بغداد.. سجن أم رقابة
ان من المعروف: أنه قد كان للمأمون.. علي كل رجل صاحب خبر [1] و كان يدس الوصائف هدية، ليطلعنه علي أخبار من شاء [2] .
[ صفحه 93]
و قد جرب ذلك مع الامام الرضا «عليه السلام» أيضا: فباء بالفشل الذريع، و مني بالخيبة القاتلة..
و ربما كانت هذه الرقابة هي احدي أهداف تزويج ابنته للامام الرضا «عليه السلام»، ثم تزويج ابنته الأخري لولده الامام الجواد صلوات الله و سلامه عليه فيما بعد.. [3] .
و هذا معناه: أنه قد كان من الطبيعي أن يكون المأمون قد اطلع علي تحركات الشيعة، بعد وفاة الامام الرضا «عليه السلام»، و علي اتصالهم بالامام الجواد عليه الصلاة والسلام.. و بلغه بعض أو كل ما صدر عن الامام عليه التحية و السلام من كرامات و فضائل، و من أجوبة علي المسائل الدقيقة و الصعبة رغم صغر سنه.
و لا شك في أن تصدي الامام عليه الصلاة والسلام - و هو بهذه السن بالذات - لمقام الامامة، و حمله مسؤوليته القيادية، يعتبر بحد ذاته تحديا للسلطة، و لجميع الفرق علي اختلافها، في أعظم عقائها أثرا، و أشدها خطرا، و أكثرها حساسية، فمن الطبيعي اذن أن يحتاط المأمون للأمر، و يعد العدة لكل المفاجآت المحتملة في هذا المجال، خصوصا بعد أن جرب مختلف الأساليب الماكرة مع الامام الرضا «عليه السلام» من قبل، و رأي بأم عينيه كيف كان كيده يرتد عليه..
[ صفحه 94]
پاورقي
[1] تاريخ التمدن الاسلامي، المجلد الثاني ص 441 و في هاشمه عن: المسعودي ج 2 ص 225 و عن طبقات الأطباء ج 1 ص 171.
[2] تاريخ التمدن الاسلامي، المجلد الثاني ص 549 عن العقد الفريد ج 1 ص 148.
[3] راجع كتابنا: الحياة السياسية للامام الرضا عليه السلام ص 213 و 214.