بازگشت

موقع الحكام في هذا الصراع


و لأجل ذلك: فان من الطبيعي أن لا يكون الحكام آنئذ بمنأي عن ساحة الصراع الفكري، و العقائدي هذه، بل كانوا يرصدونها بدقة فائقة،



[ صفحه 57]



و مهارة فريدة، لأنها كانت تعنيهم أكثر من كل أحد..

و كانوا يرون: أن عليهم أن يهتموا بالأمر اهتمامهم بمستقبلهم، و بحياتهم، و وجودهم، و بمصيرهم.. و يعملون - علنا تارة، و في الخفاء أخري - علي تقوية ذلك الفريق الذي يجدون: أن التعامل معه لا يواجه بأية صعوبات، أو مشكلات تذكر.. فكيف اذا كانوا يرون أن في هذا التعامل ضمانة حقيقية و أكيدة لمستقبلهم بجميع آفاقه و حالاته و تقلباته..

الا أن بعض هؤلاء الحكام - و في طليعتهم المأمون العباسي، الذي كان أعظم الخلفاء العباسيين دهاء و حنكة، و أكثرهم علما، و أبعدهم، نظرا، و أعلمهم بالسياسة و أحابيلها [1] - قد رأوا: أن الظهور بمظهر المشجع و المناصر للفكر و للعلم، و الحامي و المدافع عن حرية الكلمة، و عن قدسيتها، أمر يخدم قضيتهم و وجودهم في الحكم بصورة عامة - و ذلك لأسباب مختلفة، لا مجال لبحثها الآن - مهما كان هذا الستار الزائف يخفي وراءه الكثير من الخداع، و التضليل،ثم التزييف الماكر لكثير من الحقائق، التي لا توافق سياساتهم، و لا تخدم مصالحهم [2] .



[ صفحه 58]




پاورقي

[1] راجع كتابنا: الحياء السياسية للامام الرضا عليه السلام. فصل: من هو المأمون.

[2] راجع: المصدر السابق ص 408 - 405 ففيه بعض ما يرتبط بهذا المقام. و الذي يثير الالتفات هو تناقضهم في مواقفهم، ففي نفس الوقت الذي يتظاهرون فيه بتشجيع العلم و الفكر فانهم يفرقون تلامذة الرضا، و يمنعون ابن عباس من التفسير و الكلام.