نشأتها
ذكر أصحاب التواريخ أن الذين وضعوا أساس دين
[ صفحه 167]
الباطنية كانوا من أولاد المجوس، و هي الحركة المعارضة و كانوا مائلين الي دين أسلافهم، و لم يجسروا علي اظهاره خوفا من سيوف المسلمين و منهم ميمون بن ديصان المعروف بالقداح، و محمد بن الحسين الملقب بديدان، ثم حمدان بن قرمط و هو مؤسس حركة القرامطة و زعيمها، و أبوسعيد الجنايي. [1] .
و يقول الأستاذ شريف يحيي الأمين عن بداية نشأتها أن المؤسسين لها كانوا مسجونين في سجن والي العراق. و هما القداح، و ذيدان، فتبانوا علي الدعوة الي حركتهم. و قد ابتدأ ذيدان بالدعوة اليها من ناحية فدخل في مذهب جماعة من أكراد الجبل، و أهل الجبل المعروف.
ثم رحل القداح (ميمون بن ريعان) ناحية المغرب و انتسب الي عقيل بن أبي طالب و دخل في دعوته قوم من غلاة الرفض و الحلولية.
و يذكر أن الحركة الباطنية تحالفت مع الخرمية، كانوا بأصفهان، و قد ظهرت هذه الطائفة بعد مقتل أبي مسلم الخراساني، فتنازع أتباعه في امامته.
و كان من أمرهم: أن قتل المنصور العباسي منهم ستين ألفا بعد أن ثاروا عليه، و قتلوا الكثير من المسلمين و استباحوا الحرمات و أباحوا الزنا.
[ صفحه 168]
و من المؤرخين من يري أن الخريمة لم تكن الا مزدكية جديدة. و أن أبامسلم لم يكن الا المنقذ الذي بشربه زرادشت. و كانت الخرمية تقول أن الرسل تتري، و قد دانوا بترك الفرائض، و قالوا أن الدين معرفة الامام فقط.
و منهم من قال: الدين أمران: معرفة الامام و أداء الأمانة، و من حصل له الأمران فقد وصل الي الكمال و ارتفع عنه التكليف. [2] .
و يمكن تصنيف البابكية و هم أتباع بابك الخرمي كامتداد لهذه الحركة، و قد استمرت في حمل راية العصيان ضد الدولة العباسية و عاصروا المأمون و المعتصم. و قد ظهر بابك في الجبل بناحية أذربيجان، و كثر أتباعه، و قد بقيت العساكر في وجهه عشرين عاما. الي أن أخذ بابك و أخوه اسحاق بن ابراهيم و صلب أيام المعتصم. [3] .
و ذكر الطبري في محاكمة أفشين القائد الذي هزم بابك و حوكم و قتل في أيام المعتصم أيضا. ان بابك الخرمي كتب اليه يستميله: بأن هذا الدين الأبيض لم يبق له غيري و غيرك، و مرداه دين المجوسية. [4] .
مع أن المعتصم أعطي للأفشين قائده بعدما هزم بابك
[ صفحه 169]
عشرين ألف ألف درهم (عشرين مليون درهم). [5] .
و ذكر بن أبي الحديد: ان بابك الخرمي لم تكن نكايته و ان طالت عشرين سنة الا في اقليم واحد هو أذربيجان. [6] .
و قد وقعت معارك طاحنة في هذا الاقليم بين بابك و جنوده من جهة و عساكر الدولة العباسية سنة 222 ه من جهة أخري، وعدها العصفري من حوادث هذه السنة المهمة،حيث قال: كان فيها وقعة الأفشين بالكفر بابك، فهزمهم و مثل في بلاده، و حوي عسكره، و استخرج من كان في بلاده من أسري المسلمين، و هرب بابك ثم ظفر به أسيرا، فكتب بالفتح الي أميرالمؤمنين (المعتصم). [7] .
و قد أتي به الي المعتصم أسيرا فأمر بقطع يديه و رجليه ثم ضرب عنقه و صلبه.
پاورقي
[1] سيرة أعلام النبلاء الذهبي، ج 7، ص 183.
[2] معجم الفرق الاسلامية، 108.
[3] المصدر، 47.
[4] مكاتيب الرسول، الأحمدي الميانجي، ج 3، ص 121.
[5] الكليني و الكافي، الشيخ عبدالرسول.
[6] شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 8، ص 318.
[7] تاريخ خليفة ابن خياط، العصفري، ص 392.