من بديع النثر في الامام الجواد
و للشاعر القدير المرحوم السيد صالح القزويني النجفي قصيدة رائعة في رثاء الامام الجواد عليه السلام يقول:
[ صفحه 255]
و نص الرضا أن الجواد خليفتي
عليكم، بأمر الله يقضي و يحكم
هو ابن ثلاث، كلم الناس هاديا
كما كان في المهد المسيح يكلم
سلوه، يجبكم، و انظروا ختم كتفه
ففي كتفه ختم الامامة يختم
و كم لك يابن المصطفي بان معجز
به كل أنف من أعاديك مرغم
و صاهرك المأمون لما بدت له
معاجزك اللاتي بها الناس سلموا
أسر - امتحانا- صيد باز بكفه
فأخبرته عما يسر و يكتم
و أرشي العدي يحيي بن أكثم خفية
و ظنوا بما يأتيه أنك تفحم
فأخجلت يحيي في الجواب مبينا
عن الصيد يرديه امرؤ و هو محرم
و أنت أجبت السائلين مسائلا
ثلاثين ألفا، عالما لا تعلم
أقمت، و قومت الهدي بعد سادة
أقاموا الهدي من بعد زيغ و قوموا
فطوس لكم، و الكرخ شجوا، و كربلا
و كوفان تبكي، و البقيع و زمزم
و كم أبرموا أمرا، و كادوا و كدتهم
بنقضك ما كادوك فيه و أبرموا
و كم قد تعطفتم عليهم ترحما
فلم يعطفوا يوما عليكم و يرحموا
فما منكم قد حرم الله حللوا
و ما لكم قد حلل الله حرموا
وجدهم لو كان أوصي بقتلهم
اليكم، لما زدتم علي ما فعلتم
فصمتم من الدين الحنيفي حبله
و عروته الوثقي التي ليس تفصم
و سمته أم الفضل عن أمر عمها
فويل لها من جده يوم تقدم
قضي منكم كربا، و عاش مروعا
و لا جازع منكم، و لا مترحم
علي قلة الأيام و المكث لم يزل
بكم، كل يوم يستضام و يهضم
فيا لقصير العمر، طال لموته
علي الدين و الدنيا البكا و التألم
مضيت، فلا قلب المكارم هاجع
عليك، و لا طرف المعالي مهوم
و لا مربع الايمان و الهدي مربع
و لا محكم الفرقان و الوحي محكم
بفقدك قد أثكلت شرعة أحمد
فشرعته الغراء بعدك أيم
عفا بعدك الاسلام حزنا، و أطفئت
مصابيح دين الله، فالكون مظلم
[ صفحه 256]
فيا لك مفقودا، ذوت بهجة الهدي
له، و هوت من هالة المجد أنجم
يمينا، فما لله الاك حجة
يعاقب فيه من يشاء ويرحم
و ليس لأخذ الثأر الا محجب
به كل ركن للضلال يهدم