بازگشت

اهداف استقدام الامام الي بغداد


و مهما يكن من أمر.. فان محاولة ابقاء الامام «عليه السلام» في بغداد، بالقرب من الخليفة، و تحت نظره - و التي نجح فيها المأمون جزئيا علي الأقل - لسوف تكون مفيدة جدا للمأمون، و نظام حكمه، لأن بقاءه هذا من شأنه أن يسهل عليهم جعله تحت الرقابة المستمرة، و رصد كل تحركاته،



[ صفحه 96]



و مواقفه، ثم تطويقها بسرعة، ان وجدوا فيها أي ضرر، أو خطر.

و كذلك.. فان ذلك يمكنهم من قطع صلاته بشيعته، و قطع صلاتهم به، أو التقليل منها الي حد كبير.. اذ من الطبيعي أنه اذا أحيط الامام «عليه السلام» بهالة الحكم، و أبهة الملك، فان ذلك سيجعل الكثيرين يتهيبون الاتصال به بصورة عفوية. و بالأخص أولئك الذين لا يرغبون بتعريض أنفسهم، و علاقاتهم بالأئمة عليهم الصلاة و السلام للأضواء الكاشفة من قبل السلطة الغاشمة..

و أيضا.. فلربما كان المأمون يأمل في أن يتمكن من خلال محاولاته و أساليبه الاغرائية أو الاغوائية، أو الترهيبية من أن يقنع الامام في المستقبل، بأن يكون دعاؤه له و لدولته، هذا الأمل نفسه الذي كان يراوده بالنسبة لأبيه الامام الرضا «عليه السلام» من قبل، كما أوضحناه في كتابنا: «الحياة السياسية للامام الرضا «عليه السلام»»..

أضف الي ذلك: أنه باظهاره المحبة، و التبجيل، و الاكرام و التعظيم للامام «عليه السلام»، يكون قد قدم دليلا لربما ينطلي علي الكثيرين، يثبت به حسن نواياه تجاة الأئمة «عليهم السلام»، و يبرئه الي حدما من دم الامام الرضا صلوات الله و سلامه عليه.

كما أنه يكون قد أثبت للملأ من الشيعة: أنه لا يري في خطهم تناقضا مع خطه، و لا مع موقفه، كحاكم، و كسلطان، الأمر الذي قد يبعث في قلوبهم بعض الاحساس بالأمان من جهته..

و كذلك.. فانه اذا استطاع أن يجعل الامام «عليه السلام»، الذي كان



[ صفحه 97]



في مقتبل عمره، يعيش حياة اللذة و الرفاهية، و الدعة، فلربما يؤثر ذلك علي طموحاته و آماله «عليه السلام»، و من ثم علي مواقفه.. و أخيرا علي مجمل تصوراته و أفكاره، و أسلوب حياته، حسبما أشير اليه فيما نقل عن الحسين المكاري آنفا..

نعم.. ان ذلك أوجله، و لربما بالاضافة الي أمور أخري كان محط نظر المأمون.. و ان كان قد فشل في تحقيق كامل آماله و في الوصول الي جميع أهدافه، كما سنري..