الحجاج»، في بركة زلزل يبكون و يترجعون من المصيبة.

(و في بعض نسخ الحديث): و يتوجعون من المصيبة.

فقال لهم يونس: دعوا البكاء لمن هذا الأمر تفشي المسائل الي أن يكبر هذا الصبي، يعني أباجعفر عليه السلام، و كان له ست سنين و شهور، ثم قال: أنا و من مثلي. ثم قام اليه «الريان بن الصلت» فوضع يده في حلقه، و لم يزل يلطم وجهه و يضرب رأسه، ثم قال: يا ابن الفاعلة، ان كان الأمر من الله جل و علا، فابن يومين مثل ابن مائة سنة، و ان لم يكن من عندالله، فلو عمر الواحد من الناس خمسة آلاف سنة كان يأتي بمثل ما يأتي به أو يبغضه، و هذا مما يتعلق أو ينظر فيه.

و أقبلت العصابة علي يونس تعذله و قرب الحج.

و اجتمع من فقهاء بغداد و الأمصار و علمائهم ثمانون رجلا و خرجوا الي المدينة، و أتوا دار أبي عبدالله عليه السلام و دخلوها و بسط لهم بساط أحمر. و خرج عبدالله بن موسي، فجلس في صدر المجلس وقام مناد فنادي: هذا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فمن أراد السؤال فليسأل.

فقام اليه رجل من القوم فقال له:



[ صفحه 92]



ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء؟

قال: طلقت ثلاث دون الجوزاء، فورد علي الشيعة ما زاد في غمهم و حزنهم. ثم قام اليه رجل فقال: ما تقول في رجل أتي بهيمة؟

قال: تقطع يده و يجلد مائة جلدة و ينفي، فضج الناس بالبكاء. و كان قد اجتمع فقهاء الأمصار لهم في ذلك، اذ فتح باب في صدر المجلس، و خرج موفق.

ثم خرج أبوجعفر عليه السلام، و عليه قميصان و أزار و عمامة بذوابتين، أحدهما من قدام، و الأخري من خلف، و نعل بقايين.

فجلس و أمسك الناس كلهم ثم قال اليه صاحب المسألة الأولي فقال: يابن رسول الله ما تقول فيمن قال لامرأته: أنت طالق بعدد نجوم السماء؟ فقال له عليه السلام: يا هذا اقرأ كتاب الله، قال الله تبارك و تعالي: (الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) [1] في الثالثة.

قال: فان عمك أفتاني بكيت و كيت.

فقال عليه السلام له: يا عم اتق الله و لا تفت، و في الأمة من هو أعلم منك. فقام اليه صاحب المسألة الثانية، فقال له: يابن رسول الله، رجل أتي بهيمة. فقال عليه السلام: يعزر و يحمي ظهر البهيمة و تخرج من البلد، لا يبقي علي الرجل عارها. فقال: ان عمك أفتاني بكيت و كيت.



[ صفحه 93]



فالتفت عليه السلام و قال بأعلي صوته: لا اله الا الله، يا عبدالله، انه عظيم عندالله أن تقف غدا بين يدي الله فيقول الله لك: لم أفتيت عبادي بما لم تعلم، و في الأمة من هو أعلم منك؟.

فقال له عبدالله بن موسي: رأيت أخي الرضا عليه السلام و قد أجاب في هذه المسألة بهذا الجواب.

فقال له أبوجعفر عليه السلام: انما سئل الرضا عليه السلام عن نباش نبش امرأة ففجر بها، و أخذ ثيابها.

فأمر عليه السلام بقطعه للسرقة، و جلده للزنا، و نفيه للمثلة.

و الذي رواه السيد المرتضي في عيون المعجزات قال:

لما قبض الرضا عليه السلام كان سن أبي جعفر نحو سبع سنين، فاختلفت الكلمة بين الناس ببغداد، و في الأمصار، و اجتمع «الريان بن الصلت» و «صفوان بن يحيي» و «محمد بن حكيم» و «عبدالرحمن بن الحجاج» و «يونس بن عبدالرحمن» و جماعة من وجوه الشيعة و ثقاتهم، في دار عبدالرحمن بن الحجاج، في بركة زلزل يبكون و يتوجعون من المصيبة.

فقال لهم يونس بن عبدالرحمن: دعوا البكاء لهذا الأمر، و الي من تقصد بالمسائل الي أن يكبر، يعني أباجعفر عليه السلام.

فقام اليه الريان بن الصلت، و وضع يده في حلقه و لم يزل يلطمه و يقول له: أنت تظهر الايمان لنا و تبطن الشك و الشرك، ان كان أمره من الله جل و علا. فلو أنه كان ابن يوم واحد، لكان بمنزلة الشيخ العالم، و فوقه، و ان لم يكن من عندالله، فلو عمر ألف سنة فهو واحد من الناس، هذا مما ينبغي أن يفكر فيه



[ صفحه 94]



فأقبلت العصابة عليه تعذله و توبخه، و كان وقت الموسم، فاجتمع من فقهاء بغداد و الأمصار و علمائهم ثمانون رجلا، فخرجوا الي الحج و قصدوا المدينة يشاهدوا أباجعفر عليه السلام.

فلما وافوا أتوا دار جعفر الصادق عليه السلام لأنها كانت فارغة و دخلوها و جلسوا علي بساط كبير، و خرج اليهم عبدالله بن موسي، فجلس في صدر المجلس وقام مناد، و قال: هذا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فمن أراد السؤال فليسأله.

فسئل عن أشياء أجاب عنها بغير الجواب، فورد علي الشيعة ما حيرهم و غمهم. و اضطربت الفقهاء و قاموا و هموا بالانصراف، و قالوا في أنفسهم: لو كان أبوجعفر عليه السلام يكمل الجواب للسائل لما كان عند عبدالله ما كان من الجواب بغير الواجب.

ففتح عليهم باب من صدر المجلس، و دخل موفق و قال: هذا أبوجعفر. فقاموا اليه بأجمعهم و استقبلوه و سلموا اليه.

فدخل صلوات الله عليه، و عليه قميصان و عمامة بذوابتين، وفي رجليه نعلين و جلس و أمسك الناس كلهم.

فقام صاحب المسألة، فسأله عن مسائله، فأجاب عنها بالحق. ففرحوا و دعوا له و أثنوا عليه، و قالوا له: ان عمك عبدالله، أفتي بكيت و كيت.

فقال عليه السلام: لا اله الا الله، يا عم انه عظيم عندالله، ان تقف غدا بين يديه فيقول لك: لم تفتي عبادي بما لا تعلم، و في الأمة من هو أعلم منك؟.



[ صفحه 95]




پاورقي

[1] سورة البقرة، آية: «229».