بازگشت

القبول بالامام


كان قبول الشيعة في زمانه عظيما مع الانتشار الواسع لاعدادهم في مناطق كثيرة، و وجود النخب العلمية في الري، و قم، و الكوفة، و مصر. و غيرها من البلدان و لم يسجل لنا التاريخ حركة اعتراض كبيرة علي الامامة في زمانه كالتي واجهت أباه الرضا عليه السلام.

بل كان القبول و التسليم عنوان الشيعة في تلقيهم لأمر امامته و انقيادهم له.

و هذا في رأي بعض المحللين لسيرته السبب الذي جعل المأمون يعجل و يصر علي تزويجه من ابنته.

و ما حدا بالمعتصم من بعده أن يطلب من واليه في المدينة أن يحمل اليه أبوجعفر عليه السلام مع زوجته أم الفضل الي بغداد.

و قال آخرون: ان معني حديث علي بن أسباط و الذي رواه يحيي الصنعاني: أنه لم يولد في الاسلام أبرك علي شيعتنا منه.



[ صفحه 62]



يفسر بأن من مصاديقه قبول الشيعة به، و التسليم بامامته. بالاضافة الي كونه الممهد لامامة ولده الهادي.. و المهدي عليهماالسلام الذي ولي الامامة في سن صغير.

لقد كان الشيعة في زمانه يعظمونه و يبجلونه و لقد نقل لنا التاريخ صورا من الاعظام و التقدير. منها ما نقل عن السيد عبدالعظيم الحسني (المدفون بشهر ري) و الذي عاصر عددا من الأئمة الكرام.

و تحدث عنه علماء الرجال باكبار و ثناء قال الحسني: قلت لمحمد بن علي عليه السلام:

يا مولاي اني لأرجو أن تكون القائم من آل بيت النبي الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.

فقال عليه السلام: ما منا الا قائم بأمر الله، و هاد الي دين الله.

ولكن القائم الذي يطهر به الله الأرض من أهل الكفر و الجحود و يملأ الأرض قسطا و عدلا هو الذي تخفي علي الناس ولادته، و يحرم علي تسميته، و تغييب شخصه، و هو الذي تطوي له الأرض. و يذل له كل صعب. [1] .

2- و في تعظيم علي بن جعفر الصادق عليه السلام ما يشير الي هذا المعني مع صغر سنه.



[ صفحه 63]



فعن محمد بن الحسن بن عمار، قال: كنت مع ابن جعفر جالسا بالمدينة، و كنت أقمت عنده سنتين، أكتب عنه ما سمع من أخيه (يعني) أباالحسن الكاظم، اذ دخل عليه أبوجعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام المسجد (مسجد رسول الله) فوثب علي بن جعفر بلا حذاء و لا رداء فقبل يده و عظمه.

فقال أبوجعفر: يا عم اجلس رحمك الله. فقال: يا سيدي كيف أجلس و أنت قائم.

فلما رجع علي بن جعفر الي مجلسه جعل أصحابه يوبخونه و يقولون له: أنت عم أبيه، و أنت تفعل له هذا الفعل. فقال: اسكتوا اذا كان الله عزوجل (قبض علي لحيته) لم يؤهل هذه الشبية، و أهل هذا الفتي و وضعه حيث وضعه، أنكر فضله، أعوذ بالله عما تقولون بل أنا له عبد. [2] .

و ما يدل علي أن لعلي بن جعفر أشرف المواقف الدالة علي اعتقاده الحق، مواقفه مع ابن أخيه محمد الجواد عليه السلام ما نقله زكريا بن يحيي بن النعمان البصري. قال: سمعت علي بن جعفر يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين، فقال في حديثه: لقد نصرالله أباالحسن الرضا عليه السلام لما بغي عليه اخوته و عمومته - و قد ذكر حديثا - حتي انتهي الي قوله: فقمت و قبضت علي يد أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام و قلت أشهد أنك امامي عندالله. فبكي الرضا عليه السلام ثم قال: يا عم ألم



[ صفحه 64]



تسمع أبي و هو يقول: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «بأبي ابن خيرة الاماء، النوبية الطيبة، يكون من ولده الطريد الشريد الموتور، بأبيه و جده صاحب الغيبة، فيقال: مات أو هلك، أي واد سلك. فقلت: صدقت جعلت فداك. [3] .

و روي عن علي بن جعفر: أن الطبيب دنا ليقطع له العرق فقام علي بن جعفر فقال: يا سيدي يبدأ بي ليكون حدة الحديد بي قبلك. قال: قلت: يهنيك هذا عم أبيه. قال: فقطع له العرق. ثم أراد أبوجعفر النهوض. فقام علي بن جعفر فسوي له نعليه حتي لبسهما. [4] .

و عن علي بن جعفر قال: قال لي رجل من الواقفة ما فعل أخوك؟. قلت: مات. قال: و ما يدريك بذاك؟ قال: اقتسمت أمواله، و أنكحت نساءه، و نطق الناطق بعده. قال: و من الناطق بعده؟ قلت: ابنه علي. قال: فما فعل؟ قلت: مات. و ما يدريك بذاك؟ قلت: قسمت أمواله، و أنكحت نساءه، و نطق الناطق بعده. قال: و من الناطق بعده؟ قلت: ابنه أبوجعفر. قال: أنت في سنك و قدرك يابن جعفر تقول هذا القول في هذا الغلام. قلت: ما أحسبك الا شيطانا. ثم أخذ بلحيته فرفعها الي السماء ثم قال: فما حيلتي ان كان الله رآه أهلا لهذا.. و لم ير هذه الشيبة لهذا أهلا. [5] .



[ صفحه 65]



3- كما كان عمه الحسين بن موسي عليه السلام من أبر الناس به، و يكن له التبجيل و الاحترام.

فقد قال أحمد بن عيسي، قال أحمد بن موسي بن أبي نصر. كنت عند الرضا عليه السلام و كان كثيرا ما يقول: أستخرج منه الكلام - يعني أباجعفر - فقلت له يوما: أي عمومتك أبر بك؟ فقال: الحسين.

فقال أبوه الرضا عليه السلام صدق و الله هو و الله أبرهم به و أخيرهم له. [6] .

3- و ينقل أبوعبدالله الحسين موسي بن جعفر قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام بالمدينة و عنده علي بن جعفر، و أعرابي من أهل المدينة جالس. فقال لي الأعرابي: من هذا الفتي؟ و أشار بيده الي أبي جعفر. فقلت: هذا وصي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. فقال: يا سبحان الله رسول الله قد كان منذ مائتي سنة و كذا و كذا و هذا حدث (يعني صغير) كيف يكون؟ فقلت: هذا وصي علي بن موسي. و علي بن موسي وصي موسي بن جعفر. و موسي وصي جعفر بن محمد، و جعفر وصي محمد بن علي، و محمد وصي علي بن الحسين، و علي وصي الحسين، و الحسين وصي الحسن، و الحسن وصي علي بن أبي طالب، و علي وصي رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.



[ صفحه 66]



هذا بعض ما جاء عن بعض أهل بيته و هم أعمامه. أما سائر الناس.

منهم أصحابه الذين أخذوا عنه و منهم الفقهاء و العلماء و قد ذكرنا ترجمة مختصرة لبعضهم في باب أصحاب الامام.

و ذكرنا اعتقاد السيد عبدالعظيم الحسني فيه.

كما ذكر أهل السير نماذج أخري تظهر مدي الايمان بمقامه و مرتبته، و اعتقادهم بذلك.

فهذا ابراهيم بن أبي محمود يطلب منه الدعاء له بالجنة.

روي الكشي: أنه دخل علي الامام الجواد عليه السلام و قال له: قد كان أبوك ربما قال لي في المجلس الواحد: أسكنك الله الجنة.. أدخلك الله الجنة.

فقال عليه السلام: و أنا أقول لك: أدخلك الله الجنة. فقلت: جعلت فداك، تضمن لي عن ربك أن يدخلني الجنة. قال: نعم.

و هذا محمد بن ابراهيم الهمداني: يتعاطي كوكيل عن الامام و يتسلم الوجوهات عنه: و يكتب اليه الامام كتابا يقول فيه: قد وصل الحساب تقبل الله منك. و قد بعثت اليك من الدنانير بكذا و كذا فبارك الله لك فيه، و في جميع نعمه عليك.

و كان قد كتب للامام في رجل يسمي النضر يتعرض له فأجابه الامام: و كتبت الي النضر أمرته أن ينتهي عنك، و عن



[ صفحه 67]



التعرض لك و بخلافك و أعلمته موضعك عندي، و كتبت الي موالي بهمدان كتابا بطاعتك. [7] .

و قد روي الشيخ الرواندي عن محمد بن أرومة قال: حملت الي امرأة شي ء من الحلي، و شيئا من دراهم، و شيئا من ثياب، فحملت ذلك الي المدينة و كتبت الكتاب اليه.

فخرج في التوقيع عن أبي جعفر الثاني عليه السلام: تقبل الله منك، و رضي عنك، و جعلك معنا في الدنيا و الآخرة.

و قال عن يونس بن عبدالرحمن: رحمه الله كان برا عابدا صالحا.

و قال أيضا: رحمه الله فانه كان علي ما تحب.

و قد ضمن له الجنة علي نفسه و آبائه عليهم السلام و قال: رحم الله يونس، رحم الله يونس. كان نعم العبدلله عزوجل.

و كتب عنه الي عبدالعزيز المهتدي: أحبه، و ترحم عليه. و ان كان يخالفك أهل بلدك.

فهذه جمهرة من الرجال المعروفين كانت تتعاطي مع الامام. و تكاتبه و تتوكل عنه.

و هي تدلل علي قبولهم بامامته، و الانصياع لأمره و لم يؤثر



[ صفحه 68]



صغر السن في تعاملهم معه عليه السلام.

بل اننا نجد انتشارا و تعظيما للموالين في زمانه و يمكن القول أن هذا يفسر الحديث: أنه أكرم مولود ولد في الاسلام علي شيعتنا.



[ صفحه 69]




پاورقي

[1] بحارالأنوار، ج 5، ص 157.

[2] حياة أولي النهي، ص 85.

[3] بحارالأنوار، ج 5، ص 21.

[4] موسوعة الامام الجواد، ج 1، ص 66.

[5] موسوعة الامام الجواد، ج 1، ص 67.

[6] موسوعة الامام الجواد، ج 1، ص 54.

[7] موسوعة الامام الجواد، ج 1، ص 480.