بازگشت

صورة أخري في كيفية سم المأمون والده و تجهيزه والده و دفنه


«عنه»: قال: حدثنا تميم بن عبدالله بن تميم القرشي، رضي الله عنه قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن موسي قال: حدثني محمد بن خلف الطاهري، قال: حدثني (هرثمة بن أعين) وذكر حديث وفاة الرضا عليه السلام بطوله. الي أن قال المأمون: امض يا هرثمة الي أبي الحسن عليه السلام فاقرأه مني السلام و قل له: تصير الينا، أو نصير اليك؟.

فان قال لك: بل نصير اليه، فتسأله عني أن تقدم ذلك.

قال: فجئته عليه السلام، فلما أطلعت عليه قال لي عليه السلام: يا هرثمة، أليس قد حفظت ما أوصيتك به؟ قلت: بلي.

قال عليه السلام: قدموا نعلي فقد علمت ما أرسلك به.

قال: فقدمت نعله و مشي اليه، فلما دخل عليه السلام المجلس، قام اليه المأمون قائما فعانقه و قبل ما بين عينيه، و أجلسه الي جانبه علي سريره، و أقبل عليه يحادثه ساعة من النهار طويلة.



[ صفحه 73]



ثم قال لبعض غلمانه: ايتوني بعنب و رمان.

قال هرثمة: فلما سمعت ذلك لم أستطع الصبر، و رأيت المنفضة قد عرضت في بدني، فكرهت أن يتبين ذلك في، فتراجعت القهقري، حتي خرجت فرميت بنفسي في موضع من الدار، فلما قرب زوال الشمس، أحسست لسيدي خرج من عنده، و رجع الي داره.

ثم رأيت الأمر قد خرج من عند المأمون باحضار الأطباء و المترفقين. قلت: ما هذا؟ فقيل لي: علة عرضت لأبي الحسن علي بن موسي عليه السلام. فكان الناس في شك، و كنت علي يقين لما أعرف منه.

قال: فلما كان من الثلث الثاني من الليل، علا الصياح و سمعت الوجبة من الدار، فأسرعت فيمن أسرع، فاذا أنا بالمأمون مكشوف الرأس، محلل الأزرار، قائم علي قدميه ينتحب و يبكي، فوقفت فيمن وقف و أنا أتنفس الصعداء. ثم أصبحنا، فجلس المأمون للتعزية، ثم قام يمشي الي الموضع الذي فيه سيدنا عليه السلام، فقال: أصلحوا الناس موضعا، فاني أنا أغسله.

فدنوت فقلت له ما قاله سيدي بسبب الغسل و التكفين و الدفن. فقال: لست أعرض لذلك، ثم قال: شأنك يا هرثمة.

قال: فلم أزل قائما حتي رأيت الفسطاط قد ضربت، فحملته و أدخلته في الفسطاط، فوقفت من ظاهره، و كل من في الدار دوني، و أنا أسمع التكبير و التهليل و التسبيح، و تردد الأواني و صب الماء، و تضوع الطيب الذي لم أشم أطيب منه.

قال: فاذا أنا بالمأمون قد أشرف علي علالي داره، فصاح



[ صفحه 74]



بي، يا هرثمة أليس زعمتم أن الامام لا يغسله الا الامام مثله؟

فأين محمد بن علي ابنه عنه، و هو بمدينة الرسول و هذا بطوس من خراسان.

قال: قلت له: يا أميرالمؤمنين ان الامام لا يجب أن يغسله الا امام مثله، فان تعدي متعد بغسل الامام لم تبطل امامة الامام، لتعدي غاسله و لا تبطل امامة الامام الذي بعده بأن غلب علي غسل أبيه.

ولو ترك أبوالحسن علي بن موسي عليه السلام بالمدينة لغسله ابنه ظاهرا، و لا يغسله الا من هو من حيث يخفي.

قال: فسكت عني ثم ارتفع الفسطاط، فاذا أنا بسيدي عليه السلام مدرج في أكفانه، فوضعته علي نعشه، ثم حملناه، فصلي عليه المأمون، و جميع من حضر.

ثم جئنا الي موضع القبر فوجدتهم يضربون بالمعاول دون قبر هارون ليجعلوه قبلة لقبره و المعاول تنبوا عنه حتي لم تحفر ذرة من تراب الأرض.

فقال لي: ويحك يا هرثمة، أما تري كيف تمتنع من حفر قبر له.

فقلت له: يا أميرالمؤمنين انه قد أمرني أن أضرب معولا واحدا في قبلة قبر أميرالمؤمنين أبيك الرشيد، و لا أضرب غيره.

قال: فاذا ضربت يا هرثمة يكون ماذا قلت انه أخبرني أنه لا يكون قبر أبيك قبلة لقبره، فان أنا ضربت هذا المعول الواحد نفذ الي قبر محفور من غير يد تحفره، و بان ضريح في وسطه.

قال المأمون: سبحان الله ما أعجب هذا الكلام، و لا عجب من أمر أبي الحسن عليه السلام، فاضرب يا هرثمة حتي نري.



[ صفحه 75]



قال هرثمة: فأخذت المعول بيدي فضربت به في قبلة قبر هارون الرشيد.

قال: فنفذ الي قبر محفور، و بان ضريح في وسطه و الناس ينظرون اليه.

فقال: أنزله اليه يا هرثمة.

فقلت: يا أميرالمؤمنين أمرني سيدي أن لا أنزله اليه حتي ينفجر من أرض هذا القبر ماء أبيض، فيمتلي ء منه القبر حتي يكون الماء علي [1] وجه الأرض، ثم يضطرب فيه حوت بطول القبر، فاذا غاب الحوت و غار الماء، وضعته علي جانب قبره، و خليت بينه و بين ملحده.

قال: فافعل يا هرثمة ما أمرت به.

قال هرثمة: فانتظرت ظهور الماء و الحوت، فظهر ثم غاب، و غار الماء و الناس ينظرون اليه، ثم جعلت النعش الي جانب قبره، فغطي قبره بثوب أبيض لم أبسطه، ثم أنزل به الي قبره بغير يدي و لا يد أحد ممن حضر.

فأشار المأمون الي الناس، أن هاتوا التراب بأيديكم فاطرحوه فيه.

فقلت له: لا تفعل يا أميرالمؤمنين.

قال: ويحك يا هرثمة فمن يملأه؟

فقلت: قد أمرني أن لا يطرح عليه التراب، و أخبرني عليه السلام أن القبر يمتلي ء من ذات نفسه، ثم ينطبق و يتربع علي وجه الأرض.



[ صفحه 76]



فأشار المأمون الي الناس، أن كفوا.

قال: فرموا ما في أيديهم من التراب، ثم امتلأ القبر و انطبق و تربع علي وجه الأرض، فانصرف المأمون و انصرفت [2] .



[ صفحه 77]




پاورقي

[1] و قيل: مع وجه الأرض.

[2] و الحديث فيه زيادة ذكره السيد هاشم البحراني بطوله و هو الخامس عشر و مائة من معاجز أبي الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام و هو الباب الثامن من كتابه مدينة المعاجز - و أما ما ذكرناه ففي باب الامام الجواد عليه السلام في مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ص 526 - 524.