بازگشت

انه ابن الرضا حقا


(أبوجعفر محمد بن جرير الطبري) قال: حدثني أبوالمفضل بأسناده: عن أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام قال:



[ صفحه 45]



كان أبوجعفر عليه السلام شديد الأدمة، و لقد قال فيه الشاكون المرتابون، و سنة خمس و عشرون شهرا، أنه ليس من ولد الرضا عليه السلام.

و قالوا لعنهم الله: انه من شنيف الأسود مولاه، و قالوا: من لؤلؤ. و انهم أخذوه و الرضا عليه السلام عند المأمون، فحملوه الي القافة و هو طفل بمكة في مجمع الناس بالمسجد الحرام، فعرضوه عليهم، فلما نظروا و زرقوه بأعينهم خروا لوجوههم سجدا ثم قاموا فقالوا لهم: يا ويحكم مثل هذا الكوكب الدري و النور المنير يعرض علي أمثالنا، و هذا والله الحسب الزكي و النسب المهذب الطاهر، والله ما تردد الا في أصلاب زاكية و أرحام طاهرة، والله ما هو الا من ذرية أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

فارجعوا و استقبلوا الله و استغفروا، و لا تشكوا في مثله.

و كان في ذلك سنة خمسة و عشرين شهرا، فنطق بلسان اذهب من السيف و أفصح من الفصاحة:

«الحمدلله الذي خلقنا من نور بيده، و اصطفانا من بريته، و جعلنا أمناء علي خلقه و وحيه.

معاشر الناس: أنا محمد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي سيد العابدين بن الحسين الشهيد بن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب و ابن فاطمة الزهراء و ابن محمد المصطفي عليه السلام.

ففي مثلي يشك، و علي و علي أبوي يفتري، أعرض علي القافة.



[ صفحه 46]



و قال: والله اني لأعلم بهم أجمعين و ما هم اليه صائرون، أقوله حقا، و أظهره صدقا و علما، ورثنا الله قبل الخلق أجمعين.

و بعد: بنا السماوات و الأرضين قائم، لولا تظاهر الباطل علينا لقلت قولا يتعجب منه الأولون و الآخرون.

ثم وضع عليه السلام علي فيه ثم قال: يا محمد اصمت كما صمت أباؤك (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل و لا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك الا القوم الفاسقون) [1] .

ثم تولي الرجل، فقبض علي يده، و مشي يتخطي رقاب الناس يفرجون له.

قال: فرأيت مشيخة ينظرون اليه و يقولون: الله أعلم حيث يجعل رسالاته. فسئلت عن المشيخة؟ قيل: هؤلاء قوم من حي بني هاشم من أولاد عبدالمطلب.

قال: و بلغ الخبر الرضا عليه السلام و ما صنع بابنه محمد، ثم قال: الحمدلله.

ثم التفت الي بعض من يحضره من شيعته، فقال عليه السلام:

هل علمتم ما رميت به مارية القبطية، و ما ادعي عليها في ولادها ابراهيم عليه السلام بن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم؟

قالوا: لا يا سيدنا أنت أعلم، فخبرنا لنعلم.

قال عليه السلام: ان مارية لما أهديت الي جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم،



[ صفحه 47]



أهديت مع جوار قسمهن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي أصحابه، و ظن بمارية من دونهم و كان معها خادم يقال له جريح يؤدبها بآداب الملوك، و أسلمت علي يد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أسلم جريح معها، و حسن ايمانهما و اسلامهما.

فملكت مارية قلب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فحسدها بعض أزواج رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فأقبلت زوجتان من أزواج رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الي أبويهما يشكين رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فعله و ميله الي مارية و ايثاره اياها عليهما حتي سولت لهما أنفسهما، يقولان أن مارية انما حملت بابراهيم من جريح و كانوا لا يظنون جريحا خادما زمانا.

فأقبل أبويهما الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو جالس في مسجده، فجلسا بين يديه، و قالا: يا رسول الله ما يحل لنا و لا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من جناية واقعة بك. قال صلي الله عليه و آله و سلم: و ماذا تقولان؟.

قالوا: يا رسول الله، ان جريحا يأتي من مارية الفاحشة العظمي، و ان حملها من جريح و ليس هو منك يا رسول الله.

فأربد وجه رسول الله و عرضت له شهوة لعظم ما تلقياه به، ثم قال: ويحكما ما تقولان؟.

فقالا: يا رسول الله، ان خلفنا جريحا و مارية في مشرفة، و هو يفاكهها و يلاعبها و يروم منها ما تروم الرجال من النساء، فأبعث الي جريح فانك تجده علي هذه الحال، فأنفذ فيه حكمك و حكم الله تعالي.

فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم يا أباالحسن، خذ معك سيفك ذاالفقار



[ صفحه 48]



حتي تمضي الي مشرفة مارية، فان صادفتها و جريحا كما يصفان، فخذهما ضربا.

فقام علي عليه السلام و اتشح سيفه و أخذه تحت ثيابه.

فلما ولي و مر بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، أتي اليه راجعا، فقال له: يا رسول الله أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار، أو كالشاهد يري ما لا يري الغائب.

قال: فأقبل علي عليه السلام و سيفه في يده حتي تسور من فوق مشرفة مارية و هي جالسة و جريح معها يؤدبها بآداب الملوك و يقول لها: أعظمي رسول الله و كنيه و أكرميه، و نحن من هذا الكلام، حتي نظر الي أميرالمؤمنين عليه السلام و سيفه مشهر بيده، ففزع منه جريح و أتي الي نخلة في دار المشرفة، فصعد الي رأسها، فنزل أميرالمؤمنين عليه السلام الي المشرفة، و كشف الريح عن أثواب جريح فانكشف ممسوحا، فقال عليه السلام: انزل يا جريح.

فقال: يا أميرالمؤمنين آمن علي نفسي؟ فقال عليه السلام آمن علي نفسك.

فقال: فنزل جريح و أخذ بيده أميرالمؤمنين عليه السلام، و جاء به الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فأوقفه بين يديه و قال له: يا رسول الله، ان جريحا خادما ممسوح. فولي النبي صلي الله عليه و آله و سلم وجهه الي الجدار و قال: حل لهما لعنهما الله. يا جريح اكشف عن نفسك حتي يتبين كذبها، ويحهما ما أجرأهما علي الله و علي رسوله.

فكشف جريح عن أثوابه، فاذا هو خادم ممسوح كما وصف. فسقطا بين يدي رسول الله، و قالا: يا رسول الله، التوبة استغفر لنا فلن نعود. فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: لا تاب الله عليكما،



[ صفحه 49]



فما ينفعكما استغفاري و معكما هذه الجرأة علي الله و علي رسوله؟

قالا: يا رسول الله، فان استغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربنا، و أنزل الله الآية، التي فيها (ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) [2] .

قال الرضا علي بن موسي: الحمدلله الذي جعل في و ابني محمد، اسوة برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ابنه ابراهيم.

و لما بلغ عمره ست سنين و شهور قتل المأمون أباه و بقيت الطائفة في حيرة، و اختلفت الكلمة بين الناس و استصغر سن أبي جعفر عليه السلام و تحير الشيعة في سائر الأمصار. [3] .



[ صفحه 51]




پاورقي

[1] سورة الأحقاف، آية: «35».

[2] سورة التوبة، آية: «80».

[3] مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ص 516 - 515.