بازگشت

اسباب ظهور الحركة الباطنية


يمكن تحديد أسباب ظهورها كتيار في داخل الأمة الاسلامية بعدة عوامل:

1- عدم الايمان بمرجعية فكرية للأمة يكون لها الرأي



[ صفحه 172]



القاطع في توضيح معاني القرآن المتشابهة. و أخذ الأحكام الشرعية منها. و القبول برأيها في الحوادث الواقعة. و نعتقد أنها الجهة التي أشار اليها النبي في حديث الثقلين ب (عترتي) الي جانب القرآن الكريم و اعتبر التمسك بها عنوان الهداية، و سبيل الرشاد. و هي الصراط المستقيم، و العروة الوثقي، و سفينة النجاة التي من ركبها نجا، و من تخلف عنها غرق و هوي.

2- الايمان المفرط بالعقل دون ضوابط، و أعماله في النصوص الشرعية، و فتح باب الاجتهاد من دون أهلية و لا جدارة، و معلوم أن دين الله لا يصاب بالعقول كما قال الامام الصادق عليه السلام: و يمكن القول أن مدرسة الرأي، و مدرسة الاعتزال بالتحديد ساعدت و هيئت المناخ المناسب لظهور رجال يقولون بآرائهم في كل أمر دون ضابط. فكان الغلاة و الخوارج و الباطنية.

و عندنا: أن العقل انما هو كاشف عن مقاصد الشريعة، و دائرة حركته داخل النصوص الشرعية.

و أن الاجتهاد له أدوات و وسائل و مقدمات منها الاعتماد علي الظهور العرفي الذي يقره الذوق و اللغة. مضافا الي اعتماد النصوص الصحيحة المفسرة لآيات القرآن و أحكام الشريعة، و أنه لا يمكن تجاوز نص صريح ظاهر بالاجتهاد و هذه بعض مقدمات الاجتهاد في فهم نصوص القرآن أما تجاوز ذلك كله، و الاعتماد علي العقل وحده فهو يؤدي الي الزيغ و الضلالة.

3- عامل نفسي يرتبط بحب الزعامة و الظهور و التمييز،



[ صفحه 173]



و الشعور بالثقة دون مؤهلات و كفاءة.

4- ممارسات الحاكم من عنف و قهر و اعتداء، أدي الي ظهور ردات فعل غير واعية، و منحرفة عند فئات من الأمة. سلكت هذا الطريق. و يمكن القول أن المؤرخين - و كمثال - ذكروا أن البابكية و هي حركة باطنية ولدت كرد فعل علي اغتيال أبي مسلم الخراساني.

و أن زعماء الباطنية كالقداح و ذيدان كانوا في سجن و الي العراق العباسي، عندما قرروا و تبانوا علي أفكارهم الباطنية.

5- اعتمدت الباطنية علي الدس و الافتراء و حشد الأحاديث الموضوعة المنسوبة الي النبي و أهل بيته الكرام و ذلك لاضفاء الشرعية علي معتقداتهم و لاغواء العامة.

و لذا نجد في أحاديث المعصومين ما يشير الي البراءة من أمثال هؤلاء.

6- تشطر الحركة الباطنية و انقساماتها الكثيرة و تعدد أسمائها يشير الي عدم وجود مرجعية واحدة لهذه الحركة، و أن آراء الرجال و أصحاب النفوذ و التأثير هي العامل المؤثر في ظهور هذه الحركة بهذا الاسم أو ذاك.

لذا تعددت الاتجاهات و كثرت الفرق و المذاهب الباطنية داخل الأمة، و كذلك اختلفت مناطقها.

و نهاية القول: أن من الأسباب الرئيسية لظهور الحركة



[ صفحه 174]



الباطنية في زمان الدولة العباسية و في أيام المعتصم بالذات يعود الي اهمال الجانب الدعوي في الفتوحات و المناطق النائية، و اقتصار دور السلطة الديني علي القضاء، و امامة الجماعة، دون التربية و التعليم، و التزكية و التهذيب.

و كذلك ترك المناطق النائية لفقرها و عوزها، و الاهتمام بحياة البذخ و بناء القصور و الحواضر الكبيرة في حين أن الواجب يقضي بقسم المال بالسوية بين الرعية.



[ صفحه 175]