بازگشت

محمد بن الوليد


الكرماني، عده الشيخ من أصحاب الامام الجواد (عليه السلام)

في الكافي بسنده عن محمد بن الوليد الكرماني قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): ما تقول في المسلك؟

فقال: ان أبي أمر فعمل له مسك في بان [1] بسبعمائة درهم.

فكتب اليه الفضل بن سهل يخبره: أن الناس يعيبون ذلك.

فكتب اليه: يا فضل: أما علمت أن يوسف (عليه السلام) و هو نبي، كان يلبس الديباج مزررا بالذهب [2] و يجلس علي كراسي الذهب، و لم ينقص ذلك من حكمته شيئا؟!

قال: ثم أمرت فعملت له غالية بأربعة آلاف درهم [3] .

و في كتاب بحارالأنوار عن (الخرائج) عن محمد بن الوليد قال: اتيت اباجعفر ابن الرضا (عليهماالسلام) فوجدت بالباب - الذي في الفناء - قوما كثيرا، فعدلت الي مسافر [4] فجلست اليه حتي زالت الشمس، فقمنا للصلاة فلما صلينا الظهر وجدت حسا من ورائي، فالتفت فاذا أبوجعفر (عليه السلام) فسرت اليه حتي قبلت كفه، ثم جلس و سأل عن مقدمي [و كان في نفسي مرض من امامته] [5] ثم قال: سلم.



[ صفحه 342]



فقلت: جعلت فداك، قد سلمت.

فأعاد القول ثلاث مرات: سلم، فقد أدركتها.

فقلت: سلمت و رضيت يابن رسول الله [و قد رضيت بك اماما] [6] .

فأجلي الله عما كان في قلبي [من المرض من امامته] [7] حتي لو جهدت و رمت لنفسي أن اعود الي الشك ما وصلت اليه.

فعدت من الغد باكرا، فارتفعت عن الباب الأول، و صرت قبل الخيل، و ما وراي أحد أعلمه، و أنا أتوقع أن آخذ السبيل الي الارشاد اليه [8] فلم أجد أحدا آخذ [منه] حتي اشتد الحر و الجوع جدا، حتي جعلت أشرب الماء أطفي ء به حر ما أجد من الجوع و الجوي. [9] .

فبينما أنا كذلك اذا أقبل نحوي غلام قد حمل خوانا [10] عليه طعام، و ألوان، و غلام آخر عليه طست و ابريق حتي وضع بين يدي، و قالا: أمرك أن تأكل. فأكلت.

فلما فرغت أقبل [الامام] فقمت اليه، فأمرني بالجلوس و بالاكل، فأكلت، فنظر الي الغلام فقال: كل معه ينشط [11] حتي اذا فرغت، و رفع الخوان، و ذهب الغلام ليرفع ما وقع من الخوان من فتات [12] الطعام،



[ صفحه 343]



فقال: مه، مه، ما كان في الصحراء [13] فدعه ولو فخذ شاة، و ما كان في البيت فالقطه.

ثم قال: سل.

قلت: جعلت فداك! ما تقول في المسك!

فقال: ان أبي أمر أن يعمل له مسك في فأرة، و الفأرة نافجة المسك. [14] .

فكتب اليه الفضل يخبره: أن الناس يعيبون ذلك عليه.

فكتب: يا فضل.. أما علمت أن يوسف [النبي] كان يلبس ديباجا مزرورا بالذهب، و يجلس علي كرسي الذهب، فلم ينتقص من حكمته شي ء، و كذلك سليمان [النبي]

ثم أمر أن يعمل له غالية بأربعة آلاف درهم.

ثم قلت: ما لمواليكم في موالاتكم؟

فقال: ان اباعبدالله [الصادق] عليه السلام، كان عنده غلام يمسك بغلته اذا هو دخل المسجد، فبينما هو (أي الغلام) جالس، و معه بغلة اذ أقبلت رفقة من خراسان، فقال له رجل من الرفقة: هل لك يا غلام أن تسأله أن يجعلني مكانك، و اكون له مملوكا، و أجعل لك مالي كله؟ فاني كثير المال من جميع الصنوف، اذهب فاقبضه، و أنا أقيم معه مكانك.



[ صفحه 344]



فقال [الغلام]: أسأله ذلك. [15] .

فدخل علي ابي عبدالله [الصادق] فقال له: جعلت فداك، تعرف خدمتي و طول صحبتي، فان ساق الله الي خيرا تمنعنيه؟

قال [الامام]: أعطيك من عندي و امنعك من غيري؟!

فحكي له قول الرجل (الذي عرض عليه الأموال) فقال [الامام]: ان زهدت في خدمتنا، و رغب الرجل فينا قبلناه، و أرسلناك، فلما ولي [الغلام]، منه دعاه [الامام] فقال له: أنصحك لطول الصحبة، و لك الخيار (اي انت مخير):

اذا كان يوم القيامة كان رسول (صلي الله عليه و آله و سلم) متعلقا بنور الله، و كان أميرالمؤمنين (عليه السلام) متعلقا برسول الله، و كان الأئمة متعلقين بأميرالمؤمنين، و كان شيعتنا متعلقين بنا، يدخلون مدخلنا، و يردون موردنا.

فقال الغلام: بل أقيم في خدمتك، و أؤثر الآخرة علي الدنيا.

و خرج الغلام الي الرجل [الخراساني] فقال له الرجل: خرجت الي بغير الوجه الذي دخلت به، فحكي [الغلام] قوله (عليه السلام) و أدخله علي ابي عبدالله (الصادق) عليه السلام فقبل ولاءه، و أمر للغلام بألف دينار، ثم قام اليه فودعه و سأله أن يدعو له، ففعل.

فقال محمد بن الوليد الكرماني: فقلت: يا سيدي لو لا عيال بمكة و ولدي، سرني أن أطيل المقام بهذا الباب، فأذن لي و قال (عليه السلام)



[ صفحه 345]



لي: توافق غما [16] ثم وضعت بين يديه حقا كان له [17] فأمرني أن أحملها، فتأبيت، و ظننت أن ذلك موجدة [18] فضحك الي، و قال: خذها اليك، فانك توافق حاجة فجئت و قد ذهبت نفقتنا شطر منها، فاحتجت اليه ساعة قدمت مكة.) [19] .


پاورقي

[1] البان: دهن طيب الرائحة.

[2] مزررا: أزراره من الذهب.

[3] الكافي ج 6 ص 516. الغالية: طيب مركب من المسك و العنبر و ما شابه.

[4] مسافر غلام الامام الجواد (عليه السلام).

[5] هذه الزيادة وردت في كتاب الهداية الكبري للخصيبي ص 308.

[6] هذه الزيادة وردت في الكتاب المذكور.

[7] هذه الزيادة وردت في الكتاب المذكور.

[8] اي: اتوقع ان اري من يوصلني الي الامام (عليه السلام).

[9] الجوي: الألم بسبب الجوع.

[10] الخوان: المائدة.

[11] أي: يندفع للأكل، فالانسان يستحي ان يأكل وحده أمام غيره.

[12] فتات الطعام: ما تكسر منه.

[13] الصحراء - هنا - الفضاء الواسع، و المعني: أن ما يتساقط من المائدة يترك للحيوانات، الطيور و غيرها، و الظاهر أن قوله (عليه السلام): «و لو فخذ شاة» للمبالغة.

[14] النافجة - بفتح الفاء -: وعاء المسك، معرب و أصله - في اللغة الفارسية -: نافة، و معناها: السرة، و هي سرة نوع من الغزال، يتكون فيها المسك.

[15] أي: أنا أسأل الامام عن ذلك.

[16] أي: سوف يحدث لك ما يوجب حزنك و غمك.

[17] الحق: وعاء يصنع من الخشب او العاج أو غيرهما.

[18] تأبيت: ابيت. الموجدة: السخط و عدم الرضا.

[19] بحارالأنوار ج 50 ص 87.