بازگشت

الدهاء


لم يعرف العصر العبّاسي من هو أذكي من المأمون، ولا من هو أدري منه في الشؤون السياسية العامّة فقد كان سياسياً من الطراز الأوّل، حتّي استطاع بحدّة ذكائه، وقدراته السياسية أن يتغلّب علي كثير من الأحداث الرهيبة التي ألمّت به، وكادت تطوي حياته، وتقضي علي سلطانه، فقد استطاع أن يقضي علي أخيه الأمين الذي كان يتمتّع بتأييد مكثّف من قِبل الاُسرة العبّاسيّة، والسلطات العسكرية، كما استطاع أن يقضي علي أعظم حركة عسكرية مضادّة له، تلك ثورة أبي السرايا التي اتّسع نطاقها فشملت الأقاليم الإسلامية حتي سقط بعضها بأيدي الثوار، وكان شعار تلك الثورة الدعوة إلي الرضي من آل محمّد (صلي الله عليه وآله) فحمل الإمام الرضا(عليه السلام) إلي خراسان، وكان(عليه السلام) زعيم الاُسرة العلويّة وعميدها، فأرغمه علي قبول ولاية العهد، وعهد إلي جميع أجهزة حكومته بإذاعة فضائله ومآثره، كما ضرب السكّة باسمه، فأوهم بذلك علي الثوار والقوي الشعبية المؤيّدة لهم أنّه جادّ فيما فعله، حتي أيقنوا أنّه لا حاجة إلي الثورة وإراقة الدماء بعد أن حصل الإمام(عليه السلام) علي ولاية العهد، وقضي بذلك علي الثورة، وطوي معالمها، وهذا التخطيط كان من أروع المخطّطات السياسية التي عرفها



[ صفحه 67]



العالم في جميع مراحل التاريخ.