بازگشت

صلاة العيد


و من الأسباب التي أدت الي حقد المأمون علي الامام حديث صلاة العيد فقد طلب من الامام أن يصلي صلاة العيد فامتنع الامام من اجابته و أصر عليه المأمون فأجابه الامام الي ذلك الا أنه شرط عليه أن يصلي بالناس كما كان جده رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم يصلي بهم و وافق المأمون علي ذلك و أمر القواد و سائر الناس أن يبكروا الي دار الامام، و خرج الناس بجميع طبقاتهم في الصبح الباكر و جلسوا في الطرقات، و أشرفوا من السطوح و هم يتطلعون الي خروج الامام، و قام الامام في الصبح



[ صفحه 51]



فاغتسل لصلاة العيد، و تعمم بعمامة بيضاء ألقي طرفا منها علي صدره، و طرفا منها بين كتفيه، و أمر مواليه أن يفعلوا مثل ذلك، و خرج عليه السلام حافيا و بيده عكاز و كان لا يسير خطوة الا رفع رأسه فكبر، و قد تخيل الي الناس أن الهواء و حيطان البيوت تجاوبه.

و كان القواد و سائر الناس قد تزينوا و لبسوا السلاح و تهيأوا بأحسن هيهأة كما كانوا يفعلون مع ملوكهم، و واصل الامام مسيرته بتلك الهيئة تعنو لها الجباه، و قد رفع صوته قائلا:

«الله أكبر، الله أكبر علي ما هدانا، الله أكبر علي ما رزقنا من بهيمة الأنعام، و الحمد لله لعي ما أبلانا..».

و رفع الناس أصواتهم يعون بدعائه، و هم يبكون، و قد تذكروا في الامام ما كان يفعله رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم، و بان لهم ضلال اولئك الحكام و أنهم علي غير الحق، و صارت مرو ضجة واحدة، و سقط القواد من دوابهم و يقول بعض المؤرخين أن السعيد منهم من كان يعرف أحدا فيعطيه دابته ليوصلها الي أهله.

و كان الامام اذا سار عشر خطوات وقف فكبر الله أربعا، و تابعه الناس في ذلك، و قد علا منهم البكاء فقد رؤوا في الامام امتدادا ذاتيا لشخصية جده الرسول صلي الله عليه و اله و سلم المحرر الأكبر للانسانية المعذبة، و قد وصف البحري خروج الامام الي الصلاة بقوله:



ذكروا بطلعتك النبي فهللوا

لما طلعت من الصفوف و كبروا



حتي انتهيت الي المصلي لابسا

نور الهدي يبدو عليك فيظهر



و مشيت مشية خاشع متواضع

لله لا يزهو و لا يتكبر



و لو أن مشتاقا تكلف غير ما

في وسعه لمشي اليك المنبر [1] .



[ صفحه 52]



و بلغ المأمون ما عليه الناس من الاكبار و التعظيم للامام، فقال له الفضل بن سهل: ان بلغ الرضا المصلي علي هذا الحال افتتن الناس به، فالرأي أن تسأله أن يرجع، فأرسل اليه المأمون أن يرجع فرجع الامام [2] .

هذه بعض البوادر التي ذكرها المؤرخون لحقد المأمون علي الامام و قد خاف علي ملكه و سلطانه فصمم علي اقتراف أخطر جريمة في الاسلام، و هي تصفية الامام عليه السلام جسديا.


پاورقي

[1] مناقب آل أبي طالب 4: 372.

[2] عيون أخبار الرضا (ع) 2: 151 - 150، نور الأبصار: 143.