بازگشت

سيكون لي ولد!.. و كان ولد معجزة!


«و الله لا تمضي الأيام و الليالي حتي يولد لي ذكر من صلبي!» [1] .

قول للامام الرضا عليه السلام كرره في عدة مجالس له. و هو اخبار عن غيب، مسبوق بقسم عظيم.

و لكنه قول فصل.. ما هو بالهزل،

صدر عن امام!.

و لو كان القول، و اليمين، من غير الامام، لكانا جرأة عظيمة علي الله!. و تحديا للطبيعة التي يقول بها الدهريون.

و مثل هذا القول من غير الامام تخمين.. و من الامام يقين.

بل هو منه حتم جزم.. لأنه ناشي ء عن مشيئة الله تعالي الذي آمن به ايمانا يختلف عن ايماننا الساذج. و ليس في الأمر تنجيم و لا سحر، و لا كهانة و لا ضرب بالرمل... بل هو «نقل» عن الغيب، صرح به ولي من أولياء الله المنتجبين، يدل علي تصديقه بما جاء من عند ربه عز و علا من غير أن تقف في وجهه الشكوك.

و هذا يشبه نص الامام الكاظم عليه السلام علي ابنه الرضا، و علي ابن ابنه الجواد عليهماالسلام قبل ولادة حفيده بسنين طوال، حيث قال لصاحبه محمد بن سنان الذي سأله عن الرضا عليه السلام:



[ صفحه 84]



«يمد الله في عمرك و تسلم له حقه، و تقر له بامامته، و امامة من سيكون بعده» [2] كما مر معنا سابقا.

فقد نص علي ابنه الرضا، و علي حفيده الجواد عليهماالسلام، قبل أن يولد الجواد و قبل أن تحمل به أمه.

فكيف تكفل الكاظم عليه السلام بالمد في عمر صاحبه؟.

و كيف ضمن وفاءه معه و الاقرار بامامة ابنه؟.

و كيف أكد اعترافه بامامة حفيد له لم يولد بعد؟.

و من أين له بهذه «العهود» و الوعود يوزعها يمنة و يسرة؟.

آية ذلك ستنجلي لك تباعا كلما ما شيتني في الموضوع.

و اليك الثالثة.. حيث قال عقبة بن جعفر:

«قلت للرضا عليه السلام: قد بلغت ما بلغت و ليس لك ولد!.

فقال: يا عقبة، ان صاحب «هذا الأمر» لا يموت حتي يري خلفه من بعده» [3] .

و هذه قولة تدعو الي التأمل..

فمن أين قبض بيده علي هذا الصك باطالة عمره الي أن يرزق ولدا؟

و كيف قرر أن ولده المقبل ذكر؟.

و ما هذا الضمان بأن ابنه سيكون اماما من بعده؟!!

ألست تري معي أنها جرأة؟.

بلي. ولكنها جرأة علي قول الحق، من فم صادق، مصدق بجميع ما جاء من عندالله. فهو ينظر في كفه و في العهد الذي بيده.. ثم يترجم لنا قول جده، صلي الله عليه و آله عن ربه.. فلا يزيد و لا ينقص و لا يخترع و لا تجترح.



[ صفحه 85]



هذا، و ان عصر الرضا عليه السلام، كان عصر نهضة فكرية و علمية جعلت أهلها لا يرتضون بالميسور من القول، و لا يؤمنون ايمان عجائز، و لا يلقي القول عليهم علي عواهنه. لأنهم كانوا يؤولون المعاجز و يفلسفونها و يخرجون من عهدة الالتزام بها بألف باب من الحذلقة، و الفذلكة، و الزندقة، و السفسطة، و الاستدلالات القياسية و الفلسفية. فهم أهل أفهام و أهل كلام، اذ في القرن الثاني للهجرة - الذي عاش فيه الامام - ازدهرت الحركة العلمية، و نشط البحث الفلسفي، و كثر التأليف في مختلف العلوم التي أتقنوا نقلها و ترجمتها عن لغات متعددة، و شاع التصنيف فيما ابتدعوه من معارف، و فيما أنتجته قرائحهم من فلسفات و كلام.. و يومها ازدحمت المدارس، و اكتظت حلقات الطلاب حول الجهابذة من الأساتذة - في حين كانت تلمع أنجم الأئمة (ع) أيام «المهدي و الهادي و الرشيد و الأمين و المأمون و المعتصم» من خلفاء العباسيين، و في فترة كانت من أغني فترات الفكر و الثقافة الاسلامية التي عاش فيها مؤسسو المذاهب الفقهية كالشافعي، و مالك بن أنس، و أحمد بن حنبل، و كأبي يوسف القاضي، و سفيان الثوري، و زفر، و الشيباني، و شريك القاضي، و ابن المبارك، و يحيي بن أكثم، و الفراهيدي، و الأصمعي، و ككثير من المعتزلة و المتصوفة، و الأطباء، و الفلكيين، و بعض الزنادقة و أهل الغلو و غيرهم، و غيرهم... و كان أمثال هؤلاء يستقصون أمر «الامامة» و الولاية بدقة بالغة و برهافة حس شديدة، و يلاحقون قصتها بعناية، فنشأ - من ثم - طرفان: أحدهما يهتم بالجرح و القدح، و الفضح.. و ثانيهما يسعي للاثبات، فالابهات، فالاسكات.. فأدي ذلك الي كثرة السؤال عن انقطاع «الولاية» حين لم يرزق الامام الرضا عليه السلام ولدا ذكرا رغم أنه في سن الكهولة.. و لكن الأئمة عليهم السلام كانوا يقولون كلمتهم - في هذه الأجواء - بثقة و جرأة تفتن ألباب ذلك الرعيل من العلماء و الفقهاء و الفلاسفة، غير هيابين، لأنهم ينقلون عن رب العالمين.

فمن ذلك «أن ابن النجاشي قال لأبي نصر البيزنطي مرة:

«من الامام بعد صاحبكم؟. فأحب أن تسأله حتي أعلم.



[ صفحه 86]



فدخل أبونصر علي أبي الحسن الرضا عليه السلام، فأخبره.

فقال: الامام بعدي ابني.

ثم قال عليه السلام: هل يتجرأ أحد أن يقول: ابني، و ليس له ولد؟!!» [4] .

لا، يا سيدي، لا يتجرأ علي مثل هذا القول الا أنتم.

و كأني بك تتحدي الأفهام.. و فقهاء الأنام.. و سائر الأعلام في عصرك الذي سموه العصر الذهبي... و تبتسم من «علمهم» ابتسامة صفراء، فيها هزء و سخرية.. منهم، و من علمهم!.

فليصدق قولك من شاء.. و ليرفضه من أراد.. فقد لفت نظر الكل الي المعجزة السماوية.. و عداك - في الأنام - ذم!. لأن باقي المخلوقات - من حولك - ناس من الناس، و ان كانت بينهم طائفة من المصدقين، و طائفة - أكبر - من الذين (أهمتهم أنفسهم، يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية!) [5] و يبغون غير حكمه سبحانه و غير مشيئته و تقديره.

فقد قال الامام بجزم: سيكون لي ولد، ذكر، اسمه محمد!..

و تحدي أن يقولها أحد غيره،

و حكي عن «غيب» يراه حقا رأي العين.. لأنه «ميثاق» يقبض عليه بيده.

و من أجل أن يري أحدنا قوله هذا - و أقوال الأئمة جميعهم - حقا و صدقا لا تشوبه شائبة، يتوجب عليه أن يدخل في موضوع فهم أخبارهم - بعد الاطلاع علي مصدر اخبارهم - دخول المصور في هيكل آلات التصوير بشريط نقي من أية شائبة ارتسمت عليه، ليكون في مقدور آلته أن ترسم علي ذلك الشريط صورة نقية ظاهرة المعالم بارزة الظلال و الأنوار.



[ صفحه 87]



أما في حال استعمال شريط تراكم عليه غبار العوائق، أو ارتسمت عليه صور سابقة، أو كان «عاطلا» فاسدا، فان النور الذي يدخل الي الآلة لا يستطيع محو «الفساد» و وضع الصورة المرادة مكانه.

و لذا، كان علينا أن نتلقي أخبارهم بقلب نقي لا أثر فيه لرواسب العصبية، و بنفس منفتحة علي استقبال أمر ذي بال ينبغي اعمال الفكر فيه، فنحن مبعدون عن فهمهم لأن قلوبنا غلف عامرة بالنكت السوداء فلا يلجها معناهم القدسي، و لا ينفذ اليها «أمرهم» الرباني، لأن صدأ العقول و زنجار النفوس يحولان دون نصاعة الحقائق، و يجعلان معالمها شوهاء غبشاء.

قال محمد بن اسماعيل بن بزيع:

«سئل الامام الرضا عليه السلام: أتكون الامامة في عم أو خال؟..

قال: لا.

فقيل: في أخ؟.

قال: لا.

قيل: ففي من؟.

قال: في ولدي.

و هو يومئذ لا ولد له» [6] .

و قالها و لم يخامر قلبه ريب.. و لا خاف أن يبدو لله تعالي شي ء من تغيير قضاء أو تبديل مشيئة، لأنه يعلم أن أمر «الامامة و الامام» من المحتوم، و يوقن أن ربه سبحانه قال: (ما يبدل القول لدي) [7] فيما قضي و حتم.

و قالها لأنه يعلمها... و بغية تثبيت مواليه علي «الأمر» و حملهم علي عدم الشك به



[ صفحه 88]



مهما اعتور فهم القضية من عوائق.

قالها سلام الله عليه، و قال للبيزنطي باطمئنان تام:

«ان الله تعالي يقول في كتابه: (و ما كان الله ليضل قوما بعد أذ هداهم، حتي يبين لهم ما يتقون). [8] فطب نفسا، و طيب بأنفس أصحابك. فان الأمر يجي ء علي غير ما يحذورن ان شاء الله» [9] .

أي أنه «لن» يمضي من هذه الدنيا قبل أن يكون له ولد يكون الامام من بعده.

و أنه - كسائر آبائه و أبنائه عليهم السلام - منتجب من لدن ربه.. سامع، مطيع، يصدر عن أمره في قوله و فعله.

و من جهلنا بهذا الانتجاب، كانت أحكامنا علي الأئمة جائرة، متأثرة بالفارق الايماني بيننا و بينهم، و متأتية من شكنا - بادي ء ذي بدء - بكل ما يروي عن المغيبات، فان القائم في أذهان «ضعفاء الناس» أن «ولاية» علي عليه السلام، التي نصبه لها النبي صلي الله عليه و آله، اختص بها علي سبطي الرسول من بعده لأنهما ولداه، و أن كل امام - بعدهما - ورثها لابنه تباعا وفق توريث دبروه بليل!!! مع أن الأمر ليس كما يستقر في تلك الأذهان التي تراكمت عليها الرواسب.

قال الامام الصادق عليه السلام لعمرو بن الأشعث:

«ان الموصي منا يوصي الي من يريد؟!.

لا و الله. ولكنه عهد من رسول الله صلي الله عليه و آله: رجل فرجل حتي ينتهي الأمر الي صاحبه» [10] .

ففي أيديهم موثق من الله تبارك و تعالي لا يعدونه قيد شعرة، و هم ينفذونه بأمانة، عملا بقوله عز من قائل: (و أوفوا بالعهد، ان العهد كان مسؤولا) [11] .



[ صفحه 89]



فانظر بعين بصيرتك، و تأمل بثاقب فكرك، الحوار التالي - أيضا - ليتضح لك ما هم عليه من الوفاء بعهد الله جلت قدرته:

قال الحسين بن يسار:

«استأذنت أنا و الحسين بن قياما - الذي هو واقفي لا يقول بامامة عصره - علي الامام الرضا عليه السلام في (صريا) فأذن لنا، فقال:

افرغوا من حاجتكم.

فقال له ابن قياما: تخلو الأرض من أن يكون فيها امام؟.

فقال: لا.

قال: فيكون فيها اثنان؟.

قال: لا، الا و أحدهما صامت لا يتكلم (وورد: لا، الا واحد صامت، و واحد ناطق).

قال: فقد علمت أنك لست بامام.

قال: و من أين علمت؟.

قال: انه ليس لك ولد، و انما هي في العقب.

قال: فقال له: فوالله لا تمضي الأيام و الليالي، حتي يولد لي ذكر، من صلبي، يقوم مثل مقامي، يحق الحق، و يمحق الباطل» [12] .

و رواه صفوان بن يحيي بالنص التالي:

«حدثنا الحسين بن قياما، و كان من رؤساء الواقفة، فسألنا أن نستأذن له علي الرضا عليه السلام ففعلنا.

فلما صار بين يديه قال له: أنت امام؟.



[ صفحه 90]



قال: نعم.

قال: فاني أشهد أنك لست بامام.

فمكث - الامام - في الأرض طويلا منكس الرأس، ثم رفع رأسه فقال له:

ما علمك أني لست بامام؟!.

قال: انا روينا عن أبي عبدالله عليه السلام، أن الامام لا يكون عقيما، و أنت بلغت هذا السن و ليس لك ولد.

فنكس - الامام - رأسه أطول من المرة الأولي، ثم رفع رأسه فقال:

اني أشهد الله أنه لا يمضي الأيام و الليالي، حتي يرزقني الله تعالي ولدا مني» [13] .

«قال عبدالرحمان ابن أبي نجران: فعددنا الشهور من الوقت الذي قال، فوهب الله له أباجعفر عليه السلام في أقل من سنة» [14] .

و يلفت النظر في هذا الحوار أمور:

أولها: أن الامام قال لزائريه: افرغوا من حاجتكم، لأنه «علم» سلفا أن ابن قياما جاء بهذا الصدد، فأراد أن يلقي شكه في نحره، فابن قياما - هذا - لم يقل بامامة الرضا عليه السلام و كان متوقفا عند امامة أبيه الكاظم عليه السلام الذي دعا عليه أثناء الطواف في الحج حين رآه يقف حائرا فعلم ما في نفسه فقال له: مالك حيرك الله؟! [15] فبقي متحيرا الي أن فتح الله تعالي عليه أبواب الفهم كما ستري لاحقا.

و ثانيها: موقف الامام الجدي مع محاوره، فقد كان يجيبه بتأن و جزم، ليجتث الحيرة من صدره.

و ثالثها: حلفه اليمين القاطعة علي أمر في طي الغيب! و اشهاد الله تعالي..

و رابعها: ذكر الأيام و الليالي - دون السنوات -!. فهل وضع هذا الابن المرصود بيده و هو يتناوله متي شاء؟!.



[ صفحه 91]



و خامسها: قول امام تخطي الأربعين من عمره: سيكون لي ولد.. «كاشفا» عن «علم خاص» به أقدره الله تعالي عليه.

أفما يدور في خلد ابن الأربعين العقم.. و انقطاع النسل؟!!!

لا، و كلا.. فهو و ابنه علي ميعاد.. و (ان الله لا يخلف الميعاد) [16] .

و لم يخف أن تسقط زوجه.. و لا خشي أن يعطي بنتا.. بل تحدي «العادة و المألوف» و قال:

سيكون لي ولد.. ذكر.. ثم لقبه بالجواد!.

و أنه امام، ابن امام، أبوأئمة.

و لا تخرص في ذلك و لا تخريف.. و لا علم غيب أيضا.. و لا أملي الامام علي القضاء و القدر، و لا كان بيده الاعطاء و الامساك.

و قال ذلك و ما خاف غيلة مغتال.. و لا أن يبدل الله من حال الي حال..

لأنه مؤمن ايمانا فريدا... يراه عاديا و نراه جديدا مدهشا جريئا..

و الامام الرضا عليه السلام هو من هو في مركزه الديني و الاجتماعي و السياسي، و مع ذلك ما هاب اخترام قضاء، و لا بدو بداء، بالرغم من أنه يبدو و كأنه يقضي و يمضي من عند نفسه، و كأنه لا دخل لمواريث السماء التي بيده!.

فليس في العالمين أحد يملك جرأة امامنا الرضا عليه السلام فيقسم علي أنه يعطي ولدا، ذكرا، يسميه، و يلقبه، و الأربعون من سني الكهولة تلف أثقال العمر عليه.

و لكن أباالحسن عليه السلام، أطلقها صريحة فصيحة.. و أن ابنه يؤتي الحكمة و فصل الخطاب صبيا!.

و هذا تحد قاهر لكل عقل قاصر! و ان كان - بحقيقته - اعلانا عن «امر» سبق في علم الله تعالي أنه سيكون، و كشفا عن واقعة ليس لوقعتها كاذبة.



[ صفحه 92]



فقوله - و استغفر الله من فلسفتي له - قول صادر عنه، عن أبيه، عن جده.. عن جده النبي الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم، عن جبرائيل، عن اللوح، عن القلم، عن الله عز و علا.. و من كان لبيبا يرشد فيسعد، و من انجر بشعرة ابليس أضله الهوي و أطغاه.

فقد جاء في حديث «لوح فاطمة» عليهاالسلام الذي صدر عن العزة الالهية، ما نذكر الشاهد منه فقط:

«.. و علي - أي الرضا عليه السلام - وليي و ناصري. لأقرن عينه بمحمد ابنه و خليفته من بعده. فهو وارث علمي، و معدن حكمتي، و موضع سري، و حجتي علي خلقي.. الخ..». [17] .

و نتابع توضيح خطوط هذه الحادثة الخارقة. لتبدو جلية لسائر الأنظار.

قال كليم بن عمران:

«قلت للرضا عليه السلام: ادع الله أن يرزقك ولدا.

فقال: انما أرزق ولدا واحدا، و هو يرثني و يرث آل داود..

فلما ولدا أبوجعفر عليه السلام، قال الرضا عليه السلام لأصحابه:

قد ولد لي شبيه موسي بن عمران فالق البحار، و شبيه عيسي بن مريم قدست أم ولدته، قد خلقت طاهرة مطهرة.

ثم قال: يقتل غصبا فيبكي له و عليه أهل السماء، و يغضب الله علي عدوه و ظالمه فلا يلبث الا يسيرا حتي يعجل الله به الي عذابه الأليم و عقابه الشديد.

و كان طول ليلته يناغيه في مهده» [18] .

نعم، كان يناغيه بجد الأنبياء، لا بلهو السفهاء من الآباء.



[ صفحه 93]



ولكن في الخبر عبارتين قد تزيدان بلة في الطين الذي ران علي قلوب المكابرين:

احداهما: أن ابنه يقتل غصبا!. فمن قال له ذلك؟.

و الثانية: أن قاتله الظالم له لا يلبث بعده الا قليلا!. فمن أنبأه؟!!

و لو سئل الامام عليه السلام عن ذلك ل (قال: نبأني العلم الخبير) [19] .

فليس عند أئمتنا نبوءات تتلوها نبوءات، و انما أنجر الله تعالي لهم وعده، و لا تخليط في الأمر و لا أضغاث أحلام.. و لا علم غيب.. بل علمهم الله سبحانه من علمه.. و وقع أمر الله بقتل «ابنه» غصبا، و بهلاك ظالمه «المعتصم» بعده بقليل.. قولا من عندالله ورثوه عن جدهم صلي الله عليه و آله و سلم.. و (انه لقول رسول كريم، ذي قوة عند ذي العرش، مكين، مطاع ثم أمين) [20] الا عند المستكبرين عن سماع كلمة الله تعالي.

ثم.. كان الولد،

(و كان أمر الله قدرا مقدورا) [21] .

و قال يحيي الصنعاني:

«دخلت علي أبي الحسن الرضا عليه السلام و هو بمكة، و هو يقشر موزا و يطعم أباجعفر عليه السلام. فقلت: جعلت فداك، هو المولود المبارك؟.

قال: نعم، يا يحيي. هذا المولود الذي لم يولد في الاسلام مثله مولود أعظم بركة علي شيعتنا منه» [22] .

و كان ابن عباد، و ابن أسباط، قد رأياه عليه السلام بعيد ميلاده، و قالا:

«انا لعند الرضا عليه السلام بمني، اذ جي ء بأبي جعفر عليه السلام، فقلنا: هذا المولود المبارك؟.



[ صفحه 94]



قال: نعم، هذا المولود الذي لم يولد في الاسلام أعظم بركة منه» [23] .

فها هو ذا حدث - لا كالأحداث - وصبي - لا كالصبيان -!. لا يلهو، و لا خلق للعب.

أخذ أبوه ينوه به بعد ولادته، كما نوه قبلها.. لأنه امام موعود لا ينبغي الضلال عنه، اذ من مات و لم يعرف امام زمانه، مات ميتة جاهلية.

قال عبدالله بن جعفر: «دخلت أنا و صفوان بن يحيي، و أبوجعفر عليه السلام قائم قد أتي له ثلاث سنين - و هو بين يدي أبيه - فقلنا له: جعلنا الله فداك، ان - و أعوذ بالله - حدث حدث فمن يكون بعدك؟.

قال: ابني هذا - و أومأ اليه -.

فقلنا: و هو في هذا السن؟!!

قال: نعم، و هو في هذا السن، ان الله تبارك و تعالي احتج بعيسي و هو ابن سنتين» [24] .

نعم، قد كلم عيسي عليه السلام الناس و هو في المهد.. و ستري من أبي جعفر صلوات الله عليه آيات بينات في سنواته الأولي كذلك.

و قد قال معمر بن خلاد: «سمعت الرضا عليه السلام - و ذكر شيئا - فقال:

ما حاجتكم الي ذلك؟. هذا أبوجعفر قد أجلسته مجلسي، و صيرته مكاني. انا أهل بيت يتوارث أصاغرنا أكابرنا القذة بالقذة» [25] .



[ صفحه 95]



ثم بدأ المولود مبارك يظهر علي الجمهور بنفسه مع صغر سنه، و قد قال محمد بن عيسي: «دخلت علي أبي جعفر عليه السلام، فناظرني في أشياء، ثم قال:

ارتفع الشك؟. ما لأبي غيري» [26] .

فقد و كل أبوه أمر الاجابة علي أسئلة أصحابه اليه، ليزول الشك من نفوسهم، و مارس طريقة انتدابه للرد، لصرف أصحابه اليه، و صار يقول - و هو حدث بين يديه -: هذا أبوجعفر أجلسته مجلسي و أقمته مقامي، حرصا علي عقيدة الثلة المؤمنة التي لم يجرفها زخرف الدنيا و بهرجها.

و قد قال الحسن بن الجهم:

«كنت مع أبي الحسن عليه السلام جالسا، فدعا بابنه و هو صغير، فأجلسه في حجري و قال لي:

جرده، و انزع قميصه. فنزعته.

فقال لي: انظر بين كتفيه.

فنظرت فاذا في أحد كتفيه شبه الخاتم داخل اللحم.

ثم قال لي: أتري هذا؟. مثله في هذا الموضع كان من أبي عليه السلام» [27] .

و هذا الخاتم - كخاتم النبوة - من علامات الامامة، و هو يزيل ريب المرتابين لأنه مخلوق مع صاحبه.

و حدث ابراهيم ابن أبي محمود، فقال:

«كنت واقفا عند أبي الحسن، علي بن موسي، الرضا عليه السلام، بطوس.

فقال بعض من كان عنده: ان حدث حدث، فالي من؟.

قال: الي ابني محمد.

و كأن السائل استصغر سن أبي جعفر عليه السلام،



[ صفحه 96]



فقال له أبوالحسن الرضا عليه السلام: ان الله بعث عيسي بن مريم عليه السلام نبيا [ثابتا] باقامة شريعة في دون السن الذي أقيم فيه أبوجعفر ثابتا علي شريعته» [28] .

و جاء بلفظ: ان الله بعث عيسي رسولا نبيا، صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه أبوجعفر عليه السلام» [29] .

فدل بهذه الحجة القاطعة علي امكان أن يكون الطفل اماما، ما زال يمكن أن يكون نبيا، فرفع بذلك الاستهجان و أزال الوهم الذي يجي ء من ناحية صغر السن، لأن النبي يقوم بابتداء شريعة، بينما يسهر الامام علي تطبيق الشريعة الموجودة.. فاذا جاز أن يكون الصغير نبيا فلم لا يجوز أن يكون من هو في مثل سنه اماما و وصيا؟!!

و مما حصل له عليه السلام في صغره، أن علي بن أسباط تشرف بزيارته و روي ما حدث له، قائلا:

«رأيت أباجعفر قد خرج علي، فأحددت النظر اليه، و الي رأسه، و الي رجله، لأصف قامته لأصحابنا بمصر، فخر ساجدا.

و لما جلس قال: يا علي، ان الله احتج في الامامة بمثل ما احتج في النبوة. قال الله تعالي: (و آتيناه الحكم صبيا) [30] و قال الله: (فلما بلغ أشده، و بلغ أربعين سنة).. [31] .

فقد يجوز أن يؤتي الحكمة و هو صبي، و يجوز أن يؤتي و هو ابن أربعين» [32] .



[ صفحه 97]



و نترك ابن أسباط يتأمل قامته الشريفة لنتأمل نحن في أشياء أخري:

فكيف عرف هذا الصبي - ابن السنتين - ما دار في خلد صاحبه؟ فسجد!.

و كيف تسني لهذا الصغير أن يفجأه بحجة من القرآن ليستدل علي صحة امامة الصغير؟.

و من أعلمه بنبوة يحيي و عيسي عليهماالسلام في سن الصباوة؟.

و من لقنه الحجة بطرفيها حيث يجوز تكليف الصبي، و تكليف ابن الأربعين بالنبوة و الامامة للقيام بأمر الله عز و جل؟.

و ما هذه البلاغة، و الفصاحة، تدوران علي لسان صبي لا يزال في حضن أمه - بعيدا عن أبيه - مترعرعا بين جواريه السود، و نائيا عن حلقات الدرس و مجالس العلم؟!!

ان كيف، و من، و ما، و لماذا، و لم، كلمات جوفاء فارغة بحق أهل هذا البيت الذين حملوا العمل الرائد من السماء و حملوا - بذلك - أمرا عظيما و «قولا ثقيلا» فكان القرآن يدور علي ألسنتهم بيسر، و تتفجر ينابيع الحكمة من قلوبهم ببساطة تذهل العقول و تستلب الألباب.

فلا تستفهم عن حالهم اذا كنت رائد حق، و لا تضع وقتك و لا نفسك في همزات الشياطين، و تأمل بهذا الصبي الحدث الذي لم يجلس الي زائره ليلوك الكلام و ينمق اللفظ، و لا أعمل فكره ليتصيد المعاني بحذلقة لسان و اصطناع بيان ليخرج من عهدة الاستشكال في صغر سنة، بل «انكشف» له ما في نية صاحبه، فسجد شكرا لله علي وهبه و أزال الاشكال من ذهن الزائر بلا تعمل و لا تكلف؛ ذلك أن الأئمة عليهم السلام علمهم من علم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم - من علم الله تعالي - كبارا كانوا أم صغارا؛ كما أن طينتهم من طينته، و أن الذي «قرر» نبوته «قرر» ولايتهم حين رسم خطة النبوة و الامامة كليهما..

و قال سنان بن نافع:



[ صفحه 98]



«سألت علي بن موسي الرضا عليه السلام، فقلت: جعلت فداك، من صاحب الأمر بعدك؟.

فقال لي: يا ابن نافع، يدخل عليك من هذا الباب من ورث ما ورثته ممن هو قبلي، و هو حجة الله تعالي من بعدي..

فبينا أنا كذلك اذ دخل علينا محمد بن علي عليهماالسلام، فلما بصر بي قال لي:

يا ابن نافع، ألا أحدثك بحديث؟. انا معاشر الأئمة اذا حملته أمه يسمع الصوت في بطن أمه أربعين يوما.

فاذا أتي له في بطن أمه أربعة أشهر، رفع الله تعالي له أعلام الأرض فقرب له ما بعد عنه حتي لا يعزب عنه حلول قطرة غيث نافعة و لا ضارة. و ان قولك لأبي الحسن: من حجة الدهر و الزمان من بعده، فالذي حدثك أبوالحسن ما سألت عنه، هو الحجة عليك.

فقلت: أنا أول العابدين.

ثم دخل علينا أبوالحسن فقال لي: يا ابن نافع، سلم و أذعن له بالطاعة، فروحه روحي، و روحي روح رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم» [33] .

و نقل يحيي بن حبيب الزيات عمن حضر في مجلس الامام الرضا عليه السلام حديثا قال له في آخره:

«.. فلما نهض القوم قال لهم أبوالحسن الرضا عليه السلام: القوا أباجعفر فسلموا عليه و أحدثوا به عهدا.

فلما نهض القوم التفت الي و قال:

يرحم الله المفضل، انه كان ليقنع بدون ذلك» [34] .



[ صفحه 99]



يعني أن المفضل - صاحبه و صاحب آبائه عليهم السلام - كان يقنع بالنص علي خلف الامام نصا شفهيا بدون أن يبحث و يحقق و يدقق لشدة ايمانه و يقينه، و أنه لو كان حيا لنهض حالا ليحدث عهدا بالامام الجديد، ممتثلا امتثالا فوريا، لأنه يسمع و يطيع و ينفذ من غير أن يطلب دلالة علي قول امامه.

و قال جعفر بن محمد النوفلي:

«لقيت الرضا عليه السلام بقنطرة أريق، فسلمت عليه ثم جلست فقلت:

جعلت فداك، ان أناسا يزعمون أن أباك حي!.

فقال: كذبوا، لعنهم الله.

قلت: فما تأمرني؟.

قال: اقتد بابني محمد من بعدي» [35] .

و كما يدخل الطبيب الي عيادته معلما مفهما متخصصا بما جعله حرفة له، يخرج الامام عليه السلام الي هذه الحياة الدنيا و قد «أنهي تخصصه بوظيفته الالهية» و كان معلما مفهما لا يعييه أمر من أمور الدنيا و الدين. فلا هو بحاجة الي تدريب، و لا يرضخ لدور تأديب... و لا يحتاج لمراس، و لا لتمرين علي العمل كسائر الناس.

و ها نحن أولاء في عيادة الامام - الطفل - الطبيب، حيث قال معمر بن خلاد:

«سمعت اسماعيل بن ابراهيم يقول للرضا عليه السلام: ان ابني في لسانه ثقل، فأنا أبعث به اليك غدا تمسح علي رأسه و تدعو له، فانه مولاك.

فقال عليه السلام: هو مولي أبي جعفر، فابعث به غدا اليه» [36] .

و حمل الذي في لسانه ثقل اليه.. فشفي باذن الله تعالي و بمجرد دعوة الامام التي تمتم بها و هو رافع نظره الي السماء!.



[ صفحه 100]



و لكن يجب أن ينكشف لك السر كما انكشف لمعاصريه، فان أباه عليه السلام كان يوجه أنظار أصحابه اليه كي يلفت نظرهم الي سر الله الذي يحمله ابنه ليرسخ ايمانهم في قلوبهم و يحافظ علي جمعهم حول كلمة أهل الحق و كلمة الله التي ألقاها اليهم.

أفرأيته كيف يدعوهم الي أن لا يحوروا و لا يدوروا حين يرون المعجزة تجري علي يدي ابنه و هو لما يزل طفلا؟.

و رأيت - ثم - الي ابنه كيف يوضح علاقته بالسماء، و كيف يثبت تفرعه من الشجرة المباركة المطهرة من الرجس، و كيف تكون «الامامة» «للصغير» من هذا «البيت الكبير» بمشيئة الله!.

هذا الطفل - الذي يرفع طرفه نحو السماء و يتحرك لسانه بالثناء، كما يفعل المتنسكون الخاشعون من الأولياء، و يجأر الي الله سبحانه بالدعاء فيستجيب له لمحا بالبصر - هو طفل يدهش حقا!.

انه لما يزل يحمل من يد الي يد، و من حضن الي حضن بدافع عاطفة الكبير علي الصغير، ثم يصدر عنه مثل هذا العمل الجليل الخطير!.

قالت مرضعته التي كانت من سعد بن بكير حين رأت آياته العجيبة و هو - بعد - رضيعا:



أني أشبهك يا مولاي ذا لبة

شثن البراثن، أو صماء حيات



و لست تشبه ورد اللون، ذا لبد

و لا ضئيلا من الرقش الضئيلات



و لا خسأت سباع الأرض أسكتها

اشجاء صوتك حتفا، أي اسكات



و لا عزمت علي الحيات تأمرها

بالكف، ما جاوزت تلك العزيمات [37] .



فقد أنفت أن تشبهه بذي اللبوءة - أي الأسد القاسي الأظفار - أو بورد اللون - الأسد الشجاع - حين تكون اللبوءة بجانبه فيغار عليها و يحميها، أو بالحية الصماء ذات السم الناقع، أو بالأفعي الرقشاء، فانه أجل من ذلك و أرفع، لأنه بصوته



[ صفحه 101]



الناعم الرهيف يخسأ - يطرد و يبعد - سباع الأرض المفترسة أو يميتها هلعا و رعبا، و بصوته هذا يعزم علي الأفاعي فتقف عند عزيمته و تفعل ما يأمرها به.

و هذا أقوي و أخطر ما تتصوره مرضعته في الطبيعة، قد رفعته الي ما فوقه بمعاجزه الربانية التي تراها منه!. و هو - بالحقيقة - من البلاغة بمكان...

و كيف لا تقول فيه مرضعته هذا القول و هي تري منه عجبا؟. فقد روي أحمد بن محمد بن أبي نصر، و محمد بن سنان، جميعا، قالا:

«كنا بمكة، و أبوالحسن الرضا عليه السلام بها.

فقلنا له: جعلنا الله فداك، نحن خارجون و أنت مقيم. فان رأيت أن تكتب لنا الي أبي جعفر كتابا نلم به!. أي تجعل لنا بذلك سببا للتشرف بزيارته لأنه كان في السنة الأولي من عمره -.

فكتب اليه.

فقدمنا، فقلنا لموفق - الخادم -: أخرجه الينا.

فأخرجه الينا و هو في صدر موفق - أي في حضنه -.

فأقبل يقرأه و يطويه، و ينظر فيه و يتبسم، حتي أتي علي آخره كذلك يطويه و ينشره من أسفله» [38] .

أفلا يدهشك هذا الذي يفعله طفل لم يقف علي قدميه بعد؟!.

قال أحمد بن محمد بن أبي نصر، نفسه: «لما كان ابن ثمانية عشر شهرا دفعت اليه كتابا، ففضه و قرأه» [39] .

و استمع الي أعجب، فقد قال محمد بن ميمون:

«كنت عند الرضا عليه السلام بمكة قبل خروجه الي خراسان.

فقلت له: اني أريد المدينة، فاكتب معي كتابا الي أبي جعفر عليه السلام.



[ صفحه 102]



فتبسم، و كتب.

فصرت الي المدينة، و قد كان ذهب بصري.

فأخرج الخادم أباجعفر عليه السلام الينا، يحمله من المهد، فناولته الكتاب.

فقال لموفق الخادم: فضه و انشره.

ففضه و نشره بين يديه.

فنظر فيه، ثم قال لي: يا محمد، ما حال بصرك؟.

قلت: يا ابن رسول الله، اعتلت عيناي فذهب بصري كما تري.

قال: ادن مني.

و دنوت منه، فمد يده فمسح بها علي عيني، فعاد الي بصري كأصح ما كان.

فقبلت يده و رجله، و انصرفت من عنده و أنا بصير» [40] .

هذا فعل ربك - يا أخي القاري ء - (و ما رميت اذ رميت، و لكن الله رمي)! [41] .

و هكذا كان الله تعالي يلهم الناس ليقصدوا الامام الرضا عليه السلام، فيوجههم نحو ابنه - امام المستقبل - كيلا يضيعوا عن أمر الله.

و كذلك قال محمد بن سنان:

«شكوت الي الرضا عليه السلام و جع العين. فأخذ قرطاسا فكتب الي أبي جعفر عليه السلام و هو أقل من يدي - أي صغير جدا - و دفع الكتاب الي الخادم و أمرني أن أذهب معه و قال: اكتم.

فأتيناه و خادم قد حمله!.

ففتح الخادم الكتاب بين يدي أبي جعفر عليه السلام.



[ صفحه 103]



فجعل أبوجعفر ينظر في الكتاب و يرفع رأسه الي السماء و يقول: ناج.

ففعل ذلك مرارا، فذهب كل وجع في عيني، و أبصرت بصرا لا يبصره أحد!.

قال: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلك الله شيخا علي هذه الأمة كما جعل عيسي بن مريم شيخا علي بني اسرائيل» [42] .

و الحديث طويل، جري و هو طفل رضيع يقيم في المدينة المنورة، و أبوه في مكة يؤدي فريضة الحج لينصرف بعدها الي خراسان.

لكن.. لم لم يعالج الامام الرضا عليه السلام هؤلاء المرضي بقدرة الله تعالي، و حولهم الي ابنه في المدينة و هو في سن الرضاعة لا يكاد يقوي علي المشي؟!.

سؤال لا يتجاوز دون جواب.

و جوابه القريب المنال، هو أول جواب يخطر في البال. ذاك أن أباه منصرف الي خراسان «عالما» أنه لن يعيش طويلا، و أن ابنه «مدعو» لاشغال مركز «الامامة» في سن مبكرة، فلا بد من «نشر» آياته و معجزاته و الدلائل علي امامته في المدينة المنورة أولا و بالذات، لأنها مثوي جده الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم، الي جانب أنها مقر الهاشميين من أعمامه و بني أعمامه، كما أنها ملتقي القاصي و الداني من كور الاسلام، مضافا الي وجود أهل الافك فيها، فلا ينبغي اظهار «أمر الله» تعالي الا منها، للفت أنظار جميع قواعده اليه من مختلف الأقطار و الأمصار.

ففترة العمر قصيرة... و أمر ابراز مواهب الله تعالي للامام - الابن يقتضي «الاذاعة» و النشر.. قبل انتهاء فترة العمر.

فامامنا هذا - الصغير سنا، الكبير قدرا و نهي - كان والده - الذي هو ملاذ العلماء و الفقهاء و الحكماء - يحترمه و يفديه بنفسه و يعطيه حقه من التجلة لأنهها أهلها و محلها... منذ صغره.



[ صفحه 104]



فهو طفل تخرس أمام معناه، و نهاه، و فطنته و حضور ذهنه، عباقرة الأفهام و الكلام، و تنبهر من آياته و معجزاته، وصولاته في الفقه و جولاته في الفتاوي و التفسير و التأويل، حفظة الفتاوي و الأحكام!.

لا يقول هجرا.. و لا يعبث لهوا كأترابه و أولاد جيله،

و لا تلفت نظره مسليات الصغار و ألهيات الأطفال،

لأنه مخلوق لمهمة كبري، في عهد خطير.. و هو - بعد - صغير!.

فتأمل تصرفاته عليه السلام، مع علي بن حسان الواسطي الذي قال:

«حملت معي من الآلة للصبيان بعضا من فضة و قلت: أتحف مولاي أباجعفر عليه السلام بها.

فلما تفرق الناس عن جواب لجميعهم قام فمضي الي (صريا).

و اتبعته فلقيت موفقا - الخادم - فقلت: استأذن لي علي أبي جعفر عليه السلام.

فدخلت، فسلمت. فرد علي السلام و في وجهه الكراهة، و لم يأمرني بالجلوس.

فدنوت منه، و فرغت ما كان في كمي بين يديه.

فنظر الي نظر مغضب، ثم رمي - الآلة - يمينا و شمالا، ثم قال:

ما لهذا خلقني الله!. ما أنا و اللعب؟!!

فاستعفيته، فعفاعني، فخرجت» [43] .

اي و الله، ما لهذا خلقه الله.. و لا لذلك خلق آباؤه و أجداده جميعا.

و علي بن حسان، و أمثاله من الأبدال و الأفذاذ، انما كانوا يصنعون مثل هذا الصنيع بحثا عن حقيقة «امامة ولد» لم يكد يدب و يدرج. فهم يبحثون، و يستقصون الدقة في موازين «التولي و التبرؤ» لأنهم مراجع الشيعة الاثني عشرية، و حملة أوامر الامام للناس عن طريق كونهم مفاتيح أبواب قواعده.

لا، لم يخلق امامنا للهو و لا للعب، لأنه «مرصود» للأمر العظيم في القيادة و الريادة.



[ صفحه 105]



و هو كبير في صغره.. و امام في كل حال.. و السن ليست عند الله ذات بال..

و طفولته لا تلهو و لا تعبث.. لأن الأئمة يولدون كذلك، و تتدخل يدالله تبارك و تعالي في جبلتهم.. و تمضي مشيئته في تكوين شخصياتهم.

و الامام الرضا عليه السلام - وحده - كان يعرف ابنه كبيرا في صغره، و عظيما في حداثته.

و كان يتكلم معه كامام مفترض الطاعة، لأنه يعرفه كذلك قبل أن يكون حملا، و قبل أن يولد.

كما أنه كان يعرف اسمه و كنيته و عمره و ما يجري عليه في حياته، لأن ذلك مكتوب عنده محفوظ في صدره.

و قد حدث أبوالحسين بن محمد بن أبي عياد، الذي كان يكتب للرضا عليه السلام - بعد أن ضمة اليه الفضل بن سهل بعد ولاية العهد - فقال:

«ما كان عليه السلام يذكر محمدا ابنه الا بكنيته،

يقول: كتب الي أبوجعفر عليه السلام،

و كنت أكتب الي أبي جعفر عليه السلام، و هو صبي في المدينة، فيخاطبه بالتعظيم، و ترد كتب أبي جعفر عليه السلام في نهاية البلاغة و الحسن، فسمعته يقول:

أبو جعفر وصيي و خليفتي في أهلي من بعدي» [44] .

هذا، و لم يغب عن بال الامام الرضا عليه السلام أنه مفارق الدنيا عن قريب - و في حال صغر ابنه - و أنه في مرحلة تأهيله لمركز ولاية أمر الناس والدين، فدأب علي اظهار أمره لئلا يضيع الضعفاء من أوليائه، ثم لم يسه عن تدريبه علي ما ينبغي فعله، لأنه كان بعيدا عنه غاية البعد.



[ صفحه 106]



فقد حدث البيزنطي أنه قرأ كتابا للامام الفتي من أبيه سلام الله عليهما يقول فيه:

«يا أباجعفر: بلغني أن الموالي اذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير، و انما ذلك من بخل بهم لئلا ينال منك أحد خيرا. فأسألك بحقي عليك، لا يكن مدخلك و مخرجك الا من الباب الكبير. و اذا ركبت فليكن معك ذهب و فضة، ثم لا يسألك أحد الا أعطيته. و من سألك من عمومتك أن تبره فلا تعطيه أقل من خمسين دينارا و الكثير اليك، و من سألك من عماتك فلا تعطيها أقل من خمسة و عشرين دينارا و الكثير اليك.

اني أريد يرفعك الله، فأنفق و لا تخش من ذي العرش اقتارا» [45] .

فالأب يفتح عيني ابنه علي حقيقة هامة تتلخص في ضرورة احتكاكه بالناس، الي جانب توسيع آفاق تفكيره ليدرك أنه بطريق تسلم المسؤوليات الكبري و القيام بالأعباء الجسام عما قريب، و أنه ستنعقد عليه خناصر الأولياء و سيقوم بمهمات أجداده و آبائه النجباء ذوي الحلوم و العلوم و السخاء، و لا ينبغي له أن يبقي طفلا في حضانة النساء و تصرف الدهماء، بل عليه أن يظهر علي مسرح الحياة منذ نعومة أظفاره لتبدو للناس مواهب الله تعالي لخلصائه من أوليائه المميزين عن الناس بفضله و عطائه..

نعم، ان أئمة أهل البيت عليهم السلام، هم من «صناعته» سبحانه و تعالي التي تعلو صناعة صناع اليدين.

قد سموا علي الناس في الايمان، و تفردوا بحمل أمر الرحمان، و مجانبة الطغيان، و بقطع دابر معاذير البهتان ببيان ساطع و حجة قاطعة.

يخلقون و أمر الله مل ء سمعهم و بصرهم.

و يزقون العلم زقا، فتنهل به ألسنتهم التي تخرس الألسنة اللاهثة وراء نفث



[ صفحه 107]



الشيطان، و لا يبالون بالمخالف اذا وافق، و لا يحفلون بالخاذل اذا وازر، و لا يكترثون بمن ازور و قطب و تقبض و تعبس، و ان كانوا يفرحون بمن هدي الله قلبه للايمان..

و هم كأبيهم أميرالمؤمنين عليه و عليهم السلام، الذي لو كفر الخلق كلهم لقام الدين به بمفرده، و لو عاداه الناس جميعا في الله لبرز وحده في وجههم أجمعين.

و قليلون هم الذين كانوا يعرفون ما تحمله لفظة «امام» مفترض الطاعة و يدركون معناها الذي يدل عليه مبناها فيفهمون «محتواها» سواء أكان القائم بأعباء الامامة صغيرا أم كبيرا.

و لذلك كانوا يتلكأون عن أخذ النص من غير فم امام العصر مرة،

و يمتحنون و يستقصون مرة ثانية،

و يلقون الأسئلة مرة و مرة و مرة.. حتي تستقيم عندهم الموازين، و ينزل «أمر الله» من نفوسهم منزل القبول.

أما انكار أهل العناد لأمر الله، فانه لا يمنع اشراق الشمس، و لا يطفي ء نورها، و لا يحرم الامام فضيلة من الفضائل التي حباه الله تعالي بها.

فهل يضير الشمس أن لا يراها رمد العيون؟!.

و هذا أحد نماذج كتب أبيه اليه عليهماالسلام:

بسم الله الرحمن الرحيم

أبقاك الله طويلا، و أعاذك من عدوك يا ولدي، فداك أبوك.

قد فوضت لك مالي و أنا حي سوي، رجاء أن ينميك الله بالصلة لقرابتك و لموالي موسي و جعفر رضي الله عنهما.

قال الله: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) [46] .



[ صفحه 108]



و قال: (لينفق ذو سعة من سعته، و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله) [47] .

و قد أوسع الله عليك كثيرا يا بني، فداك أبوك.

لا تستر دوني الأمور فتخطي ء حظك، و السلام» [48] .

فأبوه لا يدار معه حديث - أي حديث - الا في اطار كون ابنه «اماما» من عند «مكونه» عز و جل، تسقط تحت قدميه احتمالاتنا التافهة و مقاييسنا المرجحنة و مفاهيمنا الموجهة بنفوس أمارة بالسوء، اذ حين يقول الله تعالي: (و انه لذو علم لما علمناه) [49] تقطع جهيزة قول كل خطيب مدره، و لا تستقيم الموازين الأرضية، و يذعن من كان ذا رشد للآية البينة و الحجة القاطعة، اذعان علي بن جعفر، الذي حدث عنه ابن أخيه الحسين بن موسي بن جعفر - عم امامنا الجواد عليه السلام - الذي سمع فوعي، اذ قال:

«كنت عند أبي جعفر عليه السلام بالمدينة، و عنده عمي علي بن جعفر - الذي مر ذكره سابقا - فدنا الطبيب ليقطع له العرق، فقام علي بن جعفر فقال له:

يا سيدي، يبدأ بي، لتكون حدة الحديد في قبلك.

فقلت أنا: يهنيك هذا يا عم أبيه!. فقطع العرق.

ثم أراد أبوجعفر عليه السلام النهوض، فقام عم أبيه، الشيخ الكبير الجليل، فسوي له نعليه حتي يلبسهما» [50] .

أفمن كان خادما - بل عبدا رقا - مملوكا للانسان، يقوم فيسوي نعلي سيده الطفل كلما قام من مجلسه؟!.

و اذا افترضنا أنه يقوم فيسويهما، و لا يتثاقل برغم سنه و هرمه، فلا عجب في



[ صفحه 109]



ذلك لأنه مستأجر - أو مشتري - لمثل هذه الأعمال. أما الشيخ الجليل - ابن الثمانين و سليل بيت النبوة و الفقيه الكبير - فانه لا يسوي نعلي ابن ابن أخيه الا بباعث ديني محض أيقن بصدوره عن رب العالمين فأذعن لولي الله - الصغير - المفترض الطاعة، بتمام الطاعة!.

فما أبعدنا عن التسليم لأمر الله تعالي بمثل هذه العفوية و هذا اليقين!.

بل ما أبعدنا عن مثل مرتبة هذا السيد النبيل!.

لأن بيننا و بين تلك المنزلة مسافات لا تتخطاها قوة دفع الصاروخ الذي يحمل مراكبنا الفضائية التي تغزو الكواكب و النجوم!.

و اذا لم ينبع الايمان من ذواتنا، فبيننا و بين ذلك.. «المستحيل»!.

و لكن... حين نذعن لما يجي ء عن الله تبارك و تعالي، تثب منازلنا الي ما فوق السماء بأقل من طرفة العين،

و تسبق مراتبنا سرعة نظرنا.

فالايمان - بالحقيقة - جزء لا يتجزأ.

و لا ينبغي أن يعبد الله علي حرف.

(.. فمن أسلم - لأمر الله - فأولئك تحروا رشدا،

و أما القاسطون - المائلون عن الحق - فكانوا لجهنم حطبا) [51] .



[ صفحه 111]




پاورقي

[1] حلية الأبرار ج 2 ص 432 و كفاية الأثر ص 324 و بحارالأنوار ج 23 ص 42 و ج 50 ص 35 و اكمال الدين ص 133 و اثبات الهداة ج 6 ص 156.

[2] اثبات الهداة ص 156.

[3] انظر المصادر السابقة بذاتها.

[4] بحارالأنوار ج 50 ص 20 و 32 و الغيبة للطوسي ص 2 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 336 و الكافي م 1 ص 320 و ص 321 و الارشاد ص 298 و اثبات الهداة ج 6 ص 162 و حلية الأبرار ج 2 ص 429 و ص 434 قريب منه، و كشف الغمة ج 3 ص 142 و اعلام الوري ص 331.

[5] آل عمران - 154.

[6] حلية الأبرار ج 2 ص 432 و بحارالأنوار ج 50 ص 35 و كفاية الأثر ص 324 و في اثبات الهداة ج 6 ص 155 روي عن سعيد بن بزيع، و عن محمد بن عيسي، و الامامة و التبصرة ص 59.

[7] ق - 29.

[8] التوبة - 115.

[9] بحارالأنوار ج 23 ص 68 - 67 و قرب الاسناد ص 167 - 166.

[10] بصائر الدرجات ص 472 - 471.

[11] الاسراء - 34.

[12] بحارالأنوار ج 50 ص 32 و ص 34 و رجال الكشي رقم 427 و الارشاد ص 298 و تجده في الكافي م 1 ص 320 و ص 321 بعدة نصوص، و هو في حلية الأبرار ج 2 ص 429 و ص 433 - 432 مروي عن صفوان بن يحيي - عن محمد بن نجران، عن محمد بن عيسي، و انظر اثبات الهداة ج 6 ص 158 و كشف الغمة ج 3 ص 142 و اعلام الوري ص 331.

[13] المصادر السابقة نفسها.

[14] المصادر السابقة نفسها.

[15] المصادر السابقة نفسها.

[16] آل عمران - 9 و الرعد - 31.

[17] عيون أخبار الرضا ج 36 و بحارالأنوار ج 51 ص 77 و ج 52 ص 277 و الغيبة للطوسي ص 95 و هو في مصادر اسلامية كثيرة.

[18] بحارالأنوار ج 50 ص 15 و هو في ص 18 عن ابن قياما بلفظ آخر، و انظر الصحاح ص 2513 و بصائر الدرجات ص 138 و حلية الأبرار ج 2 ص 389.

[19] التحريم - 3.

[20] التكوير - 21 - 19.

[21] الأحزاب - 38.

[22] بحارالأنوار ج 50 ص 35 و حلية الأبرار ج 2 ص 430 و الكافي م 1 ص 321 و ص 322 و في ص 360 حديث يشبهه، و انظر اثبات الهداة ج 6 ص 159 و اعلام الوري ص 332 و كشف الغمة ج 3 ص 143 - 142 و الارشاد ص 299.

[23] بحارالأنوار ج 50 ص 20 و ص 21 و ص 35 و كفاية الأثر ص 324 و الكافي م 1 ص 320 و ص 321 و الارشاد ص 297 و ص 298 و حلية الأبرار ج 2 ص 429 و ص 430 و اثبات الهداة ج 6 ص 153 و ص 158 و هو في الصفحتين 163 و 166 عن محمد بن أبي نصر مع زيادة أن الامامة تجري مجري النبوة.

[24] بحارالأنوار ج 50 ص 21 و الكافي م 1 ص 320 و ص 321 عن صفوان بن يحيي بلفظ: فلا أرانا الله يومك، فان كان كون.. و هو في كشف الغمة ج 3 ص 141 و في ص 143 روي عن الخيزراني بلفظ قريب، و هو في الارشاد ص 297 و 298 و في ص 299 عن الخيزراني قريب منه، و هو في اعلام الوري ص 331.

[25] بحارالأنوار ج 50 ص 21 و الكافي م 1 ص 320 و ص 321 عن صفوان بن يحيي بلفظ: فلا أرانا الله يومك، فان كان كون.. و هو في كشف الغمة ج 3 ص 141 و في 143 روي عن الخيزراني بلفظ قريب، و هو في الارشاد ص 297 و 298 و في ص 299 عن الخيزراني قريب منه، و هو في اعلام الوري ص 331.

[26] حلية الأبرار ج 2 ص 429.

[27] بحارالأنوار ج 50 ص 33 و الارشاد ص 298 و في ص 299 قريب منه عن الخيزراني، و كذلك في اعلام الوري ص 331 و ص 332 و الكافي م 1 ص 321 و حلية الأبرار ج 2 ص 430 و ص 431 و ص 432، و اثبات الهداة ج 6 ص 159 - 158 و كشف الغمة ج 3 ص 142.

[28] بحارالأنوار ج 50 ص 33 و ص 35 - 34 و كفاية الأثر ص 324 و روي مثله عن الخيزراني عن أبيه في حلية الأبرار ج 2 ص 397 و ص 431 و ص 432 و الكافي م 1 ص 322 و الارشاد ص 299، و اثبات الهداة ج 6 ص 160، و كشف الغمة ج 3 ص 143 و اعلام الوري ص 331.

[29] بحارالأنوار ج 50 ص 33 و ص 35 - 34 و كفاية الأثر ص 324 و روي مثله عن الخيزراني عن أبيه في حلية الأبرار ج 2 ص 397 و ص 431 و ص 432 و الكافي م 1 ص 322 و الارشاد ص 299، و اثبات الهداة ج 6 ص 160، و كشف الغمة ج 3 ص 143 و اعلام الوري ص 331.

[30] الآية الأولي في مريم - 11 و الثانية في الأحقاف - 15 و انظر بحارالأنوار ج 50 ص 20 و ص 37 و بصائر الدرجات ص 238 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 389 و الارشاد ص 306 و ص 340 و الكافي م 1 ص 494 و اثبات الهداة ج 6 ص 168 - 167 و المحجة البيضاء ج 4 ص 303 و اعلام الوري ص 334.

[31] الآية الأولي في مريم - 11 و الثانية في الأحقاف - 15 و انظر بحارالأنوار ج 50 ص 20 و ص 37 و بصائر الدرجات ص 238 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 389 و الارشاد ص 306 و ص 340 و الكافي م 1 ص 494 و اثبات الهداة ج 6 ص 168 - 167 و المحجة البيضاء ج 4 ص 303 و اعلام الوري ص 334.

[32] الآية الأولي في مريم - 11 و الثانية في الأحقاف - 15 و انظر بحارالأنوار ج 50 ص 20 و ص 37 و بصائر الدرجات ص 238 و مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 389 و الارشاد ص 306 و ص 340 و الكافي م 1 ص 494 و اثبات الهداة ج 6 ص 168 - 167 و المحجة البيضاء ج 4 ص 303 و اعلام الوري ص 334.

[33] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 388 - 387 و بحارالأنوار ج 50 ص 56 و اثبات الهداة ج 6 ص 165.

[34] بحارالأنوار ج 50 ص 34 و الارشاد ص 299 و الكافي م 1 و ص 320 و ص 322 و حلية الأبرار ج 2 ص 429 و اثبات الهداة ج 6 ص 160 و كشف الغمة ج 3 ص 143 و اعلام الوري ص 332.

[35] اثبات الهداة ج 6 ص 161.

[36] حلية الأبرار ج 2 ص 430 و بحارالأنوار ج 50 ص 36 و الكافي م 1 ص 321.

[37] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 383.

[38] بحارالأنوار ج 50 ص 67.

[39] اثبات الهداة ج 6 ص 201 - 200.

[40] حلية الأبرار ج 2 ص 396 و اثبات الهداة ج 6 ص 184 و في ص 200 قصة صبي مكفوف أعاد اليه بصره، و انظر الأنوار البهية ص 214 و المحجة البيضاء ج 4 ص 306 و كشف الغمة ج 3 ص 155.

[41] الأنفال - 17.

[42] بحارالأنوار ج 50 ص 66 و رجال الكشي ص 487.

[43] بحارالأنوار ج 50 ص 57.

[44] عيون أخبار الرضا ج 2 ص 242 و بحارالأنوار ج 50 ص 18 و حلية الأبرار ج 2 ص 231 و أثبات الهداة ج 6 ص 161.

[45] بحارالأنوار ج 50 ص 102 و عيون أخبار الرضا ج 2 ص 8 و الأنوار البهية ص 221 - 220.

[46] البقرة - 245.

[47] الطلاق - 7.

[48] بحارالأنوار ج 50 ص 103 و تفسير العياشي ج 1 ص 132 - 131.

[49] يوسف - 68.

[50] بحارالأنوار ج 50 ص 104 و رجال الكشي ص 365.

[51] الجن - 14 و 15.