محمد بن الفرج الرخجي
منسوب الي رخج و هي قرية من قري كرمان في ايران.
كان من أصحاب الامام الرضا و الامام الجواد و الامام الهادي (عليهم السلام). و كانت له مكاتبات مع الامام الجواد و الامام الهادي (عليهماالسلام). و نذكر هنا مكاتباته مع الامام الجواد (عليه السلام):
في كشف الغمة. بسنده عن محمد بن الفرج قال:
كتب الي ابوجعفر - الجواد - عليه السلام:
(احملوا الي الخمس، فاني لست آخذه منكم سوي عامي هذا)
فقبض (اي توفي) في تلك السنة [1] .
و في الكافي عن محمد بن الفرج قال: كتب الي ابوجعفر (عليه السلام):
(اذا غضب الله تبارك و تعالي علي خلقه نحانا عن جوارهم) [2] .
و في الكافي ايضا عن محمد بن الفرج قال:
كتب الي أبوجعفر بن الرضا (عليه السلام) بهذا الدعاء، و علمنيه، و قال:
من قال - في دبر صلاة الفجر، لم يلتمس حاجة الا تيسرت له، و كفاه الله ما أهمه -:
(بسم الله و بالله، و صلي الله علي محمد و آله، و أفوض أمري الي الله
[ صفحه 333]
ان الله بصير بالعباد، فوقاه الله سيئات ما مكروا، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فاستجبنا له و نجيناه من الغم و كذلك ننجي المؤمنين، حسبنا الله و نعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوء. ما شاء الله لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم، ما شاء الله لا ما شاء الناس ما شاء الله و ان كره الناس.
حسبي الرب من المربوبين، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الرازق من المرزوقين.
حسبي الذي لم يزل حسبي منذ قط، حسبي الله الذي لا اله الا هو، عليه توكلت و هو رب العرش العظيم).
و قال: اذا انصرفت من صلاة مكتوبة (اي واجبة) فقل:
(رضيت بالله ربا، و بمحمد نبيا، و بالاسلام دينا، و بالقرآن كتابا، و بفلان و فلان أئمة [3] .
اللهم وليك فلان [4] فاحفظه من بين يديه و من خلفه، و عن يمينه و عن شماله، و من فوقه و من تحته، و امدد له في عمره، و اجعله القائم بأمرك، و المنتصر لدينك، و أره ما يحب و ما تقر به عينه في نفسه و ذريته، و في أهله و ماله، و في شيعته و في عدوه.
و أرهم منه ما يحذرون، و أره فيهم ما يحب و تقر به عينه، و اشف صدورنا و صدور قوم مؤمنين)
قال: و كان النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) يقول - اذا فرغ من صلاته -:
[ صفحه 334]
(اللهم اغفر لي ما قدمت و أخرت، و ما أسررت و ما أعلنت، و اسرافي علي نفسي، و ما انت أعلم به مني، اللهم أنت المقدم و أنت المؤخر، لا اله الا أنت، بعلمك الغيب، و بقدرتك علي الخلق أجمعين، ما علمت الحياة خيرا لي فأحيني، و توفني اذا علمت الوفاة خيرا لي
اللهم اني أسألك خشيتك في السر و العلانية، و كلمة الحق في الغضب و الرضا
و القصد في الفقر و الغني، و أسألك نعيما لا ينفذ، و قرة عين لا ينقطع، و أسألك الرضا بالقضاء، و بركة الموت بعد العيش، و برد العيش بعد الموت، و لذة النظر الي وجهك [5] و شوقا الي رؤيتك و لقائك من غير ضراء مضرة، و لا فتنة مضلة.
اللهم زينا بزينة الايمان، و اجعلنا هداة مهديين
اللهم اهدنا فيمن هديت اللهم اني اسألك عزيمة الرشاد، و الثبات في الأمر و الرشد، و أسألك شكر نعمتك، و حسن عافيتك، و اداء حقك، و اسألك - يا رب - قلبا سليما، و لسانا صادقا، و أستغفرك لما تعلم، و أسألك خير ما تعلم، و أعوذ بك من شر ما تعلم فانك تعلم، و لا نعلم، و أنت علام الغيوب) [6] .
توضيح الحديث: لا شك أن في هذا الحديث - بناءا علي صحته - من الكلمات المتشابهة، و لا بأس بذكر كلمة حول الموضوع:
توجد في القرآن الكريم آيات محكمات، و آيات متشابهات، كما قال تعالي: «هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب
[ صفحه 335]
و أخر متشابهات» [7] و قد قيل في معني المحكم و المتشابه - اقوال، نذكر بعضها:
المحكم: ما علم المراد بظاهره لوضوحه، و لم تشتبه معانيه، و لا يحتمل التأويل، كقوله تعالي: «ان الله لا يظلم الناس شيئا».
و المتشابه: ما لا يعلم المراد منه بظاهره، و اشتبهت معانيه، الي ان يقترن به ما يدل علي المراد منه. و هذا النوع من الآيات لا يجوز الأخذ بظاهرها - لأن الأعتقاد بظاهرها كفر و ضلال - و لابد من تأويلها و التحقيق عن المراد منها. مثل قوله تعالي: «الرحمن علي العرش استوي» و «جاء ربك» و «كل شي ء هالك الا وجهه» و «بل يداه مبسوطتان» و غيرها من الآيات التي لابد من تأويلها.
و كما في الآيات الكريمة كذلك في الأحاديث الشريفة، متشابهات لابد من تأويلها، و لا يجوز الأخذ بظاهرها، و منها هذا الحديث، و خاصة قوله (عليه السلام): «... و لذة النظر الي وجهك، و شوقا الي رؤيتك و لقائك، من غير ضراء مضرة» فلا شك انه ليس المقصود من الوجه - هنا - المعني الظاهري الذي هو احد الجوارح، بل المقصود هو الذات، فقوله تعالي: (كل شي ء هالك الا وجهه) معناه: كل شي ء هالك الا الله، اي ذاته سبحانه.
و بعد أن ثبت - بالأدلة العقلية و الشرعية - ان الله تعالي ليس بجسم، يكون النظر الي ذاته سبحانه ممتنعا و مستحيلا، عقلا و شرعا.
اذن: لابد من التأويل.. بأن نقول: لعل المقصود من النظر - هنا - هو نظر القلب، كما قال الامام الصادق (عليه السلام): «.. بل
[ صفحه 336]
لم تره اليعون بمشاهدة الأبصار [8] ولكن رأته القلوب بحقائق الأيمان..» [9] .
و معني «حقائق الايمان» هي العقائد الحقيقية، الثابتة اليقينية، كالتصديق بالله و بوحدانيته و اعتبار صفاته عين ذاته.
و قد سئل الامام علي اميرالمؤمنين (صلوات الله عليه): هل رأيت ربك حين عبدته؟
فقال (عليه السلام): ويلك»! ما كنت اعبد ربا لم اره.
قال: و كيف رأيته؟
فقال (عليه السلام):.. لا تدركه العيون في مشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الأيمان.
و نفس هذا الشرح و التوضيح يأتي بالنسبة الي قول الامام الجواد (عليه السلام): «.. و شوقا الي رؤيتك و لقائك».
نعم.. يحتمل ان يكون المقصود من الشوق الي لقاء الله هو الشوق الي الموت المشفوع بالرحمة و الرضوان و بلوغ درجات المقربين.
اذن: فقوله (عليه السلام): «النظر الي وجهك، و شوقا الي رؤيتك و لقائك» كلمات مجازية لا حقيقية، فلا تحمل علي ظواهرها، بل تشير الي معان دقيقة يفهمها اولوا الألباب.
و روي محمد بن جرير الطبري بسنده عن محمد بن الفرج بن عبدالله قال:
دعاني ابوجعفر محمد بن علي الجواد، و أعلمني أن قافلة قدمت،
[ صفحه 337]
و فيها نخاس [10] معهم جوار [11] و دفع لي سبعين دينارا و أمرني بابتياع جارية وصفها لي [12] فمضيت، فعملت بما أمرني، و كانت الجارية أم ابي الحسن الهادي (عليه السلام). [13] .
پاورقي
[1] كشف الغمة ج 2 ص 370.
[2] الكافي ج 1 ص 343.
[3] اي تذكر أسماء الأئمة (عليهم السلام) كلهم.
[4] المقصود من «وليك» هو الامام المهدي، و تذكر بدل «فلان» اسم الامام المهدي (عليه السلام).
[5] و في نسخة: و لذة المنظر.
[6] الكافي ج 2 ص 549 - 547.
[7] آل عمران / 7.
[8] و في نخسة: بمشاهدة العيان.
[9] الكافي ج 1 ص 97.
[10] النخاس: بائع العبيد و الاماء.
[11] جوار - جمع جارية -: الأمة.
[12] ابتاع: اشتري. و الابتياع: الشراء.
[13] دلائل الامامة.