بازگشت

المعتزلة


و بعد.. فان ما تجدر الاشارة اليه، و يتميز بأهمية خاصة هنا، هو: أن المعتزلة كانوا في تلك الفترة بالذات في مرحلة نضجهم، و تكامل مدرستهم من الناحية الفكرية..

و قد رأت السلطة آنئذ: أن من مصلحتها أن تؤيدهم، و تشد من أزرهم، و تستفيد من موقعها السلطوي، و من نفوذها، و سائر ما تملك من قدرات، مادية و معنوية، في مجال ترسيخ و تثبيت خطهم، و ضرب الفئات، الأخري بهم، و تحطيهم نفوذها، و زعزعة موقعها، بنحو، أو بآخر من خلالهم..

و خط الاعتزال هذا: يكاد يكون متطرفا الي حد كبير في اعتماده علي العقل و قبول أحكامه، و رفض كل ما لا يتوافق معه، فكانوا يقيسون النصوص الدينية علي العقل، فما أيده بشكل صريح قبلوه، و ما عداه ردوه و رفضوه، أو تصرفوا به و أولوه.

و يقصدون بالعقل هو عقولهم هذه؛ القاصرة عن الوصول الي حقائق الأمور، والتي تعتمد علي وسائل ادراك، تبقي محدودة المجالات، كما أن عقولهم هذه لا تملك أية ضمانة من أن تتعرض للقهر و الابعاد من قبل سلطان الهوي، و نوازع الشهوة، و داعي الغريزة، و طغيان العاطفة، و ما الي ذلك..