بازگشت

مقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم

لا ريب في ان اغرب و اعجب قصة في جميع أرجاء الوجود هي قصة خلافة الانسان في الأرض، و لو تعمقنا في الرؤية لوجدنا ان تكريم الانسان علي سائر المخلوقات هو بسبب هذه الميزة و هي التمتع بموهبة عظيمة و هي كونه «خليفة الله».

يقول حافظ الشيرازي:



آسمان بار امانت نتوانست كشيد

قرعه ي فال به نام من ديوانه زدند



يعني: «لم تستطع السماوات ان تتحمل عبي ء الأمانة، فوقعت القرعة باسمي انا المجنون».

ان مجموعة أنبياء الله و أوصيائه من آدم و حتي النبي الخاتم، و من النبي الخاتم (صلي الله عليه و آله و سلم) و حتي الامام القائم (عليه السلام) في تاريخ معرفة الله و معنوية الانسان تشبه الجبال الشاهقة التي تضم في باطنها معادن العلم و الحكمة والولاية، و هي تشكل الواسطة بين الله تعالي و سائر المخلوقات، و هي الحافظة للأمانة الالهية (الخلافة) في الأرض.



[ صفحه 4]



و هذه السلسلة من جبال المعنويات تعتبر أفضل المخلوقات و أقربها الي الله و هي الأسوة و القدوة للآخرين، و حياة كل واحد من هؤلاء لم تكن حياة عادية في عصره بسبب ما بتمتع به من علوم تتعلق بماوراء هذا العالم و بسبب افعاله و أقواله الالهية، فكانت تتضمن عجائب و غرائب كثيرة في المناسبات المختلفة، فنوح (عليه السلام) عمر ما يناهز الف عام و كان خلالها نبيا، و أخيرا ارسل الله تعالي علي اعدائه طوفانا أغرقهم به، و أنزل من السماء العذاب علي مخالفي هود و صالح (عليهماالسلام) و منكري نبوتهما، و سقط ابراهيم الخليل (عليه السلام) في النار كالفراشة لكنها اصبحت له باذن الله بردا و سلاما، و تحولت العصا في يد موسي عليه السلام باذن الله الي ثعبان يلقف افك الفراعنة، و تحكم سليمان (عليه السلام) في مسير الريح و كلم الطير، و احيا عيسي باذن الله الأموات، و أما نبي الاسلام الأكرم (صلي الله عليه و آله و سلم) فقد رافقته عدة عجائب، فبولادته تحطمت الأصنام وانهدم اربعة عشر ايوانا من قصر كسري، و انطفأت نار فارس و... و خلال نبوته تغير العالم و بدأت البشيرية عصرا جديدا.

أجل ان اغرب القصص في تاريخ العالم هي قصة خلافة الانسان لله في الأرض. و أينما تجلت هذه الموهبة الغريبة و في اي نموذج ظهرت فقه رافقتها عجائب و غرائب عديدة.

و من جملة تلك العجائب ان الأنبياء و الأئمة لم يدرسوا عند أحد و لم يكتسبوا علومهم من استاذ بشري، و انما اخذ و اتلك العلوم من



[ صفحه 5]



الذات الالهية الفياضة.

و قد أدت هذه الخاصة - و هي عدم الحاجة الي التعلم - الي أن لا يكون للعمر دور في الرسالة الالهية للقادة السماويين، و انما يختار الشخص في اي عمر كان بارادة الله و تأييده للنبوة و هداية الناس، و من هنا فقد اختير البعض في اواسط عمرهم والبعض في سنين أعلي و البعض في شبابهم والبعض في طفولتهم لهذا المنصب الرفيع - خليفة الله - الذي لا يمكن الظفر به الا بارادة الله تعالي و مشيئته، و عند ما تتعلق ارادة الله بشي ء فانه لا دور هناك للعمر و مقدار السنين...

و هكذا كان حيث نلاحظ بتصريح من القرآن الكريم ان «يحيي» قد ظفر بالنبوة و هو صبي، و ان «عيسي» قد نال النبوة و هو في المهد. يقول عزوجل:

«يا يحيي خذ الكتاب بقوة و آتيناه الحكم صبيا» [1] .

و يقول سبحانه:

«قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا، قال اني عبدالله آتاني الكتاب و جعلني نبيا» [2] .

و بناء علي هذا فمن السذاجة والجهل ان يشكل بعض المعاندين علي امامة بعض أئمتنا الطاهرين الذين نالوا منصب



[ صفحه 6]



الامامة في سنين الطفولة. اذن من يعترض علي امامة الامام الجواد عليه السلام قائلا كيف يصل الي الامامة و هو في سن الثامنة او التاسعة، فقد دل علي جهله و خالف امرا ينص القرآن الكريم علي امكانه.

فالامام أبوجعفر محمد بن علي الجواد عليهماالسلام تولي الامامة و خلافة الله في الأرض بعد استشهاد والده الكريم، و ذلك بتصريح الأئمة السابقين. و بتعيين مسبق من قبل الامام الثامن صلوات الله عليه، و بسبب صغر سنه فقد تعرض كثيرا للاختبار و الامتحان من قبل الأعداء و الجهلاء، الا ان تجلي العلوم الالهية علي يد هذا الامام الكريم كان بشكل باهر ورائع بحيث ينبغي ان تؤخذ امامة هذا الامام الجليل شاهدا و مؤيدا لنبوة يحيي و عيسي، لا أن تؤخذ نبوة هذين النبيين الكريمين شاهدا علي امامة هذا الامام الجليل.

شوري المؤلفين لمؤسسة في طريق الحق



[ صفحه 7]




پاورقي

[1] سورة مريم، الآية 12.

[2] سورة مريم، الآيتان 30-29.