بازگشت

الأسئلة تحريضية


و نحن اذا أخذنا مكانة أبي بكر، و عمر في الناس بنظر الاعتبار من جهة، و أخذنا بنظر الاعتبار أيضا: أن الامامة لأهل البيت «عليهم السلام» معناها رفض امامة غيرهم و اعتبارهم معتدين و غاصبين، فاننا نعرف أن طرح هذه الأسئلة علي الامام «عليه السلام» قد جاء في سياق خطة تحريضية ماكرة و خبيثة، و ذلك لأن الامام «عليه السلام»، اذا قبل بتلك



[ صفحه 131]



الكرامات و الفضائل، التي تنسب الي أبي بكر و عمر، فانه يكون قد نقض الأساس الذي تقوم عليه امامته و امامة آبائه الطاهرين.

كما أن الكثيرين من شيعته و أتباعه لسوف يرتابون بالأمر، لعلمهم بأن ذلك خلاف ما عرفوه عنه و عن آبائه «عليهم السلام»، و خلاف ما ثبت لديهم في هذا المجال.. و قد لا يمكنهم تفسير ذلك علي أساس مبدأ العمل بالتقية، لأنهم يرون أنه في موضع القوة، و يرون أن المأمون معه و الي جانبه، و هذا سوف يوقعه في تناقض صريح معهم.

أضف الي ذلك: أن أتباع الخلفاء سوف يعتبرون هذا نصرا لهم، و سيتمكنون من خداع الكثيرين بهذا الاعتراف الصريح..

و اذا أنكر تلك الفضائل وردها، فان عامة الناس و أرباب سائر الفرق، سوف يثورون ضده، و لعل ذلك يتم بتحريض خفي من المأمون نفسه، و قد لا يرضيهم حينئذ ابعاده عن موقعه، الذي تري السلطة نفسها مضطرة لأن تضعه فيه..فيطالبون بما هو أشد و أعظم، و أخطر و أدهي، ليس بالنسبة لشخص التقي الجواد «عليه السلام» و حسب، و انما بالنسبة لكل أتباعه و محبيه في سائر الأقطار و الأمصار..

ولكننا نجد الامام «عليه السلام» قد استطاع في اجابته علي تلك الأسئلة أن يحتفظ بخطه الصحيح و يعطي رأيه الصائب في الأمور التي طرحت عليه من جهة، و أن يسد الطريق أمام ظهور أي تشنج غير مسؤول، سواء علي مستوي العامة من الناس، أم علي مستوي أهل العلم و المعرفة، الذين يخالفونه في الرأي في هذه المسائل، من جهة أخري.



[ صفحه 132]



بالاضافة: الي أنه لم يبق أي مجال لاستغلال غير مسؤول، من قبل من كانوا يترصدون الفرصة لذلك.. و علي رأسهم المأمون العباسي بالذات..

حيث انه عليه الصلاة والسلام قد طرح القضية بشكل علمي هادي ء، قائم علي الاستدلال والمنطق، الذي لن يجد أحد عنه محيصا، مع التركيز علي التهذيب في الكلمة، و الرصانة في التعبير، و في الأسلوب و السجاحة و السماحة في الأخلاق..