بازگشت

ماذا لو فشل الشيعة؟


فلو قدر لهذه الفرقة أن تفشل في تسجيل نصر حاسم لها في هذا الظرف بالذات، الذي يري الناس فيه: أنها تتمتع بحرية الحركة و الكلمة معا، ثم يكون فشلها في أكثر القضايا حساسية، و أعظمها خطرا، و أبعدها أثرا، والتي هي المحور و الأساس لسائر القضايا، و في مختلف المجالات... فان فشلها هذا سيكون حاسما، و نهائيا. و لن تقوم لها بعد أية قائمة.. و لاسيما في هذه الفترة التي كانت فيها سائر العقائد و الفرق، تحاول اثبات وجودها، و تكريس خطها في أكبر قطاع ممكن في الأمة الاسلامية، في مختلف أرجاء العالم الاسلامي..

لأن الفرقة التي تعجز عن ذلك، فلسوف تفقد فرصة العيش و البقاء، و لسوف يكون مصيرها التلاشي، و الاندثار، أمام قوة اندفاع سائر الفرق..

و ان هذا الفشل لو أصاب الطائفة الامامية، فان من شأنه أن يضعها - شاءت أم أبت - أمام الخيارات الصعبة التالية:

1- أن يرمي بها بعيدا الي الأصقاع النائية، حيث الجهل، و الحرمان، و التخلف، و البداوة، بعيدا عن مناطق الصراع و التحدي.. كما حصل لعامة فرق الخوارج، التي كانت عامة مبادئها منافرة لأحكام العقل، و الفطرة،



[ صفحه 63]



الوجدان، فلم تستطع الثبات أمام الفكر، و المنطق، و العلم، فانحسرت الي تلك المناطق البعيدة الخاوية، و الربوع الخالية..

2- أن تعدل الكثير من أفكارها و عقائدها، و تجعلها تتوافق و تتلاءم، أو علي الأقل لا تتنافر، أو تتناقض، مع النظرة التزويرية العامة، التي ارتضاها الحكام للناس، و المحمية بحراب الارهاب، و التجويع، أو الاغراء و التطميع..

و هذا بالذات هو ما فعلته فرقة الاباضية من الخوارج، كما أوضحناه في كتابنا: «علي عليه السلام و الخوارج»..

3- أن تتحول الي عقيدة باطنية، منغلقة علي نفسها، و تعيش في ظلام الابهام و الغموض، و لا تجرؤ علي الظهور الي النور، و معالجة الصراع، علي أساس الدليل و الحجة، حتي بالنسبة لغالب من ينتمون اليها - اسميا أو وراثيا - فضلا عن معالجة الصراع و التحدي علي الصعيد الفكري العام..

و هذه الخيارات كلها تتناقض مع أساس أطروحة التشيع، و مع مبادئه.. و لا يمكن أن ترضي طائفة الشيعة بأن يمر خيال ذلك في وهمها، فضلا عن أن ترضي به كأمر واقع في حياتها..