بازگشت

المقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم

استهلت حياة الامام محمد بن علي الجواد (عليه السلام) فجرها المشرق بامامته في سن مبكرة من عمره الشاب.

و قد احتج البحث للامامة في الصبا بمثل ما احتج به الله تعالي للنبوة، فقد بعث الله الله يحيي نبيأ في صباه، فقال تعالي:

(يا يحيي خذ الكتاب بقوة و آتيناه الحكم صبيا) مريم / 12.

و بعث الله عيسي بن مريم نبيا في اليوم الأول من ولادته و قال فيما اقتص من خبره علي لسانه:

(قال اني عبدالله آتاني الكتاب و جعلني نبيا) مريم / 30.

و لما كانت الامامة امتدادا طبيعيا للنبوة، و جاز أن يكون النبي صبيا، فلا مانع من جواز كون الامام صبيا من باب أولي.

و قد نص الامام علي بن موسي الرضا (عليه السلام) علي امامة ولده الامام محمدالجواد (عليه السلام)، و تسلم قيادة الأمة في السابعة من العمر، فكان معجزة في امامته، و معجزة في أدائه، و معجزة في برهانه، و معجزة في معارفه الانسانية الكبري، و معجزة في اللمح الغيبي فيما أخبر به، و أفتي، و استنبط، و قرر، و حاور، و ناظر مستقيما علي الخط المنهجي لأهل البيت فكرا و أصالة و قيادة حكيمة فذة.



[ صفحه 6]



و لهذا كله، عاد الامام «محمد الجواد معجزة السماء في الأرض» يخترق نواميس الكون، و يستطيل سنن الحياة، فتخشع له العقول قبل الأبصار، و ترنو له القلوب بعد التجربة و الاختبار الميداني.

أصيبت الخلافة العباسية بالهلع و القلق لذلك العطاء الذي لا ينضب من هذا (الصبي الامام) اذ أراد مركز الحكم العباسي أن يجعل امامته المبكرة مادة للسخرية و الاستهزاء بما يعبر عنه عند بعض الوافدين ب (أزمة الطفولة) و اذا بالسحر ينقلب علي الساحر، فتعد امامة الجواد أعجوبة في الأبعاد كافة: رسالة، و أصالة، و ثروة، و قيادة، و زهدا، و ورعا، و عزة، و ثباتا، و صلابة، و كفاية.

و وقف المسلمون و الحاكمون ذاهلين أمام هذه الظاهرة الجديد، فمواكب العلماء تتري بالسؤال و الافادة من هذا الصبي الامام، و شيوخ الأمة جاثية بين يديه تطلب المزيد، و أتباع أهل البيت (عليهم السلام) يزيدهم الحدث ايمانا، و يثبت قلوبهم اطمئنانا.

و في ضوء ما تقدم تتجلي أهمية هذا الموضوع في البحث العلمي، و هذه الأطروحة تعني بأهم الظواهر الايحائية التي أحاطت بمسيرة هذا الامام العظيم منذ ولادته حتي وفاته و هو ابن خمسة و عشرين ربيعا.

و كانت هذه الرسالة قد انتظمت بسبعة فصول كالآتي:

الفصل الأول: و عنوانه؛ (الامام محمد الجواد... سيرة)

و تضمن المباحث الرئيسية بهذا الشكل:

1- ترجمة الامام في لمحات غراء.

2- نشأة الامام المثالية.



[ صفحه 7]



3- خصائص الامام الانسانية.

4- رعاية الامام لأوليائه في ذات الله.

5- المناخ العرفاني في سلوك الامام.

6- الامام في تقييم الأعلام.

الفصل الثاني: و عنوانه: (الامام محمد الجواد... و عصر السلاطين)

و تضمن بدراسة موضوعية للمباحث الآتية:

1- الامام و ظواهر عصر السلاطين.

2- الامام محمد الجواد في حياة المأمون.

3- الامام محمد الجواد في عصر المعتصم.

4- الامام محمد الجواد... و القائم بالأمر.

الفصل الثالث: و عنوانه (الامام محمد الجواد... معجزة)

و تضمن بالبحث الرائد الدقيق الظواهر الآتية:

1- الامامة في سن الصبا... ظاهرة اعجازية.

2- الامام محمد الجواد في خضم الاختبار العلمي.

3- اضطراب النظام العباسي من الامام المعجزة.

4- استقراء الغيب المجهول لدي الامام.

الفصل الرابع: و عنوانه (الامام محمد الجواد... تراثيا)

و تضمن بالتركيز المعمق المباحث الآتية:

1- علم أهل البيت في تراث الامام الجواد.

2- مرويات الامام محمد الجواد عن:

رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) و أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنموذجا.



[ صفحه 8]



3- الدور الريادي لتلامذة الامام - الرواة و المؤلفين - في نشر تراثه الخالد.

4- الألفاظ الجارية مجري الأمثال في تراث الامام.

الفصل الخامس: و عنوانه (الامام محمد الجواد... فقاهة)

و قد بحث الموضوعات الآتية:

1- مسائل ذات أهمية خاصة.

2- يحيي بن أكثم في مسائلة الامام.

3- علل الأحكام عند الامام.

الفصل السادس: و عنوانه (الامام محمد الجواد... منظرا)

و تضمن العنوانات الآتية:

1- بيئة علم الكلام في عصر الامام.

2- قضايا التوحيد الالهي.

3- الامام يناظر في السنة.

الفصل السابع: و عنوانه (الامام محمد الجواد... شهيدا)

و قد أعطي تفصيلات مكثفة عن المباحث الآتية:

1- الامام محمد الجواد يتوقع الشهادة.

2- كيفية اغتيال الامام.

3- دوافع اغتيال الامام.

4- تشييع جثمان الامام و دفنه.

5- مشهد الامام في الكاظمية المقدسة.



[ صفحه 9]



و كانت مصادر هذا البحث و مراجعه تتنقل بين كتب الحديث، و الأثر، و الرواية، و التأريخ، و علم الكلام، و الأدب، و السيرة، و الترجمة، و كان النقد التاريخي و الاكتشاف المنهجي سبيل البحث دون التحايل علي حقيقة البعد الموضوعي، فجاء البحث بموارده و استقرائه و وعيه الحضاري عصارة فكر، و خلاصة استنباط دقيق في نضائد تجارب الامام العظيم محمد بن علي الجواد، حاولت أن أكون فيه محللا و منظرا و مكتشفا بأمانة و اخلاص فكان ذلك بحمد الله تعالي و بركة الامام (عليه السلام) و أردت أن أكون مؤصلا لشؤون لم تدرس من ذي قبل، فان أصبت فبفضل الله وحده، و ان كانت الأخري، فلي من شرف القصد و نبل الهدف ما يرفع بعض التقصير.

(و ما تشاءون الا أن يشاء الله رب العالمين) [1] .

و ما توفيقي الا بالله العلي العظيم، عليه توكلت و اليه أنيب، و هو حسبنا و نعم الوكيل.

النجف الأشرف / جامعة الكوفة

محمد حسين علي الصغير



[ صفحه 13]




پاورقي

[1] سورة التكوير، 29.