بازگشت

حياة اللهو و الطرب


و عاش أكثر خلفاء بني العباس عيشة لهو و طرب و مجون، ليس فيها ذكر لله و لا لليوم الآخر، لقد قضوا أيامهم في هذه الحياة التافهة التي تمثل السقوط و الانحطاط، يقول الشاعر في بعض خلفائهم:



[ صفحه 215]



خليفة في قفص

بين وصيف و بغا



يقول ما قالا له

كما تقول الببغا



و قد روي أحمد بن صدقة قال: دخلت علي المأمون في يوم السعانين [1] و بين يديه عشرون وصيفة جلبا روميات مزنرات قد تزين بالديباج الرومي و علقن في أعناقهن صلبان الذهب، و في أيديهن الخوص و الزيتون، فقال المأمون: ويلك يا أحمد قد قلت في هؤلاء أبياتا فغني فيها ثم أنشده:



ظباء كالدنانير

ملاح في المقاصير



جلاهن السعانين

علينا في الزنانير



و قد رزقن أصداغا

كأذناب الزرازير



و أقبلن بأوساط

كأوساط الزنابير



فغناه بها فلم يزل يشرب، و ترقص الوصائف بين يديه أنواع الرقص [2] و قد حفلت كتب التأريخ و الأدب بالشي ء الكثير من مجونهم و طربهم و انشغالهم عن النظر في امور المسلمين بالدعارة و الفجور.

و كان من مظاهر الحياة اللاهية لعبهم بالنرد و الشطرنج، و العناية بتربية الحمام و المغالاة في أثمانه [3] كما تهارشوا بالديوك و الكلاب [4] و لعبوا بالميسر و قد انتشر ذلك حتي في حانات الفقراء [5] .



[ صفحه 216]



و من المؤسف أن الطرب و المجون قد سري الي بعض المحدثين الذين يجب أن يتصفوا بالايمان و الاستقامة فقد ذكر الخطيب البغدادي عن المحدث محمد بن الضوء انه ليس بمحل لأن يؤخذ عنه العلم؛ لأنه من المتهتكين بشرب الخمر و المجاهرة بالفجور، و كان أبونواس يزوره في الكوفة في بيت خمار يقال له جابر [6] .


پاورقي

[1] يوم السعانين: عيد للنصاري.

[2] الأغاني 19: 138.

[3] حياة الحيوان 3: 91.

[4] الأغاني 6: 75.

[5] حياة الحيوان 5: 115.

[6] الأوراق: 61.