بازگشت

ضعف المستوي العلمي


فهو لم يهتم بشي ء من العلوم، و لم يكن يحب التعلم في صغره، قال السيوطي: كان ذا شجاعة و قوة و همة و كان عريا من العلم.



[ صفحه 154]



كما أنه كان ضعيف الكتابة و القراءة. لأنه لم يرغب في العلم و التعلم منذ صغره.

و كان يتكل في ادارة أموره علي الوزراء، حيث فوض لهم أمور الادارة، كما سيظهر ذلك لا حقا.

أمه تركية، و لذا قرب الأتراك، و جعل القوة لغلمانهم حتي ضاق الناس بهم ذرعا.

و كان في بغداد أبناء الموالي من الفرس الذين أعتمد عليه أخوه المأمون، فجلب المعتصم الأتراك كعنصر أساسي في الجيش للحفاظ علي أمن السلطان.

و مع أن الدين لا يفرق بين القوميات و الألوان فالمسلم أخو المسلم، و لا فرق لعربي علي عجمي الا بالتقوي، و من حق كل مسلم أن يشارك في أمور السلطة و يمارس حقه السياسي بشكل طبيعي داخل الدولة المسلمة.

الا أن الدين حرم التجاوز علي الحقوق، و أمر بالعدل كما حرم استخدام القوميات أكثرية كانت أو أقلية للظلم و العدوان.

كان الخوف علي السلطان و كرسي الخلافة هو ما حدا بالمعتصم الي اتخاذ الأتراك عبيدا و جيشا و قوادا. باعتبارهم حلفاء طبيعيين للملك و السلطان.

و قد أساء هؤلاد التعامل مع الناس، و استأثروا هم و أبناء الموالي بالنفوذ و صاروا يمارسون العسف و الجور ضد الناس.



[ صفحه 155]



بسبب عدم الرقابة عليهم و اعطائهم صلاحيات زائدة عن قدراتهم، و يذكر ابن الأثير في الكامل استياء العامة من نفوذهم و ظلمهم، قال: اتفق أن المعتصم خرج بموكبه يوم عيد، فقام اليه شيخ و قال: يا أبااسحاق، فأراد الجنود ضربه و سحبه، فمنعهم الخليفة، و قال: يا شيخ مالك؟ قال الشيخ: لا جزاك الله عن الجوار خيرا، جاورتنا و جئت بهؤلاء العلوج من غلمانك الأتراك، فأسكنتهم بيننا، فأرملت نساءنا، و آذيت صبياننا، و قتلت رجالنا، و الله لتقاتلنك بسهام السحر. [1] .

و قال السيوطي: اعتني - أي المعتصم - باقتناء الترك، فبعث الي سمرقند و فرغانة و النواحي في شرائهم، و بذل فيهم الأموال، و ألبسهم أنواع الديباج، و مناطق الذهب و كانوا يطردون خيلهم في بغداد، و يؤذون الناس و ضاقت بهم البلد. فاجتمع الناس اليه ببغداد و قالوا: ان لم تخرج عنا عبيدك حاربناك. قال: و كيف تحاربونني؟ قالوا: بسهام الأسحار. قال: لا طاقة لي بذلك، و كان ذلك سبب بنائه بسر من رأي، و تحوله اليها. [2] .

و يذكر الشيخ محمد بك الخضري في كتابه الدولة العباسية أن الخوف من أبناء الموالي هو السبب قال: ان المعتصم رأي أن من ببغداد من جنود لا يثق بهم لكثرة اضطرابهم و قيامهم علي الخلفاء.

و رأي للأتراك من شدة البأس و النجدة، فأراد أن يكون



[ صفحه 156]



منهم جيشا يستنصر به علي هؤلاء الأبناد و يرغم أنوفهم. فاستكثر من غلمان الأتراك، و أحضر منهم عددا عظيما فوق ما كان في عهد أخيه المأمون، و أسكنهم بغداد، و استغني عن جيوش العرب بمرة و أسقطهم كافة من الدواوين بحيث لم يبق مرتزق بعهده الا من كان من الأتراك و الأبناء.

و هكذا أوجد المعتصم سياسة الفرقة و الاضطراب الاجتماعي في بغداد و غيرها. بهذا التمييز القومي المقيت.

أما معاملة الأبناء للرعية فيصفها بقوله: و كان هؤلاء القوم عجما جفاة يركبون الدواب فيركضون في طرق بغداد و شوارعها، فيصدمون الرجال، و المرأة و الصبي. فيأخذون الأبناء فينكسوهم عن دوابهم و يجرحون بعضهم، فربما هلك من الجراح بعضهم فشكا الأتراك الي المعتصم و تأثرت العامة.

فرأي المعتصم أن بقاء هؤلاء الأتراك في وسط بغداد و بجانب جنود الأبناء خطر عليهم. فكان سببا في اختطاط حاضرة جديدة له. و لهذا الجيش الجديد الذي أعجب به، فاختطت سامراء. [3] .

و لنا أن نقول: أن الحاكم يجب أن يعتمد علي رعيته و يسوسهم بالعدل، و يستعين بأهل كل بلد علي ادارة الأمور و تصريف الشؤون، فهذا أدوم للحال. و أقطع للاضطراب. و عامل ثبات للرعية، و زيادة ثقتها بحاكمها بدل الاستعانة



[ صفحه 157]



بالأغراب في ادارة البلد.

و كان من قادة جنوده من الأتراك:

1- الأفشين حيدر بن كاووش.

2- ايتاخ و هو غلام خرزي صاحب رجولة و بأس.

3- اشناس غلام تركي اشتراه المعتصم و رقاه و قد أساء هؤلاء الأثرة، و ظلموا الرعية، و سيطروا علي مقاليد البلاد حتي انتهي بهم الأمر الي تعيين الخلفاء و خلعهم.



[ صفحه 159]




پاورقي

[1] ج 7، ص 181.

[2] تاريخ الخلفاء، ص 831.

[3] الدولة العباسية، ص 198، محمد بك الخضري.