بازگشت

علمه في مواضيع شتي


و في الحقيقة أن علم الامام الجواد عليه السلام لم يقتصر علي المسائل الفقهية و حسب، بل انه عليه السلام عالم و محيط بمختلف العلوم الشرعية و الطبيعية، بل و بكل ما يسأل عنه علي الاطلاق، و هذا من لوازم الامامة و العصمة.

فقد كتب السيد عبدالعظيم الحسني الي أبي جعفر يسأله عن الغائط ونتنه، فقال عليه السلام: «ان الله خلق آدم فكان جسده طينا و بقي أربعين سنة ملقي تمر به الملائكة تقول: لأمر ما خلقت؟ و كان ابليس يدخل في فيه و يخرج من دبره فلذاك صار ما في جوف ابن آدم منتنا خبيثا غير طيب».

و يقال: اذا بال الانسان أو تغوط يردد النظر اليهما؛ لأن آدم عليه السلام لما هبط من الجنة لم يكن له عهد بهما، فلما تناول الشجرة المنهية أخذه ذلك فجعل ينظر الي شي ء يخرج منه فبقي ذلك في أولاده؛ لأنه تغذي في الجنة، و بال و تغوط في الدنيا» [1] .

و في مستدرك الوسائل عن كتاب طب الأئمة عليهم السلام، عن أحمد بن ابراهيم ابن رياح، قال: حدثنا الصباح بن محارب، قال: كنت عند أبي جعفر بن الرضا عليهماالسلام فذكر أن شبيب بن جابر ضربته الريح الخبيثة [2] فمالت بوجهه و عينه.



[ صفحه 343]



فقال عليه السلام: «يؤخذ له: القرنفل - خمسة مثاقيل - فيصير في قنينة يابسة، و يضم رأسها ضما شديدا، ثم تطين و توضع في الشمس قدر يوم في الصيف، و في الشتاء قدر يومين، ثم يخرجه فيسحقه سحقا ناعما، ثم يديفه بماء المطر حتي يصير بمنزلة الخلوق [3] ، ثم يستلقي علي قفاه، و يطلي ذاك القرنفل المسحوق علي الشق المائل، و لا يزال مستلقيا حتي يجف القرنفل، فاذا جف دفع الله عنه، و عاد الي أحسن عادته باذن الله».

قال: فابتدر اليه أصحابنا فبشروه بذلك، فعالجه بما أمره به فعاد الي أحسن ما كان، بعون الله تعالي [4] .

و جاء في الكافي بسنده عن علي بن مهزيار قال: ان جارية لنا أصابها الحيض، و كان لا ينقطع عنها، حتي أشرفت علي الموت.

فأمر أبوجعفر عليه السلام أن تسقي سويق العدس [5] ، فسقيت، فانقطع عنها و عوفيت [6] .

و فيه أيضا بسنده عن علي بن مهزيار أيضا، قال: تغديت مع أبي جعفر عليه السلام فاتي بقطاة، فقال: «انه مبارك، و كان أبي عليه السلام يعجبه، و كان يأمر أن يطعم صاحب اليرقان يشوي له، فانه ينفعه» [7] .

و في مستدركات الوسائل للنوري أورد عن طب الأئمة، عن ابراهيم بن



[ صفحه 344]



محمد بن ابراهيم قال: حدثنا الفضل بن ميمون الأزدي عن أبي جعفر بن علي بن موسي الرضا عليه السلام، قال: قلت: يابن رسول الله اني أجد من هذه الشوصة [8] وجعا شديدا.

قال عليه السلام: «خذ حبة واحدة من دواء الرضا عليه السلام مع شي ء من زعفران، و اطل به حول الشوصة».

قلت: و ما دواء أبيك؟

قال: «الدواء الجامع، و هو معروف عند فلان و فلان».

فذهبت الي أحدهما، و أخذت منه حبة واحدة، فلطخت بها حول الشوصة مع ما ذكر عليه السلام من ماء الزعفران، فعوفيت منها [9] .

أخيرا لنا كلمة هي أن أئمة الهدي عليهم السلام قد أحكموا قواعد الدين، و أرسوا دعائم العقيدة الحقة، و فصلوا الأصول الأولي للشريعة وفقهها، و أشادوا.. و أبانوا.. و تركوا لنا تراثا ضخما استوعب مختلف جوانب الحياة، و سدوا بحصيلة علومهم فراغا - فكريا و روحيا و أخلاقيا و أدبيا - كبيرا في حياتنا العملية، فذاك نهج البلاغة - الكتاب الخالد الذي سما علي كلام المخلوقين، و هو دون كلام الخالق - معجزة كلام البشر. و تلك الصحيفة السجادية، و الأخري الصادقية، و هذه مسانيد الأئمة عليهم السلام و كلها كاشفة عن جلية الحال.

فكان ذلك التراث حصيلة دمائهم الزكية التي أهريقت علي مذبح العقيدة.. و أرواحهم المقدسة التي بذلت رخيصة من أجل رفعة الدين، و حفظ الرسالة الخالدة من أن تطالها الأيدي الآثمة بالتحريف و التشويه.



[ صفحه 347]




پاورقي

[1] مناقب آل أبي طالب: 4 / 384.

[2] الريح الخبيثة: داء يصيب الوجه يعوج منه الشدق الي أحد جانبي العنق، يقال له: اللقوة. و يسمي بلهجة أهل العراق الدارجة (الشرجي).

[3] الخلوق: نوع من الطيب أعظم أجزائه الزعفران.

[4] مستدرك الوسائل: 16 / 446 ح 20505.

[5] السويق غالبا شراب أو طعام يتخذ من دقيق الحنطة أو الشعير أو غيرهما يصنع بطريقة خاصة.

[6] الفروع من الكافي: 6 / 307.

[7] الفروع من الكافي: 6 / 312.

[8] الشوصة: ألم في بطن الانسان أو تحت ضلوعه بسبب ريح تنعقد، فتسبب له آلاما شديدة.

[9] مستدرك الوسائل: 16 / 463 ح 20552.