بازگشت

للامام أسلوبه مع أوليائه


و لسنا نشك: في أن المعتصم العباسي كان يخشي من نفوذ الامام «عليه السلام».. حيث انه رغم كل ما كان يعتبره مزايا ضعف، قد استطاع «عليه السلام» أن يجعل منه مزايا قوة، و أن يجد حتي في رجالات الدولة، من يتفاني في حبه، و يطفح قلبه بالتشيع له..

فقد روي الكليني عن: «محمد بن يحيي، و محمد بن أحمد، عن السياري، عن أحمد بن زكريا الصيداني، عن رجل من بني حنيفة، من أهل بست و سجستان، قال:

رافقت أباجعفر في السنة التي حج فيها في أول خلافة المعتصم، فقلت له، و أنا معه علي المائدة، و هناك جماعة من أولياء السلطان: ان والينا - جعلت فداك - رجل يتولاكم أهل البيت و يحبكم، و علي في ديوانه خراج، فان رأيت جعلني الله فداك، أن تكتب اليه بالاحسان الي؟!

فقال: لا أعرفه.

فقلت: جعلت فداك، انه علي ما قلت، من محبيكم أهل البيت،



[ صفحه 145]



و كتابك ينفعني عنده.

فأخذ القرطاس فكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد..

فان موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا، و انما لك من عملك ما أحسنت فيه، فأحسن الي اخوانك.

واعلم أن الله عزوجل سائلك عن مثاقيل الذر و الخردل.

قال: فلما وردت سجستان سبق الخبر الي الحسين بن عبدالله النيسابوري، و هو الوالي، فاستقبلني علي فرسخين من المدينة، فدفعت اليه الكتاب، فقبله، و وضعه علي عينيه، و قال لي: حاجتك؟

فقلت: خراج علي في ديوانك.

قال: فأمر بطرحه عني، و قال: لا تؤد خراجا ما دام لي عمل، ثم سألني عن عيالي، فأخبرته بمبلغهم، فأمرلي و لهم بما يقوتنا و فضلا.

فما أديت في عمله خراجا ما دام حيا، و لا قطع عني صلته حتي مات..» [1] .

و يلاحظ هنا:

أولا: مدي فناء هذا الرجل في محبة الامام الجواد «عليه السلام»، و أهل البيت صلوات الله و سلامه عليهم..

ثانيا: انه «عليه السلام» قد أنكر في بادي ء الأمر معرفته به، و لعله من



[ صفحه 146]



أجل الحفاظ عليه، حيث يعلم: أن في مجلسه من هو من موالي السلطان و جواسيسه.

ثالثا: انه «عليه السلام» لم يأمر في رسالته ذلك العامل بشي ء خاص، و انما وعظه و خوفه من حساب الله سبحانه، و عرفه أن ما يجديه من عمله هو ما أحسن فيه، كما أنه قد أشار في الرسالة الي أن ذلك الرجل هو الذي نقل عنه ذلك المذهب الجميل، و لم يضف الي ذلك ما يفيد صحة ما نقل له عنه..


پاورقي

[1] البحار ج 50 ص 86 و 87 و الكافي ج 5 ص 111 و 112.