بازگشت

خداع السلطة، و تقية الامام


ان نفس سعي المأمون لتولية الامام الرضا «عليه السلام» للعهد، ثم سعيه لتزويج ابنته من الامام الجواد «عليه السلام»، و اقامة علاقات طيبة معه، من شأنه أن يضع شيعة الامام أمام خيارات غير عادية، اذ ان ما ذكرناه من المنافرة بين عقائد الشيعة و بين أية سلطة غير سلطة الامام.. يجعل أي انسجام بين السلطة، و بين أرباب ذلك الفكر، و معتنقي تلك العقيدة، و المبشرين بها، و لاسيما اذا كان ذلك علي مستوي القمة الشامخة، التي تتحدي السلطة، حتي في الأساس و المبرر لوجودها.. أمام أحد احتمالين، أحدهما:

أن تلك الطائفة - أو قمتها - تخضع لضغط خانق مباشر، و تهديد صريح من قبل السلطة.. أو أنها تتعامل مع الحكم انطلاقا من مبدأ التقية، الذي يهدف للحفاظ علي المبدأ، و علي القدرات المؤهلة لحماية و الدفع عنه..

الثاني: أن نجد أنفسنا ملزمين بتوجيه اتهام صريح:

اما لتلك الطائفة بأنها قد قدمت تنازلا عقائديا خطيرا في هذا المجال..

و اما لقيادتها، و أنها ليست هي القيادة الحقيقية، و أن ثمة خطأ في التعرف علي الرمز الحقيقي للامامة..

و اما للسلطة نفسها بأنها تقوم بعملية خداع خطيرة، و تعني بتنفيذ



[ صفحه 88]



مؤامرة مرعبة، بهدف اغتيال تلك الفرقة، في فكرها، و في عقائدها، أو حتي في وجودها بصورة عامة..

و هذا الأمر الأخير.. هو ما تجلي لنا بوضوح في لعبة البيعة للامام الرضا «عليه السلام» بولاية العهد، حيث اضطر الامام «عليه السلام» للتعامل مع هذه القضية انطلاقا من مبدأ التقية و غيره. من مبادي تدخل في هذا المجال.. كما أوضحناه في كتابنا: «الحياة السياسية للامام الرضا «عليه السلام»..

كما أن هذا الخداع الخطير قد مارسه الخليفة العباسي المأمون تجاه الامام محمد التقي الجواد «عليه السلام»، كما سيتضح لنا من خلال هذا العرض الموجز..



[ صفحه 91]