بازگشت

في ذكر بعض أخباره و براهينه و بيناته


روي عن زكريا بن آدم، قال: اني لعند الرضا عليه السلام اذ جي ء بأبي جعفر عليه السلام و سنه أقل من أربع سنين، فضرب بيديه [1] الي الأرض و رفع رأسه الي السماء فأطال الفكر، فقال له الرضا عليه السلام: بنفسي فلم طال فكرك؟ فقال: فيما صنع بامي فاطمة عليها السلام، أما و الله لأخرجنهما ثم لأحرقنهما ثم لأذرينهما ثم لأنسفنهما في اليم نسفا، فاستدناه و قبل بين عينيه، ثم قال: بأبي أنت و امي انت لها - يعني الامامة - [2] .

الشيخ الكليني رحمه الله عن محمد بن أبي العلاء، قال: سمعت يحيي بن أكثم - قاضي سامراء - بعد ما جاهدت [3] به و ناظرته و حاورته [و واصلته] [4] و راسلته



[ صفحه 259]



و سألته عن علوم آل محمد عليهم السلام، فقال: بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فرأيت محمد بن علي الرضا عليهماالسلام يطوف به، فناظرته في مسائل عندي فأخرجها الي، فقلت له: و الله اني اريد أن أسألك مسألة واحدة، و اني و الله لأستحي من ذلك، فقال لي: أنا اخبرك قبل أن تسألني، تسألني عن الامام، فقلت: هو و الله هذا، فقال: أنا هو، فقلت: علامة؟ فكان في يده عصا فنطقت، و قالت: ان مولاي امام هذا الزمان و هو الحجة [5] .

و في الدر النظيم، قال ابراهيم بن سعيد: رأيت محمد بن علي - أي الجواد - عليهماالسلام يضرب بيده الي ورق الزيتون فيصير في كفه ورقا، فأخذت منه كثيرا و انفقته في الاسواق فلم يتغير [6] .

و قال محمد بن يحيي: لقيت محمد بن علي الرضا عليهماالسلام علي دجلة، فالتقي له طرفاها حتي عبر، و رأيته بالأنبار [7] علي الفرات فعل مثل ذلك [8] .

عن كتاب الاختصاص عن علي بن ابراهيم عن أبيه، قال: لما مات أبوالحسن الرضا عليه السلام حججنا فدخلنا علي أبي جعفر عليه السلام و قد حضر خلق من الشيعة من كل بلد لينظروا الي أبي جعفر عليه السلام.

فدخل عمه عبدالله بن موسي و كان شيخا كبيرا نبيلا عليه ثياب خشنة و بين عينيه سجادة فجلس، و خرج أبوجعفر عليه السلام من الحجرة و عليه قميص قصب ورداء قصب و نعل حذو [9] بيضاء، فقام عبدالله و استقبله و قبل بين عينيه و قامت الشيعة، وقعد أبوجعفر عليه السلام علي كرسي.

و نظر الناس بعضهم الي بعض تحيرا لصغر سنه فانتدب [10] رجل من القوم فقال



[ صفحه 260]



لعمه: أصلحك الله ما تقول في رجل أتي بهيمة؟ فقال: يقطع يمينه و يضرب الحد، فغضب أبوجعفر عليه السلام، ثم نظر اليه، فقال: يا عم اتق الله، اتق الله انه لعظيم أن تقف يوم القيامة بين يدي الله عزوجل فيقول لك: لم أفتيت الناس بما لا تعلم؟ فقال [له] [11] عمه: [أستغفرالله] [12] يا سيدي اليس قال هذا أبوك صلوات الله عليه؟ فقال أبوجعفر: انما سئل أبي عن رجل نبش قبر امرأة، فنكحها، فقال أبي: تقطع يمينه للنبش و يضرب حد الزنا، فان حرمة الميتة كحرمة الحية، فقال: صدقت يا سيدي و أنا أستغفرالله.

فتعجب الناس، فقالوا: يا سيدنا أتأذن لنا ان نسألك؟ قال: نعم فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف [13] مسألة فأجابهم فيها و له تسع سنين [14] .

و عن عيون المعجزات لما قبض الرضا عليه السلام كان سن أبي جعفر عليه السلام نحو سبع سنين، فاختلفت الكلمة من الناس ببغداد و في الأمصار.

و اجتمع الريان بن الصلت، و صفوان بن يحيي، و محمد بن حكيم، و عبدالرحمن بن الحجاج، و يونس بن عبدالرحمن رضوان الله عليهم أجمعين، و جماعة من وجوه الشيعة و ثقاتهم في دار عبدالرحمن بن الحجاج في بركة ذلول [15] ، يبكون و يتوجعون من المصيبة، فقال لهم يونس بن عبدالرحمن: دعوا البكاء! من لهذا الأمر؟ و الي من نقصد بالمسائل الي أن يكبر هذا؟ يعني أباجعفر عليه السلام.

فقام اليه الريان بن الصلت، و وضع يده في حلقه، و لم يزل يلطمه، و يقول له: أنت تظهر الايمان لنا و تبطن الشك و الشرك، ان كان أمره من الله جل و علا فلو أنه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم و فوقه، و ان لم يكن من عندالله فلو



[ صفحه 261]



عمر الف سنة فهو واحد من الناس، هذا مما ينبغي أن يفكر فيه، فأقبلت العصابة عليه تعذله و توبخه.

و كان وقت الموسم، فاجتمع من فقهاء بغداد و الأمصار و علمائهم ثمانون رجلا، فخرجوا الي الحج و قصدوا المدينة ليشاهدوا أباجعفر عليه السلام، فلما وافوا أتوا دار جعفر الصادق عليه السلام؛ لأنها كانت فارغة، و دخلوها و جلسوا علي بساط كبير، و خرج اليهم عبدالله بن موسي، فجلس في صدر المجلس، و قام مناد و قال: هذا ابن رسول الله فمن أراد السؤال فليسأله، فسئل عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب، فورد علي الشيعة ما حيرهم و غمهم و اضطربت الفقهاء، و قاموا و هموا بالأنصراف، و قالوا في انفسهم: لو كان أبوجعفر عليه السلام يكمل لجواب المسائل لما كان من عبدالله ما كان، و من الجواب بغير الواجب.

ففتح عليهم باب من صدر المجلس، و دخل موفق و قال: هذا أبوجعفر عليه السلام! فقاموا اليه بأجمعهم و استقبلوه و سلموا عليه، فدخل عليه السلام و عليه قميصان و عمامة بذؤابتين، و في رجليه نعلان و جلس و أمسك الناس كلهم، فقام صاحب المسألة فسأله عن مسائل فأجاب عنها بالحق، ففرحوا و دعوا له و أثنوا عليه، و قالوا له: ان عمك عبدالله أفتي بكيت وكيت، فقال: لا اله الا الله يا عم، انه عظيم عندالله أن تقف غدا بين يديه فيقول لك: لم تفتي عبادي بما لم تعلم؟ و في الامة من هو أعلم منك [16] .

و روي عن عمر بن فرج الرخجي [17] ، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ان شيعتك تدعي أنك تعلم كل ماء في دجلة و وزنه؟ و كنا علي شاطي ء دجلة، فقال عليه السلام لي: يقدر الله تعالي أن يفوض علم ذلك الي بعوضة من خلقه أم لا؟ قلت: نعم،



[ صفحه 262]



يقدر، فقال: انا أكرم علي الله تعالي من بعوضة و من أكثر خلقه [18] .

الشيخ الكليني عن رجل من بني حنيفة، من أهل بست و سجستان، قال: رافقت أباجعفر عليه السلام في السنة التي حج فيها في أول خلافة المعتصم، فقلت له و أنا معه علي المائدة، و هناك جماعة من أولياء السلطان: ان و الينا جعلت فداك، رجل يتولاكم أهل البيت، و يحبكم و علي في ديوانه خراج، فان رأيت جعلني الله فداك أن تكتب اليه بالاحسان الي، فقال [لي] [19] لا أعرفه، فقلت: جعلت فداك انه علي ما قلت من محبيكم أهل البيت، و كتابك ينفعني عنده، فأخذ القرطاس و كتب:

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فان موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهبا جميلا، و ان مالك من عملك ما أحسنت فيه، فأحسن الي اخوانك، و اعلم أن الله عزوجل سائلك عن مثاقيل الذر و الخردل.

قال: فلما وردت سجستان سبق الخبر الي الحسين بن عبدالله النيسابوري و هو الوالي فاستقبلني علي فرسخين من المدينة، فدفعت اليه الكتاب فقبله و وضعه علي عينيه، و قال لي: ما حاجتك؟ فقلت: خراج علي في ديوانك، قال: فأمر بطرحه عني و قال لي: لا تؤد خراجا ما دام لي عمل، ثم سألني عن عيالي، فأخبرته بمبلغهم فأمر لي و لهم بما يقوتنا و فضلا، فما أديت في عمله خراجا ما دام حيا و لا قطع عني صلته حتي مات [20] .

و روي عن موسي بن القاسم قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: قد أردت أن أطوف عنك و عن أبيك فقيل لي: ان الأوصياء لا يطاف عنهم، فقال لي: بل طف ما أمكنك فان ذلك جائز، ثم قلت له بعد ذلك بثلاث سنين: اني كنت استأذنتك في الطواف عنك و عن أبيك فأذنت لي في ذلك، فطفت عنكما ما شاءالله.



[ صفحه 263]



ثم وقع في قلبي شي ء فعملت به، قال: و ما هو؟ قلت: طفت يوما عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فقال ثلاث مرات: صلي الله علي رسول الله، ثم اليوم الثاني عن أميرالمؤمنين عليه السلام، ثم طفت اليوم الثالث عن الحسن عليه السلام، و الرابع عن الحسين عليه السلام، و الخامس عن علي بن الحسين عليهماالسلام، و السادس عن أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام، و اليوم السابع عن جعفر بن محمد عليهماالسلام، و اليوم الثامن عن أبيك موسي عليه السلام، و اليوم التاسع عن أبيك علي عليه السلام، و اليوم العاشر عنك يا سيدي، و هؤلاء الذين أدين الله بولايتهم عليهم السلام.

فقال: اذن والله تدين الله بالدين الذي لايقبل من العباد غيره، قلت: و ربما طفت عن امك فاطمة صلوات الله عليها و ربما لم أطف، فقال: استكثر من هذا فانه أفضل، ما أنت عامله ان شاءالله تعالي [21] .

الصدوق عن البزنطي قال: قرأت كتاب أبي الحسن الرضا عليه السلام الي أبي جعفر عليه السلام: يا أباجعفر بلغني أن الموالي اذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير و انما [22] ذلك من بخل لهم [23] ، لئلا ينال منك أحد خيرا، فاسألك بحقي عليك لا يكن مدخلك و مخرجك الا من الباب الكبير، و اذا ركبت فليكن معك ذهب و فضة، ثم لا يسألك أحد الا أعطيته، و من سألك من عمومتك أن تبره فلا تعطه أقل من خمسين دينارا، و الكثير اليك، و من سألك من عماتك فلا تعطها أقل من خمسة و عشرين دينارا، و الكثير اليك، اني انما [24] أريد أن يرفعك الله فانفق و لا تخش من ذي العرش اقتارا [25] .

قال شيخنا الحر العاملي في اثبات الهداة: قال الشيخ أبوالصلاح الحلبي في كتاب تقريب المعارف عند ذكر بعض معجزات الأئمة عليهم السلام: و من ذلك توضأ أبو



[ صفحه 264]



جعفر محمد بن علي عليهماالسلام في مسجد ببغداد يعرف موضعه بدار المسيب في أصل نبقة يابسة، فلم يخرج من المسجد حتي اخضرت و أينعت [26] ، حدثني الشيخ أبوالحسن محمد بن محمد، قال: حدثنا الشيخ أبوعبدالله محمد بن محمد المفيد رضي الله عنه: انه أكل من نبقها و هو لا عجم له [27] .

بيان: النبق - بفتح النون و كسر الباء و قد تسكن - ثمر السدر واحدته نبقة و أشبه شي ء به العناب قبل أن تشتد حمرته.


پاورقي

[1] في المصدر: «بيده».

[2] دلائل الامامة: ص 212، و عنه البحار: ج 50 ص 59 ضمن ح 34.

[3] في المصدر: «جهدت».

[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[5] الكافي: ج 1 ص 353 ح 9، و عنه البحار: ج 5 ص 68 ح 46.

[6] الدر النظيم: الباب الحادي عشر فصل في ذكر معجزاته عليه السلام «مخطوطة».

[7] الأنبار: مدينة غربي بغداد بينهما عشرة فراسخ (انظر معجم البلدان: ج 1 ص 317).

[8] الدر النظيم: الباب الحادي عشر فصل في ذكر معجزاته عليه السلام «مخطوطة».

[9] في المصدر: «جدد».

[10] في المصدر: «فابتدر».

[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[12] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[13] ربما كانت الأسئلة في عدة مجالس، و ليس في مجلس واحد، و من المحتمل أن تكون لفظة «الف» من زيادة النساخ.

[14] الاختصاص: ص 102.

[15] في المصدر «زلول»، و الزلول: بفتح أوله و تكرير اللام، و هو فعول من الزلل، مدينة في شرقي أزيلي بالمغرب (انظر معجم البلدان: ج 2 ص 939).

[16] بحارالأنوار: ج 50 ص 99 ح 12 نقلا عن عيون المعجزات.

[17] استعمل المتوكل علي المدينة و مكة عمر بن مزج الرخجي، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس، و منع الناس من البربهم، و كان لا يبلغه أن أحدا أبر أحدا بشي ء و ان قل الا أنهكه عقوبة و اثقله غرما.

[18] بحارالأنوار: ج 50 ص 100 ضمن ح 12، نقلا عن عيون المعجزات.

[19] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[20] الكافي: ج 5 ص 111 ح 6، و عنه البحار: ج 5 ص 86 ح 2.

[21] الكافي: ج 4 ص 314 ح 2، و عنه البحار: ج 50 ص 101 ح 15.

[22] في المصدر: «فانما».

[23] في المصدر: «بهم».

[24] «انما» لم ترد في المصدر.

[25] عيون الأخبار: ج 2 باب 30 ص 8 ح 20.

[26] في المصدر: «أنبتت».

[27] اثبات الهداة: ج 3 الباب السابع و العشرون فصل 17 ح 81.