بازگشت

حرز الجواد


و هو الذي ترويه حكيمة بنت الامام الجواد عليه السلام ضمن احدي روايات خبر دخول المأمون عليه أيام اقامته في بغداد بعد زواجه من أم الفضل، و انثياله علي الامام ضربا بالسيف و هو في حالة السكر. و الرواية مع ما فيها مما يخالج النفس من ملابسات للأحداث بسطنا القول فيها عند تعرضنا لها في باب معاجز الامام و كراماته، و الذي يهمنا هنا ما في ذيل احدي تلك الروايات من الحرز الذي كتبه الامام الي المأمون العباسي و هو:



[ صفحه 181]



قال الامام الجواد عليه السلام للمأمون: «عندي عقد تحصن به نفسك، و تحترز به من الشرور و البلايا و المكاره و الآفات و العاهات، كما أنقذني الله منك البارحة، و لو لقيت به جيوش الروم و الترك، و اجتمع عليك و علي غليتك أهل الأرض جميعا ما تهيأ منك شي ء باذن الله الجبار، و ان أحببت بعثت به اليك لتحترز به من جميع ما ذكرت لك.»

قال: نعم، فاكتب ذلك بخطك، و ابعثه الي.

قال عليه السلام: «نعم».

قال ياسر: فلما أصبح أبوجعفر بعث الي فدعاني، فلما صرت اليه، و جلست بين يديه دعا برق ظبي [1] من أرض تهامة، ثم كتب بخطه هذا العقد، ثم قال: «يا ياسر احمل هذا الي أميرالمؤمنين!! و قل له: حتي يصاغ له قصبة [2] من فضة منقوش عليها ما أذكره بعده، فاذا أراد شده علي عضده فليشده علي عضده الأيمن، و ليتوضأ وضوءا حسنا سابغا، و ليصل أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، و سبع مرات (آية الكرسي)، و سبع مرات (شهد الله) [3] و سبع مرات (و الشمس و ضحاها) و سبع مرات (و الليل اذا يغشي) و سبع مرات (قل هو الله أحد) فاذا فرغ منها فليشده علي عضده الأيمن عند الشدائد و النوائب يسلم - بحول الله و قوته - من كل شي ء يخافه و يحذره.

و ينبغي أن لا يكون طلوع القمر في برج العقرب، و لو أنه غزي أهل الروم و ملكهم لغلبهم باذن الله، و بركة هذا الحرز».

و روي أنه لما سمع المأمون من أبي جعفر - الجواد - في أمر الحرز هذه الصفات كلها غزي أهل الروم، فنصره الله تعالي عليهم، و منح منهم من المغنم ما



[ صفحه 182]



شاء الله، و لم يفارق هذا الحرز عند كل غزاة و محاربة، و كان ينصره الله عزوجل بفضله، و يرزقه الفتح بمشيئته، انه ولي ذلك بحوله و قوته، و أما الحرز:

«بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين - الي آخر السورة - ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض، و الفلك تجري في البحر بأمره، و يمسك السماء أن تقع علي الأرض الا باذنه، ان الله بالناس لرؤوف رحيم، اللهم أنت الواحد الملك الديان يوم الدين، تفعل ما تشاء بلا مغالبة، و تعطي من تشاء بلا من، و تفعل ما تشاء و تحكم ما تريد، و تداول الأيام بين الناس، و تركبهم طبقا عن طبق أسألك باسمك المكتوب علي سرادق المجد، و أسألك باسمك المكتوب علي سرادق السرائر، السابق، الفائق، الحسن، الجميل، النضير، رب الملائكة الثمانية و العرش الذي لا يتحرك، و أسألك بالعين التي لا تنام، و بالحياة التي لا تموت، و بنور وجهك الذي لا يطفأ، و بالاسم الأكبر الأكبر الأكبر، و بالاسم الأعظم الأعظم الأعظم الذي هو محيط بملكوت السموات و الأرض، و بالاسم الذي أشرقت به الشمس، و أضاء به القمر، و سجرت به البحور، و نصبت به الجبال و بالاسم الذي قام به العرش و الكرسي، باسمك المكتوب علي سرادق القدرة، و باسمك العزيز، و باسمائك المقدسات المكرمات المخزونات في علم الغيب عندك.

و أسألك من خيرك خيرا مما أرجو، و أعوذ بعزتك و قدرتك من شر ما أخاف و أحذر، و ما لا أحذر، يا صاحب محمد يوم حنين، و يا صاحب علي يوم صفين، أنت يا رب مبير الجبارين، و قاصم المتكبرين، أسألك بحق طه و ياسين و القرآن العظيم، و الفرقان الحكيم، أن تصلي علي محمد و آل محمد، و أن تشد به عضد صاحب هذا العقد، و أدرأ بك في نحر كل جبار عنيد، و كل شيطان مريد، و عدو شديد، و عدو منكر الأخلاق، و اجعله ممن أسلم اليك نفسه، و فوض اليك أمره، و ألجأ اليك ظهره.



[ صفحه 183]



اللهم بحق هذه الأسماء التي ذكرتها و قرأتها، و أنت أعرف بحقها مني، و أسألك يا ذا المن العظيم، و الجود الكريم، ولي الدعوات المستجابات، و الكلمات التامات و الأسماء النافذات، و أسألك يا نور النهار و يا نور الليل، و نور السموات و الأرض، و نور النور و نورا يضي ء به كل نور، يا عالم الخفيات كلها في البر و البحر و الأرض و السماء و الجبال.

و أسألك يا من لا يفني، و لا يبيد و لا يزول، و لا له شي ء موصوف، و لا اليه حد منسوب، و لا معه اله، و لا اله سواه، و لا له في ملكه شريك، و لا تضاف العزة الا اليه، و لم يزل بالعلوم عالما، و علي العلوم واقفا، و للأمور ناظما، و بالكينونية عالما، و للتدبير محكما، و بالخلق بصيرا و بالأمور خبيرا.

أنت الذي خشعت لك الأصوات، و ضلت فيك الأوهام، و ضاقت دونك الأسباب، ملأ كل شي ء نورك، و وجل كل شي ء منك، و هرب كل شي ء اليك، و توكل كل شي ء عليك، و أنت الربيع في جلالك، و أنت البهي في جمالك و أنت العظيم في قدرتك، و أنت الذي لا يدركك شي ء، و أنت العلي الكبير العظيم و مجيب الدعوات، قاضي الحاجات، مفرج الكربات، ولي النعمات، يا من هو في علوه دان، و في دنوه عال، و في اشراقه منير، و في سلطانه قوي، و في ملكه عزيز صل علي محمد و آل محمد، و احرس صاحب هذا العقد و هذا الحرز و هذا الكتاب بعينك التي لا تنام، و اكنفه بركنك الذي لا يرام، و ارحمه بقدرتك عليه فانه مرزوقك.

بسم الله الرحمن الرحيم، باسم الله و بالله الذي لا صاحبة له و لا ولد، باسم الله قوي الشأن، عظيم البرهان، شديد السلطان، ما شاء الله كان، و ما لم يشأ لم يكن، أشهد أن نوحا رسول الله و أن ابراهيم خليل الله و أن موسي كليم الله و نجيه، و أن عيسي بن مريم روح الله و كلمته، صلوات الله عليه و عليهم أجمعين، و أن محمدا صلي الله عليه و آله و سلم خاتم النبيين و لا نبي بعده.



[ صفحه 184]



و أسألك بحق الساعة التي يؤتي فيها بابليس اللعين يوم القيامة، و يقول اللعين في تلك الساعة: والله ما أنا مهيج مردة، الله نور السموات و الأرض و هو القاهر و هو الغالب، له القدرة السابقة،و هو الحكيم الخبير، اللهم و اسألك بحق هذه الأسماء كلها و صفاتها و صورتها، و هي:



[ صفحه 185]



سبحان الله الذي خلق العرش و الكرسي، و استوي عليه، أسألك أن تصرف عن صاحب كتابي هذا كل سوء و محذور، فهو عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك، و أنت مولاه فقه - اللهم يا رب - الأسواء كلها، و اقمع عنه أبصار الظالمين، و ألسنة المعاندين و المريدين له السوء و الضر، و ادفع عنه كل محذور و مخوف.

و أي عبد من عبيدك، أو أمه من امائك، أو سلطان مارد، أو شيطان أو شيطانة، أو جني أو جنية، أو غول أو غولة أراد صاحب كتابي هذا بظلم أو ضر أو مكر أو مكروه أو كيد أو خديعة، أو نكاية أو سعاية أو فساد أو غرق أو اصطلام أو عطب أو مغالبة أو عذر أو قهر أو هتك ستر أو اقتدار أو آفة أو عاهة أو قتل أو انتقام أو قطع أو سحر أو مسخ أو مرض أو سقم أو برص أو جذام أو بؤس أو فاقة أو سغب أو عطش أو وسوسة أو نقص في دين أو معيشة فاكفيه بما شئت، و كيف شئت، و أني شئت انك علي كل شي ء قدير، و صلي الله علي سيدنا محمد و آله أجمعين، و سلم تسليما كثيرا، و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم و الحمد لله رب العالمين.

فأما ما ينقش علي هذه القصبة من فضة غير مغشوشة:

يا مشهورا في السموات، يا مشهورا في الأرضين، يا مشهورا في الدنيا و الآخرة، جهدت الجبابرة و الملوك علي اطفاء نورك و اخماد ذكرك، فأبيت الا أن يتم نورك، و يبوح بذكرك و لو كره المشركون». [4] .

و الحرز هذا معروف مشهور عندنا، و يسمي (بحرز الجواد) و لا أدري ما اذا كان أحد قد جربه أم لا. و فيه قال العلامة بحر العلوم في منظومته (الدرة):



و جاز في الفضة ما كان وعاء

لمثل تعويذ و حرز و دعاء



فقد أتي فيه صحيح من خبر

عاضده حرز الجواد المشتهر



[ صفحه 186]



و في مهج الدعوات للسيد رضي الدين علي بن موسي المعروف بابن طاووس (عليه الرحمة) روي هذا الحرز الآخر أو الحجاب للامام الجواد عليه السلام و هو:

«الخالق أعظم من المخلوقين، و الرازق أبسط يدا من المرزوقين، و نار الله المؤصدة في عمد ممددة تكيد أفئدة المردة، و ترد كيد الحسدة، بالأقسام، بالاحكام، باللوح المحفوظ، و الحجاب المضروب، بعرش ربنا العظيم احتجبت، و استترت، و استجرت، و اعتصمت و تحصنت، ب (الم)، و ب (كهيعص)، و ب (طه)، و ب (طسم)، و ب (حم)، و ب (حمعسق)، و ب (ن)، و ب (طس)، و ب (ق و القرآن المجيد)، (و انه لقسم لو تعلمون عظيم)، والله وليي و نعم الوكيل».

و روي: أيضا للامام الجواد عليه السلام هذا الحرز:

«يا نور يا برهان، يا مبين يا منير، يا رب اكفني الشرور، و آفات الدهور، و أسألك النجاة يوم ينفخ في الصور».


پاورقي

[1] رق ظبي - بفتح الراء -: جلد غزال.

[2] القصبة: الأنبوب.

[3] الآية في سورة آل عمران: 18.

[4] مهج الدعوات: ص 36.