بازگشت

شهادة علي بن جعفر


روي الشيخ الكليني رحمه الله بسنده، عن محمد بن الحسن بن عمار قال: كنت عند علي بن جعفر الصادق عليه السلام جالسا بالمدينة، و كنت اقمت عنده سنتين اكتب عنه ما سمع من أخيه، يعني أباالحسن موسي الكاظم عليه السلام اذ دخل عليه أبوجعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام في مسجد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فوثب علي بن جعفر رحمه الله بلا



[ صفحه 77]



حذاء و لا رداء فقبل يده و عظمه، فقال له أبوجعفر عليه السلام: «يا عم اجلس رحمك الله»، فقال: يا سيدي! كيف أجلس و أنت قائم؟

فلما رجع علي بن جعفر الي مجلسه جعل أصحابه يوبخونه و يقولون: أنت عم أبيه و أنت تفعل به هذا الفعل، فقال: اسكتوا، اذا كان الله عزوجل - و قبض علي لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة، و أهل هذا الفتي، و وضعه حيث وضعه، أأنكر فضله؟ نعوذ بالله مما تقولون، بل أنا له عبد. [1] .

ثم يعقب الشيخ عباس القمي رحمه الله علي هذه الرواية فيقول:

علي بن جعفر هذا، هو السيد الجليل الذي كان راوية للحديث، سديد الطريق، شديد الورع، كثير الفضل، و كان رضي الله عنه شديد التمسك بأخيه موسي عليه السلام و الانقطاع اليه، و التوفر علي أخذ معالم الدين منه، و له مسائل مشهورة عنه، و جوابات رواها سماعا منه، و كان ملازما لأخيه عليه السلام، حتي في أربع عمر يمشي أخوه فيها الي مكة بعياله و أهله. [2] و تأتي ترجمته في باب الرواة.

و في الكافي أيضا بسنده، عن زكريا بن يحيي بن النعمان الصيرفي، قال: سمعت علي بن جعفر يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين، فقال: والله لقد نصر الله أباالحسن الرضا عليه السلام.

فقال له الحسن: اي والله - جعلت فداك - لقد بغي عليه اخوته.

فقال علي بن جعفر: اي والله و نحن عمومته بغينا عليه.

فقال له الحسن: جعلت فداك، كيف صنعتم فاني لم أحضركم؟

قال: قال له اخوته و نحن أيضا: ما كان فينا امام قط حائل اللون، فقال لهم



[ صفحه 78]



الرضا عليه السلام هو ابني، قالوا: فان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد قضي بالقافة [3] ، فبيننا و بينك القافة. قال - أي الرضا عليه السلام -: «ابعثوا أنتم اليهم، فأما أنا فلا، و لا تعلموهم لما دعوتموهم، و ليكونوا في بيوتكم.».

فلما جاءوا أقعدونا في البستان، و اصطف عمومته و اخوته و أخواته، و أخذوا الرضا عليه السلام و ألبسوه جبة من صوف، و قلنسوة و وضعوا علي عنقه مسحاة، و قالوا له: ادخل البستان كأنك تعمل فيه، ثم جاءوا بأبي جعفر عليه السلام فقالوا: ألحقوا هذا الغلام بأبيه، فقالوا: ليس له هاهنا أب، ولكن هذا عم أبيه، و هذا عمه، و هذه عمته، و ان يكن له هاهنا أب فهو صاحب البستان، فان قدميه و قدميه واحدة.

فلما رجع أبوالحسن عليه السلام قالوا: هذا أبوه.

قال علي بن جعفر: فقمت فمصصت ريق أبي جعفر عليه السلام، ثم قلت له: أشهد أنك امامي عند الله.

فبكي الرضا عليه السلام ثم قال: «يا عم! ألم تسمع أبي و هو يقول: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: بأبي ابن خيرة الاماء ابن النوبية الطيبة الفم، المنتجبة الرحم، و يلهم لعن الله الأعيبس و ذريته، صاحب الفتنة... أفيكون هذا يا عم الا مني»؟

فقلت: صدقت جعلت فداك. [4] .

و روي الكشي بسنده عن علي بن جعفر بن محمد، قال: قال لي رجل أحسبه من الواقفة: ما فعل أخوك أبوالحسن؟

قلت: قد مات.



[ صفحه 79]



قال: و ما يدريك بذاك؟

قلت: اقتسمت أمواله، و أنكحت نساؤه، و نطق الناطق من بعده.

قال: و من الناطق من بعده؟

قلت: ابنه علي.

قال: فما فعل؟

قلت له: مات.

قال: و ما يدريك أنه مات؟

قلت: قسمت أمواله، و نكحت نساؤه، و نطق الناطق من بعده.

قال: و من الناطق من بعده.

قلت: أبوجعفر ابنه.

قال: فقال لي: أنت في سنك و قدرك، و ابن جعفر بن محمد، تقول هذا القول في هذا الغلام!

قال: قلت: ما أراك الا شيطانا!

قال - الراوي -: ثم أخذ بلحيته فرفعها الي السماء ثم قال:

فما حيلتي ان كان الله رآه أهلا لهذا، و لم ير هذه الشيبة لهذا أهلا [5] .


پاورقي

[1] أصول الكافي: 1 / 322 ح 12.

[2] الأنوار البهية: ص 210.

[3] عدت القيافة من المكاسب المحرمة، قال الشيخ الأنصاري في المكاسب: 1 / 138 طبع بيروت 1990 م: القيافة حرام، في الجملة. و قيد البعض حرمتها، بما اذا ترتب عليها محرم. و في الأخبار نهي عن اتيان القائف، و الأخذ بقوله.

[4] أصول الكافي: 1 / 322 ح 14.

[5] اختيار معرفة الرجال: ص 429 ح 803.