بازگشت

الثورة قبل أوانها خسارة ولو نجحت


لقد ذكرنا في بحث لنا حول: «نقش الخواتيم لدي الأئمة عليهم السلام» ما لعله يفيد في الاجابة علي السؤال الآنف الذكر..

فقد ذكرنا هناك: أنه و ان تمكن الأئمة «عليهم السلام»، من تربية العديد من العلماء، و تخريج الكثيرين من جهابذة العلم، و أفذاذ الرجال.. و هذا الأمر، و ان كان ينعكس علي كافة القطاعات في الساحة الاسلامية،



[ صفحه 20]



و كان له أثر لا ينكر في التكوين الفكري، و العاطفي في الناس عموما..

ولكن هذا الأثر لم يتعد بعده العاطفي، و الفكري الجاف، و لم يصل الي درجة أن يصبح هو التكوين العقائدي الراسخ، الذي من شأنه أن يجعل الفكر الحي، يتفاعل مع العاطفة الصادقة، ليكون وجدانا حيا، من شأنه أن يتحول بصورة عفوية و طبيعية الي موقف رسالي علي صعيدا الحركة و العمل.

و علي هذا.. فلم يكن يمكن الاعتماد علي هذا الوعي، و لا علي تلك العاطفة في القيام بحركة تغييرية جذرية و حاسمة، و لاسيما بملاحظة ما كان يهيمن علي الناس عموما من ميل قوي للراحة و للحياة المادية، و من استسلام لحياة الترف و اللذة، والتي تستتبع الضعف و الركود، و الخوف من الاقدام علي أي حركة تغييرية تستهدف التغيير فيما ألفوه واعتادوه..

و لو فرض: أنهم في غمرة هيجانهم العاطفي قد نجحوا في حسم الموقف لصالح الاتجاه الآخر، فان رصيدا كهذا، فكريا و عاطفيا و حسب، أي من دون بعد عقيدي، و فناء وجداني، و أصالة في الضمير، لن يكون قادرا علي حماية استمرار الحركة، و سلامة صفائها، و لا علي تحمل مسؤولياتها التغييرية التي سوف تستهدف جزءا كبيرا من واقعهم و أنفسهم.

بل سوف ترتد هذه الحركة علي نفسها لتأكل أبناءها، و تنقض مبادئها، و تستأصل نبضات الحياة فيها.. و ذلك لأن العاطفة سيخبو وهجها، مادام لم يعد ثمة ما يثيرها و يؤججها.. و سيصبح الفكر ركاما جافا و خامدا، حينما تهب عليه رياح المصالح و الأهواء و الشهوات؛ لتجعل منه - من ثم - هشيما تذروه الرياح، ان لم يمكن استخدامه وقودا لها، يعمل علي استصلاحها،



[ صفحه 21]



و توجيهها، و يهي ء لها الفرصة للاستفادة منه علي النحو الأكمل و الأمثل.