بازگشت

في ولادة أبي جعفر الجواد


ذكر ابن عياش ان ولادته عليه السلام كانت يوم العاشر من رجب، ولكن المشهور بين العلماء و المشائخ أنه ولد بالمدينة في 19 من شهر رمضان من سنة خمس و تسعين و مائة [1] .

امه ام ولد يقال لها: سبيكة و سماها الرضا عليه السلام الخيزران، و كانت نوبية من أهل بيت مارية القبطية ام ابراهيم ابن الرسول صلي الله عليه وآله وسلم [2] ، و كانت من أفضل نساء زمانها، وأشار اليها النبي صلي الله عليه وآله وسلم، بقوله: «بأبي ابن خيرة الاماء النوبية الطيبة» [3] .

و في خبر يزيد بن سليط و ملاقاته موسي بن جعفر عليهماالسلام في طريق مكة و هم يريدون العمرة، قال: ثم قال أبوابراهيم عليه السلام: اني أؤخذ في هذه السنة و الأمر الي ابني علي سمي علي، و علي: فأما علي الأول فعلي بن أبي طالب عليه السلام، و أما علي



[ صفحه 250]



الآخر فعلي بن الحسين عليهماالسلام، اعطي فهم الأول و حكمته [4] و بصره ووده و دينه [و محنته] [5] ، و محنة الآخر و صبره علي ما يكره و ليس له أن يتكلم الا بعد [موت] هارون باربع سنين.

ثم قال [لي]: يا يزيد فاذا مررت بهذا الموضع و لقيته و ستلقاه فبشره أنه سيولد له غلام أمين مأمون مبارك، و سيعلمك أنك [قد] [6] لقيتني فاخبره عند ذلك أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية القبطية [7] جارية رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم [ام ابراهيم] [8] ، فان قدرت ان تبلغها مني السلام فافعل ذلك [9] .

قلت: و كفي في جلالة هذه المعظمة الجليلة ما في هذا الخبر المعتبر من أمر موسي بن جعفر عليهماالسلام يزيد بن سليط أن يبلغها مني السلام كما أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أمر جابر بن عبدالله أن يبلغ أباجعفر الباقر عليه السلام سلامه - و سيأتي خبر عن عيون المعجزات فيه ما يدل علي فضلها -.

روي ابن شهر آشوب عن حكيمة بنت أبي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام، قالت: لما حضرت ولادة الخيزران ام أبي جعفر عليه السلام دعاني الرضا عليه السلام فقال [لي] [10] : يا حكيمة احضري ولادتها، و ادخلني و اياها و القابلة بيتا.

و وضع لنا مصباحا و اغلق الباب علينا، فلما أخذها الطلق طفي ء المصباح، و بين يديها طست و أغتمت بطف ء المصباح، فبينا نحن كذلك اذ بدر أبوجعفر عليه السلام في الطست و اذا عليه شي ء رقيق كهيئة الثوب يسطع نوره حتي أضاء البيت فأبصرناه، فأخذته فوضعته في حجري و نزعت عنه ذلك الغشاء.



[ صفحه 251]



فجاء الرضا عليه السلام و فتح الباب و قد فرغنا من أمره، فأخذه و وضعه في المهد، و قال لي: يا حكيمة الزمي مهده، قالت: فلما كان في اليوم الثالث رفع بصره الي السماء ثم نظر يمينه و يساره، ثم قال: أشهد أن لا اله الا الله و أشهد أن محمد رسول الله.

فقمت ذعرة فزعة فأتيت أباالحسن عليه السلام فقلت [له: لقد] [11] سمعت من هذا الصبي عجبا، فقال: و ما ذاك؟ فأخبرته الخبر، فقال: يا حكيمة ما ترون من عجائبه أكثر [12] .

و في الدر النظيم بالاسناد عن حكيمة بنت أبي الحسن موسي عليه السلام، قالت: كتبت لما علقت ام أبي جعفر عليه السلام به الي أبي الحسن الرضا عليه السلام خادمتك قد علقت، فكتب الي علقت يوم كذا من شهر كذا، فاذا هي ولدت فالزميها سبعة أيام، قالت: فلما ولدته، قال: «أشهد أن لا اله الا الله»، فلما كان يوم الثالث عطس، فقال: الحمدلله و صلي الله علي سيدنا محمد و علي الأئمة الراشدين [13] .

أقول: و حج أبوالحسن الرضا عليه السلام بعد ذلك بسنة و معه أبوجعفر عليه السلام، فكان من أمر البيت و الحجر و جلوسه فيه ما قد ذكرناه في تاريخ أبي الحسن الرضا عليه السلام.

و روي عن عيون المعجزات عن كلثم بن عمران، قال: قلت للرضا عليه السلام: ادع الله أن يرزقك ولدا، فقال: انما ارزق ولدا واحدا و هو يرثني.

فلما ولد أبوجعفر عليه السلام، قال الرضا عليه السلام لاصحابه: قد ولد لي شبيه موسي بن عمران فالق البحار، و شبيه عيسي بن مريم، قدست ام ولدته قد خلقت طاهرة مطهرة، ثم قال الرضا عليه السلام: يقتل غصبا فيبكي له و عليه أهل السماء، و يغضب الله علي عدوه و ظالمه فلا يلبث الا يسيرا حتي يعجل الله به الي عذابه الأليم و عقابه



[ صفحه 252]



الشديد، و كان طول ليلته يناغيه في مهده [14] .

و روي عن أبي يحيي الصنعاني، قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام فجي ء بابنه أبي جعفر عليه السلام و هو صغير، فقال: هذا المولود الذي لم يولد مولود اعظم علي شيعتنا بركة منه [15] .

روي الشيخ الكليني رحمه الله عن محمد بن الحسن بن عمار، قال: كنت عند علي ابن جعفر بن محمد عليهماالسلام جالسا بالمدينة، و كنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما سمع [16] من أخيه - يعني أباالحسن عليه السلام - اذ دخل عليه أبوجعفر محمد بن علي الرضا عليهماالسلام المسجد - مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم - فوثب علي بن جعفر رحمه الله بلا حذاء و لا رداء فقبل يده و عظمه، فقال له: أبوجعفر عليه السلام: يا عم اجلس رحمك الله، فقال: يا سيدي كيف أجلس و أنت قائم.

فلما رجع علي بن جعفر الي مجلسه جعل أصحابه يوبخونه و يقولون: أنت عم أبيه و أنت تفعل به هذا الفعل؟ فقال: اسكتوا اذا كان الله عزوجل - و قبض علي لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة و أهل هذا الفتي و وضعه حيث وضعه، أأنكر فضله؟! نعوذ بالله مما تقولون بل أنا له عبد [17] .

أقول: علي بن جعفر هذا، هو السيد الجليل الذي كان راوية للحديث سديد الطريق شديد الورع كثير الفضل، و كان رضي الله عنه شديد التمسك باخيه موسي عليه السلام، و الانقطاع اليه، و التوفر علي أخذ معالم الدين منه، و له مسائل مشهورة عنه، و جوابات رواها سماعا منه، و كان ملازما لاخيه عليه السلام، حتي في اربع عمر يمشي أخوه فيها الي مكة بعياله و أهله.

و روي: أنه كان عند أبي جعفر عليه السلام، ودنا الطبيب ليقطع له العرق، فقام علي



[ صفحه 253]



ابن جعفر، فقال: يا سيدي تبدأ بي لتكون حدة الحديد في قبلك، [قال: قلت: يهنئك [18] هذا عم أبيه، قال: فقطع له العرق] [19] ، ثم أراد أبوجعفر عليه السلام النهوض قام [20] علي بن جعفر عليهماالسلام فسوي له نعليه حتي لبسهما [21] .


پاورقي

[1] المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 379، و اعلام الوري: ص 329، و ورد في دعاء الناحية المقدسة، في مفاتيح الجنان ص 135، باب ما يدعي به في أيام رجب: «اللهم اني أسألك بالمولودين في رجب محمد بن علي الثاني و ابنه علي بن محمد المنتجب» و هذا الدعاء يؤيد ما ذكره ابن عياش.

[2] الكافي: ج 1 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام ص 492، و الدروس الشرعية: ج 2 ص 14، و اعلام الوري: ص 329، و المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 379.

[3] الارشاد للمفيد: ص 317.

[4] في المصدر: «و حلمه».

[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[6] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[7] «القبطية» لم ترد في المصدر.

[8] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[9] الكافي: ج 1 باب الاشارة و النص علي أبي الحسن موسي عليه السلام ص 315 قطعة من ح 14.

[10] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[11] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[12] المناقب لابن شهر آشوب: ج 4 ص 394، و عنه البحار: ج 5 ص 10 ح 10.

[13] الدر النظيم: الباب الحادي عشر فصل في ذكر مولد الجواد عليه السلام «مخطوطة».

[14] عيون المعجزات: ص 118، و عنه البحار: ج 50 ص 15 ح 19.

[15] الكافي: ج 1 باب الاشارة و النص علي أبي جعفر الثاني عليه السلام ص 321 ح 9، و الارشاد للمفيد: ص 319.

[16] في المصدر: «يسمع».

[17] الكافي: ج 1 باب الاشارة و النص علي أبي جعفر الثاني عليه السلام ص 322 ح 13.

[18] هذه الكلمة تستعمل في مقام الدعاء، يقال: ليهنئك الولد أي ليسرك.

[19] ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية و المطبوعة، و أثبتناه من المصدر.

[20] في المصدر: «فقام».

[21] اختيار معرفة الرجال: ص 429 ذيل ح 804.