بازگشت

اقوال العلماء و المورخين في وفاته


1- قال ابن عياش محمد بن مسعود بن عياش السلمي السمرقندي المعروف بالعياشي المتوفي سنة (320 ه / 932 م):

فأمر ]المعتصم[... فلانا (من كتاب وزرائه) بأن يدعوه ]أي الامام[ الي منزله ]أي منزل الوزير[، فدعاه، فأبي أن يجيبه، و قال: «قد علمت أني لا أحضر مجالسكم»، فقال: اني انما أدعوك الي الطعام، و أحب أن تطأ ثيابي، و تدخل منزلي فأتبرك بذلك، فقد أحب فلان بن فلان (من وزراء المعتصم) لقاءك.

فصار اليه، فلما طعم منه أحس بالسم، فدعا بدابته، فسأله رب المنزل أن يقيم، قال: «خروجي من دارك خير لك».

فلم يزل يومه ذلك و ليله في خلفة حتي قبض عليه السلام [1] .

و الرواية طويلة مفصلة أخذنا منها موضع الحاجة، و ذكرناها بتمامها في بحث مكانته العلمية من الفصل السادس.



[ صفحه 37]



2- و قال أبوجعفر محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله المتوفي سنة (329 ه / 941 م):

قبض عليه السلام سنة عشرين و مئتين في آخر ذي القعدة، و هو ابن خمس و عشرين سنة و شهرين و ثمانية عشر يوما، و دفن ببغداد في مقابر قريش عند قبر جده موسي عليه السلام [2] .

3- و قال الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان المتوفي سنة (413 ه / 1022 م):

و أنه قبض ببغداد. و كان سبب وروده اليها اشخاص المعتصم له من المدينة، فورد بغداد لليلتين بقيتا من المحرم من سنة عشرين و مئتين، و توفي بها في ذي القعدة من هذه السنة. «و كان مدة بقائه في بغداد عشرة شهرا».

و قيل: انه مضي مسموما، و لم يثبت بذلك عندي خبر فأشهد به.

و دفن في مقابر قريش في ظهر جده أبي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام، و كان له يوم قبض خمس و عشرون سنة واشهر [3] .

4- و أما المسعودي علي بن الحسين بن علي المتوفي سنة (436 ه / 957 م) في حوادث سنة تسع عشرة و مئتين من مروجه فقال:

فيها قبض محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، و ذلك لخمس خلون من ذي الحجة و دفن ببغداد في الجانب الغربي بمقابر قريش مع جده موسي بن جعفر، و صلي عليه الواثق، و قبض و هو ابن خمس و عشرين سنة.



[ صفحه 38]



قبض أبوه علي بن موسي الرضا و محمد ابن سبع سنين و ثمانية أشهر، و قيل غير ذلك، و قيل: ان أم الفضل بنت المأمون لما قدمت معه من المدينة الي المعتصم سمته [4] .

و قال في موضع آخر:

فلما انصرف أبوجعفر الي العراق لم يزل المعتصم و جعفر بن المأمون يدبرون و يعملون الحيلة في قتله، فقال جعفر لأخته أم الفضل - و كانت لأمه و أبيه - في ذلك لأنه وقف علي انحرافها عنه و غيرتها عليه لتفضيله أم أبي الحسن ابنه عليها مع شدة محبتها له، و لأنها لم ترزق منه ولد، فأجابت أخاها جعفرا، و جعلوا سما في شي ء من عنب رازقي و كان يعجبه العنب الرازقي، فلما أكل منه ندمت و جعلت تبكي.

فقال لها: «ما بكاؤك؟ والله ليضربنك الله بفقر لا ينجي ]لا ينجبر[، و بلاء لا ينستر»، فبليت بعلة في أغمض المواضع من جوارحها صارت ناسورا ينتقض في كل وقت فأنفقت مالها و جميع ملكها علي تلك العلة حتي احتاجت الي رفد الناس. و يروي أن الناسور كان في فرجها، و تردي جعفر في بئر فأخرج ميتا و كان سكرانا.

و لما حضرت الامام عليه السلام الوفاة نص علي أبي الحسن و أوصي اليه و كان سلم المواريث و السلاح اليه بالمدينة، و مضي في سنة عشرين و مئتين من الهجرة في يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة [5] .

5- و قال الشيخ الطوسي محمد بن الحسن المتوفي سنة (460 ه / 1067 م):



[ صفحه 39]



و قبض ببغداد في آخر ذي القعدة سنة عشرين و مائتين، و له يومئذ خمس و عشرون سنة، و أمه أم ولد يقال لها: الخيزران و كانت من أهل بيت مارية القبطية رحمة الله عليها، و دفن ببغداد في مقابر قريش في ظهر جده موسي عليه السلام [6] .

6- و قال الخطيب أحمد بن علي البغدادي المتوفي سنة (463 ه / 1072 م): «قدم من مدينة رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم الي بغداد وافدا علي أبي اسحاق المعتصم و معه امرأته أم الفضل بنت المأمون، فتوفي في بغداد و دفن في مقابر قريش عند جده موسي بن جعفر، و حملت امرأته أم الفضل بنت المأمون الي قصر المعتصم فجعلت مع الحرم.

ثم قال:... سنة عشرين و مئتين فيها توفي محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي ببغداد، و كان قدمها علي أبي اسحاق من المدينة، فتوفي فيها يوم الثلاثاء لخمس ليال خلون من ذي الحجة، و ركب هارون بن أبي اسحاق فصلي عليه عند منزله في رحبة أسوار بن ميمون ناحية قنطرة البردان، ثم حمل ودفن في مقابر قريش [7] .

7- قال الطبري الامامي أبوجعفر محمد بن جرير (من أعلام القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي):

و كان مقام أبي جعفر مع أبيه سبع سنين و أربعة أشهر و يومين، و روي سبع سنين و ثلاثة أشهر. و عاش بعد أبيه ثمانية عشر سنة غير عشرين يوما و كانت سني امامته: بقية ملك المأمون ثم ملك المعتصم ثماني سنين ثم ملك الواثق خمس سنين و ثمانية أشهر و استشهد في ملك الواثق سنة عشرين و مائتين [8] من الهجرة



[ صفحه 40]



و بلغ من العمر خمسا و عشرين سنة و ثلاثة أشهر و اثنين و عشرين يوما، و قيل: و اثني عشر يوما في ذي الحجة يوم الثلاثاء علي ساعتين من النهار لخمس خلون من الشهر، و يقال: لثلاث خلون منه، كان سبب وفاته أن أم الفضل بنت المأمون لما تسري ورزقه الله الولد من غيرها انحرفت عنه و سمته في عنب و كان تسع عشرة [9] حبة و كان يحب العنب و لما أكله بكت، فقال: «لم تبكين؟ ليضربنك الله بفقر لا يجبر، و بلاء لا يستر». فبليت بعلة في أغمض المواضع أنفقت عليها جميع ما تملكه حتي احتاجت الي رفد الناس.

و قيل: سمته بمنديل يمسح به عند الملامسة و لما أحس به دعا بتلك الدعوة فكانت تنكشف للطبيب فلا يفيد علاجه حتي ماتت.

و دفن ببغداد بمقابر قريش الي جنب جده موسي بن جعفر [10] .

8- و قال الشيخ الحسين بن عبدالوهاب (من أعلام القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي):

لما خرج أبوجعفر عليه السلام و زوجته ابنة المأمون حاجا و خرج أبوالحسن علي ابنه عليه السلام و هو صغير فخلفه في المدينة، و سلم اليه المواريث و السلاح، و نص عليه بمشهد ثقاته و أصحابه، و انصرف الي العراق و معه زوجته ابنة المأمون، و كان خرج المأمون الي بلاد الروم، فمات بالبذندون [11] في رجب سنة ثمان عشرة



[ صفحه 41]



و مائتين، و ذلك في ستة عشرة سنة من امامة أبي جعفر عليه السلام و بويع المعتصم أبواسحاق محمد بن هارون في شعبان من سنة ثمان عشرة و مئتين.

ثم ان المعتصم جعل يعمل الحيلة في قتل أبي جعفر عليه السلام و أشار علي ابنة المأمون زوجته بأن تسمه؛ لأنه وقف علي انحرافها عن أبي جعفر عليه السلام و شدة غيرتها عليه؛ لتفضيله أم أبي الحسن ابنه عليها؛ و لأنه لم يرزق منها ولدا، فأجابته الي ذلك و جعلت سما في عنب رازقي و وضعته بين يديه. فلما أكل منه ندمت و جعلت تبكي، فقال: «ما بكاؤك؟ و الله ليضربنك الله بعقر لا ينجبر، و بلاء لا ينستر»، فماتت بعلة في أغمض المواضع من جوارحها، و صارت ناصورا، فأنفقت مالها و جميع ما ملكته علي تلك العلة، حتي احتاجت الي الاسترفاد، و روي أن الناصور كان في فرجها.

قبض عليه السلام في سنة عشرين و مئتين من الهجرة في يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة، و له أربع و عشرون سنة و شهورا؛ لأن مولده كان في سنة خمس و تسعين و مئة. [12] .

9- و قال الطبرسي الفضل بن الحسن المتوفي سنة (548 ه / 1153 م):

و قبض ببغداد في آخر ذي القعدة سنة عشرين و مئتين، و له يومئذ خمس و عشرون سنة، و كانت مدة خلافته بعد أبيه سبع عشرة سنة، و كانت في أيام بقية ملك المأمون، و قبض في أول ملك المعتصم. [13] .

10- و قال ابن شهر آشوب محمد بن علي السروي المازندراني المتوفي سنة (588 ه / 1192 م):



[ صفحه 42]



و لما بويع المعتصم جعل يتفقد أحواله فكتب الي عبدالملك الزيات [14] أن ينفذ اليه التقي ]الامام الجواد[ و أم الفضل فأنفذ ابن الزيات علي بن يقطين [15] اليه، فتجهز و خرج الي بغداد فأكرمه و عظمه و أنفذ أشناس [16] بالتحف اليه و الي أم الفضل، ثم



[ صفحه 43]



أنفذ اليه شراب حماض الأترج [17] تحت ختمه [18] علي يدي أشناس و قال: ان أمير المؤمنين ذاقه قبل أحمد بن أبي دؤاد و سعد بن الخضيب و جماعة من المعروفين و يأمرك أن تشرب منها بماء الثلج. و صنع في الحال، فقال: أشربها بالليل، قال: انها تنفع باردا، و قد ذاب الثلج، و أصر علي ذلك، فشربها عالما بفعلهم. [19] .

و روي أن امرأته أم الفضل بنت المأمون سمته في فرجه بمنديل فلما أحس بذلك قال لها: أبلاك الله بداء لا دواء له، فوقعت الأكلة في فرجها. و كانت تنصب للطبيب فينظرون اليها و يسرون ]و يشيرون[ بالدواء عليها فلا ينفع ذلك حتي ماتت من علتها. [20] .

و عن تاريخ وفاته عليه السلام قال:

قبض ببغداد مسموما في آخر ذي القعدة، و قيل: يوم السبت لست خلون من ذي الحجة سنة عشرين و مئتين، و دفن في مقابر قريش الي جنب موسي بن



[ صفحه 44]



جعفر عليه السلام، و عمره خمس و عشرون سنة، قالوا: و ثلاثة أشهر و اثنان و عشرون يوما. [21] .

11- و قال الفتال النيسابوري محمد بن الحسن بن علي بن أحمد (من أعلام القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي):

قبض ببغداد، قتيلا، مسموما، في آخر ذي القعدة. و قيل: مات يوم السبت لست خلون من ذي الحجة سنة عشرين و مئتين، فله يومئذ خمس و عشرون سنة... و كانت مدة خلافته سبع عشرة سنة. و كان سبب وروده عليه السلام الي بغداد، اشخاص المعتصم له من المدينة، فورد بغداد لليلتين ]بقيتا[ من المحرم سنة عشرين و مئتين، و توفي بها. [22] .

12- و قال الحافظ عبدالعزيز بن محمود بن المبارك بن محمود المعروف بابن الأخضر الجنابذي البغدادي الحنبلي [23] المتوفي سنة (611 ه / 1215 م):

أبوجعفر محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام... قبض ببغداد في آخر ذي الحجة سنة عشرين و مائتين، و هو يومئذ ابن خمس و عشرين سنة، و أمه أم ولد يقال لها: خيزران، و كانت من أهل مارية القبطية، و قبره ببغداد في مقابر قريش في ظهر جده موسي ابن جعفر عليه السلام. [24] .

13- و قال ابن الأثير علي بن محمد بن عبدالكريم الشيباني الجزري



[ صفحه 45]



المتوفي سنة (630 ه / 1233 م) في حوادث سنة عشرين و مئتين: توفي ببغداد، و كان قدمها و معه امرأته أم الفضل ابنة المأمون، فدفن بها عند جده موسي بن جعفر، و هو أحد الأئمة عند الامامية، و صلي عليه الواثق، و كان عمره خمسا و عشرين سنة، و كانت وفاته في ذي الحجة، و قيل في سبب موته غير ذلك [25] .

14- و قال ابن خلكان أحمد بن محمد بن ابراهيم البرمكي الاربلي المتوفي سنة (681 ه / 1282 م):

أبوجعفر محمد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر، المعروف بالجواد، أحد الأئمة الاثني عشر أيضا. قدم الي بغداد وافدا علي المعتصم، و معه امرأته أم الفضل ابنة المأمون، فتوفي بها... و توفي يوم الثلاثاء لخمس خلون من ذي الحجة سنة عشرين و مائتين، و قيل: تسع عشرة و مائتين ببغداد، و دفن عند جده موسي بن جعفر، رضي الله عليهم أجمعين، في مقابر قريش، و صلي عليه الواثق بن المعتصم. [26] .

15- و قال الاربلي علي بن عيسي بن أبي الفتح المتوفي سنة (692 ه / 1293 م):

و أما عمره فانه مات في ذي الحجة من سنة مائتين و عشرين للهجرة في خلافة المعتصم... فيكون عمره خمسا و عشرين سنة، و قبره ببغداد في مقابر قريش. [27] .

16- و قال اليافعي عبدالله بن أسعد بن علي اليمني المكي المتوفي سنة (768 ه / 1367 م):



[ صفحه 46]



و فيها - سنة عشرين و مائتين - توفي الشريف أبوجعفر محمد الجواد بن علي الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر أحد الاثني عشر اماما الذين يدعي الرافضة فيهم العصمة، و عمره خمس و عشرون سنة، و كان المأمون قد نوه بذكره و زوجه بابنته و سكن بها المدينة و كان المأمون ينفذ اليه في السنة ألف ألف درهم [28] : مليون درهم.

و لما توفي دفن عند جده موسي بن جعفر في مقابر قريش و صلي عليه الواثق بن المعتصم. [29] .

17- و أما الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي النبطي الجزيني المتوفي سنة (786 ه / 1384 م)، فقد قال عن وفاة أبي جعفر الثاني عليه السلام في كتابه الدروس: [30] .



[ صفحه 47]



و قبض ببغداد في آخر ذي القعدة، و قيل: يوم الثلاثاء حادي عشر ذي القعدة سنة عشرين و مائتين.

18- و قال ابن الصباغ المالكي علي بن محمد بن أحمد المتوفي سنة (855 ه / 1451 م):

قبض أبوجعفر محمد الجواد بن علي الرضا عليه السلام ببغداد، و كان سبب وصوله اليها اشخاص المعتصم له من المدينة، فقدم بغداد مع زوجته أم الفضل بنت المأمون لليلتين بقيتا من المحرم سنة عشرين و مائتين، و توفي بها في آخر ذي القعدة الحرام، و قيل: توفي بها يوم الثلاثاء لست خلون من ذي الحجة من السنة المذكورة.

و دفن في مقابر قريش في ظهر جده أبي الحسن موسي الكاظم، و دخلت امرأته أم الفضل الي قصر المعتصم فجعلت مع الحرم، و كان له من العمر خمس و عشرون سنة و أشهر، و كانت مدة امامته سبعة عشر [31] سنة أولها في بقية ملك المأمون، و آخرها في ملك المعتصم. و يقال: انه مات مسموما. [32] .

19- و قال ابن العماد الحنبلي عبدالحي بن أحمد بن محمد العكري الدمشقي المتوفي سنة (1089 ه / 1679 م):

و فيها - سنة عشرين و مائتين - الشريف أبوجعفر محمد الجواد بن علي بن موسي الرضي الحسيني أحد الاثني عشر اماما الذين تدعي فيهم الرافضة العصمة و له خمس و عشرون سنة، و كان المأمون قد نوه بذكره و زوجه بابنته و سكن بها بالمدينة فكان ينفذ اليه في السنة ألف ألف درهم و أكثر، ثم وفد علي المعتصم



[ صفحه 48]



فأكرم مورده و توفي ببغداد آخر السنة و دفن عند جده موسي و مشهدهما ينتابه العامة بالزيارة. [33] .

20- و أخيرا قال المحقق الشيخ عباس القمي بن محمد رضا المتوفي سنة (1359 ه / 1940 م):

قبض أبوجعفر الجواد عليه السلام مسموما ببغداد في آخر ذي القعدة سنة (220) عشرين و مئتين و هو ابن خمس و عشرين سنة و دفن بمقابر قريش في ظهر جده موسي بن جعفر عليه السلام. [34] .

من خلال ما تقدم يتبين لنا وجود أربع روايات مختلفة في كيفية وفاته عليه السلام، و الخامسة هي تصريح الشيخ المفيد رحمه الله أنه لم يثبت عنده خبر بأنه عليه السلام مضي مسموما فيشهد به. و هذا الرأي عليه أكثر علماؤنا القدماء، و بعض المؤرخين الذين ضعفوا خبر وفاة الامام الجواد عليه السلام مسموما ب (قيل)، أمثال الشيخ الكليني الذي لا تبعد وفاته عن وفاة الامام بأكثر من (110) أعوام، و شيخ الطائفة الطوسي، و الطبرسي، و الشهيد الأول، و كل من أرخ له من العامة كما مر معك.

الرواية الأولي: منقولة في بحارالأنوار عن تفسير العياشي، و هي طويلة ذكرنا نصها في مكانة الامام العلمية من الفصل الخامس، و مفادها: أن الامام عليه السلام كان قد حضر مجلسا للمعتصم ضم فقهاء البلاد و البلاط، فطرحت مسألة اقامة الحد علي سارق، أقر علي نفسه بالسرقة. فشرق الفقهاء في الجواب و غربوا، و لما طلب الي الامام بيان رأيه في المسألة، أفتاهم بما يخالف أقوالهم، بدليل من الكتاب و السنة الشريفة، فأجري الحد علي السارق استنادا الي فتوي الامام،



[ صفحه 49]



و تركت أقوال الباقين؛ لهذا قامت قيامة ابن أبي دؤاد، و أخذ يسعي لدي المعتصم للوقيعة بالامام، و نجح - استنادا الي الرواية - في مسعاه بأن حرض المعتصم علي قتل الامام، فعمل الأخير في الاحتيال علي الامام فدس اليه السم في الطعام عن طريق أحد وزرائه بعد أن دعاه الي منزله.

الرواية الثانية: يرويها ابن شهر آشوب في المناقب فيقول: لما بويع المعتصم جعل يتفقد أحواله - أي الجواد عليه السلام - فكتب الي عبدالملك الزيات [35] أن ينفذ اليه التقي و أم الفضل، فأنفذ الزيات علي بن يقطين اليه، فتجهز و خرج الي بغداد، فأكرمه و عظمه، و أنفذ أشناس بالتحف اليه و الي أم الفضل. ثم أنفذ اليه شراب حماض الأترج تحت ختمه علي يدي أشناس، فقال: ان أميرالمؤمنين ذاقه قبل أحمد بن أبي دؤاد، و سعيد بن الخضيب و جماعة من المعروفين، و يأمرك أن تشرب منها بماء الثلج، و صنع في الحال، و قال: أشربها في الليل، قال: انها تنفع باردا و قد ذاب الثلج، و أصر علي ذلك، فشربها عالما بفعلهم. [36] .

الرواية الثالثة: يرويها ابن شهر آشوب أيضا في مناقبه، قال: روي أن امرأته أم الفضل بنت المأمون سمته في فرجه بمنديل فلما أحس بذلك قال لها: أبلاك الله بداء لا دواء له، فوقعت الأكلة في فرجها، و كانت ترجع الي الأطباء و يشيرون بالدواء عليها، فلا ينفع ذلك حتي ماتت من علتها. [37] .

الرواية الرابعة: و هي التي ينقلها العلامة المجلسي في بحارالأنوار عن عيون المعجزات للحسين بن عبدالوهاب و التي ذكرناها قبل قليل ضمن طائفة



[ صفحه 50]



أقوال العلماء و المؤرخين في شأن وفاته عليه السلام، و نصت علي أن أم الفضل هي التي باشرت في سمه بعنب رازقي بأمر من المعتصم العباسي.

الرواية الخامسة: ما قدمناه ابتداء مما عرفت من رأي الشيخ المفيد رحمه الله.


پاورقي

[1] تفسير العياشي: 1 / 319.

[2] أصول الكافي: 1 / 492.

[3] الارشاد: 2 / 295.

[4] مروج الذهب: 4 / 52.

[5] مسند الامام الجواد للعطاردي نقلا عن اثبات الوصية: ص 219.

[6] التهذيب: 6 / 91.

[7] تاريخ بغداد: 3 / 54.

[8] و هذا اشتباه منشؤه صلاة الواثق بالله عليه كما سيأتي بيانه، و أشار اليه الخطيب البغدادي في تاريخه، كما أوردناه قبل قليل. هذا اذا علمت أن الواثق تولي الخلافة بعد موت المعتصم سنة (227 ه). و حتي القول بأن امامته كانت في ملك المعتصم ثماني سنين، خطأ، اذ ان وفاته عليه السلام كانت بعد سنتين من تولي المعتصم الخلافة سنة (218 ه).

[9] في المصدر تسعة عشر حبة، و الصحيح ما أثبتناه.

[10] دلائل الامامة: ص 204، معجم البلدان: 1 / 361، مراصد الاطلاع: 1 / 173.

[11] البذندون: قرية من بلاد الثغور، تبعد عن طرسوس مسيرة يوم، و تقع اليوم في الجزء الجنوبي من تركيا. راجع: معجم البلدان: 1 / 361، مراصد الاطلاع: 1 / 173.

[12] عيون المعجزات: ص 131، و عنه بحارالأنوار: 50 / 16.

[13] اعلام الوري: ص 344.

[14] كذا في المصدر. و الصواب محمد بن عبد الملك الزيات. و هو أبوجعفر، المعروف بابن الزيات: أديب، شاعر، كاتب. وزير المعتصم و الواثق. عمل علي تنحية المتوكل عن الخلافة، فلم يفلح، فلما ولي المتوكل نكل به و عذبه في السجن الي أن مات سنة (233 ه). و سبب موته أن المتوكل أدخله في تنور حديدي تحيط به مسامير أطرافها المدببة الي داخله، فلو تحرك الواقف بداخل التنور قليلا من شدة الحرارة، دخلت المسامير في بدنه. كان ابن الزيات هو الذي صنعه ليعذب فيه المخالفين لأوامره، و ما سبقه اليه أحد. فعذب فيه أربعين يوما حتي مات. و لما دفن لم يعمق قبره، فنبشته الكلاب و أكلته. و كان ابن الزيات شديد الوطأة علي الشيعة. راجع في ترجمته: تاريخ بغداد: 2 / 342، و فيات الأعيان: 5 / 94 رقم 696.

[15] من المستبعد جدا أن يكون علي بن يقطين قد أدرك أواخر حياة الامام الجواد عليه السلام خاصة و أنه روي عن الامام الصادق عليه السلام. اللهم الا أن يكون المراد ابن علي بن يقطين، و قد سقطت كلمه (ابن). و هو الحسن و قد ذكرناه ضمن أصحابه و الرواة عنه. علما بأن ولادة علي كانت في الكوفة سنة (120 ه)، و قيل: سنة (124 ه)، و لم يعرف أنه عمر مئة سنة. بل، ان وفاته كانت سنة (182 ه) علي الأرجح، و في رجال الكشي: ص 430 أن وفاته حوالي سنة (180 ه).

كان والده يقطين داعية للعباسيين، فحظي لذلك بمنزلة رفيعة في أوائل حكم الدولة العباسية، و عليه فقد كانت لعلي ابنه أيام حكومة هارون الرشيد منزلة سامية تفوق منزلة والده حيث اتخذه الرشيد وزيرا له. و كان علي مع ذلك علي صلة وثيقة بالامام موسي بن جعفر عليه السلام، فكان يكتم تشيعه. كما كان - من خلال منصبه - يعمل بارشاد الامام الكاظم عليه السلام و توجيهاته في اغاثة المظلومين، و الشيعة المعوزين، فيبرهم، حتي قال فيه عليه السلام: «يا علي ان الله أولياء الظلمة، يدفع بهم عن أوليائه، و أنت منهم يا علي».

[16] أشناس التركي الأمير: قائد، من الشجعان، و من كبار الأمراء، حل محل الأفشين في تسلم قيادة الجيش العباسي سنة (225 ه) حيث أجلسه المعتصم علي كرسي و خلع عليه، و توجه و وشحه.

اشترك في معركة (عمورية) فكان أول الداخلين اليها من العساكر الثلاثة (جيش المعتصم، و جيشه، و جيش الأفشين) و ذلك في سنة (223 ه). عهد اليه المعتصم بناء مدينة سامراء. ولي امرة دمشق أيام حكم الواثق، و في سنة (228 ه) توجه الواثق و ألبسه و شاحين بالجوهر. مات سنة (230 ه / 845 ه)، و قيل: سنة (252 ه).

راجع في ترجمته: تاريخ الطبري حوادث سنة (223 ه)، تاريخ مدينة دمشق: 9 / 163 رقم 776، المنتظم: 11 / 83 - 79 و 98 و 155، سير أعلام النبلاء: 12 / 123، الوافي بالوفيات: 9 / 278 رقم 4199، و في الأخيرين أن وفاته سنة (252 ه).

[17] الأترج و الأترنج: شجر من جنس الليمون يقال له أيضا (الترنج). و الحماض: ما في جوف الأترج من اللب.

[18] أي انه ختمه بخاتمه ليطمئن الامام عليه السلام بأن الشراب مرسل اليه باشرافه شخصيا.

[19] مناقب ابن شهر آشوب: 4 / 384.

[20] المصدر نفسه: ص 391.

[21] مناقب آل أبي طالب: ص 379.

[22] روضة الواعظين: 1 / 243.

[23] في الأعلام للزركي: عبدالعزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر.

[24] معالم العترة النبوية و معارف الأئمة من أهل البيت الفاطمية، نقلا عن كشف الغمة للاربلي: 3 / 135.

[25] الكامل في التاريخ: 6 / 455.

[26] وفيات الأعيان: 3 / 315.

[27] كشف الغمة: 3 / 134.

[28] في حين ان المليون درهم يومذاك كان مبلغا كبيرا، و قد يبدو للوهلة الأولي أن فيه نوع مبالغة. فمن ناحية أن هذا المبلغ لا يشكل شيئا بالنسبة للأموال الطائلة التي كان يجمعها حكام بني العباس في خزائنهم الخاصة، ثم يصرفونها في البذخ و اللهو الترف. اذا ألقيت نظرة علي موضوع جود الامام و كرمه من الفصل الثالث، فانه سيتبين لك أن الامام عليه السلام انما كان يبذل أكثر من هذا الرقم بكثير سنويا.

و علي فرض صحة هذا العطاء من المأمون، فانه لا يشكل سوي جزءا من الأموال الطائلة التي كانت تجبي للامام من الأمصار المختلفة، اذ ان غالبية الشيعة كانت تدفع خمس أموالها و زكاتها الي وكلاء الامام و أصحابه، و هؤلاء بدورهم كانوا يرسلونها للامام، أو يكتبون بها اليه، و هو يرشدهم الي موارد صرفها.

فهو عليه السلام كان يوزع في مدينة الرسول وحدها علي فقرائها و معوزيها سنويا مليون درهم، غير الغلال و الأطعمة و الكسوة و من هذا المنطلق عرف بجواد الائمة؛ لأن عهده سلام الله عليه كان عهد خير و رفاه علي الشيعة، كما أخبر بذلك والده الرضا عليه السلام حين ولادته، و هكذا كان.

[29] مرآة الجنان: 2 / 80.

[30] الدروس الشرعية: 2 / 14 كتاب المزار.

[31] كذا في المصدر. و الصواب: سبع عشرة سنة.

[32] الفصول المهمة: ص 272.

[33] شذرات الذهب: 2 / 48.

[34] الأنوار البهية: ص 222.

[35] كذا في المصدر، و الصحيح هو محمد بن عبدالملك الزيات، و قد مرت ترجمته قبل قليل، و أشرنا هناك الي تصويبه أيضا.

[36] مناقب آل أبي طالب: 4 / 384.

[37] مناقب آل أبي طالب: 4 / 391.