بازگشت

زهده


اما الزهد في الدنيا فانه من أبرز الذاتيات في خلق أئمة أهل البيت عليهم السلام فقد



[ صفحه 70]



أعرضوا عن زهرة هذه الدنيا، و فعلوا كل ما يقربهم الي الله زلفي.

لقد كان الامام علي أميرالمؤمنين عليه السلام رائد العدالة الكبري في الأرض في أيام خلافته يلبس أخشن الثياب و يأكل أجشب العيش، و لم يتخذ من غنائمها وفرا و لم يضع لبنة علي لبنة، و علي ضوء هذه السيرة المشرقة الواضحة سار الأئمة الطاهرون، فقد زهدوا جميعا في الدنيا و أعرضوا عن رغائبها.

لقد كان الامام الجواد عليه السلام شابا في مقتبل العمر، و كان المأمون يغدق عليه الأموال الوافرة البالغة مليون درهم. و كانت الحقوق الشرعية ترد اليه من الطائفة الشيعية التي تذهب الي امامته بالاضافة الي الأوقاف التي في (قم) و غيرها الا أنه لم يكن ينفق شيئا منها في اموره الخاصة و انما كان ينفقها علي الفقراء و المعوزين و المحرومين.. و قد رآه الحسين المكاري في بغداد، و كان محاطا بهالة من التعظيم و التكريم من قبل الأوساط الرسمية و الشعبية فحدثته نفسه أنه لا يرجع الي وطنه يثرب و سوف يقيم في بغداد راتعا في النعم و الترف، و عرف الامام قصده، فانعطف عليه و قال له:

«يا حسين، خبز الشعير، و ملح الجريش في حرم جدي رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم أحب الي مما تراني فيه..» [1] .

انه لم يكن من عشاق تلك المظاهر التي كانت تضفيها عليه الدولة، و انما كان كآبائه الذين طلقوا الدنيا، و اتجهوا صوب الله تعالي لا يبغون عنه بديلا.


پاورقي

[1] اثبات الهداة 6: 185.