بازگشت

ما لابد من قوله: حديثهم صعب


أود أن لا يدخل معي قارئي الكريم في موضوع كتابي هذا الا بعد أن يمر بدراسة أمرين هامين يتعلقان به.

أولهما: أن حديث أهل بيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم و عليهم صعب مستصعب - كما عبروا عنه مكررا -. فما معني ذلك؟

و ثانيهما: أنهم «محدثون - ملهمون، و موحي اليهم!.» و سنكشف عن كيفية ذلك.

و سنترافق عبر بيان هذين «الأمرين»... و نتوافق ان شاء الله تعالي، الا اذا قصر بياني عن الاقناع.

و نبدأ بأولهما.

قد روي الامام الباقر عليه السلام - فيما عن جابر - أن جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال:

«ان حديث آل محمد صعب مستصعب، لا يؤمن به الا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للايمان.

فما ورد عليكم من حديث آل محمد، فلانت له قلوبكم و عرفتموه فاقبلوه.

و ما اشمأزت منه قلوبكم و أنكرتموه فردوه الي الله، و الي الرسول، و الي العالم من آل محمد.



[ صفحه 26]



و انما الهالك أن يحدث أحدكم بشي ء منه لا يحتمله، فيقول:

و الله ما كان هذا، و الله ما كان هذا، و الله ما كان هذا!. و الانكار هو الكفر» [1] .

و هذا حق.. اذ نطق به من لا ينطق عن الهوي، و لا يقول الا الحق. فان من آفاتنا العامة الانكار الفوري لجميع ما لا تستوعبه عقولنا بسهولة، و الاستعداء لكل ما لا تتصيد حقيقته أذهاننا بيسر؛ ثم لا نقبل الخوض فيه بتاتا.. أو نرفضه بعناد!.

و لو أنصفنا الحق و الحقيقة، لوجب أن نتأني، و نصرف عقولنا للتفكير، و نفتح قلوبنا للوعي، و نرهف أذهاننا للمحاكمة الرشيدة؛ لأن الكفرة ما بقوا علي كفرهم الا لعنادهم و انكارهم لآيات الله تبارك و تعالي، و رفضها دون أن يتفهموها بروح الجدية، أو من غير أن «ينووا» الاقتناع بها - مسبقا -، حتي و لو ثبت لهم أنها آيات بينات ليست بسحر و لا كهانة.

و الانسان - بالطبع - عدو ما جهل.. و لكنه لا تنبغي له معاداة الحق اذا تراءي له حقا مئة بالمئة، و لا يجوز له أن يتنكر لما يسمعه مما يخالف عقائده الموروثة، اذا ظهر له فيها ما يصحح معتقده و يقومه.

و لو لم نكن ذوي طموح يرمي الي المعرفة - بما هي معرفة - و يهدف الي الأحسن و الأكمل، لقنعنا بكثير مما كان عليه آباؤنا، و لرضينا بالحمارة و الفرس و الجمل و البغل، و لما فكرنا بالعربة، و السيارة، و الطائرة، و لقنعنا ببساطة العيش الفطري فما وصلنا الي حضارة و لا مدنية، و لكان يجدر بنا أن نسترخي و نعيش كما تعيش الأنعام التي لا هم لها الا امتلاء الكرش و الاجترار الوادع.

قولهم عليهم السلام:



[ صفحه 27]



«حديثنا صعب مستصعب... أو أمرنا سر مستسر...».

ورد بهذين اللفظين و غيرهما في عشرات الروايات.

فهو عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم باللفظ السابق، و ببعض التفسير.

و عن أميرالمؤمنين عليه السلام و زاد فيه: «... خشن مخشوشن، فانبذوا الي الناس نبذا؛ فمن عرف فزيدوه، و من أنكر فأمسكوا» [2] .

و قال فيه مرة: «.. أو مؤمن نجيب امتحن الله قلبه للايمان» [3] .

أما عن زين العابدين عليه السلام فورد بلفظ: «ان علم العالم - أي الامام - صعب مستصعب» [4] .

و أما ولده الباقر عليه السلام فزاد فيه: «... ألا تري أنه اختار لأمرنا من الملائكة المقربين، و من النبيين المرسلين، و من المؤمنين الممتحنين؟» [5] .

و زاد في مرة ثانية: «.. أما و الله ان أحب أصحابي الي و أورعهم و أفقههم، أكتمهم لحديثنا. و ان أسوأهم عندي حالا، و أمقتهم الي، الذي اذا سمع الحديث ينسب الينا و يروي عنا فلم يعقله و لم يقبله قلبه، اشمأز منه و جحده، و كفر بمن دان به؛ و هو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج، و الينا سند؛ فيكون بذلك خارجا من ولايتنا» [6] .

و جاء عن الامام الصادق عليه السلام مشابها لما سبق مع زيادة في التفسير، حيث قال:

«حديثنا لا يحتمله نبي، و لا ملك، و لا مؤمن.

ان الملك لا يحتمله حتي يخرجه الي ملك غيره،

و النبي لا يحتمله حتي يخرجه الي نبي غيره،

و المؤمن لا يحتمله حتي يخرجه الي مؤمن غيره؛



[ صفحه 28]



فهذا معني قول جدي» [7] .

و ورد عنه عليه السلام بلفظ: «.. لا يحتمله الا صدور منيرة، أو قلوب سليمة، و أخلاق حسنة. ان الله أخذ من شيعتنا الميثاق كما أخذ علي بني آدم حيث يقول عز و جل: (و اذا أخذ ربك من بني آدم، من ظهورهم، ذريتهم، و أشهدهم علي أنفسهم: ألست بربكم... قالوا: [8] بلي.) فمن وفي لنا وفي الله له بالجنة، و من أبغضنا و لم يؤد الينا حقنا، ففي النار خالدا مخلدا» [9] .

و زاد في مورد آخر: «... نعم، ان من الملائكة مقربين و غير مقربين، و من الملائكة مرسلين و غير مرسلين، و من المؤمنين ممتحنين و غير ممتحنين.

و ان أمركم هذا عرض علي الملائكة فلم يقر به الا المقربون،

و عرض علي الأنبياء فلم يقر به الا المرسلون،

و عرض علي المؤمنين فلم يقر به الا الممتحنون» [10] .

و فسره و أوضحه في مقام آخر حيث قال عليه السلام:

«ان أبي نعم الأب رحمة الله عليه كان يقول: لو أجد ثلاثة رهط أستودعهم العلم و هم أهل لذلك، لحدثت بما لا يحتاج فيه الي نظر في حلال و لا حرام، و ما يكون الي يوم القيامة!.

ان حديثنا صعب مستصب لا يؤمن به الا عبد امتحن الله قلبه للايمان» [11] .

و فسره الامام الحسن العسكري عليه السلام بقوله:

«ان معناه أن الملك لا يحتمله في جوفه حتي يخرجه الي ملك مثله، و لا يحتمله نبي حتي يخرجه الي نبي مثله، و لا يحتمله مؤمن حتي يخرجه الي مؤمن مثله. انما معناه أن لا يحتمله في قلبه من حلاوة ما هو في صدره حتي يخرجه الي غيره» [12] .

فصعوبة احتمال حديثهم عليهم السلام - اذن - تكمن في أن حامله قد لا يؤمن



[ صفحه 29]



بصدوره عنهم، أو بما هم عليه من العلم أحيانا.

أو قد لا يطيق اسراره - اذا آمن به - و لا يحتمل كتمانه، لأنه ذو أهمية بالغة لها مساس كبير في مصائر الناس - معاشا و معادا - لاعتباره من صميم العقيدة الاسلامية، و من لب الحقيقة الايمانية التي نزلت من السماء، و التي تدور عليها رحي الاسلام، فينبذه الي غيره، في أكثر الأحيان.

و اني في تعرضي لهذا الحديث لكذلك.

أي أنني أدور في فلك من يخرج حديثهم الصعب المستصعب الي غيره، من دون أن أدعي عبور امتحان الايمان. ولكنني أحب أن أخرج من عهدة ما وعيته من حديثهم الكريم، و أنبذ بذلك الي اخوتي و أخواتي في الايمان المتواضع، ليتذوقوا حلاوة أخبارهم حين تلج القلوب و تستقر في الصدور... و ليقعوا علي جوهر معاني كلامهم، فيعرفوا حقيقة أمر هذه العترة الطاهرة الفاخرة التي قال فيها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم:

«اني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله - حبل ممدود بين السماء و الأرض - و عترتي أهل بيتي. و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض» [13] و التي قال فيها أيضا:

«أهل بيتي فيكم كسفينة نوح، من ركبها نجا، و من تخلف عنها ضل و هوي» [14] .

فما سمع المسلمون قول نبيهم و لا ركبوا سفينة النجاة؛ بل كان شأن أكثرهم شأن قوم نوح عليه السلام حين نظروا الي سفينة نبيهم و استهزأوا بها و به و قالوا: أصبح نبينا نجارا!.

و قد خسئوا.. فلم يصبح نبيهم نجارا!. و لا كان نبينا صلي الله عليه و آله و سلم بحارا!. اذ تخلف عن ركوب سفينة النجاة التي امرنا بركوبها أكثر المسلمين، و لم يتمسك بحبل الله الذي ذكره لهم الا القليلون، و لم يحفظوا ما خلفه صلي الله عليه و آله و سلم ليظلوا مع الثقلين، بل



[ صفحه 30]



«ضلوا» عن كليهما معا، فلم يحفظوا عترته، و لم يرفعوا لحبل الله تعالي يدا و لا نظرا؟!!

و الجو الواقعي الذي نعيشه هو:

أن القرآن - كتاب الله - صار في أيامنا أغاني و ترانيم و ألحان أحزان... لا كما أراده الرحمان!.

و أن عترة محمد صلي الله عليه و آله و سلم - أهل بيته - قد صاروا من بعده مبعدين و محاربين بعصبية رفعت رأسها فور لحوق النبي بالرفيق الأعلي!. فأصبحوا - بين المسملين - فروع شجرة النبوة المقطوعة الأصل، الموتورة الحق، المظلومة، المجفوة التي هجرت هجرا غير جميل، و دفعت عن مقامها الالهي دفعا غير رحيم!.

و لكن تلك الفروع أبت - و الحمدلله - الا أن تنبت علي عروقها، و تستوي علي سوقها، حاملة مشعل رسالة الاسلام، و رافعة علم الذود عنها من غير أن يضرها «قطع» من قطعها و لا «ادبار» من أشاح بوجهه عنها.

لأنها مرصودة لأمر الله، من قبل الله جل و عز،

صادعة بأمر نبيه صلي الله عليه و آله و سلم.

لا تبالي بالظلم و لا بالقطع.. لأن من ظلمها ظلم نفسه، و من قطعها قطع الحبل بينه و بين ربه، و قطع الصلة بينه و بين نبيه... لأنها باب رحمة، و عيبة علم و معرفة، و ينابيع حكمة و تشريع،

بقيت صامدة في جنب الله فرعا بعد فرع.. و ستبقي كذلك الي أن تنطفي ء شمس هذا الكون.

مؤكدة أن استمرار «وظيفتها» امتداد للدعوة الالهية التي صدع بها محمد صلي الله عليه و آله و سلم،

و مبرهنة علي أنها أحد ثقلي النبي صلي الله عليه و آله و سلم زمانا بعد زمان الي منتهي الدوران، و أن التمسك بها ثقيل في الميزان، مرضي عند الرحمان!.

لأنها هي شجرة النبوة المتصلة بارادة الله عز و علا التي قال عنها القرآن الكريم:



[ صفحه 31]



(أصلها ثابت و فرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين باذن ربها...) [15] .

فأصلها ثابت يتجاوز تخوم الأرض بانتمائها لصاحب الرسالة صلي الله عليه و آله و سلم،

و فرعها ضارب في العلو و السمو، لا يدرك شأوه، لصدورها عن أمر ربها، و هي تؤتي أكلا دائما، و الحمدلله.

فالأنبياء و أوصياؤهم عليهم السلام، هم مستودع علم الله تعالي في الأرض، و معدن حكمته و مهبط وحيه و تنزيله، و أمناؤه و حججه علي عباده، و لا هم يشغلهم الا احقاق الحق و ابطال الباطل و حماية شريعة الله تعالي في الأرض لاصلاح شأن العباد معاشا و معادا... و قد قال الامام الصادق عليه السلام:

«ان العلماء ورثة الأنبياء؛ و ذلك أن الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما، و انما ورثوا أحاديث من أحاديثهم. فمن أخذ بشي ء منها فقد أخذ حظا وافرا. فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه، فان فينا في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين» [16] .

فأهل بيت النبي صلوات الله و سلامه عليه و عليهم، هم أئمة العدل المنتجبين لحماية هذا الدين، و قد اصطفاهم ربهم عز و جل لهذه الوظيفة، و منحهم علما لدنيا ليكونوا مل ء المركز الالهي.

و قد لقي رجل الامام الحسين الشهيد عليه السلام و هو بطريقه الي كربلاء، فقال له الامام بعد أن دخل عليه و سلم و جلس:

«من أي البلاد أنت؟.

فقال: من أهل الكوفة.

فقال عليه السلام: أما و الله لو لقيتك بالمدينة لأريتك أثر جبرائيل من دارنا، و نزوله علي جدي بالوحي!. يا أخا أهل الكوفة: مستقي العلم من عندنا. أفعلموا و جهلنا؟!. هذا ما لا يكون»! [17] .



[ صفحه 32]



فهم حملة الرسالة و أهلها و محلها الذين قال فيهم جدهم صلي الله عليه و آله و سلم:

«ان أهل بيتي الهداة بعدي، أعطاهم الله فهمي، و علمي؛ و خلقوا من طينتي. فويل للمنكرين حقهم من بعدي، القاطعين فيهم صلتي!. لا أنا لهم الله شفاعتي» [18] .

و قال صلي الله عليه و آله و سلم:

«انا، أهل البيت، أهل بيت الرحمة، و شجرة النبوة، و موضع الرسالة، و مختلف الملائكة، و معدن العلم» [19] .

و قال حفيده لباقر عليه السلام:

«نحن شجرة النبوة، و بيت الرحمة، و مفاتيح الحكمة، و معدن العلم، و موضع الرسالة، و مختلف الملائكة، و موضع سر الله. و نحن وديعة الله في عباده، و نحن حرم الله الأكبر، و نحن عهد الله.

فمن وفي بذمتنا فقد و في بذمة الله، و من وفي بعهدنا فقد وفي بعهد الله، و من خفرنا فقد خفر ذمة الله و عهده» [20] .

و هذا قليل من كثير مما هم عيه من المكانة العلوية. و قد أجاب الامام الصادق عليه السلام رجلا سأله: ما منزلتكم من ربكم؟. - قائلا:

«حجته علي خلقه. و بابه الذي يؤتي منه، و أمناؤه علي سره، و تراجمة وحيه» [21] .

و ان الملائكة لتتنزل عليهم لتسددهم و تؤيدهم كما تتنزل علي كل مخلوق ليكتب بعضها حسناته و سيئاته، و ليحرسه بعضها من بين يديه و من خلفه و يحفظه من أمر الله، مع فارق أنهم موظفو السماء و لهم علي السماء زيادة في العناية و التسديد... و قد قال الامام الصادق عليه السلام لصاحبه الحسين بن أبي العلا:

«يا حسين، بيوتنا مهبط الملائكة، و منزل الوحي.



[ صفحه 33]



و ضرب بيده الي مساور في البيت فقال: يا حسين، مساور و الله طالما اتكأت عليها الملائكة!. و ربما التقطنا من زغبها» [22] .

و كذلك أبوه الباقر عليه السلام، فقد قال له حمران بن أعين: «جعلت فداك، يبلغنا أن الملائكة تنزل عليكم؟.

فقال عليه السلام: ان الملائكة و الله لتنزل علينا تطأ فرشنا. أما تقرأ كتاب الله تعالي: (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا، تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا و لا تحزنوا، و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون)؟ [23] .

و روي قريب منه عن الصادق عليه السلام و زاد قائلا:

«... و ما من يوم يأتي علينا و لا ليل، الا و أخبار الأرض عندنا و ما يحدث فيها» [24] .

ذاك أن علمهم موهوب لا مكسوب، تصلهم أخبار السماء و الأرض كما تصل أي سفير أو وزير مفوض لأية دولة من دول الأرض أخبار دولته.. و قد أقسم الامام الباقر عليه السلام علي ذلك قائلا:

«و الله انا لخزان الله في سمائه و أرضه، لا علي ذهب و لا فضة، الا علي علمه!.» [25] .

و في خبر آخر قال: «نحن خزان الله علي علم الله، نحن تراجمة وحي الله، نحن الحجة البالغة علي من دون السماء و فوق الأرض» [26] .

و حدد ذلك ابنه الصادق عليه السلام و قيده بقوله:

«ان لله علمين:

علم مكنون مخزون لا يعلمه الا هو، من ذلك يكون البداء.

و علم علمه ملائكته، و رسله، و أنبياءه، و نحن نعلمه» [27] .

فعلمهم متوارث، مرصود علي أولياء الله في أرضه، نزل الي الأرض من لدنه



[ صفحه 34]



سبحانه لمصلحة العباد، و ما زال تركة كل ولي الخلفه الي أن يرث الله تعالي الأرض. و قد قال أبوجعفر الباقر عليه السلام:

«ان العلم الذي لم يزل مع آدم لم يرفع، و العلم يثوارث، و كان علي عالم هذه الأمة. و انه لن يهلك منا عالم الا خلفه من أهله من يعلم مثل علمه أو ما شاء الله» [28] .

و قال ابنه عليه السلام من بعده: «الله أحكم و أكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه خبر السماء صباحا و مساء» [29] .

و هم بذلك لا يدعون علم غيب، بل هو عهد محفوظ في كتاب مرقوم عبر عنه الامام الصادق عليه السلام بقوله المؤكد بيمين معظمة:

«و الله اني لأعلم ما في السماوات و ما في الأرض، و ما في الجنة و ما في النار، و ما كان و ما يكون الي أن تقوم الساعة!. أعلمه من كتاب أنظر اليه هكذا - ثم بسط كفيه ثم قال -: ان الله يقول: (و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شي ء)» [30] .

و اذا استرسلنا في بيان مورد علمهم، و مبلغه و سعته و مواده، يطول بنا المقال كثيرا و نحتاج الي بحث مستقل، و لذلك سنقتصر علي ما قدمناه للقاري ء الكريم، مع اضافة شي ء آخر يوضح له طريق دراسة سير الأئمة عليهم السلام، و يبين له أن لهم شأنا خاصا يختلف عن شؤون الناس العاديين، و يجعله أمام حقيقة هامة تتلخص في أنه أمام آيات ربانية، هو مخير بين الايمان بها و بين انكارها؛ و يسليه عرضها أمام ناظريه لما فيها من عجائب و غرائب و خوارق.. ثم لا يضرها أي انكار أو رفض!.

فقد حدد الامام الباقر عليه السلام علمهم لصاحبه أبي بصير بالتحديد الدقيق التالي:

«قرأ هذه الآية: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) [31] ثم فال:

و الله ما قال: بين دفتي المصحف.



[ صفحه 35]



قال أبوبصير: من هم، جعلت فداك؟. - أي من هم الذين أوتوا العلم؟ -.

قال عليه السلام: من عسي أن يكونوا غيرنا؟!». [32] .

هذا و قد وصلهم الله تعالي بخط فوق - الكتروني خاص، هو اسمه الأعظم الذي اذا دعي به علي مغالق أبواب السماء للفتح بالرحمة انفتحت، و اذا دعي به علي مضائق أبواب الأرض للفرج انفرجت، و اذا دعي به علي العسر لليسر تيسرت، و اذا دعي به علي الأموات للنشور انتشرت، و اذا دعي به علي كشف البأساء و الضراء انكشف.. فقد كانوا يملكون هذا الاسم الكريم الذي تجاب به دعوة المضطر للحال. و قد صرحوا بذلك في روايات كثيرة و مناسبات عديدة، و استعملوه فأروا الناس عجبا!.

قال الامام الباقر عليه السلام لصاحبه جابر:

«ان اسم الله الأعظم علي ثلاثة و سبعين حرفا. و انما كان عند آصف منها حرف واحد، فتكلم به فخسف به الأرض ما بينه و بين سرير بلقيس، ثم تناول السرير بيده، ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين.

و عندنا نحن من الاسم اثنان و سبعون حرفا، و حرف عند الله استأثر به في علم الغيب عنده.

و لا حول، و لا قوة الا بالله العلي العظيم» [33] .

فآية علمهم كآية كون النبي صلي الله عليه و آله و سلم أميا. فقد سأل جعفر بن محمد الصوفي امامنا أباجعفر، محمد الجواد عليه السلام عن ذلك فقال له:

«يا ابن رسول الله، لم سمي النبي الأمي؟.

قال: ما يقول الناس؟.

قلت له: جعلت فداك، يزعمون أنما سمي النبي الأمي لأنه لم يحسن أن يكتب.

فقال: كذبوا، عليهم لعنة الله!. أني يكون ذلك و الله تعالي يقول في محكم



[ صفحه 36]



كتابه: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم، يتلو عليهم آياته، و يزكيهم، و يعلمهم الكتاب و الحكمة..) [34] فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟. و الله لقد كان رسول الله يقرأ و يكتب باثنين و سبعين - أو قال بثلاثة و سبعين - لسانا!. و انما سمي الأمي لأنه كان من أهل مكة، و مكة من أمهات القري، و ذلك قول الله تعالي في كتابه: (لتنذر أم القري و من حولها)» [35] .

و الائمة عليهم السلام يعرفون الانسان بحقيقة الايمان، و بحقيقة الكفر، و لا تخفي عليهم مثل هذه الأمور لأنهم أهل كشف و معرفة مخلوقين معهم. و قد قال أبوجعفر الباقر عليه السلام:

«ان الله أخذ ميثاق شيعتنا فينا من صلب آدم، فنعرف بذلك حب المحب و ان أظهر خلاف ذلك بلسانه، و نعرف بغض المبغض و ان أظهر حبنا أهل البيت» [36] .

ثم قال لصاحبه جابر: «انا لو كنا نحدثكم برأينا و هوانا، لكنا من الهالكين. ولكنا نحدثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، كما يكنز هؤلاء ذهبهم و فضتهم» [37] .

و قال لفضيل بن يسار موضحا أكثر فأكثر: «انا علي بينة من ربنا بينها لنبيه، فبينها نبيه لنا. فلولا ذلك كنا كهؤلاء الناس» [38] .

و زاد في توضيح مصدر علمهم الامام أبوالحسن عليه السلام، كما عن علي السائي الذي قال:

«سألته عن مبلغ علمهم؟.

فقال عليه السلام: مبلغ علمنا ثلاثة وجوه: ماض، و غابر، و حادث.



[ صفحه 37]



فأما الماضي فمفسر، و أما الغابر فمزبور - أي مذكور مدون - و اما الحادث فقذف في القلوب، و نقر في الأسماع؛ و هو أفضل علمنا، و لا نبي بعد نبينا» [39] .

- أي لا تظنوا أنه يوحي الينا بأوامر و نواه جديدة -.

و كذلك قال أبوجعفر، الباقر عليه السلام لأبي بصير:

«يا أبامحمد، ان عالمنا لا يعلم الغيب. و لو وكل الله عالمنا الي نفسه، كان كبعضكم، ولكن يحدث اليه ساعة بعد ساعة». [40] أي يبلغه الحوادث الجديدة.

و لذلك نبه الامام الصادق عليه السلام أصحابه بقوله:

«اتقوا الكلام، فانا نؤتي به!.» [41] .

و كان أبوه عليه السلام قد قال لأصحابه من قبل: «قوموا تفرقوا عني مثني و ثلاث، فاني أراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي!. فليسر عبد في نفسه ما شاء؛ ان الله يعرفنيه!» [42] .

و هو القائل صراحة: «الامام منا ينظر من خلفه كما ينظر من قدامه» [43] .

و ما في ذلك أية صعوبة اذا كان أمام الامام مرآة الهية خفية علينا، ينظر فيها فتعكس له صورة ما وراءه.

و مثل هذه الاشكالات لم يستسغها القدامي بسهولة، و لا أخذوا بها أخذ المسلمات ببساطة، بل تقصوا حقائقها جدا، و بحثوا و محصوا و استفهموا ليزول ارتيابهم و ليحصل لهم التصديق و اليقين. و بذلك نبشوا خفايا من الأمور لو أنها بقيت طي الكتمان لضعنا وضاع رواد الحقيقة الي الأبد.

قال أبوبصير للامام الصادق عليه السلام: «جعلني الله فداك، العالم منكم يمضي - أي يموت - في اليوم، أو في الليلة، و في الساعة يخلفه العالم من بعده في ذلك اليوم، أو في تلك الساعة يعلم مثل علمه؟!.



[ صفحه 38]



قال عليه السلام: يا أبامحمد، يورث كتبا، و يزاد في الليل و النهار، و لا يكله الله الي نفسه» [44] .

و قال الامام الهادي عليه السلام:

«ان الله جعل قلوب الأئمة موردا لارادته، فاذا شاء الله شيئا، شاؤوه، و هو قول الله: (و ما تشاؤون الا أن يشاء الله) [45] .

و أكتفي بهذا المقدار الجزئي الذي يعطي ملامح الصورة و خطوطها البارزة التي يعرف القاري ء من خلالها شأن أهل البيت عليهم السلام - قبل أن يتخذ لنفسه رأيا شخصيا في مقابل رأي السماء - فينظر في أحوالهم نظره الي أولياء، أصفياء، منتجبين من لدن رب العالمين.

و لن أنسي ذكر قول أبي جعفر الباقر عليه السلام - كما عن أحمد بن عمر الحلبي:

«لا يستكمل عبد الايمان حتي يعرف أنه يجري لآخرنا ما يجري لأولنا، و هم في الطاعة، و الحجة، و الحلال، و الحرام، سواء. و لمحمد و أميرالمؤمنين فضلهما» [46] .

فلا ينبغي أن يدرس نبينا الأعظ، و أئمتنا الكرام، صلوات الله عليه و عليهم، الا علي حقيقتهم، حتي يعرف حديثهم علي حقيقته..

و لا يتيسر ذلك الا لمن نال مرتبة الايمان بالله، و رسوله، و بولاية أهل بيت رسوله، و عرف أنهم من طينة خاصة مختارة من قبل العزة الالهية، قال عنها الامام الصادق عليه السلام:

«ان الله خلقنا من طينة عليين، و خلق قلوبنا من طينة فوق عليين.

و خلق شيعتنا من طينة أسفل من ذلك، و خلق قلوبهم من طينة عليين، فصارت قلوبهم تحن الينا لأنها منا.



[ صفحه 39]



و خلق عدونا من طينة سجين، و خلق قلوبهم من أسفل من سجين.

و ان الله راد كل طينة الي معدنها،

فرادهم الي عليين،

و رادهم الي سجين» [47] .

و زاد في رواية ثانية: «و كل قلب يحن الي بدنه» [48] .

و هكذا تري أن الناطقين بالشهادتين بين مصدق بما صدر عن النبي و عنهم، و بين مكذب بذلك، لأن الناس مختلفون في القناعات بهم و بما هم عليه، و متفارقون في اتخاذ الآراء و المواقف منهم، بمقدار ما تختلف طينتهم في الجبلة الأولي، و بمقدار ما تتباين عقولهم في مراتب التفكير، أو ما يكون عليه هوي نفوسهم من مد أو جزر أو جذب أو دفع، مضافا الي أن الأمور العاطفية تتركز في القلب و الأعصاب و الدم فلا قوة للعقل علي تحويلها الا بالجهد، و أن الأمور العقائدية «تصير» أمورا عاطفية تحرن أمام براهين العقل و تمامي ء أمام قواعد المنطق، و تنظر الي ذلك نظرها الي السفسطة و زخرف القول، و تركز جهودها علي انكار فحوي كل جديد عليها، فتضيع عن مبناه و معناه.

و هذا هو الذي أبقي الجاهلي علي جاهليته، و خول المعاند أن يقول حين يري معاجز محمد صلي الله عليه و آله و سلم: الآن علمت أنك ساحر!. مع أنه خالف ضميره، و صرح بغير قناعته التي أكدت له نبوة النبي..

فالتشيع لأهل البيت عليهم السلام - مثلا - لا يكون بحبهم، و لا بالاعتراف بأنهم أولاد رسول الله صلي الله عليه و عليهم فحسب، لأن ذلك لا يوصلهم الي حقهم الالهي المفروض منه تعالي..

بل هو بحسب ما حدده الامام الباقر عليه السلام لصاحبه جابر بقوله له:



[ صفحه 40]



«يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟!.

فوالله ما شيعتنا الا من اتقي الله و أطاعه.

و ما كانوا يعرفون - يا جابر - الا بالتواضع، و التخشع، و الأمانة، و كثرة ذكر الله، و الصوم، و الصلاة، و البر بالوالدين، و التعهد للجيران من الفقراء و أهل المسكنة و الغارمين و الأيتام، و صدق الحديث، و تلاوة القرآن، و كف الألسن عن الناس الا من خير، و كانوا أمناء عشائرهم في الأشياء.

قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله، ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة.

فقال عليه السلام: يا جابر، لا تذهبن بك المذاهب: حسب الرجل أن يقول: أحب عليا و أتولاه، ثم لا يكون مع ذلك فعالا؟!.

فلو قال: اني أحب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم - فرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خير من علي عليه السلام - ثم لا يتبع سيرته، و لا يعمل بسنته، ما نفعه حبه اياه شيئا.

فاتقوا الله و اعملوا لما عند الله.

ليس بين الله و بين أحد قرابة،

أحب العباد الي الله عز و جل - و أكرمهم عليه - أتقاهم، و أعملهم بطاعته.

يا جابر: فوالله ما يتقرب الي الله تبارك و تعالي الا بالطاعة. و ما معنا براءة من النار، و لا علي الله لأحد من حجة.

من كان لله مطيعا فهو لنا ولي،

و من كان لله عاصيا فهو لنا عدو.

و لا تنال شفاعتنا الا بالعمل و الورع» [49] .

فلا تمار بآلائهم ليقال انك محب، و لا تلجي ء نفسك الي حبهم الجاء... و لا تحملها علي توليهم حملا... بل كن مسلما... عاملا باسلامك كما نزل من عند الله... تكن محبا... و مواليا، لهم و لمن والاهم، بكل تأكيد.. و تكن - من ثم - مسلما لله، مسلما بقول رسول الله، مؤمنا بكامل ما جاء به عن ربه.



[ صفحه 41]



و بهذا يتضح جليا أن «الحديث» أو «الأمر» الذي صرحوا به، هو أمانة ثقيل حملها، جليل أمرها، لا تلج الآذان دون استئذان، و لا تدخل الي القلوب دون برهان، و لا تستسيغها النفوس دون ايمان... و هي - بحقيقتها - ما حمله أهل بيت النبي صلي الله عليه و عليهم الي الناس من الخير المحض، و ما نقلوه من «أمر الله» الذي صدع به جدهم مستقي من عين صافية يتناول بيان رسالة الاسلام و سائر رسالات السماء، ليمتحن الله تعالي الناس بالحق فيقف كل امري ء منها موقف «ايمان» أو «لا ايمان»... و لا أمر بين الأمرين.

فبالنسبة الينا - كمسلمين - يكون «أمرهم» - أو «حديثهم» - ذاك الذي عناه كتاب الله الكريم بقوله تعالي: (انا عرضنا الأمانة علي السماوات و الأرض، فأبين أن يحملنها و أشفقن منها، و حملها الانسان، انه كان ظلوما جهولا» [50] .

فقد أبت الكائنات حمل تلك الأمانة... و حملها الانسان. فعرفها من الناس من عرفها، و ضل عنها من ضل، فكان «ظلوما» لنفسه «جهولا» بها و بماهيتها، اذا لم يؤمن بجميع ما جاء عن الله تعالي، و لم يقر بولاية أوليائه اقرار تصديق لا يرقي اليه الريب.

فحديثهم يحمل هذه الأمانة في طي ألفاظه و منحنيات حروفه، و ما خلا حديث واحد من أحاديثهم عن أمر من أوامر الله عز و جل لأنهم كانوا مستأمنين أمناء في غاية الأمانة.

و لكن، ما أقل الآخذين «بحديثهم» و «بأمرهم» مئة بالمئة!.

و ما أقل الواصلين الي مرتبة تصديقهم، و منزلة حمل «أمانتهم» الي الغير، ليكونوا مؤدين لها «كالنبي المرسل» و «كالملك المقرب» و «كالمؤمن الممتحن الذي يري لزاما عليه «نقل» الحق الي من سواه من اخوانه المسلمين!.

فحديث الله تبارك و تعالي، هو كتابه الكريم،

و حديث محمد صلي الله عليه و آله و سلم، هو «دعوته» و رسالته بالكامل،



[ صفحه 42]



و حديث أهل البيت عليهم السلام - بالحقيقة - هو ما نقلوه عن كتاب الله و سنة نبيه و جوهر رسالته مما يجسد ولايتهم التي حباهم الله تعالي بها.

فالدعوة الي الله، و الأمر بالحق، و النهي عن الباطل، من حديثهم - و من أمرهم - الذي يحمله المؤمن الي أخيه المؤمن؛ كما أن «ولايتهم» - كذلك - من صميم هذا الواجب، لأن المسلم مسؤول عنها، و لا عذر له في جهلها و لا في تجاهلها.

و عن أبي بصير أن الامام الصادق عليه السلام قال له:

«يا أبامحمد، ان عندنا و الله سرا من سر الله، و علما من علم الله ما يحتمله ملك مقرب، و لا نبي مرسل، و لا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان.

و الله ما كلف الله ذلك أحدا غيرنا.

و ان عندنا سرا من سر الله و علما من علم الله أمرنا الله بتبليغه فبلغنا عن الله عز و جل ما أمرنا بتبليغه، فلم نجد له موضعا، و لا أهلا، و لا حمالة يحتملونه، حتي خلق الله أقواما خلقوا من طينة خلق منها محمد و آل محمد و ذريته عليهم السلام، من نور خلق الله منه محمدا و ذريته، و صنعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمدا و ذريته. فبلغنا عن الله ما أمرنا بتبليغه فقبلوه و احتملوا ذلك. فبلغهم ذلك عنا فقبلوه و احتملوه. و بلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم الي معرفتنا و حديثنا.

فلولا أنهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك، لا و الله ما احتملوه.

ثم قال: ان الله خلق أقواما لجهنم و النار، فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم. اشمأزوا من ذلك، و نفرت قلوبهم، و ردوه علينا، و لم يحتملوه، و كذبوا به، و قالوا ساحر كذاب!. فطبع الله علي قلوبهم، و أنساهم ذلك، ثم أطلق لسانهم ببعض الحق فهم ينطقون به و قلوبهم منكرة، ليكون ذلك دفعا عن أوليائه و أهل طاعته. و لو لا ذلك ما عبدالله في أرضه. فأمرنا الله بالكف عنهم و الستر و الكتمان. فاكتموا عمن أمر الله بالكف عنه، و استروا عمن أمر الله بالستر و الكتمان عنه.

قال: ثم رفع يده و بكي و قال:

اللهم ان هؤلاء لشرذمة قليلون، فاجعل محيانا محياهم، و مماتنا مماتهم، و لا



[ صفحه 43]



تسلط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم؛ فانك ان أفجعتنا بهم لم تعبد أبدا في أرضك، و صلي الله علي محمد و آله و سلم تسليما» [51] .

فمن هم أولئك الذين يعبدون الله حقا دون غيرهم من الناس؟

و لماذا كانوا شرذمة قليلين؟.

و لم دعا الامام ربه أن يصونهم؟!.

هذه أسئلة تطرح نفسها، و تجري - هي و غيرها - علي ألسنة الكثيرين من الناس، و يضيق بها صدر من «لا يريد» أن يحمل الكلام أكثر من ظاهره.

و لكن، اذا سمع الجواب عليها دون تعقيد، لرأيناها تعني أن «الايمان» بولاية الأئمة جزء من الايمان بأمر الله تعالي، لأن أمرهم من أمره، و التعبد له سبحانه بالربوبية، كالتسليم لمحمد صلي الله عليه و آله و سلم بالنبوة، و كالاقرار لهم بالولاية من غير أن يذهب بأصحاب الصدور الحصرة أن ذلك الاقرار يجعل الأئمة شركاء في ألوهية الله، و أكفاء في نبوة النبي!.

فمعني ذلك، أبسط من ذلك.. و هو أن أئمة أهل البيت عليهم السلام عباد مكرمون... قد أسلموا وجوههم لله تبارك و تعالي، و صدقوا برسوله و بما جاء به تصديقا لا يخامره ريب، فجعلهم الله تعالي عرفاء مقديمن علي غيرهم بما أفاض عليهم من نعمائه و ما أجزل عليهم من عطائه.

فنصبهم سبحانه و تعالي لولاية أمور عباده، و جعلهم حججا عليهم،

كما أنعم عز اسمه علي جدهم صلي الله عليه و آله و سلم بالنبوة و باقامة أمره، و جعله رسولا، و شاء ذلك و قضي به، كما شاء هذا و قضي به.

فكان انكار أمرهم انكارا لفعله سبحانه، و اعتراضا علي مشيئته، و مشاركة له في ارادته، لأنه رفض للمنصوص عنه علي لسان رسوله!.

و المؤمن بذلك، هو وحده المصدق بما جاء عن الله كاملا؛ و هو - بالتالي -



[ صفحه 44]



المتعبد له بالطاعة و الاذعان لكل ما نزل من عنده؛ لأنه لا يؤمن ببعض ما جاء و يكفر ببعض.

و المؤمنون بأوامره سبحانه كاملة و الي غاية منتهاها، هم شر ذمة قليلون.. و كثيرا ما يكونون مرفوضين - من أهل الدنيا و أهل الباطل - و ملاحقون، و محاربون... فلا عجب أن يدعو الامام لهم بالصون من أيدي الظلمة في الأرض.. و لا أكثر من ذلك في طي ذلك الجواب.

و لزام علي من كان - كذلك - مؤمنا ممتحنا - بالتصديق لحديثهم - أن ينبذه الي حمالة يحتملونه عنه ليخرجوه بدورهم الي غيرهم، لأنه اذا تنوقل علي هذا الشكل يبقي سائرا باستمرار، و ينجو الناس من الضياع و يأخذون طريق الحق و الهدي.

و نحن انما نفعل ذلك.. رغم بعدنا عن منزلة الايمان الممتحن.

و لا يعجلن قارئي الكريم بتقليب شفتيه قبل أن يتهضم كلامي علي وجهه المقصود، لأن العجلة غير محمودة العاقبة.

فالأرض لا تخلو من حجة لله تعالي علي عباده - منذ آدم عليه السلام - اما أن يكون ظاهرا معروفا مقبولا، و اما أن يكون غائبا مستورا عن أعين أهل الباطل.

و لم يكن نبي بدون وصي - باعتراف سائر الفرق الاسلامية، و في سائر الأديان -، كما أن أحدا من الناس لا يموت بلا وصية ينفذها «وصي» يجعله قائما علي أمره من بعده، مع فارق هام و هو أن أوصياء الموتي يوزعون تركاتهم بحسب القواعد الشرعية و ينتهي عملهم، و أن أوصياء الأنبياء يكونون خلفاء الله علي أرضه، و يبقون ولاة للأمر، هداة أمناء علي التراث السماوي، متعاقبين علي ذلك واحدا بعد واحد، و الي الأبد.. جاريا لأولهم من العلم و الفضل ما يجري لآخرهم، يقدمون أمر الله علي كل أمر، و حكم الله علي أي حكم، و لا يتعدون الصواب و لا يخالفون السنة و لا الكتاب. و لذلك قال الامام الصادق عليه السلام:



[ صفحه 45]



«ان الحجة لا تقوم لله علي خلقه الا بامام حي يعرف» [52] .

و قال عليه السلام في حديث طويل:

«.. لعلكم ترون أن هذا الأمر في الامامة الي الرجل منا يضعه حيث يشاء!.

و الله انه لعهد من الله نزل علي رسوله صلي الله عليه و آله و سلم الي رجال مسمين: رجل فرجل حتي تنتهي الي صاحبها» [53] .

و مما لا مشاحة فيه و لا جدال، أنه حتي يتمكن الرسول من القيام بدوره الرسالي كاملا في مجتمعه، لا بد أن يكون معدا اعدادا تاما يكفل القيام بهدم أوضاع سقيمة و اقامة أوضاع سليمة، و منزها عن سائر انحرافات مجتمعه، متأصلا علي كل ما هو جدير بأن يجعله القدوة الصالحة و المثل الأكمل و النموذج الفرد، بحكم كونه خليفة الله تعالي في أرضه و حجته علي خلقه، و بحكم كونه «مصنوعا» من عنده تعالي كما ينبغي أن يكون خليفته عز و جل.

و لا جدال و لا مشاحة - أيضا - في أن الوصي - أو الامام - الذي يكون عمله امتدادا لعمل الرسول، يجب أن يكون معدا اعداد الرسول لحمل رسالته، ليكون جديرا بصون ما أقام الرسول من بناء، و حياطة جميع ما سنته السماء، و أن يكون قدوة في العلم و الفضل، و مثلا أعلي للناس بحكم مركزه الذي انتدبه الله تعالي اليه..

و اذا كان الأمر كذلك، كان وصي النبي علي تراثه الرباني - اذا - ذا صلاحيات تفوق مستوي صلاحيات وصي الميت العادي علي تركته. و لذلك يشرف الرسول - بأمر ربه و مشيئته - علي تربية وصية تربية لائقة بحمل الرسالة، و كفيلة بأن تجعله حجة في العلم، و الفضل، و الخلق، و تعميق المفاهيم، و تثبيت الأحكام، و تصحيح الأخطاء، ليتحقق به استمرار الأداء و امتداد أمر السماء من غير حاجة للرجوع الي من هو أفضل منه.



[ صفحه 46]



فاعداد الوصي، هو - أيضا - سماوي كاعداد الرسول،

و هو من مهمة الله تعالي بالذات، لا مهمة أحد سواه، و ان كان الرسول هو الذي يباشر «تطبيعه» بحسب الوحي ليتم التطابق بين سلوكية الرسول و وصيه.

ذاك أن الامامة - الشبيهة بالنبوة - سفارة سماوية بالمعني الواسع و الضيق، تصدر «مراسيمها» عن السدة الالهية و من فوق عرش الله تبارك و تعالي.

و هي - كالنبوة - مما تفرد سبحانه به لنفسه، و أملاه علي رسوله املاء - و حيا من عنده، و لا دخل لغيره في تعيين سفرائه و تسمية حججه علي أرضه.

و قد قال الامام الرضا عليه السلام:

«نحن حجج الله في أرضه، و خلفاؤه في عباده، و أمناؤه علي سره.

و نحن كلمة التقوي، و العروة الوثقي،

و نحن شهداء الله و أعلامه في بريته.

بنا يمسك الله السماوات و الأرض أن تزولا، و بنا ينزل الغيث و ينشر الرحمة.

لا تخلو الأرض من قائم منا، ظاهر أو خاف؛ و لو خلت يوما بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله» [54] .

و قال من قبله جده الصادق عليه السلام:

«ان الأرض لا تخلو من أن يكون فيها حجة عالم؛

ان الأرض لا يصلحها الا ذلك، و لا يصلح الناس الا ذلك» [55] .

و لم يتجرأ - و لا تجرأ، و لن يتجرأ - أحد أن يقولها غير هم منذ أربعة عشر قرنا و الي قيام الساعة، لأنهم - وحدهم - أهلها، في محلها. و من يقلها بغير حق يناد علي نفسه بالكذب، أو يرم بحجارة من السماء، أو يؤخذ بعذاب أليم!.

فلا ينظر الي الامام الوصي، الا من خلال أن حجة الله في الأرض يكون من



[ صفحه 47]



غير طينة الآخرين، و ان كان بشرا من البشر - تماما كما أن النبي بشر من طينة عليين -.

فالأنبياء، و أوصياؤهم، هم حماة الخلق من الضلال، و وقاة رسالة السماء من الانحراف أو الزوال؛ لأنهم سدنة الدين الذين لا يفوتهم شي ء من حقائقه و دقائقه. كما أنه «لا يغيب» عنهم شي ء مما يكون الخلق عليه في كل حال و في كل زمان و مكان. و لهذا قال الامام الصادق عليه السلام لعبد العزيز الصائغ:

«أتري أن الله استرعي راعيا علي عباده، و استخلف خليفة عليهم، يحجب عنه شيئا من أمرهم؟!!». [56] .

و الجواب: قطعا، لا.

فان الحكومة لا تنتدب سفيرا لها الا اذا كان من المثقفين النابهين، و من أهل الفكر و الرأي المتقنين لعدة لغات، ليعطي صورة جميلة لوجه دولته. فلا جرم أن يكون سفير الله علي المستوي الأمثل لسفارة الاله ليعطي الصورة المباركة المثلي لحكومة السماء. و هذا هو معني قول الامام الصادق عليه السلام لصاحبه هشام بن الحكم:

«يا هشام، من شك أن الله يحتج علي خلقه بحجة لا يكون عنده كل ما يحتاجون اليه فقد افتري علي الله» [57] .

و انه ليفتري عليه سبحانه افتراء عظيما، اذ يرميه بالعجز عن «تجهيز» سفيره بما يلزمه.

فمن المستحيل أن يكون السفير جاهلا ما هي عليه دولته من سياسة و تخطيط و نظام، بل يكون راسخ العلم فيما يختص بأنظمتها و أهدافها، و بما يوافق تلك الأنظمة و الأهداف أو يخالفها.

و علي هذا الأساس قال الامام الباقر عليه السلام في معني قوله تعالي: (و ما



[ صفحه 48]



يعلم تأويله الا الله و الراسخون في العلم) [58] .

«... رسول الله أفضل الراسخين. قد علمه الله جميع ما أنزله الله اليه من التنزيل. و ما كان لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله. و أوصياؤه من بعده يعلمونه كله» [59] .

فكيف يسلم المسلم بهذا للرسول.. ثم ينكره علي وصيه؟.

أفلا يعلم بأنه حين يحط من شأن الوصي يكون قد حط من شأن الموصي؟!!..

بلي.. و ان أئمة أهل البيت ليعلمون التنزيل و التأويل كما يعرفه الرسول - معلمهم الأصيل - و هو (آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم..) [60] : و «هم الائمة خاصة». [61] كما قال ذلك الامام الرضا و غيره من آبائه و أبنائه عليهم السلام جميعا.. و كما حفظت هذا القول كتب الحديث و التاريخ.

و (الله اعلم حيث يجعل رسالته..) [62] و هو غير محتاج لمن يصطفي لولاية أمره و خلافته علي خلقه..

و نحن بحاجة الي وقفة تأمل.. قبل اتخاذ القرار... لئلا نقع في الضياع!.

و قبل انهاء الكلام في هذا الموضوع، نطلع القاري ء الكريم علي انداز الامام الباقر عليه السلام، الذي نقله عنه محمد بن مسلم، حيث قال:

«كل من دان لله عز و جل بعبادة يجهد بها نفسه و لا امام له من الله، فسعيه غير مقبول، و هو ضال متحير؛ و الله شاني ء لأعماله.

و مثله كمثل شاة ضلت عن راعيها و قطيعها، فهجمت ذاهبة و جائية يومها. فلما جنها الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها فحنت اليها و اغترت بها، فباتت



[ صفحه 49]



معها في مربضها. فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها و قطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها و قطيعها فبصرت بغنم مع راعيها، فحنت اليها و اغترت بها، فصاح بها الراعي: الحقي براعيك و قطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك و قطيعك. فهجمت ذعرة، متحيرة، تائهة، لا راعي لها يرشدها الي مرعاها أو يردها.

فبينا هي كذلك اذ اغتنم الذئب ضيعتها، فأكلها!.

و كذلك و الله يا محمد، من أصبح من هذه الأمة لا امام له من الله عز و جل، ظاهر عادل، أصبح ضالا تائها. و ان مات علي هذه الحالة مات ميتة كفر و نفاق.

و اعلم يا محمد، أن أئمة الجور و أتباعهم لمعزولون عن دين الله، قد ضلوا و أضلوا. فأعمالهم التي يعملونها (كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا علي شي ء ذلك هو الضلال البعيد) [63] .



[ صفحه 51]




پاورقي

[1] البرهان م 4 ص 547 و بصائر الدرجات ص 21 مكررا الي ص 28 بعدة صيغ، و عن عدة رواة عن عدة من أئمة أهل البيت عليهم السلام، و هو في الكافي م 2 ص 401.

[2] البرهان م 4 ص 547 و معاني الأخبار ص 188 و الكافي م 2 ص 402 - 401 و روي عن الامام العسكري عليه السلام مع تفصيل، و هو في بصائر الدرجات ص 21 و الاختصاص ص 268.

[3] بصائر الدرجات ص 25 و ص 27 و الكافي م 2 ص 401.

[4] بصائر الدرجات ص 25 و ص 27 و الكافي م 2 ص 401.

[5] بصائر الدرجات ص 25 و ص 537.

[6] بصائر الدرجات ص 25 و ص 537.

[7] البرهان م 4 ص 547 و معاني الأخبار ص 188 و الكافي م 2 ص 402 - 401 و ورد عن الامام العسكري عليه السلام مع تفصيل، و هو في بصائر الدرجات ص 21 و الاختصاص ص 268.

[8] بصائر الدرجات ص 25 و ص 27 و الكافي م 1 ص 401 و الآية في الأعراف - 172.

[9] بصائر الدرجات ص 25 و ص 27 و الكافي م 1 ص 401 و الآية في الأعراف - 172.

[10] بصائر الدرجات ص 25 و ص 27 و الكافي م 1 ص 401 و الآية في الأعراف - 172.

[11] بصائر الدرجات ص 25 و ص 27 و الكافي م 1 ص 401 و الآية في الأعراف - 172.

[12] بصائر الدرجات ص 25 و ص 537.

[13] الحديثان رواهما السنة و الشيعة في مصادر لا تحصي، و انظر الأول في بحارالأنوار ج 23 ص 106 منقولا عن الامام أحمد بن حنبل في مسنده و مرويا عن أبي سعيد الخدري، و مكررا في عشرات الصفحات. و الحديث الثاني في ص 119 و ما بعدها في عدة صفحات.

[14] الحديثان رواهما السنة و الشيعة في مصادر لا تحصي، و انظر الأول في بحارالأنوار ج 23 ص 106 منقولا عن الامام أحمد بن حنبل في مسنده و مرويا عن أبي سعيد الخدري، و مكررا في عشرات الصفحات. و الحديث الثاني في ص 119 و ما بعدها في عدة صفحات.

[15] ابراهيم - 24.

[16] بصائر الدرجات ص 11 و ص 12 و عدة من مصادر بحثنا.

[17] بصائر الدرجات ص 11 و ص 12 و عدة من مصادر بحثنا.

[18] المصدر السابق ص 49 و ص 56 و ص 57.

[19] المصدر السابق ص 49 و ص 56 و ص 57.

[20] المصدر السابق ص 49 و ص 56 و ص 57.

[21] بصائر الدرجات ص 62.

[22] المصدر السابق ص 90 و ص 91 و ص 94 و الآية في فصلت - 30.

[23] المصدر السابق ص 90 و ص 91 و ص 94 و الآية في فصلت - 30.

[24] المصدر السابق ص 90 و ص 91 و ص 94 و الآية في فصلت - 30.

[25] المصدر السابق ص 104 و ص 109 و ص 115 و ص 122 و ص 126 تجدها تباعا.

[26] المصدر السابق ص 104 و ص 109 و ص 115 و ص 122 و ص 126 تجدها تباعا.

[27] المصدر السابق ص 104 و ص 109 و ص 115 و ص 122 و ص 126 تجدها تباعا.

[28] انظر المصدر السابق.

[29] انظر المصدر السابق.

[30] المصدر السابق ص 127 و الآية في النحل - 89.

[31] العنكبوت - 49.

[32] المصدر السابق ص 205 و ص 208 مكررا الي ص 211.

[33] المصدر السابق ص 205 و ص 208 مكررا الي ص 211.

[34] المصدر السابق ص 226 مكررا في أكثر من صفحة، و الاختصاص ص 263 و الآية الأولي في الجمعة - 2 و الآية الثانية في الأنعام - 92.

[35] المصدر السابق ص 226 مكررا في أكثر من صفحة، و الاختصاص ص 263 و الآية الأولي في الجمعة - 2 و الآية الثانية في الأنعام - 92.

[36] المصدر السابق ص 289 و ص 299 و ص 301 تجدها تباعا.

[37] المصدر السابق ص 289 و ص 299 و ص 301 تجدها تباعا.

[38] المصدر السابق ص 289 و ص 299 و ص 301 تجدها تباعا.

[39] المصدر السابق ص 319 و ص 325.

[40] المصدر السابق ص 319 و ص 325.

[41] المصدر السابق ص 396.

[42] المصدر السابق ص 420 و ص 421.

[43] المصدر السابق ص 420 و ص 421.

[44] المصدر السابق ص 465.

[45] المصدر السابق ص 517 و الآية في الانسان - 17 و التكوير - 29 و تجده في بحارالأنوار و في غيره من المصادر المعتبرة التي عرضت لموضوع علمهم عليهم السلام.

[46] الاختصاص ص 268 - هو و ما سبقه -.

[47] بصائر الدرجات ص 14 و ص 25 - 24 عن محمد بن سوقة، و هو كذلك في كتب الأخبار التي عرضت لهذا المعني.

[48] بصائر الدرجات ص 14 و ص 25 - 24 عن محمد بن سوقة، و هو كذلك في كتب الأخبار التي عرضت لهذا المعني.

[49] بحارالأنوار ج 67 ص 98 - 97 و الكافي م 2 ص 74.

[50] الأحزاب - 72.

[51] البرهان م 4 ص 548 - 547 و الكافي م 2 ص 402.

[52] بحارالأنوار ج 23 ص 2 عن الاختصاص ص 268 نقلا عن الكافي م 1 ص 177 عن الامام الرضا عليه السلام.

[53] المصدر السابق نفس الجزء ص 75 عن الغيبة للنعماني ص 23 عن عمرو بن الأشعث، و كان مع نحو من عشرين رجلا في المجلس.

[54] بحارالأنوار ج 23 ص 35 عن اكمال الدين ص 177.

[55] بحارالأنوار ج 23 ص 36 - 35 عن اكمال الدين ص 177 عن الحسن بن زياد، عنه عليه السلام.

[56] بصائر الدرجات ص 122 و ص 123.

[57] بصائر الدرجات ص 122 و ص 123.

[58] آل عمران - 7 و الحديث في بصائر الدرجات ص 202 عن بريد العجلي.

[59] آل عمران - 7 و الحديث في بصائر الدرجات ص 202 عن بريد العجلي.

[60] العنكبوت - 49 و الحديث في بصائر الدرجات ص 202 و عدة مصادر أخري.

[61] العنكبوت - 49 و الحديث في بصائر الدرجات ص 202 و عدة مصادر أخري.

[62] الأنعام - 124.

[63] الكافي م 1 ص 184 - 183 و الآية في ابراهيم - 18.