مناظرات الامام
عرف الأئمة عليهم السلام بأنهم أعلم أهل زمانهم. و ان النص عليهم بالامامة و المرجعية الفكرية و القيادية مؤيدة بهذه الموهبة الربانية.
بالاضافة الي اهتمامهم الكبير ببناء الرجال العلماء و الفقهاء الكبار القادرين علي تلبية احتياجات الساحة العلمية. فهم محاطون بطبقة مؤمنة متسلحة بالعلم و المعرفة و التي لا ترض أن تناسق وراء كل مدع للامامة، أو كل متطفل علي منصب الافتاء.
و هم دعامة الناس اذا استعصي عليهم فهم النص علي الامام المعين، لجأوا الي المسائل العلمية الفقهية و الاعتقادية التي تخبرهم بما لا سبيل و لا مندوحة الا بالتسليم لهذا الشخص العالم. و أن علمه من الله.
بالاضافة الي الكرامات و الشمائل النفسية الكاملة. فيكون الوسيلة الفضلي للتعرف علي الامام المنصوص عليه كما هو معلوم.
[ صفحه 94]
كما أن الخلفاء أنفسهم كانوا يلجأون الي المسائلة و طرح الاشكالات الغامضة. و أهدافهم متعددة في هذا الشأن، فقد أمر المنصور أباحنيفة أن يسائل الامام الصادق عليه السلام و أمر المأمون عددا من العلماء و أئمة المذاهب و الفرق أن يناظروا الامام علي بن موسي الرضا عليه السلام. و كذلك أجاز المأمون لبني العباس أن يختاروا من يناظر الامام الجواد عليه السلام فاختاروا يحيي بن أكثم.
و ينجلي دور الامامة العلمي و يتميز بالتفوق و الغلبة علي المناظر، و صاحب الاحتجاج.
و لا يعدو الأمر امامنا الجواد، فهو أعجوبة دهره مع صغر سنه، في جانب العلم و الفضل.
و كان صغر سنه مدعاة لأن يناظر، و يسأل، و يحاول الآخرون التعرف علي مواهبه و علومه، و الدافع لذلك أحد أمرين:
1- الاطمئنان الي أنه امام مفترض الطاعة، و هذا غالبا ما يكون من جانب شيعته.
2- محاولة كسر شوكة الامام أمام شيعته، و اظهار عجزه - ان وجد - أمام الآخرين، و هذه تكون من منافسيه.
و قد روي لنا التاريخ حوادث من كل الفريقين:
في الجانب الأول:
1- نقلنا في فصل النص علي امامته و قبول الشيعة به،
[ صفحه 95]
الأسئلة التي عرضها جماعة من العلماء و فقهاء الشيعة الذين قصدوا المدينة بعد وفاة أبيه الرضا عليه السلام و أنهم اطمأنوا الي امامته و رجعوا اليه.
2- و نقل الشيخ الكليني في الجزء الأول من الكافي في باب مولد أبي جعفر الثاني - و كذلك نقل غيره - رووا عن علي بن ابراهيم عن أبيه أنه قال: استأذن علي أبي جعفر قوم من أهل النواحي من الشيعة، فأذن لهم فدخلوا فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب و له عشر سنين.