بازگشت

نص الرواية


و أما المتن، فقد جمعنا بين رواية صاحب الخرائج و السيد ابن طاووس في مهج الدعوات و هي:

قالت حكيمة: أتيت زوجته أم الفضل (أم عيسي) بنت المأمون فعزيتها و وجدتها شديد الحزن و الجزع عليه، تقتل نفسها بالبكاء و العويل، فخفت عليها أن تتصدع مرارتها.

فبينما نحن في حديثه و كرمه، و وصف خلقه، و ما أعطاه الله تعالي من الشرف و الاخلاص، و منحه من العز و الكرامة، و ما أعطاه من العلم و الحكمة، اذ قالت امرأته أم الفضل: يا حكيمة ألا أخبرك عن أبي جعفر بن الرضا عليه السلام بشي ء



[ صفحه 198]



عجيب، و أمر جليل، فوق الوصف و المقدار؟ أعجوبة لم يسمع أحد بمثلها.

قلت: و ما ذاك؟

قالت: كنت أغار عليه كثيرا، و أراقبه أبدا، و كان ربما أغارني مرة بجارية، و مرة بتزويج، و ربما يسمعني الكلام، فكنت أشكو ذلك الي أبي، فيقول: يا بنية احتمليه فانه ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

فبينما أنا جالسة ذات يوم (ليلة) اذ دخلت علي جارية كأنها قضيب بان أو غصن خيزران فسلمت علي، فقلت: من أنت؟ فقالت: أنا جارية من ولد عمار بن ياسر، و أنا زوجة أبي جعفر.

قلت: من أبوجعفر؟

قالت: محمد بن الرضا عليه السلام زوجك.

قالت: فدخلني من الغيرة ما لا أقدر علي احتمال ذلك، و هممت أن أخرج و أسيح في البلاد، و كاد الشيطان يحملني علي الاساءة اليها. فكظمت غيظي، و أحسنت رفدها و كسوتها.

فلما خرجت من عندي المرأة، نهضت و دخلت علي أبي (المأمون) و قد كان ثملا من الشراب لا يعقل، و قد مضي من الليل ساعات، فأخبرته بحالي، و قلت له: انه يشتمني و يشتمك، و يشتم العباس و ولده، و قلت ما لم يكن، فغاظه ذلك مني جدا، و لم يملك نفسه من السكر، و قام مسرعا فضرب بيده الي سيفه (فقال: يا غلام علي بالسيف، فأتي به) فركب، و حلف أنه يقطعه بهذا السيف ما بقي في يده، فلما رأيت ذلك ندمت، و قلت في نفسي: انا لله و انا اليه راجعون، ما صنعت بنفسي و بزوجي، و جعلت ألطم حر وجهي، فعدوت خلفه لأنظر ما يصنع.

فدخل عليه والدي و هو نائم، فوضع السيف فيه، و ما زال يضربه حتي قطعه قطعة قطعة، ثم وضع السيف علي حلقه فذبحه، و أنا أنظر اليه و ياسر الخادم،



[ صفحه 199]



ثم خرج من عنده و هو يزبد مثل الجمل. قالت: فلما رأيت ذلك هربت علي وجهي، حتي رجعت الي منزل أبي، فبت بليلة لم أنم فيها الي أن أصبحت.

قالت: فلما أصبحت، دخلت اليه و هو يصلي - و قد أفاق من السكر - (فلما ارتفع النهار أتيت أبي) فقلت له: يا أميرالمؤمنين هل تعلم ما صنعت البارحة؟ قال: لا والله فما الذي صنعت ويلك؟ قلت: فانك صرت الي ابن الرضا و هو نائم فقطعته اربا اربا، و ذبحته بسيفك و خرجت من عنده. فبرق عينه و غشي عليه، ثم أفاق بعد حين، و قال: ويلك ما تقولين؟! قلت: نعم والله يا أبت، دخلت عليه و لم تزل تضربه بالسيف حتي قتلته، فاضطرب من ذلك اضطرابا شديدا، و قال: علي بياسر الخادم، فجاء ياسر، فنظر اليه المأمون، و قال: ويلك! ما هذا الذي تقوله هذه الملعونة؟ قال: صدقت يا أميرالمؤمنين، فضرب بيده الي صدره و خده، و قال: انا لله و انا اليه راجعون هلكنا والله و عطبنا، و افتضحنا الي آخر الأبد. ويلك يا ياسر! بادر اليه فانظر ما الخبر و القصة عنه؟ و عجل علي بالخبر، فان نفسي تكاد أن تخرج الساعة.

فخرج ياسر، و أنا ألطم حر وجهي، فما كان بأسرع من أن رجع، فقال: يا أميرالمؤمنين البشري! قال: لك البشري، فما عندك؟ قال ياسر: دخلت عليه فاذا هو جالس و عليه قميص و دواج [1] ، و هو يستاك، فسلمت عليه، فبقيت متحيرا في أمره، ثم أردت أن أنظر الي بدنه، هل فيه شي ء من الأثر؟ فقلت: يابن رسول الله، أحب أن تهب لي هذا القميص الذي عليك لأتبرك به و أصلي فيه. فنظر الي و تبسم كأنه علم ما أردت بذلك، فقال: «أكسوك كسوة فاخرة»، فقلت: لست أريد غير هذا القميص الذي عليك، فخلعه و كشف بدنه كله، فوالله كأنه العاج الذي مسه صفرة، ما به أثر.



[ صفحه 200]



فبكي المأمون طويلا، و خر ساجدا، و قال: ما بقي مع هذا شي ء ان هذا لعبرة للأولين و الآخرين، الحمد لله الذي لم يبتلني بدمه، و وهب لياسر ألف دينار. و قال: يا ياسر، كلما كان من مجي ء هذه الملعونة الي، و بكائها بين يدي، و ركوبي اليه، و أخذي السيف، و دخولي عليه فاني ذاكر له. و أما مصيري اليه، و خروجي عنه فلا أذكر شيئا غيره، و لا أذكر أيضا انصرافي الي مجلسي، فكيف كان أمري و ذهابي اليه؟ فقال ياسر: والله ما زلت تضربه بالسيف و أنا و هذه ننظر اليك و اليه حتي قطعته قطعة قطعة، ثم وضعت سيفك علي حلقه فذبحته، و أنت تزبد كما يزبد البعير.

قال (لي: والله لئن عدت بعدها في شي ء مما جري لأقتلنك) لعنة الله علي هذه الابنة لعنا وبيلا، تقدم ]يا ياسر[ اليها، و قل لها: يقول لك أبوك: والله لئن جئتني بعد هذا اليوم، و شكوت منه أو خرجت بغير اذنه لأنتقمن له منك، ثم سر الي ابن الرضا و أبلغه عني السلام، و احمل اليه عشرة آلاف (عشرين ألف) [2] دينار، و قدم اليه الشهري [3] الذي ركبته البارحة، وابعث الي الهاشميين و الأشراف و القواد ليركبوا معه الي عندي، و يبدأوا بالدخول اليه، و التسليم عليه.

قال ياسر: فأمرت لهم بذلك، و دخلت أنا أيضا معهم، و سلمت عليه، و أبغلت التسليم، و وضعت المال بين يديه، و عرضت الشهري عليه، فنظر اليه ساعة، ثم تبسم فقال: «يا ياسر هكذا كان العهد بينه و بين أبي، و بيني و بينه حتي يهجم علي بالسيف؟! أما علم أن لي ناصرا و حاجزا يحجز بيني و بينه؟».

(فقال ياسر: ما شعر والله، فدع عنه عتابك، فانه لن يسكر أبدا.



[ صفحه 201]



ثم ركب حتي أتي الي والدي فرحب به والدي و ضمه الي نفسه، و قال: أن كنت وجدت علي فاعف عني واصفح، فقال: «ما وجدت شيئا، و ما كان الا خيرا»، فقال المأمون: لأتقربن اليه بخراج الشرق و الغرب، و لأهلكن أعداءه كفارة لما صدر مني. ثم أذن للناس و دعا بالمائدة). [4] .

فقلت يا سيدي يابن رسول الله، دع عنك هذا العتاب، فوالله و حق جدك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ما كان يعقل شيئا من أمره، و ما علم أين هو من أرض الله، و قد نذر لله نذرا صادقا، و حلف أن لا يسكر بعد ذلك أبدا، فان ذلك من حبائل الشيطان، فاذا أنت يابن رسول الله أتيته فلا تذكر له شيئا و لا تعاتبه علي ما كان منه.

فقال عليه السلام: «هكذا كان عزمي و رأيي والله».

فأذن ]الامام[ للأشراف كلهم بالدخول ]عليه[ الا عبدالله و حمزة ابني الحسن، لأنهما كانا وقعا فيه عند المأمون، و سعيا به مرة بعد أخري. ثم دعا بثيابه و لبس، و قام فركب، و قام معه الناس أجمعون حتي دخل علي المأمون، فلما رآه قام اليه فتلقاه، و قبل ما بين عينيه، و ضمه الي صدره، و رحب به، و أقعده علي المقعد في الصدر، و أمر أن يجلس الناس ناحية، و لم يأذن لأحد في الدخول عليه، فجعل يعتذر اليه، و لم يزل يحدثه و يسامره، فلما انقضي ذلك، قال له أبوجعفر عليه السلام:«يا أميرالمؤمنين»، قال: لبيك و سعديك، قال: «لك عندي نصيحة فاقبلها (فاسمعها مني)»، قال: بالحمد و الشكر، فما ذاك يابن رسول الله؟ قال: «أشير عليك بترك الشراب المسكر»، قال: فداك ابن عمك، قد قبلت نصيحتك. [5] .



[ صفحه 202]



و قال: «أحب أن لا تخرج بالليل، فاني لا آمن عليك هذا الخلق المنكوس، و عندي عقد تحصن به نفسك و تحترز به عن الشرور و البلايا و المكاره، و الآفات و العاهات، كما أنقذني الله منك البارحة، و لو لقيت به جيوش الروم و الترك، و اجتمع عليك و علي غلبتك أهل الأرض جميعا ما تهيأ لهم منك شي ء باذن الله الجبار، و ان أحببت بعثت به اليك لتحترز به من جميع ما ذكرت لك»، قال: نعم، فاكتب ذلك بخطك و ابعثه الي، قال عليه السلام: «نعم».

قال ياسر: فلما أصبح أبوجعفر عليه السلام بعث الي فدعاني، فلما سرت اليه و جلست بين يديه، دعا برق ظبي من ظبي تهامة ثم كتب بخطه هذا العقد [6] ، ثم قال: «يا ياسر احمل هذا الي أمير المؤمنين، و قل حتي يصاغ له قصبة من فضة منقوش عليه ما أذكره بعد، فاذا أراد شده علي عضده فليشده علي عضده الأيمن، و ليتوضأ وضوءا حسنا سابغا و ليصل أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب، و سبع مرات آية الكرسي، و سبع مرات شهد الله، و سبع مرات و الشمس و ضحاها، و سبع مرات و الليل اذا يغشي، و سبع مرات قل هو الله أحد.

فاذا فرع منها فليشده علي عضده الأيمن، عند الشدائد و النوائب بحول الله و قوته و كل شي ء يخافه و يحذره، و ينبغي أن لا يكون طلوع القمر في برج العقرب و لو أنه غزا أهل الروم و ملكهم لغلبهم باذن الله و بركة هذا الحرز». [7] .

نقل علي بن عيسي الاربلي [8] هذه القصة برواية صاحب الخرائج، و قال: و هذه القصة عندي فيها نظر، و أظنها موضوعة، فان أباجعفر عليه السلام انما كان يتزوج



[ صفحه 203]



و يتسري حيث كان بالمدينة، و لم يكن المأمون بالمدينة فتشكو اليه ابنته.

فان قلت: انه جاء حاجا.

قلت: لم يكن ليشرب في تلك الحال؛ و أبوجعفر عليه السلام مات ببغداد و زوجته معه فأخته أين رأتها بعد موته؟ و كيف اجتمعتا و تلك بالمدينة و هذه ببغداد؟ و تلك الامرأة التي من ولد عمار بن ياسر رضي الله عنه في المدينة تزوجها، فكيف رأتها أم الفضل، فقامت من فورها و شكت الي أبيها؟ كل هذا يجب أن ينظر فيه، والله أعلم.

و نقل المجلسي [9] (عليه الرحمة) نص اشكال الاربلي هذا علي الرواية، و رد عليه بقوله: كل ما ذكره من المقدمات التي بني عليها رد الخبر في محل المنع، و لا يمكن رد الخبر المشهور المتكرر في جميع الكتب بمحض هذا الاستبعاد.

أقول:

أولا: ان اعتبار اشتهار الخبر و تكرره في الكتب، لا يشكل دليلا علي القطع و التسليم به، و لا يقف أمام رده اذا أعل ذلك الخبر متنا أو اسنادا، فرب مشهور لا أصل له.

و ثانيا: ان الاربلي رحمه الله لم يرد الخبر علي أنه معجزة لا يمكن تصديقها بهذا الشكل، فهو ظن فيه الوضع لما بينه من استبعاد اجتماع اخت الامام الجواد عليه السلام بأم الفضل ابنة المأمون، خاصة و أنها ألحقت مع نساء عمها المعتصم في قصره من يومها.

ثم مع علم أهل بيته عليه السلام بما دبره العباسيون من مكيدة لقتل الامام، ما الداعي لهذا الخوف من حكيمة ابنته أو اخته عليه السلام علي ابنة المأمون من أن تتصدع



[ صفحه 204]



مرارتها و هي المباشرة بقتل الامام؟ أما كانوا يعلمون ذلك؟!!

و ثالثا: مع التسليم بحضور حكيمة أخت الامام الجواد عليه السلام معه الي بغداد، ثم لقائها أم الفضل بعد وفاة أخيها، و سماعها القصة ثم روايتها، لكن يبقي لقاء أم الفضل مع زوجته الثانية التي من آل عمار بن ياسر ببغداد في محل تأمل.

بل، ان الرواية الأخري التي ذكرت أن حكيمة بنت الامام الجواد عليه السلام هي التي لقيت أم الفضل و سمعت منها القصة، فذلك أمر مستبعد غاية البعد؛ لأن حكيمة - حتي علي فرض قدومها مع أبيها الي بغداد - كانت يومذاك في سن دون العاشرة أو حواليها، فتأمل.

هذا كله في جانب، و من جانب آخر أن تعدد السامعين - في الروايات - من أم الفضل يعضد رأي الاربلي. و نحن نأخذ برواية عيون المعجزات علي اعتبار أن راوي القصة حكيمة بنت أبي الحسن القرشي التي كانت من الصالحات، و لعلها تكون حكيمة بنت الامام موسي بن جعفر عليه السلام أو بنت الامام الرضا عليه السلام و نسبت هكذا تقية، و نستقرب ذلك. و أبونصر الهمداني لعله هو محمد بن ابراهيم الجعفري، اذ ان هذا يروي نفس الخبر و قد نقله في البحار: 50 / 69 ح 47. و قد يكون آخر و لم أقف عليه.

هذا اذا لم يكن قبولنا لرواية حكيمة القرشية، و ترك بقية الروايات مخلا في أصل ثبوت الخبر، و عدم تساقطه نتيجة لذلك.

و من كرامات الامام أن تطوي له الأرض، فيقطع المسافات الطويلة في لمح البصر أو في أقل من ذلك أو أكثر، فقد روي عن معمر بن خلاد عن أبي جعفر - أو عن رجل عن أبي جعفر الشك من أبي علي - قال: قال أبوجعفر: «يا معمر اركب»، قلت: الي أين؟ قال: «اركب كما يقال لك»، قال: فركبت فانتهيت الي



[ صفحه 205]



واد أو الي وهدة [10] - الشك من أبي علي - فقال لي: «قف هاهنا»، قال: فوقفت فأتاني فقلت له: جعلت فداك أين كنت؟ قال: «دفنت أبي الساعة و كان بخراسان» [11] .

و حدث أبوعبدالله محمد بن سعيد النيسابوري - متوجها الي الحج - عن أبي الصلت الهروي - و كان خادما للرضا عليه السلام - قال: أصبح الرضا عليه السلام يوما فقال لي: «ادخل هذه القبة التي فيها هارون فجئني بقبضة تراب من عند بابها، و قبضة من يمنتها، و قبضة من يسرتها، و قبضة من صدرها، وليكن كل تراب منها علي حدته».

فصرت اليها فأتيته بذلك، و جعلته بين يديه علي منديل، فضرب بيده الي تربة الباب فقال: «هذا من عند الباب؟» فقلت: نعم، قال: «غدا تحفر لي في هذا الموضع فتخرج صخرة لا حيلة فيها»، ثم قذف به، و أخذ تراب اليمنة، و قال: «هذا من يمنتها؟» قلت: نعم، قال: «ثم تحفر لي في هذا الموضع فتخرج نبكة [12] لا حيلة فيها»، ثم قذف به و أخذ تراب اليسرة، و قال: «ثم تحفر لي في هذا الموضع، فتخرج نبكة مثل الاولي»، و قذف به.

و أخذ تراب الصدر فقال: «هذا تراب من الصدر ثم تحفر لي في هذا الموضع فيستمر الحفر الي أن يتم، فاذا فرغت من الحفر فضع يدك علي أسفل القبر، و تكلم بهذه الكلمات فانه سينبع الماء حتي يمتلي ء القبر فتظهر فيه سميكات صغار، فاذا رأيتها ففتت لها كسرة ]من الخبز[، فاذا أكلتها خرجت حوتة كبيرة فابتلعت تلك السميكات كلها ثم تغيب، فاذا غابت ضع يدك علي الماء، و أعد



[ صفحه 206]



تلك الكلمات فان الماء ينضب كله، و سل المأمون عني أن يحضر وقت الحفر، فانه سيفعل ليشاهد هذا كله».

ثم قال عليه السلام: «الساعة يجي ء رسوله فاتبعني فان قمت من عنده مكشوف الرأس فكلمني بما تشاء، و ان قمت من عنده مغطي الرأس فلا تكلمني بشي ء». قال: فوافاه رسول المأمون، فلبس الرضا عليه السلام ثيابه و خرج و تبعته، فلما دخل علي المأمون وثب اليه فقبل بين عينيه و أجلسه معه علي مقعده و بين يديه طبق صغير، فيه عنب، فأخذ عنقودا قد أكل منه نصفه و نصفه باق - و قد شر به بالسم - و قال للرضا عليه السلام: حمل الي هذا العنقود، و تنغصت به أن لا تأكل منه، فأسألك أن تأكل منه، قال: «اعفني من ذلك»، قال: لا والله فانك تسرني اذا أكلت منه.

قال: فاستعفاه ذلك ثلاث مرات، و هو يسأله بمحمد و علي أن يأكل منه، فأخذ منه ثلاث حبات و غطي رأسه و نهض من عنده.

فتبعته و لم أكلمه بشي ء حتي دخل منزله فأشار لي أن أغلق الباب فغلقته و صار الي مقعد له فنام عليه، و صرت أنا في وسط الدار فاذا غلام عليه وفرة ظننته ابن الرضا عليه السلام و لم أكن قد رأيته قبل ذلك، فقلت، يا سيدي الباب مغلق فمن أين دخلت؟ قال: «لا تسأل عما لا تحتاج اليه»، و قصد الي الرضا عليه السلام.

فلما بصر به الرضا عليه السلام وثب اليه و ضمه الي صدره، و جلسا جميعا علي المقعد و مد الرضا عليه السلام الرداء عليهما، فتناجيا جميعا بما لم أعلمه ثم امتد الرضا عليه السلام علي المقعد و غطاه محمد بالرداء و صار الي وسط الدار، و قال: «يا أباالصلت» فقلت: لبيك يابن رسول الله، فقال: «عظم الله أجرك في الرضا فقد مضي»، فبكيت، قال: «لا تبك هات المغتسل و الماء لنأخذ في جهازه».

فقلت: يا مولاي الماء حاضر، و لكن ليس في الدار مغتسل الا أن يحضر من خارج الدار، قال: «بل هو في الخزانة»، فدخلتها فوجدتها و فيها مغتسل و لم



[ صفحه 207]



أره قبل ذلك، فأتيته به و بالماء، قال: «تعال حتي نحمل الرضا عليه السلام»، فحملناه علي المغتسل ثم قال: «اعزب عني»، فغسله و هو وحده ثم قال: «هات أكفانه و الحنوط»، قلت: لم نعد له كفنا، قال: «ذلك في الخزانة»، فدخلتها فرأيت في وسطها أكفانا و حنوطا لم أره قبل ذلك، فأتيته به فكفنه و حنطه.

ثم قال لي: «هات التابوت من الخزانة»، فاستحييت منه أن أقول ما عندنا تابوت، فدخلت الخزانة فوجدت بها تابوتا لم أره قبل ذلك، فأتيته به فجعله فيه، فقال: «تعال حتي نصلي عليه»، و صلي به و غربت الشمس، و كان وقت صلاة المغرب، فصلي بي المغرب و العشاء، و جلسنا نتحدث فانفتح السقف و رفع التابوت.

فقلت: يا مولاي ليطالبني المأمون به فما تكون حيلتي؟ فقال: «لا عليك سيعود الي موضعه، فما من نبي يموت في مغرب الأرض و لا يموت وصي من أوصيائه في مشرقها الا جمع الله بينهما قبل أن يدفن»، فلما مضي من الليل نصفه أو أكثر اذا التابوت رجع من السقف حتي استقر مكانه.

فلما صلينا الفجر قال: «افتح باب الدار فان هذا الطاغي يجيئك الساعة فعرفه أن الرضا عليه السلام قد فرغ من جهازه»، قال: فمضيت نحو الباب فالتفت فلم أره يدخل من باب و لم يخرج من باب فاذا المأمون قد وافي، فلما رآني قال: ما فعل الرضا؟ قلت: عظم الله أجرك، فنزل و خرق ثيابه، و سفي التراب علي رأسه، و بكي طويلا ثم قال: خذوا في جهازه فقلت: قد فرغ منه، قال: و من فعل به ذلك؟ قلت غلام وافاه لم أعرفه الا أني ظننته ابن الرضا عليه السلام.

قال: فاحفروا له في القبة، قلت: فانه سألك أن تحضر موضع دفنه، قال: نعم، فأحضروا كرسيا و جلس عليه و أمر أن يحفروا له عند الباب فخرجت الصخرة، فأمر بالحفر في يمنة القبة، فخرجت النبكة ثم أمر بذلك في يسرتها



[ صفحه 208]



فبرزت النبكة الأخري، و أمر بالحفر في الصدر فاستمر الحفر.

فلما فرغت منه وضعت يدي الي أسفل القبر و تكلمت بالكلمات، فنبع الماء و ظهرت السميكات، ففتت لها كسرة ]من الخبز[ فأكلت ثم ظهرت السمكة الكبيرة فابتلعتها كلها و غابت، فوضعت يدي علي الماء و أعدت الكلمات فنضب الماء كله، و انتزعت الكلمات من صدري من ساعتي فلم أذكر منها حرفا واحدا.

فقال المأمون: يا أباالصلت الرضا عليه السلام أمرك بهذا؟ قلت: نعم، قال: ما زال الرضا عليه السلام يرينا العجائب في حياته ثم أراناها بعد وفاته.

فقال لوزيره: ما هذا؟ قال: ألهمت أنه ضرب لكم مثلا بأنكم تمتعون في الدنيا قليلا مثل هذه السميكات ثم يخرج واحد منهم فيهلككم.

فلما دفن عليه السلام قال لي المأمون: علمني الكلمات، قلت: قد والله انتزعت من قلبي فما أذكر منها كلمة واحدة ]أو[ حرفا، و [13] بالله لقد صدقته فلم يصدقني، و توعدني القتل ان لم أعلمه اياها، و أمر بي الي الحبس، فكان في كل يوم يدعوني الي القتل أو أعلمه ذلك، فأحلف له مرة بعد أخري كذلك سنة.

فضاق صدري فقمت ليلة جمعة فاغتسلت وأحييتها راكعا و ساجدا و باكيا و متضرعا الي الله في خلاصي فلما صليت الفجر اذا أبوجعفر بن الرضا عليهماالسلام قد دخل الي و قال: «يا أباالصلت قد ضاق صدرك؟» قلت: اي والله يا مولاي قال: «أما لو فعلت قبل هذا ما فعلته الليلة لكان الله قد خلصك كما يخلصك الساعة».

ثم قال: «قم»! قلت: الي أين و الحراس علي باب السجن، و المشاعل بين أيديهم؟! قال: «قم، فانهم لا يرونك و لا تلتقي معهم بعد يومك»، فأخذ بيدي



[ صفحه 209]



و أخرجني من بينهم و هم قعود يتحدثون و المشاعل بينهم فلم يرونا، فلما صرنا خارج السجن قال: «أي البلاد تريد؟» قلت: منزلي بهراة، قال: «أرخ رداءك علي وجهك»، و أخذ بيدي فظننت أنه حولني عن يمنته الي يسرته، ثم قال لي: «اكشف»، فكشفته فلم أره فاذا أنا علي باب منزلي فدخلته فلم ألتق مع المأمون و لا مع أحد من أصحابه الي هذه الغاية [14] .

و في دلائل الامامة لأبي جعفر الطبري روي فقال: و حدثنا أبوعمر هلال ابن العلاء الرقي، قال: حدثنا هشام بن محمد قال: قال محمد بن العلاء: رأيت محمد بن علي يحج بلا راحلة و لا زاد من ليلته و يرجع، و كان لي أخ بمكة لي عنده خاتم، فقلت له: تأخذ لي منه علامة فرجع من ليلته و معه الخاتم.

و فيه أيضا، قال أبوجعفر: حدثنا أبوعمر هلال بن العلاء الرقي، قال: حدثنا أبوالنصر أحمد بن سعيد، قال: قال لي منخل بن علي: لقيت محمد بن علي بسر من رأي فسألته النفقة الي بيت المقدس فأعطاني مئة دينار، ثم قال لي: «غمض عينيك»، فغمضتهما. ثم قال: «افتح»، فاذا أنا ببيت المقدس تحت القبة فتحيرت في ذلك.

و قال الشيخ المفيد: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن أحمد بن ادريس، عن محمد بن حسان، عن علي بن خالد قال: كنت بالعسكر [15] فبلغني أن هناك رجلا محبوسا أتي به من ناحية الشام مكبولا، و قالوا: انه تنبأ. فأتيت الباب و داريت البوابين حتي وصلت اليه، فاذا رجل له فهم و عقل، فقلت له: يا هذا ما قصتك؟



[ صفحه 210]



فقال: اني كنت رجلا بالشام أعبد الله في الموضع الذي يقال: انه نصب فيه رأس الحسين عليه السلام، فبينا أنا ذات ليلة في موضعي مقبل علي المحراب أذكر الله تعالي، اذ رأيت شخصا بين يدي، فنظرت اليه فقال لي: «قم»، فقمت معه فمشي بي قليلا فاذا أنا في مسجد الكوفة، قال: فصلي فصليت معه ثم انصرف و انصرفت معه، فمشي قليلا فاذا نحن بمسجد الرسول عليه السلام فسلم علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و صلي و صليت معه، ثم خرج و خرجت فمشي قليلا فاذا أنا بمكة، فطاف بالبيت وطفت معه، ثم خرج فمشي قليلا فاذا أنا بموضعي الذي كنت أعبد الله تعالي فيه بالشام، و غاب الشخص عن عيني، فبقيت متعجبا حولا مما رأيت.

فلما كان في العام المقبل رأيت ذلك الشخص فاستبشرت به، و دعاني فأجبته، ففعل كما فعل في العام الماضي، فلما أراد مفارقتي بالشام قلت له: سألتك بحق الذي أقدرك علي ما رأيت منك الا أخبرتني من أنت؟ فقال: «أنا محمد بن علي بن موسي بن جعفر».

فحدثت من كان يصير الي بخبره، فرقي ذلك الي محمد بن عبدالملك الزيات، فبعث الي فأخذني و كبلني في الحديد و حملني الي العراق و حبست كما تري، و ادعي علي المحال.

فقلت له: فأرفع عنك قصة الي محمد بن عبدالملك الزيات.

فقال: افعل.

فكتبت عنه قصة شرحت أمره فيها و رفعتها الي محمد بن عبدالملك الزيات، فوقع في ظهرها: قل للذي أخرجك من الشام في ليلة الي الكوفة و من الكوفة الي المدينة و من المدينة الي مكة و ردك من مكة الي الشام، أن يخرجك من حبسك هذا.

قال علي بن خالد: فغمني ذلك من أمره و رققت له و انصرفت محزونا عليه،



[ صفحه 211]



فلما كان من الغد باكرت الحبس لأعلمه بالحال و آمره بالصبر و العزاء، فوجدت الجند و أصحاب الحرس و أصحاب السجن و خلقا عظيما من الناس يهرعون، فسألت عن حالهم فقيل لي: المحمول من الشام المتنبئ افتقد البارحة من الحبس، فلا يدري أخسفت به الأرض أو اختطفته الطير!

و كان هذا الرجل - أعني علي بن خالد - زيديا، فقال بالامامة لما رأي ذلك و حسن اعتقاده. [16] .

و عن دلائل الامامة قوله: حدثنا عبدالله بن محمد قال: قال لي عمارة بن زيد: رأيت محمد بن علي و بين يديه قصعة صيني فقال لي: «يا عمارة أتري من هذا عجبا؟» قلت: نعم، فوضع يده عليها فذابت حتي صارت ماء، ثم جمعه حتي جعله في قدح، ثم ردها بعد مسحها بيده كما كانت قصعة صيني، و قال: «مثل هكذا فلتكن القدرة». [17] .

و نقل عن الطبرسي قوله: و روي أيضا عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن رجل من أهل المدينة عن المطرفي قال: مضي أبوالحسن الرضا عليه السلام ولي عليه أربعة آلاف درهم، لم يكن يعرفها غيري و غيره، فأرسل الي أبوجعفر اذا كان في غد فائتني، فأتيته من الغد فقال لي: «مضي أبوالحسن و لك عليه أربعة آلاف درهم؟» فقلت: نعم، فرفع المصلي الذي كان تحته فاذا تحته دنانير فدفعها الي و كان قيمتها في الوقت أربعة آلاف درهم. [18] .

و مما ورد عنه عليه السلام أيضا، اخباره ببعض الأمور الغيبية، و التي لم تقع بعد، أو



[ صفحه 212]



وقعت بعيدا عنه، منها ما روي عن محمد بن أحمد بن يحيي في كتاب نوادر الحكمة، عن أمية بن علي قال: كنت بالمدينة، و كنت أختلف الي أبي جعفر عليه السلام و أبوالحسن بخراسان، و كان أهل بيته و عمومته من أبيه يأتونه و يسلمون عليه، فدعا يوما الجارية فقال: «قولي لهم يتهيئون للمأتم»، فلما تفرقوا قالوا: ألا سألناه مأتم من؟

فلما كان من الغد فعل مثل ذلك، قالوا: مأتم من؟ قال: «مأتم خير من علي ظهرها»، و في رواية أخري: «مأتم خير من صلي». فأتانا خبر أبي الحسن عليه السلام بعد ذلك بأيام، فاذا هو قد مات في ذلك اليوم. [19] .

و في دلائل الامامة: ص 205:

روي أبوجعفر فقال: و حدثنا عبدالله بن محمد، قال: حدثنا عمارة بن زيد، قال: قال ابراهيم بن سعيد: كنت جالسا عند محمد بن علي عليه السلام اذ مرت بنا فرس أنثي، فقال: «هذه تلد الليلة فلوا أبيض الناصية في وجهه غرة»، فقمت و انصرفت مع صاحبها، فلم أزل أحدثه الي الليل حتي أتت الفرس (فلوا) كما وصف، وعدت اليه، فقال: «يابن سعيد شككت فيما قلت لك بالأمس؟ ان التي في منزلك حبلي بابن أعور». فولد لي محمد و كان كذلك.

و روي عن القاسم بن المحسن [20] ، قال: كنت فيما بين مكة و المدينة فمر بي أعرابي ضعيف الحال؛ فسألني شيئا فرحمته و أخرجت له رغيفا فناولته اياه، فلما مضي عني هبت ريح شديدة - زوبعة - فذهبت بعمامتي من رأسي، فلم أرها كيف ذهبت و أين مرت؛ فلما دخلت علي أبي جعفر بن الرضا عليهماالسلام فقال لي: «يا قاسم!



[ صفحه 213]



ذهبت عمامتك في الطريق؟»، قلت: نعم، قال: «يا غلام أخرج اليه عمامته»، فأخرج الي عمامتي بعينها، قلت: يابن رسول الله كيف صارت اليك؟ قال:» تصدقت علي الأعرابي فشكر الله لك، ورد عمامتك، و أن الله لا يضيع أجر المحسنين». [21] .

و قال أحمد بن علي بن كلثوم السرخسي: رأيت رجلا من أصحابنا يعرف بابن زينبة، فسألني عن أحكم بن بشار المروزي، و سألني عن قصته، و عن الأثر الذي في حلقه. و قد كنت رأيت في بعض حلقه شبه الخط كأنه أثر الذبح، فقلت له: قد سألته مرارا، فلم يخبرني.

قال: كنا سبعة نفر في حجرة واحدة ببغداد في زمان أبي جعفر الثاني عليه السلام، فغاب عنا أحكم من عند العصر و لم يرجع تلك الليلة، فلما كان جوف الليل جاءنا توقيع من أبي جعفر عليه السلام: «ان صاحبكم الخراساني مذبوح مطروح في لبد في مزبلة كذا و كذا فاذهبوا فداووه بكذا و كذا»، فذهبنا فوجدناه مطروحا كما قال، فحملناه و داويناه بما أمرنا به فبرئ من ذلك. [22] .

و عن عمران بن محمد الأشعري قال: دخلت علي أبي جعفر الثاني فقضيت حوائجي، و قلت له: ان أم الحسن [23] تقرؤك السلام و تسألك ثوبا من ثيابك تجعله كفنا لها.

فقال لي: «قد استغنت عن ذلك».

قال: فخرجت و لست أدري ما معني ذلك. فأتاني الخبر أنها قد ماتت قبل



[ صفحه 214]



ذلك بثلاثة عشر يوما أو أربعة عشر يوما.

و عن أمية بن علي القيسي قال: دخلت أنا و حماد بن عيسي علي أبي جعفر بالمدينة لنودعه، فقال لنا: «لا تخرجا اليوم و أقيما الي غد»، فلما خرجنا من عنده قال لي حماد: أنا أخرج فقد خرج ثقلي، فقلت: أما أنا فأقيم. فخرج حماد فجري الوادي تلك الليلة فغرق فيه و قبره بسيالة. [24] .

و حماد هذا هو أبومحمد الجهني البصري. و أما سيالة فهي منطقة علي طريق الحاج، و هي أول مرحلة لأهل المدينة اذا أرادوا مكة، و واديها كثير السيل فسميت سيالة.

و قيل: سماها به تبع بعد رجوعه من قتال أهل المدينة [25] و الرواية هذه فيها تأمل و نظر.

و روي الكشي [26] بسنده عن حماد أنه قال: دخلت علي أبي الحسن الأول ]الكاظم[ عليه السلام، فقلت له: جعلت فداك، أدع الله لي أن يرزقني دارا، و زوجة، و ولدا، و خادما، و الحج.

فقال ]عليه السلام[: «اللهم صل علي محمد و آل محمد و ارزقه دارا، و زوجة، و ولدا، و خادما، و الحج خمسين سنة».

قال حماد: فلما اشترط خمسين سنة علمت أني لا أحج أكثر من خمسين سنة، ثم قال: حججت ثمان و أربعين سنة، و هذه داري قد رزقتها، و هذه زوجتي وراء الستر تسمع كلامي، و هذا ابني، و هذا خادمي، و قد رزقت كل ذلك.

ثم عقب المؤلف في خاتمة الرواية فقال: فحج - بعد هذا الكلام - حجتين،



[ صفحه 215]



ثم خرج بعد الخمسين حاجا، فزامل أباالعباس النوفلي القصير [27] فلما صار في موضع الاحرام، دخل يغتسل فجاء الوادي فحمله، فغرقه الماء رحمه الله.. و توفي سنة تسع و مئتين. و عاش نيفا و سبعين سنة، و مات بوادي قناة بالمدينة. انتهي.

و في رواية: أن الامام الصادق عليه السلام هو الذي دعا له و هو ما لا يتوافق و تاريخ وفاته مع الخمسين حجة التي حجها.

و ذكر حمادا الشيخ الطوسي في رجاله [28] ، و قال: ان أصله كوفي، و بقي الي زمن الرضا عليه السلام. ذهب به السيل في طريق مكة بالجحفة. [29] .

و ذكر النجاشي أن حمادا مات غريقا بوادي قناة - و هو واد يسيل من الشجرة [30] الي المدينة و هو غريق الجحفة - في سنة تسع و مئتين، و قيل: سنة ثمان و مئتين، و له نيف و تسعون سنة رحمه الله. [31] .

و عن صالح بن عطية الأضخم [32] قال: حججت فشكوت الي أبي جعفر عليه السلام الوحدة، فقال لي: «انك لا تخرج من الحرم حتي تشتري جارية ترزق منها ابنا».



[ صفحه 216]



فقلت: تشير الي؟ قال: «نعم»، و ركب الي النخاس و نظر الي جارية فقال: «اشترها».

فاشتريتها، فولدت محمدا. [33] .

قال الطبرسي: و في كتاب أخبار أبي هاشم الجعفري [34] للشيخ أبي عبدالله أحمد بن محمد بن عياش الذي أخبرني بجميعه السيد أبوطالب محمد بن الحسين الحسيني القصي الجرجاني قال: أخبرني والدي السيد أبوعبدالله الحسين بن القصي، عن الشريف أبي الحسين طاهر بن محمد الجعفري عنه قال: حدثني أبوعلي أحمد بن محمد بن يحيي العطار القمي، عن عبدالله بن جعفر الحميري قال: قال أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري: دخلت علي أبي جعفر الثاني و معي ثلاث رقاع غير معنونة فاشتبهت علي فاغتممت لذلك غما، فتناول احداهن و قال: «هذه رقعة ريان بن شبيب»، ثم تناول الثانية فقال: «هذه رقعة محمد بن حمزة [35] »، و تناول الثالثة و قال: «هذه رقعة فلان». فبهت، فنظر الي و تبسم عليه السلام. [36] .

و زاد الاربلي علي هذه الرواية تتمة لحديث أبي هاشم الجعفري قوله: فقلت: نعم جعلت فداك، فأعطاني ثلاثمائة دينار، و أمرني أن أحملها الي بعض بني عمه. [37] .



[ صفحه 217]



و الرواية ذكرناها بتمامها في باب جوده و كرمه من الفصل الثالث.

و في الخرائج والجرائح روي عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن سهل قال: كنت مجاورا بمكة، فدخلت علي أبي جعفر الثاني عليه السلام، و أردت أن أسأله عن كسوة يكسونيها، فلم يتفق أن أسأله، حتي ودعته و أردت الخروج، فقلت: أكتب اليه و أسأله.

فكتبت الكتاب، و صرت الي المسجد لأصلي ركعتين، و أستخير الله مئة مرة، فان وقع في قلبي أن أبعث بالكتاب بعثت، و الا خرقته.

فوقع في قلبي أن لا أبعث به، فخرقته، و خرجت من المدينة.

فبينما أنا كذلك اذ رأيت رسولا، و معه ثياب يتخلل القطار، و يسأل عن محمد بن سهل القمي، حتي انتهي الي، فقال: مولاك بعث بهذا اليك. و اذا ملاءتان.

قال أحمد بن محمد: فقضي الله أني غسلته حين مات و كفنته فيهما.


پاورقي

[1] الرواج و الدواج: اللحاف الذي يلبس.

[2] في رواية مهج الدعوات.

[3] الشهرية: نوع من البراذين، و هي دابة الحمل الثقيلة، و البرذون: التركي من الخيل.

[4] الي هنا تنتهي رواية ابن شهر آشوب في المناقب: 4 / 394.

[5] الي هنا تنتهي رواية الخرائج و الجرائح: 1 / 372 ح 2.

[6] مر تفصيله في حرز الامام الجواد عليه السلام.

[7] و هذا هو ختام رواية السيد ابن طاووس في مهج الدعوات: ص 44، بحارالأنوار: 50 / 69 ح 95.

[8] كشف الغمة: 3 / 155.

[9] بحارالأنوار: 50 / 72.

[10] الوهدة: الأرض المنخفضة.

[11] كشف الغمة: 3 / 153.

[12] النبكة و النبكة: أكمة أو تل صغير أو صخرة محددة الرأس.

[13] كذا في المصدر، و الظاهر سقوط كلمة (حلفت) فتكون العبارة: (و حلفت بالله لقد صدقته) و التي بها تستقيم الجملة.

[14] بحارالأنوار: 50 / 49 ح 27، عيون أخبار الرضا: 2 / 271.

[15] العسكر: سامراء.

[16] الارشاد: 2 / 291 - 289، اعلام الوري: ص 347، كشف الغمة 3 / 149، دلائل الامامة: ص 210.

[17] دلائل الامامة: ص 207 - 206.

[18] اعلام الوري: ص 350، كشف الغمة: 3 / 150.

[19] اعلام الوري: ص 350، المناقب: 4 / 389، دلائل الامامة: ص 207.

[20] كذا في المصدر، و ليس لهذا العنوان ذكر في كتب الرجال، و الظاهر أنه: القاسم بن الحسن البزنطي. راجع ترجمته في باب الرواة.

[21] كشف الغمة: 3 / 157.

[22] اختيار معرفة الرجال: ص 569 ح 1077 و فيه تتمة الخبر، و سبب ما جري له ذلك.

[23] هي والدة عمران، علما بأن أخا عمران هو الحسين بن محمد الأشعري القمي، و هو من أصحاب الامامين الرضا و الجواد عليهماالسلام.

[24] كشف الغمة: 3 / 153، 155.

[25] معجم البلدان: 3 / 292.

[26] اختيار معرفة الرجال: ص 316، 317 ح 572.

[27] زامل: رافق. و أبوالعباس هذا لم أقف عليه.

[28] رجال الطوسي: ص 187.

[29] معلوم أن الخارج من المدينة الي مكة يحرم من مسجد الشجرة بذي الحليفة، و أما الجحفة فهي تأتي بعد ذلك بخمس مراحل، و هي ميقات أهل مصر و الشام اذا لم يمروا بالمدينة. فمنازل الحاج من المدينة هي الشجرة، فملل، فسيالة، فالرويثة، فالسقيا، فالأبواء، فالجحفة، ثم يتابع الحاج السير الي قديد ثم عسفان ثم بطن مر ثم الي مكة - فقول من قال انه غريق الجحفة ينافي القول بأنه غرق في موضع الاحرام. اللهم الا أن يكون أحرم ثم عند وصوله الي الجحفة أخذه السيل هناك فغرق.

[30] يريد بها مسجد الشجرة اليوم بذي الحليفة، و هي علي ستة أميال من المدينة المنورة، و كانت تعرف يومذاك بالشجرة، و قد ولدت عندها أسماء بنت محمد بن أبي بكر.

[31] رجال النجاشي: ص 143 رقم 370.

[32] ذكرناه في باب الرواة باسم صالح بن علي بن عطية.

[33] الثاقب في المناقب: ص 524.

[34] تأتي ترجمته في باب أصحابه و الرواة عنه.

[35] لعل المقصود هو العلوي الذي كانت له مراسله مع أبي جعفر الثاني عليه السلام.

[36] اعلام الوري: ص 349، مناقب آل أبي طالب: 4 / 390 و فيه أن الرقعة الثانية لمحمد بن أبي حمزة، بحارالأنوار: 50 / 41 و فيه أن الرقعة الأولي لزياد بن شبث و التصحيف هنا واضح؛ و الثانية لابن أبي حمزة، الارشاد: 293 / 2.

[37] كشف الغمة: 3 / 151.