بازگشت

احداث الزواج و مراسيم عقد القران


عند مطالعة تاريخ الامام الجواد عليه السلام تشعر أن أحداثه مقتضبة يشوبها الغموض في العديد من جنباته و منعطفاته الحساسة، كما يراودك احساس بأن هناك أمورا و أحداثا قد خفيت من صفحة التاريخ، أو أنها أخفيت تعمدا و حسدا و حقدا طورا، و خوفا من سياط السلطان و بطشه طورا آخر.

أحدها هو حدث زواج الامام، و هو المنعطف المهم و الخطير بالنسبة للبيتين العلوي و العباسي، لم يؤرخ بدقة و تفصيل بحيث يقف القاري ء - من خلال مطالعته - علي حقائق هذه المرحلة المهمة من حياة الامام المباركة أو علي الأقل أن يلم ببعض تلك الحقائق التي بقيت خفية حبيسة الكتمان؛ لأن الحياة القصيرة للامام أبي جعفر عليه السلام لم تكن طبيعية أبدا في مختلف مقاطعها الزمنية.

و علي أي حال، فمن خلال استقراء مراجع و مصادر ترجمة الامام الجواد عليه السلام الخاصة و العامة نستظهر أن الزواج تم علي ثلاث مراحل (التسمية، عقد القران، الزواج)، و كل واحدة تمت في فترة زمنية متباعدة نسبيا عن الاخري.



[ صفحه 55]



ففي عام (201 ه) و في مراسم تنصيب الامام الرضا عليه السلام لولاية العهد - في رمضان - و تكريما للامام ظاهريا، فقد عقد له المأمون علي ابنته، و قيل: اخته أم حبيبة في نفس تلك الليلة، و سمي ابنته الصغيرة الأخري لأبي جعفر أيضا زيادة في التكريم و الاجلال؛ لكنه كان يضمر وراء هذا الزواج دوافع سياسية و اجتماعية عديدة.

أما عقد القران الفخم و المجلل و الذي تحدث عنه أغلب الرواة و المؤرخين علي أنه حدث الزواج، فقد كان في عام (205 ه) بعد قدوم الامام من المدينة الي بغداد للمرة الأولي، وكان يومها ابن تسع سنين ونصف السنة أو نحوها، و استمر الحفل ليومين. صرف خلاله المأمون علي ابنته ملايين الدراهم و زعها بدرا و اقطاعات و جواهرا و ثيابا علي قواده و وزرائه و حاشيته و مدعويه [1] .

أما عن حدث الزواج الذي لم يكن اختياريا، بل يظهر من القرائن أن الامام الجواد عليه السلام كان مجبرا علي القدوم الي بغداد ثانية مع زوجه أم الفضل؛ للدخول بها بأمر من أبيها، رغم استعدادات المأمون الهائلة للخروج الي حرب الروم.

و فعلا فقد كانت طلائع جيشه قد خرجت أمامه تغذ الخطي نحو بلاد الروم، و يتبعها المأمون صاعدا مع دجلة بكتائبه الخاصة حتي اذا عسكر بتكريت، قدم عليه الامام الجواد عليه السلام في صفر من عام (215 ه) و التقاه بها،



[ صفحه 56]



فأمر المأمون أباجعفر عليه السلام أن يدخل بأم الفضل من فوره بعد أن هيئت له دار أحمد بن يوسف - من أعوان المأمون - التي علي شاطي ء دجلة، فأقام بها مدة لا تقل عن تسعة أشهر، فلما كان أيام الحج، خرج بأهله و عياله حتي أتي مكة، ثم منزله بالمدينة، فأقام بها [2] .

كما أن قرائن أخري تشير الي أن هناك مشكلة زوجية كانت قائمة بين الامام و زوجه أم الفضل، كان المأمون - علي ما يبدو - قد وعد ابنته الشابة المراهقة علي حلها؛ لكثرة ما كانت تكتب من رسائل الي أبيها شارحة فيها حظها العاثر [3] ، و تفضيل الجواري و السراري عليها، بل و كانت تدعو علي أبيها علي هذا الزواج غير الموفق [4] ؛ لأنها حسب الظاهر لم تكن تصلح لأن تكون حليلة للامام عليه السلام و أما لأولاده، و هي كذلك بالفعل.

فقد لمس البيت المأموني الوضع الكئيب لابنتهم، و أصبح الأمر يقلقهم كثيرا، بل ان المأمون ما زوج ابنته من أبي جعفر عليه السلام الا ليستولدها منه، و يكون جدا لأحد أبناء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مما يقوي مركزه السياسي في الحكم، كما صرح هو بذلك حين أفصح عن أحد الدواعي التي دفعته الي هذا التزويج، و هو السياسي المحنك الذي ينظر الي مدي أبعد مما ينظره غيره، فقال: (اني أحببت أن أكون جدا لامري ء ولده رسول الله، و علي بن أبي طالب) [5] ؛ و لهذا السبب وحده كان هذا الاستدعاء المفاجي ء و العاجل،



[ صفحه 57]



و المثول بين يدي المأمون ثم (الأمر) بالدخول بالفتاة. و لا ريب أن الامام كان عارفا بالنوايا؛ لذا فقد كان يفشل خططهم بطرقة الخاصة و هم لا يشعرون.

و هنا نشير الي ما أورده محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي في (دلائل الامامة) بقوله: (و مكث أبوجعفر مستخفيا بالامامة، فلما صار له ست عشرة سنة، وجه المأمون من حمله اليه، و أنزله بالقرب من داره، و عزم علي تزويجه ابنته..) [6] .

و يبدو أن في عبارة الطبري بعض الارتباك و التصحيف، حيث نقل المسعودي رواية قدوم و فد علماء بغداد الي المدينة و سؤالهم الجواد عليه السلام و كان مع الوفد علي بن حسان الواسطي المعروف بالأعمش [7] الذي حمل معه تحفا و بعض اللعب الفضية مما كان يلهو به صبية بغداد في ذلك الوقت، ظنا منه أن أباجعفر عليه السلام سوف يسر بها؛ لكن الامام عليه السلام نهره بغضب، و بدا علي وجهه عدم الارتياح، لما وضعها أمامه، و رد عليه بما قدمناه في الحديث آنفا.

ثم في نهاية الخبر ذكر المسعودي عبارة علي بن حسان بقوله: و خرجت و معي تلك الآلات. و بقي أبوجعفر عليه السلام مستخفيا بالامامة الي أن صارت سنة عشر سنين. الي هنا ينتهي خبر الواسطي في اثبات الوصية، ثم أتبعه المسعودي برواية اخبار الجواد عليه السلام جاريتهم بمضي والده في



[ صفحه 58]



خراسان... ثم أتبع الرواية مباشرة بقوله: ثم وجه المأمون فحمله و أنزله بالقرب من داره و أجمع علي أن يزوجه ابنته...

فانك تري هنا أن عبارة المسعودي: الي أن صارت سنه عشر سنين. أصبحت عند الطبري في الدلائل: صار له ست عشرة سنة. هذا ما أردنا الاشارة اليه، فلاحظ.

و عقد القران الذي تميز بحدث المناظرة المهم و الخطير، و لعله يعد من أهم أحداث حياة الامام الجواد عليه السلام؛ لكثرة من كان قد حضر في ذلك المجلس من عامة الناس و خاصتهم، فقد تناقله المحدثون و المؤرخون بما رافقه من حوادث أخري بشي ء من التفصيل.

فالحدث أورده علي بن الحسين المسعودي [8] ، و الشيخ المفيد [9] كل بسنده عن الريان بن شبيب، قال: لما أراد المأمون أن يزوج ابنته أم الفضل أباجعفر محمد بن علي عليهماالسلام بلغ ذلك العباسيين فغلظ عليهم و استكبروه، و خافوا أن ينتهي الأمر معه الي ما انتهي مع الرضا عليه السلام، فخاضوا في ذلك.

و اجتمع منهم أهل بيته الأدنون منه، فقالوا له: ننشدك الله يا أميرالمؤمنين أن تقيم علي هذا الأمر الذي قد عزمت عليه من تزويج ابن الرضا، فانا نخاف أن يخرج به عنا أمر قد ملكناه الله، و ينزع منا عز قد ألبسناه الله، و قد عرفت ما بيننا و بين هؤلاء القوم، آل أبي طالب، قديما و حديثا، و ما كان عليه الخلفاء الراشدون قبلك من تبعيدهم و التصغير بهم، و قد كنا في وهلة من عملك مع الرضا ما عملت، حتي كفانا الله المهم من ذلك، فالله الله أن



[ صفحه 59]



تردنا الي غم قد انحسر عنا، و اصرف رأيك عن ابن الرضا و اعدل الي من تراه من أهل بيتك يصلح لذلك دون غيره.

فقال لهم المأمون: أما ما بينكم و بين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه، و لو أنصفتم القوم لكان أولي بكم، و أما ما كان يفعله من كان قبلي بهم فقد كان قاطعا للرحم، أعوذ بالله من ذلك، و والله ما ندمت علي ما كان مني من استخلاف الرضا، و لقد سألته أن يقوم بالأمر و انزعه عن نفسي فأبي، و كان أمر الله قدرا مقدورا، و أما أبوجعفر محمد بن علي فقد اخترته لتبريزه علي كافة أهل الفضل في العلم و الفضل مع صغر سنه، و الأعجوبة فيه بذلك، و أنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه فيعلموا أن الرأي ما رأيت فيه.

فقالوا: ان هذا الصبي و ان راقك منه هديه، فانه صبي لا معرفة له و لا فقه، فأمهله ليتأدب و يتفقه في الدين، ثم اصنع ما تراه بعد ذلك.

فقال لهم: ويحكم انني أعرف بهذا الفتي منكم، و ان هذا من أهل بيت علمهم من الله و مواده و الهامه، لم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين و الأدب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال، فان شئتم فامتحنوا أباجعفر بما يتبين لكم به ما و صفت من حاله.

قالوا له: قد رضينا لك يا أميرالمؤمنين و لأنفسنا بامتحانه، فخل بيننا و بينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شي ء من فقه الشريعة، فان أصاب في الجواب عنه، لم يكن لنا اعتراض في أمره، و ظهر للخاصة و العامة سديد رأي أميرالمؤمنين، و ان عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه.

فقال لهم المأمون: شأنكم و ذاك متي أردتم. فخرجوا من عنده و أجمع رأيهم علي مسألة يحيي بن أكثم، و هو يومئذ قاضي القضاة علي أن يسأله



[ صفحه 60]



مسألة لا يعرف الجواب فيها، و وعدوه بأموال نفيسة علي ذلك، و عادوا الي المأمون فسألوه أن يختار لهم يوما للاجتماع، فأجابهم الي ذلك.

و اجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه، و حضر معهم يحيي بن أكثم، و أمر المأمون أن يفرش لأبي جعفر عليه السلام دست [10] ،و تجعل له فيه مسورتان [11] ، ففعل ذلك، و خرج أبوجعفر عليه السلام و هو يومئذ ابن تسع سنين و أشهر، فجلس بين المسورتين، و جلس يحيي بن أكثم بين يديه، و قام الناس في مراتبهم و المأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر عليه السلام.

فقال يحيي بن أكثم للمأمون: يأذن لي أميرالمؤمنين أن أسأل أباجعفر؟ فقال له المأمون: استأذنه في ذلك، فأقبل عليه يحيي بن أكثم فقال: أتأذن لي - جعلت فداك - في مسألة؟ فقال له أبوجعفر عليه السلام: «سل ان شئت» قال يحيي: ما تقول - جعلت فداك - في محرم قتل صيدا؟

فقال له أبوجعفر عليه السلام: «قتله في حل أو حرم؟ عالما كان المحرم أم جاهلا؟ قتله عمدا أو خطأ؟ حرا كان المحرم أم عبدا؟ صغيرا كان أم كبيرا؟ مبتدئا بالقتل أم معيدا؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الصيد كان أم كبارها؟ مصرا علي ما فعل أو نادما؟ في الليل كان قتله للصيد أم نهارا؟ محرما كان بالعمرة اذ قتله أو بالحج كان محرما؟».

فتحير يحيي بن أكثم و بان في وجهه العجز و الانقطاع و لجلج حتي عرف جماعة أهل المجلس أمره، فقال المأمون: الحمدلله علي هذه النعمة و التوفيق لي في الرأي، ثم نظر الي أهل بيته و قال لهم: أعرفتم الآن ما كنتم



[ صفحه 61]



تنكرونه؟

ثم أقبل علي أبي جعفر عليه السلام فقال له: أتخطب يا أباجعفر؟ قال: «نعم يا أميرالمؤمنين» فقال له المأمون: أخطب، جلعت فداك لنفسك، فقد رضيتك لنفسي و أنا مزوجك أم الفضل ابنتي و ان رغم قوم لذلك.

فقال أبوجعفر عليه السلام: «الحمدلله اقرارا بنعمته، و لا اله الا الله اخلاصا لوحدانيته، و صلي الله علي محمد سيد بريته و الأصفياء من عترته.

أما بعد: فقد كان من فضل الله علي الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال سبحانه: (و أنكحوا الأيامي منكم و الصالحين من عبادكم و امائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله و الله واسع عليم) [12] ثم ان محمد بن علي بن موسي يخطب أم الفضل بنت عبدالله المأمون، و قد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد عليهماالسلام و هو خمسمائة درهم جياد، فهل زوجته يا أميرالمؤمنين بها علي هذا الصداق المذكور؟».

قال المأمون: نعم، قد زوجتك أباجعفر أم الفضل ابنتي علي هذا الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح؟ قال أبوجعفر عليه السلام: «قد قبلت ذلك و رضيت به». فأمر المأمون أن يقعد الناس علي مراتبهم في الخاصة و العامة.

قال الريان: و لم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم، فاذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضة مشدودة بالحبال من الابريسم علي عجل مملوءة من الغالية [13] ، فأمر المأمون أن تخضب



[ صفحه 62]



لحي الخاصة من تلك الغالية، ثم مدت الي دار العامة فطيبوا منها، و وضعت الموائد فأكل الناس، و خرجت الجوائز الي كل قوم علي قدرهم، فلما تفرق الناس و بقي من الخاصة من بقي، قال المأمون لأبي جعفر: ان رأيت - جلعت فداك - أن تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه و نستفيده.

فقال أبوجعفر عليه السلام: «نعم، ان المحرم اذا قتل صيدا في الحل و كان الصيد من ذوات الطير و كان من كبارها فعليه شاة، فان كان أصابه في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا، و اذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن، و اذا قتله في الحرم فعليه الحمل و قيمة الفرخ، و ان كان من الوحش و كان حمار وحش فعليه بقرة، و ان كان نعامة فعليه بدنة، و ان كان ظبيا فعليه شاة، فان قتل شيئا من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة، و اذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه و كان احرامه للحج نحره بمني، و ان كان احرامه للعمرة نحرة بمكة. و جزاء الصيد علي العالم و الجاهل سواء، و في العمد له المأثم، و هو موضوع عنه في الخطأ، و الكفارة علي الحر في نفسه، و علي السيد في عبده، و الصغير لا كفارة عليه، و هي علي الكبير واجبة، و النادم يسقط بندمه عنه عقاب الآخرة، و المصر يجب عليه العقاب في الآخرة».

فقال له المأمون: أحسنت - أباجعفر - أحسن الله اليك، فان رأيت أن تسأل يحيي عن مسألة كما سألك. فقال أبوجعفر ليحيي: «أسألك؟» قال: ذلك اليك - جعلت فداك - فان عرفت جواب ما تسألني عنه و الا استفدته منك.

فقال له أبوجعفر عليه السلام: «خبرني عن رجل نظر الي امرأة في أول النهار فكان



[ صفحه 63]



نظره اليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل عليه وقت العشاء الآخرة حلت له، فلما كان انتصاف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له، ما حال هذه المرأة و بماذا حلت له و حرمت عليه؟».

فقال له يحيي بن أكثم: لا و الله ما أهتدي الي جواب هذا السؤال، و لا أعرف الوجه فيه، فان رأيت أن تفيدناه.

فقال له أبوجعفر عليه السلام: «هذه أمة لرجل من الناس نظر اليها أجنبي في أول النهار فكان نظره اليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له، فلما كان الظهر أعتقها فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلما كان وقت العشاء الآخرة كفر عن الظهار فحلت له، فلما كان نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له».

قال: فأقبل المأمون علي من حضره من أهل بيته فقال لهم: هل فيكم أحد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب، أو يعرف القول فيما تقدم من السؤال؟! قالوا: لا و الله، ان أميرالمؤمنين أعلم و ما رأي.

فقال لهم: ويحكم، ان أهل هذا البيت خصوا من الخلق بما ترون من الفضل، و ان صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال، أما علمتم أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم افتتح دعوته بدعاء أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام و هو ابن عشر سنين، و قبل منه الاسلام و حكم له به، و لم يدع أحدا في سنه غيره. و بايع الحسن و الحسين عليهماالسلام و هما ابناه دون الست سنين و لم يبايع صبيا غيرهما، أفلا تعلمون الآن ما اختص الله به هؤلاء القوم، و أنهم ذرية بعضها



[ صفحه 64]



من بعض، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم؟! قالوا: صدقت يا أميرالمؤمنين، ثم نهض القوم.

فلما كان من الغد احضر الناس، و حضر أبوجعفر عليه السلام، و صار القواد و الحجاب و الخاصة و العمال لتهنئة المأمون و أبي جعفر عليه السلام، فأخرجت ثلاثة أطباق من الفضة فيها بنادق مسك و زعفران معجون، في أجواب تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة و عطايا سنية و اقطاعات، فأمر المأمون بنثرها علي القوم من خاصته، فكان كل من وقع في يده بندقة، أخرج الرقعة التي فيها و التمسه فاطلق له. وضعت البدر، فنثر ما فيها علي القواد و غيرهم، و انصرف الناس و هم أغنياء بالجوائز و العطايا. و تقدم المأمون بالصدقة علي كافة المساكين. و لم يزل مكرما لأبي جعفر عليه السلام معظما لقدره مدة حياته، يؤثره علي ولده و جماعة أهل بيته [14] .


پاورقي

[1] الارشاد 2: 281. و تحف العقول: 451. و مناقب آل أبي طالب / ابن شهر آشوب 4: 381. و اعلام الوري: 351. و الاختصاص: 98. و روضة الواعظين: 238. و الاتحاف بحب الأشراف / الشبراوي: 171. و الصواعق المحرقة: 204. و الفصول المهمة / ابن الصباغ المالكي: 253.

[2] تاريخ الطبري 8: 623.

[3] راجع: الارشاد 2: 288. و مناقب آل أبي طالب 4: 382. و الفصول المهمة: 270. و بحارالأنوار 50: 79 / 5.

[4] مشارق أنوار اليقين / الحافظ البرسي: 98.

[5] تاريخ اليعقوبي 2: 454، الطبعة السادسة - دار صادر - بيروت 1415 ه.

[6] دلائل الامامة: 391 / 345، مؤسسة البعثة، الطبعة المحققة 1412 ه.

[7] في رجال النجاشي: 197؛ المنمس، طبعة مكتبة الداوري - قم 1397 ه، و في بعض المصادر الاخري: العمش.

[8] اثبات الوصية: 189، طبعة النجف الأشرف.

[9] الارشاد 2: 288 - 281.

[10] جانب من البيت، و هي فارسية معربة.

[11] المسورة: متكأ من أدم.

[12] سورة النور: 24 / 32.

[13] الغالية: ضرب من الطيب مركب من مسك و عنبر و كافور و دهن البان و عود.

[14] اعلام الوري 2: 105 - 101. و الاحتجاج: 2: 469 - 477 / 322 الطبعة الاولي المحققة 1413 ه مثله. و ذكره نحوه علي بن ابراهيم القمي في تفسيره 1: 182. و الطبري في دلائل الامامة: 391 / 345. و المفيد في الاختصاص: 98 طبع قم 1402 ه. ابن الصباغ في الفصول المهمة: 267، و غيرها من المصادر.