بازگشت

سخاؤه


و لم يكن في الدنيا شي ء أحب الي الامام الرضا عليه السلام من الاحسان الي الناس



[ صفحه 38]



و البر بهم، فقد كان السخاء من عناصره و مقوماته، و قد ذكر المؤرخون بوادر كثيرة من كرمه وجوده كان منها ما يلي:

1 - انه أنفق جميع ما عنده علي الفقراء حينما كان في خراسان، و صادف ذلك في يوم عرفة فأنكر عليه الفضل بن سهل و قال له: ان هذا لمغرم، فأجابه الامام:

«بل هو المغنم، لا تحدث مغرما ما ابتغيت به أجرا و كرما».

انه ليس من المغرم في شي ء صلة الفقير، و الاحسان الي الضعيف ابتغاء مرضاة الله، و انما المغرم أن ينفق الانسان أمواله بغير وجه مشروع، خصوصا الانفاق علي ما لا يعود علي المجتمع بفائدة.

2 - و من كرمه أنه وفد عليه رجل فسلم عليه، و قال له: أنا رجل من محبيك و محبي آبائك، مصدري من الحج، و قد نفذت نفقتي، و ما معي ما أبلغ مرحلة، فان رأيت أن ترجعني الي بلدي، فاذا بلغت تصدقت بالذي تعطيني عنك، فقام عليه السلام و دخل حجرة في داره، و لم يلبث أن أخرج يده، و قال له: خذ هذه المائتي دينار، فاستعن بها في امورك و نفقتك، و لا تتصدق بها عني، و انصرف الرجل مسرورا و قد غمرته نعمة الامام، و التفت بعض الحاضرين الي الامام فقال له: لم سترت نفسك عن الرجل و أخرجت يدك فناولته المال، و لم تره؟ فقال عليه السلام:

«انما صنعت ذلك مخافة أن أري ذل السؤال في وجهه، لقضائي حاجته أما سمعت حديث رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة، و المذيع بالسيئة مخذول، أما سمعت قول الشاعر:



متي آته يوما لأطلب حاجة

رجعت الي أهلي و وجهي بمائه [1] .



3 - و من بوادر سخائه أنه مر به فقير فقال له:



[ صفحه 39]



«أعطني علي قدر مروتك»، فأجابه الامام:

«لا يسعني ذلك..».

و التفت الفقير الي أنه قد أخطأ في كلامه فقال:

«أعطني علي قدر مرؤتي..».

و قابله الامام ببسمات فياضة بالبشر قائلا:

«اذن نعم..».

و أمر له بمائتي دينار [2] .

ان مروءة الامام لا تحد فلو أعطاه ما في الأرض فليس علي قدر مروته و رحمته التي هي امتداد ذاتي لرحمة الرسول الأعظم.

هذه بعض البوادر من كرمه و جوده التي لم يقصد بها الا ادخال السرور علي القلوب البائسة الحزينة التي أثقلتها مرارة الحياة و بؤسها.


پاورقي

[1] بحارالأنوار 12: 28.

[2] المناقب 4: 361 - 362.