بازگشت

مكافحة الغلو


من الانحرافات الخطيرة التي انتشرت عند البعض الغلو بأهل البيت (عليهم السلام). وقد وقف الائمة من أهل البيت (عليهم السلام) بالمرصاد للمغالين فيهم فردّوهم وأفحموهم وأمروا أتباعهم بالابتعاد عنهم.

وقد سار الإمام الجواد (عليه السلام) علي نهج آبائه في هذه المسألة وكان حذراً من نشأة بذور الغلو، كما يظهر ذلك من خلال ترصّده لبعض الممارسات ومن الادلة علي هذا الأمر، ما ذكره المؤرخون عن الحسين بن محمد الاشعري حيث قال: «حدثني شيخ من أصحابنا يقال له عبد الله بن رزين قال: كنت مجاوراً بالمدينة مدينة الرسول وكان أبو جعفر (عليه السلام) يجيء في كل يوم مع الزوال الي المسجد فينزل الي الصخرة ويمرّ الي رسول الله (صلي الله عليه وآله) ويسلّم عليه، ويرجع الي بيت فاطمة ويخلع نعله فيقوم فيصلّي فوسوس اليّ الشيطان، فقال: اذا نزل فاذهب حتي تأخذ من التراب الذي يطأ عليه فجلست في ذلك اليوم انتظره لأفعل هذا.

فلمّا ان كان في وقت الزوال أقبل (عليه السلام) علي حمار له فلم يزل في الموضع الذي كان ينزل فيه فجازه حتي نزل علي الصخرة التي كانت علي باب المسجد ثم دخل فسلّم علي رسول الله (صلي الله عليه وآله) ثم رجع الي مكانه الذي كان يصلّي فيه ففعل ذلك أياماً فقلت اذا خلع نعليه جئت فأخذت الحصا الذي يطأ عليه بقدميه.

فلما كان من الغد جاء عند الزوال فنزل علي الصخرة ثم دخل علي رسول الله(صلي الله عليه وآله) وجاء الي الموضع الذي كان يصلّي فيه ولم يخلعهما ففعل ذلك أياماً فقلت في نفسي: لم يتهيأ لي ههنا ولكن اذهب الي باب الحمّام فاذا دخل اخذت من التراب الذي يطأ عليه فسألت عن الحمّام فقيل لي انه يدخل حمّاماً بالبقيع لرجل من ولد طلحة، فتعرّضت اليوم الذي يدخل فيه الحمّام، وصرت الي باب الحمّام وجلست الي الطلحي احدِّثه وانا انتظر مجيئه (عليه السلام).



[ صفحه 175]



فقال الطلحي: ان اردت دخول الحمام فقم فادخل فانه لا يتهيأ لك بعد ساعة، قلت: ولم؟ قال: لان ابن الرضا(عليه السلام) يريد دخول الحمام، قال: قلت: ومَن ابن الرضا؟ قال: رجل من آل محمد(صلي الله عليه وآله) له صلاح وورع، قلت له: ولا يجوز ان يدخل معه الحمام غيره؟ قال: نخلي له الحمام اذا جاء، قال: فبينا انا كذلك إذ أقبل(عليه السلام) ومعه غلمان له، وبين يديه غلام، ومعه حصير حتي ادخله المسلخ، فبسطه ووافي وسلّم ودخل الحجرة علي حماره، ودخل المسلخ، ونزل علي الحصير.

فقلت للطلحي: هذا الذي وصفته بما وصفته من الصلاح والورع؟

فقال: ياهذا والله ما فعل هذا قط الا في هذا اليوم، فقلت في نفسي: هذا من عملي أنا جنيته، ثم قلت: انتظره حتي يخرج فلعلّي أنال ما أردت إذا خرج. فلمّا خرج وتلبّس دعا بالحمار وأدخل المسلخ، وركب من فوق الحصير وخرج (عليه السلام)، فقلت في نفسي: قد والله آذيته ولا أعود أروم ما رمت منه أبداً وصحّ عزمي علي ذلك. فلمّا كان وقت الزوال من ذلك اليوم أقبل علي حماره حتي نزل في الموضع الذي كان ينزل فيه في الصحن، فدخل فسلّم علي رسول الله (صلي الله عليه وآله) وجاء الي الموضع الذي كان يصلّي فيه في بيت فاطمة(عليها السلام) وخلع نعليه وقام يصلّي» [1] .


پاورقي

[1] بحار الانوار: 50 / 59 ـ 61.