بازگشت

من السيرة النبوية


و من السيرة النبوية نجد هذا المعني واضحا في مواقف خالدة دونها التاريخ.

الموقف الأول عن الامام علي بن أبي طالب عليه السلام:

في أول أيام الاعلان عن الدعوة النبوية وقف النبي الأكرم صلي الله عليه و آله و سلم أمام عشيرته و قومه ممتثلا أمر ربه: (و أنذر عشيرتك الأقربين) معلنا لهم عن الامام علي عليه السلام: «ان هذا أخي و وصيي و خليفتي».

روي ابن عباس عن الامام علي عليه السلام قال: عندما نزلت آية: (و أنذر عشيرتك الأقربين) دعا النبي صلي الله عليه و آله و سلم أربعين رجلا منهم أعمامه أبوطالب، و الحمزة، و العباس، و أبولهب، فقام النبي فيهم خطيبا فقال: «أيكم يؤازرني علي هذا الأمر فيكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم».

فأحجم القوم عنها جميعا. فقلت (و الكلام لعلي عليه السلام)



[ صفحه 44]



و اني لأحدثهم سنا و أومضهم عينا: «أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه».

فأخذ برقبتي ثم قال: «هذا أخي و وصيي، و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا».

فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع. [1] .

و كان علي آنذاك فتي لا يتجاوز عمره أربعة عشر ربيعا. و قيل أقل من ذلك.

فلم يمنع صغر السن من الاعلان عن الامامة و الامام في أول أيام الدعوة العلنية الي الاسلام في مكة المكرمة في السنة الثالثة من البعثة.

الموقف الثاني: الامامان الحسن و الحسين عليهماالسلام.

و فيها حدد الرسول الأكرم صلي الله عليه و آله و سلم الامامة بعد علي عليه السلام حين قال: «الحسن و الحسين امامان قاما أو قعدا».

و في رواية: «هذان ابناي امامان قاما أو قعدا».

و في كتاب خلاصة عبقات الأنوار ج 4، ص 204، للسيد حامد الهندي «الحسن و الحسين امامان».



[ صفحه 45]



و في شرح الأزهار ج 4، ص 253، للامام أحمد المرتضي، قال: و أما الحسنان فالنص فيهما صريح، و هو قوله صلي الله عليه و آله و سلم: «الحسن و الحسين امامان قاما أو قعدا و أبوهما خير منهما». و معلوم أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم انتقل الي جوار ربه و عمرهما أقل من عشر سنوات، لأنه توفي في السنة الحادية عشر من الهجرة، و ولادة الحسن كانت في السنة الثانية، و الحسين في السنة الثالثة. فكيف يصح أن يقول عنهما و هما صغيران أنهما سيدا شباب أهل الجنة، و أنهما امامان لو لم يكن الأمر سائغ و مقبول في منطق السماء حيث أنه صلي الله عليه و آله و سلم لا (ينطق عن الهوي (3) ان هو الا وحي يوحي).

«كما أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أشهد الحسنين عليهماالسلام علي كتاب ثقيف و أشهد أباهما عليه السلام عليه مع أنهما صغيران». [2] .

و أخرجهما معه في المباهلة التي كانت مع نصاري نجران حيث قال الله تعالي: (فمن حآجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين).

حيث أجمع المفسرون علي أن المراد من (أبناءنا) الحسن و الحسين عليهماالسلام و (نساءنا) فاطمة ابنته عليهاالسلام و أنفسنا علي بن أبي طالب ابن عمه عليه السلام.

قال أبوبكر الرازي: «هذا يدل علي أن الحسن و الحسين عليهماالسلام ابنا رسول الله و أن ولد الابنة ابن علي الحقيقة».



[ صفحه 46]



و قال ابن علان و هو أحد أئمة المعتزلة: «هذا يدل علي أنهما عليهماالسلام كانا مكلفين في تلك الحال، لأن المباهلة لا تجوز الا مع البالغين».

و قال أصحابنا: «ان صغر السن و نقصانه عن حد البلوغ لا ينافي كمال العقل، و انما جعل بلوغ الحكم حد لتعلق الأحكام الشرعية، و كان سنهما عليهماالسلام في تلك الحال سنا لا يمتنع معها أن يكونا كاملي العقل».

علي أن ذلك عندنا يجوز أن يخرق الله العادات للأئمة، و يخصهم بما لا يشركهم فيه غيرهم.

فلو صح أن كمال العقل غير معتاد في تلك السن لجاز فيهم ابانة لهم عمن سواهم، و دلالة علي مكانتهم من الله، و اختصاصهم به، و مما يؤيده من الأخبار قول النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «ابناي هذان امامان قاما أو قعدا». [3] .

و روي مسلم قال سعد بن أبي وقاص: «لما نزلت قوله تعالي: (فقل تعالوا ندع أبناءنا أبناءكم) دعا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عليا و فاطمة و الحسن و الحسين و قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا». [4] .

و كانت المباهلة يوم الرابع و العشرين من ذي الحجة في



[ صفحه 47]



السنة التاسعة من الهجرة.

و هكذا تكون المؤيدات التاريخية كاشفة عن أن هذا السن في الامام ليس عائقا في اصطفاءه و اختياره اماما للخلق. كيف و أن الله سبحانه يتولي تسديده و تربيته علي الدوام.



[ صفحه 49]




پاورقي

[1] تاريخ الطبري، ج 3، ص 219 - 218.

[2] مكاتيب النبي، الأحمدي الميانجي، ص 73.

[3] بحارالأنوار، ج 5، ص 279، عن مجمع البيان، 2 / 452.

[4] صحيح مسلم.