بازگشت

اغتيال المأمون للامام


و لما ضاق المأمون ذرعا من الامام عمد الي اغتياله فاستدعاه و قدم له عنقودا من العنب كان قد سم بعضه فناوله له و قال: يابن رسول الله ما رأيت عنبا أحسن من هذا؟ فرد عليه الامام:

«ربما كان عنب أحسن منه في الجنة».

و طلب المأمون من الامام أن يأكل منه، فتريب الامام، و قال له: «تعفيني منه؟».

فنهره المأمون و صاح به:

«لا بد من ذلك، و ما يمنعك منه لعلك تتهمنا بشي ء؟».

و أرغم الامام علي تناوله، فأكل ثلاث حبات، ورمي بالعنقود، و قد أثر السم به في الوقت فقام من المجلس، فقال له المأمون:

«الي أين».

فرمقه الامام بطرفه و قال له بنبرات حزينة مرتعشة:



[ صفحه 53]



«الي حيث وجهتني - يعني الي الموت -» [1] .

و تفاعل السم في بدنه، و أحاطت به آلام الموت، فأرسل اليه المأمون رسولا و قال له: قل له: ما توصيني به؟ و عرض علي الامام ذلك فقال عليه السلام: قل له: «يوصيك أن لا تعطي أحدا ما تندم عليه» [2] .

و عرض الامام بذلك الي ما أعطاه المأمون له من ولاية العهد و ما ألزم به نفسه أمام الله و الامة ثم خلس بعد ذلك، و التفت الامام الي أبي الصلت قائلا:

«يا أباالصلت قد فعلوها..» [3] .

يشير بذلك الي اغتيال المأمون له، و أخذ الامام في تلك الفترة الرهيبة يعاني آلام السم، فقد تقطعت أمعاؤه، و ذابت حشاشته الي جنة المأوي:

و دنا الموت سريعا من الامام ليخمد تلك الشعلة المشرقة التي أضاءت الحياة الفكرية و الاجتماعية في دنيا العرب و الاسلام، و كان الامام في تلك المحنة الحازبة مشغولا بذكر الله لم تصده عنه آلام الموت، و لفظ أنفاسه الأخيرة مشفوعة بتوحيد الله و تمجيده، و قد ارتفعت روحه العظيمة الي بارئها كما ترتفع أرواح الأنبياء و الأوصياء تحفها ملائكة الله و رضوانه. لقد ارتفعت روح الامام الي الله بعد أن أدي رسالته الاصلاحية العظيمة في الذب عن دين الله، و حماية مبادئه و أهدافه.


پاورقي

[1] عيون أخبار الرضا (ع) 2: 243.

[2] عيون التواريخ: 3، ورقة 227.

[3] الارشاد: 355.