بازگشت

البازي الأشهب في اللقاء الأول


و كانت أول حادثة تحصل بين الامام «عليه السلام»، و بين المأمون، بعد استقدامه «عليه السلام» الي بغداد، عفوية و مفاجئة بالنسبة للمأمون، و كان لها وقع الصاعقة عليه، و كان فيها النصر الحاسم و المؤزر بالنسبة للامام «عليه السلام»..

يقول النص التاريخي: «لما طعن الناس في المأمون، بعد وفاة الرضا «عليه السلام» واتهموه، أراد أن يبري نفسه من ذلك. فلما أتي من خراسان الي بغداد، كاتب الجواد «عليه السلام» الي المدينة، يستدعي قدومه عليه بالاعزاز و الاكرام.

فلما ورد بغداد اتفق أن المأمون قبل ملاقاته له «عليه السلام» «خرج الي الصيد، فاجتاز بطرف البلد في طريقه..» [1] .



[ صفحه 98]



و كان ذلك بعد موت الامام الرضا «عليه السلام» بسنة [2] ، فاجتاز المأمون - والنص لابن شهرآشوب: «بابن الرضا «عليه السلام» [3] ، و هو بين صبيان، فهربوا سواه.

فقال: علي به.

فقال: ما لك لا هربت في جملة الصبيان؟!

فقال: ما لي ذنب فأفر منه، و لا الطريق ضيق فأوسعه عليك، سر حيث شئت.

فقال: من تكون أنت؟!

قال: أنا محمد بن علي، بن موسي، بن جعفر، بن محمد، بن علي بن الحسين،بن علي، بن أبي طالب «عليهم السلام»..

فقال: ما تعرف من العلوم؟! [4] .

قال: سلني عن أخبار السموات..

فودعه، و مضي، و علي يده باز أشهب، يطلب به الصيد..

فلما بعد عنه، نهض عن يده الباز، فنظر يمينه و شماله لم ير صيدا، و الباز



[ صفحه 99]



يشب عن يده، فأرسله، فطار يطلب الأفق، حتي غاب عن ناظره ساعة، ثم عاد اليه، و قد صاد حية [5] .

فوضع الحية في بيت المطعم..

و قال لأصحابه: قد دنا حتف ذلك الصبي في هذا اليوم علي يدي [6] .

ثم عاد، و ابن الرضا في جملة الصبيان.

فقال: ما عندك من أخبار السموات؟!

[و في نص آخر: «ثم انه كر راجعا الي داره، و ترك الصيد في ذلك اليوم» فلما وصل وجد الصبيان علي حالهم، فانصرفوا كما فعلوا أول مرة، و أبوجعفر لم ينصرف، فقال له المأمون: ما في يدي؟ الخ..].

فقال: نعم يا اميرالمؤمنين، حدثني أبي عن آبائه، عن النبي، عن جبرائيل، عن رب العالمين، أنه قال: بين السماء و الهواء بحر عجاج، يتلاطم به الأمواج، فيه حيات خضر البطون، رقط الظهور، يصيدها الملوك بالبزاة الشهب، يمتحن به العلماء.

فقال: صدقت، و صدق أبوك، و صدق جدك، و صدق ربك، فأركبه، ثم زوجه أم الفضل».

و في نص آخر: «تصيدها بزاة الملوك و الخلفاء، فيختبرون بها سلالة أهل النبوة»..



[ صفحه 100]



فلما سمع المأمون كلامه عجب منه، و قال له: «أنت ابن الرضا حقا، و من بيت المصطفي صدقا» [7] .


پاورقي

[1] جلاء العيون ج 3 ص 106 و يفهم أيضا من الفصول المهمة لابن الصباغ ص 252 و كذلك سائر المصادر التي ستأتي: أنه لم يكن قد رآه بعد.

[2] البحار ج 50 ص 91 عن كشف الغمة.

[3] و كان عمره يومئذ احدي عشرة سنة أو نحوها البحار ج 50 ص 91.

[4] لابد من التأمل كثيرا في مبادرة المأمون هنا الي سؤاله عما يعرفه من العلوم، بمجرد أن أخبره باسمه و نسبه.

[5] في المصادر الأخري: أنه صاد سمكة.

[6] لم ترد هذه العبارة في المصادر الأخري.

[7] المناقب لابن شهرآشوب ج 4 ص 388 و 389، و البحار ج 50 ص 56 و 92. و لتراجع هذه القضية أيضا في: كشف الغمة ج 3 ص 134 عن ابن طلحة، و ص 135 و جلاء العيون ج 3 ص 107 و الصواعق المحرقة ص 204 و نور الأبصار ص 161 و الصراط المستقيم ج 2 ص 202 و ينابيع المودة ص 365 و الاتحاف بحب الأشراف ص 170 - 168 و الفصول المهمة للمالكي ص 253 - 252. و الامام الجواد لمحمد علي دخيل ص 74 عن أخبار الدول ص 116.