خروج محمد بن القاسم
في سنة 219 ه أي بعد سنة من تولي المعتصم للخلافة خرج محمد بن القاسم بن علي بالطالقان.
قال المسعودي: و اتبعه جماعة فوجه اليه عبدالله بن طاهر
[ صفحه 163]
بعض عماله و جرت بينهم معارك انتهت الي هزيمته فلحقه فهرب الي نيسابور فاعتقل و سلم الي المعتصم، فحبسه في قصره فهرب منه بليلة عيد الفطر سنة 219 ه [1] .
لكن ابن خلدون يقول: أنه سجن حتي مات. و يقال أنه مات مسموما.
و في مقاتل الطاليين ذكر تفاصيل خروجه، و بعض صفاته و ترجمته قال:
محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
أمه صفية بنت موسي بن عمر بن الحسين و يكني أباجعفر. و كانت العامة تلقبه بالصوفي لأنه كان يدمن لبس الرداء من الصوف الأبيض.
كان من أهل العلم و الفقه و الدين و الزهد، و حسن المذهب، اجتمع له الناس مرتين:
- المرة الأولي في مرو: استجاب له من الناس أربعين ألفا، لكنه فرقهم لما سمع بكاء رجل و استغاثته فقال لابراهيم بن عبدالله العطار:
يا ابراهيم قم فانظر ما هذا البكاء؟ يقول ابراهيم: فأتيت
[ صفحه 164]
الموضع فوقفت فيه، فاستقريت البكاء حتي انتهيت الي رجل حائك، قد أخذ منه رجل من أصحابنا ممن بايعنا لبدا، و هو متعلق به. فقلت: ما هذا و ما شأنك؟
قال الرجل: أخذ صاحبكم هذا لبدي.
فقلت: اردد عليه لبده، فقد سمع أبوجعفر بكاءه.
فقال لي الرجل (من أصحابنا): انما خرجنا معكم نتكسب و ننتفع و نأخذ ما نحتاج اليه.
فلم أزل أرفق به حتي أخذت منه البلاد، ورددته الي صاحبه، و رجعت الي محمد بن القاسم، فأخبرته خبره، و أني قد انتزعت منه اللبد، ورددته الي صاحبه.
فقال محمد بن القاسم: يا ابراهيم أبمثل هذا ينصر دين الله، ثم قال لنا: فرقوا الناس عني حتي أري رأيي. فخرجنا الي الناس و قلنا لهم: ان صورة الأمر قد أوجبت أن تتفرقوا في هذا الوقت، فتفرقوا.
- المرة الثانية في الطالقان: و رحل محمد من وقته الي الطالقان، و اجتمع عليه عالم من الناس، فأتم عزمه و خرج في الناس.
و جرد له عبدالله بن طاهر بعض عماله، و جرت بينهم معارك و حروب، حتي تمكن فرج بن حيان من هزيمة رجال محمد. فهرب الي نسا مستترا.
و قد تمكن ابراهيم بن غسان و هو من رجال عبدالله بن
[ صفحه 165]
طاهر من القبض عليه، و تسيره الي بغداد حيث وافي المعتصم و أمر بحبسه في قصره.
قال ابراهيم بن غسان: ما رأينا أعف قط و أشد اجتهادا منه، و لا أعف و لا أكثر ذكرا الله تعالي، مع شدة نفس و اجتماع مكسب، و لا ظهر منه جزع و لا انكسار و لا خضوع للشدائد التي مرت به، و لقد عرضوا عليه كل نفيس من مال و جوهر و غير ذلك فلم يقبل الا مصحفا جامعا.
و يضيف أيضا: أنه لما حبس تمكن من الهرب من سجنه ليلة الفطر و رجع الي طالقان فمات بها.
و قيل أنه انحدر الي واسط و مات هناك. [2] .
پاورقي
[1] مروج الذهب، ج 2، ص 471.
[2] مقاتل الطالبيين، ص 473.