صغر السن
كان عمر الامام الجواد عليه السلام حين انتقل والده الي ربه سبع سنين و شهور فهو قد ولد سنة 195 ه. و انتقل أبوه سنة 203 ه و تولي الامامة و عمره صغير آنذاك.
فهل يعارض السن تولي منصب الامامة، و هو منصب قيادي و ريادي في الأمة؟
لو تركنا الأمر لمفهوم العرف و لسائر أبناء البشر يكون الجواب بالايجاب.
لكن عندما يترك الأمر لارادة السماء و لتحديد ضوابطها فانا نجد جوابا مختلفا تماما.
ذلك لأن النص أولا، و الكفاءة ثانيا هما ما يحدد صلاحية البشر لتولي هذا الأمر.
فالنص يجب التقيد به، و الكفاءة كاشفة عن حكمة النص، ورادة لتشكيكات المشككين.
[ صفحه 40]
و ذلك لأن حكمة الاصطفاء و الاجتباء من قبل الله تعالي لأوليائه تقتضي اختيارهم قبل خلقهم لمنصب الريادة، و القيادة، و التوجيه.
و هذا مفاد قول المعصوم: خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين. [1] .
ثم تستمر العناية الالهية للمختار من عباده بعد ولادته حتي يبلغ عن الله.
و ربما بدأ هذا الدور من حين ولادته كما في النبي عيسي بن مريم عليهماالسلام حين دعا الناس الي الله و هو في المهد.
و في النصوص القرآنية و السيرة النبوية ما يشير الي هذا النص.
و أول هذه الشواهد:
عن النبي سليمان عليه السلام:
حين أوحي الله الي داوود عليه السلام أن يستخلف سليمان و هو صبي يرعي الغنم. فأنكر ذلك عباد بني اسرائيل و علمائهم، فأوحي الله تعالي الي داوود أن خذ عصا المتكلمين و عصا سليمان، و اجعلها في بيت، و اختم عليها بخواتيم القوم. فاذا كان الغد فمن كانت عصاه قد أورقت و أثمرت فهو الخليفة، فأخبرهم
[ صفحه 41]
داوود عليه السلام بذلك فقالوا رضينا و سلمنا.
و كانت النتيجة أن سليمان عليه السلام أعطي الحجة و البينة في العلم و الفهم بالاضافة الي تلك الآية الباهرة فصار خليفة أبيه و قد عين في صغره. [2] .
2- النبي يوسف عليه السلام رأي و هو طفل صغير أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رآهم ساجدين. و رؤية الأنبياء انما هي نبوة صادقة.
و كان من دواعي حسد اخوته و تآمرهم عليه تقريب أبيه له.
3- و النبي موسي عليه السلام أوتي من الكرامات الكثيرة و هو رضيع و كانت سببا لنجاته من بطش فرعون.
4- و يحيي بن زكريا عليهماالسلام حيث أتاه الله الحكم صبيا.
قال الله تعالي: (و آتيناه الحكم صبيا)
5- و عيسي عليه السلام تكلم في المهد قال: (اني عبدالله آتاني الكتاب و جعلني نبيا (30) و جعلني مباركا أين ما كنت و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا (31) و برا بوالدتي و لم يجعلني جبارا شقيا).
[ صفحه 42]
و كل ذلك يفسر لنا معني الاصطفاء من قبل الله تعالي لأوليائه، و عناية الباري لهم بعد ذلك.
[ صفحه 43]
پاورقي
[1] زيارة الجامعة.
[2] حياة أولي النهي الامام الجواد، الخطيب الحكيمي.